الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا لم يؤاخَذ
(1)
العبد بهذا الأكل كان صومه باقيًا على صِحَّته، هذا هو الأغلب، وقد يُستثنَى منه مواضع تغلّظَتْ
(2)
، مثل الحَلْق والتقليم وقتل الصيد في الإحرام؛ لأنه من باب الإتلاف، ومثل الكلام في الصلاة على رواية؛ لأنه بغير هيئة الصلاة، ولا يفرّق في مبطلاتها
(3)
بين العَمْد والسهو، ومثل الجماع في الصيام والإحرام لتغلّظ جِنْسه، ولأنه يشبه الإتلاف، ولأنه لا يكاد يقع فيه النسيان لكونه غير معتاد، وغير ذلك من الأحكام والأسباب، وإلا
(4)
فالأصل ما قدمناه.
فعلى هذا لا فرق بين الأكل الكثير والقليل.
الفصل السابع
(5)
أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا
. وهو نوعان:
أحدهما: أن لا يكون له فِعل في الأكل والشرب ونحوهما، مثل أن يُفتح فوه ويوضع
(6)
الطعامَ والشرابَ فيه، أو يُلقى في ماء فيدخل إلى أنفه وفمه، أو يُرَشّ عليه ماء فيدخل مسامِعَه، أو يُحجَم كرهًا، أو تُداوى مأمومتُه أو جائفتُه
(7)
بغير اختياره، أو يُجرح جرحًا نافذًا إلى جوفه بغير اختياره،
(1)
. س: «يؤخذ» .
(2)
. ق: «تغلظ» وأشار في هامشها أن في أصله كما هو مثبت.
(3)
. ق: «بطلانها» .
(4)
. سقطت من ق.
(5)
ينظر «المغني» : (4/ 365)، و «الفروع»:(5/ 13).
(6)
. ق: «ويضع» وكتب في هامشها: كذا.
(7)
. ق: «يداوي مأمومة أو جائفة» .
ونحو ذلك. فهذا لا يفطِّر في المنصوص عنه الذي عليه أصحابُه.
قال في رواية ابن القاسم في الذباب يدخل حلقَ الصائم، والرّجُل يرمي بالشيء فيدخل حلقَ الآخر: وكلّ أمرٍ غَلَب عليه فليس عليه قضاء ولا غيره، وهذا كله سواء ذَكَر أو لم يَذْكر.
قلتُ له: تفرّق
(1)
بين مَن توضّأ للفريضة وبين مَن توضأ للتطوُّع، فإنهم يفرّقون بينهما؟ قال: هو سواء إذا لم يتعمّد وإنما غُلب عليه. وقد يتبرّد بالماء في الضرورة مِن شدّة الحرّ.
والذي عليه أكثر أصحابنا: الفرق بين أن يستَكْرِهها على الوطء أو يستِكْرِهها
(2)
على الأكل والشرب.
وخرَّج ابنُ عقيل روايةً أخرى
(3)
: أن الاستكراه على الأكل والشرب ونحوهما
(4)
يفطِّر كالاستكراه على الوطء.
فأما الاحتلام وذَرْع القيء، فإنه لا يفطِّر قولًا واحدًا.
وأما إذا أُكره على الأكل بالضرب أو الحبس أو الوعيد حيث يكون إكراهًا حتى أكَلَ بنفسه، فهل يفسُد صومُه هنا
(5)
؟ فيه وجهان ذكرهما القاضي في «خلافه» .
(1)
. ق والمطبوع: «فرق» . وستأتي على الصواب بعد صفحات.
(2)
. ق: «يستكرها» في الموضعين.
(3)
. سقطت من ق.
(4)
. ق: «أن الاكراه على الأكل والشرب» .
(5)
. «هنا» من س.
أحدهما: لا يُفْطِر أيضًا، وهو قول القاضي في «المجرد» وأبي الخطاب
(1)
وغيرهما.
والثاني
(2)
: يُفْطِر هنا، وهو قول ابن عقيل.
وينبغي أن يكون في جواز الفطر هنا روايتان، كالروايتين في جواز أكل الدم
(3)
والميتة ولحم الخنزير وشرب الخمر. والله تعالى أعلم
(4)
.
الفصل الثامن
(5)
أنه إنما اشترط أن يفعله عامدًا ذاكرًا لصومه، فالعامد خرج به المخطئ والمُكْرَه. فإذا فعل ذلك
(6)
جاهلًا، فإما أن يجهل أن ذلك الوقت من نهار رمضان، مثل أن يعتقد أن ذلك اليوم ليس من رمضان، أو يعتقد أن الفجر لم يطلع، فإنّ هذا يفطّر، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وإما أن يجهل أن ذلك الشيء مفطِّر
(7)
؛ فذكر أبو الخطاب
(8)
أنه لا يفطّر.
(1)
. في «الهداية» (ص 159).
(2)
. المطبوع: «الثاني» .
(3)
. في س: «الدم و» بعد قوله: «لحم الخنزير» .
(4)
. «والله تعالى أعلم» بياض في س.
(5)
ينظر «المغني» : (4/ 367 - 368)، و «الفروع»:(5/ 12 - 13).
(6)
. سقطت من المطبوع.
(7)
. ق: «يفطر» .
(8)
. في «الهداية» (ص 158). قال ابن قدامة في «المغني» : (4/ 368): «ولم أره لغيره» .
لأن عَديّ بن حاتم ورجالًا
(1)
من المسلمين كانوا يأكلون حتى يتبيّن لهم العقال الأبيض من العقال الأسود، معتقدين أن ذلك معنى قوله تعالى:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}
(2)
[البقرة: 187]، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء لكونهم
(3)
غير عالِمِين بأن الأكل في هذا الوقت مفطّر
(4)
.
لأن الجهل أشدّ عذرًا من النسيان؛ فإن الناسي قد كان عَلِم ثم ذَكَر، والجاهل لم يعلم أصلًا، فإذا كان النسيان عذرًا في منع الإفطار؛ فالجهل أولى.
ولأن الصوم من باب الترك، ومَن فَعَل ما نُهِي عنه جاهلًا بالنهي عنه
(5)
لم يستحق العقوبة، فيكون وجود الفعل منه كعدمه، فلا يُفطِر كالناسي.
والمنصوص عن أحمد فيمن احتجم جاهلًا بالحديث: أنه يفطر. ولذلك ذكر القاضي في مسألة تطيُّبهِ في الحجّ ناسيًا
(6)
وغيرُه من أصحابنا: أنَ العالمَ بحَظْرِه والجاهلَ سواءٌ، قال: لأن كلّ عبادة حُظِر فيها معنى من
(1)
في النسختين: «رجلًا» ، والظاهر ما أثبت بدليل السياق ولفظ الحديث المروي.
(2)
. قوله: «الأسود من الفجر» ليست في س. و «من الفجر» ليست في ق.
(3)
. س زيادة: «كانوا» .
(4)
. س: «يفطر» . والمطبوع: «مفطرا» . والحديث أخرجه البخاري (1917)، ومسلم (1091) من حديث سهل بن سعد، وجاء من حديث عدي بن حاتم في «الصحيحين» أيضًا.
(5)
. ليست في س.
(6)
. «في مسألة تطيبه في الحج ناسيًا» سقطت من ق.
المعاني، فإنّ حكمَ العالمِ بحَظْرِه والجاهلِ به سواء.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ
(1)
بالذي يحتجم، فقال:«أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ» ولم يكن يعلم أن ذلك منهيّ عنه.
ولأن مَن أفطر جاهلًا لم يقصد فِعْل العبادة
(2)
التي أمر بها، فتبقى في عهدته
(3)
حتى يقضيها، كمن ترك الصوم جاهلًا بوجوبه
(4)
، أو ترك تبييت النية جاهلًا بأن اليوم من رمضان أو ناسيًا
(5)
، بخلاف مَن قصَدَ الكفَّ والإمساكَ عن الطعام ثم أكله ناسيًا لصومه، فإن له نظرًا صحيحًا، وفِعْله الذي صدر لا يقدح فيه.
والصومُ وإن كان تركًا لكن يشبه
(6)
الأفعال من حيث وجوب النية فيه
(7)
، بخلاف ترك جميع المحرمات، فإنه يكفي في عدمِ الإثم عدمُ الفعل، وهنا لابدّ مِن قصد الامتثال، فلَه
(8)
شَبَه بالمأمورات من وجه، وبالمنهيات من وجه.
(1)
. في النسختين: «أمر» والصواب ما أثبت من المصادر، وقد تقدم على الصواب فيما مرّ. والحديث تقدم تخريجه.
(2)
. ق: «العادة» وعلق عليها في الهامش: لعله العبادة. كاتبه.
(3)
. في النسختين: «عهدتها» ولعله ما أثبت.
(4)
. س: «وجوبه» .
(5)
. س: «جهلا
…
أو نسيانًا».
(6)
. ق: «كان ترك .. ليتىه» !
(7)
. ليست في ق.
(8)
. «وله» .