الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو جامع فيه لزمَتْه الكفارة، ذكره القاضي؛ لأن مِن أصلِنا أنّ كلّ يوم واجب تجب الكفارة بالوطء فيه، سواء اتُّفِق في وجوبه وعُلم أنه من الشهر بطريق مقطوع أو لا.
و
هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين
(1)
:
أحدهما: لا تُصلى، وهو قول أبي حفص العُكبري والتميميَّيْن وابن الجوزي، والآثار إنما جاءت في الصوم، ولا يلزم من الاحتياط للصوم الواجب أن يُعلَّق به جميع أحكام
(2)
الرمضانية، ولذلك لا يُعلَّق به انقضاءُ
(3)
العِدَد والآجال في الديون وغيرها، ولأن الصلاة قبل تيقُّن دخول الوقت لا تجوز بخلاف الصوم؛ فإن الإمساك قبل دخول الوقت مشروع في الجملة.
والثاني: تُصلى، وهو قول كثير من أصحابنا، منهم ابن حامد والقاضي وابنه، وهو أقْيَس.
قال أبو الفرج بن الجوزي
(4)
: وهو اختيار أكثر مشايخنا المتقدمين. قال
(5)
: جرت هذه المسألة في زمن شيخنا، فصلى.
قال القاضي: وهو ظاهر كلام أحمد في رواية الفضل بن زياد: القيام قبل الصيام؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتبَ عليكم صيامَ رمضانَ وسنَنْتُ
(1)
ينظر «الروايتين والوجهين» : (1/ 257) لأبي يعلى، و «كتاب التمام»:(1/ 293) لابن أبي يعلى، و «القواعد لابن رجب»:(3/ 16).
(2)
كذا.
(3)
في النسختين: «القضا» والتصحيح من تعليق في هامش ق.
(4)
في «درء اللوم والضيم» (ص 124).
(5)
هذا القول ليس في «درء اللوم» .
لكم قيامَه، فمَن صامَه وقامَه
…
»
(1)
.
فقَرَن بين الصيام والقيام، ولا يَتيقّن أنه صام الشهرَ وقامَه حتى يقوم ليلةَ الإغمام.
ولأنه لا فرق في الاحتياط بين الصيام والقيام، ولا يصح إلحاق هذا بسائر الصلوات؛ لأنها لا يتكرّر فعلُها قبل تَيقُّن دخول الوقت، يُخاف معه تفويتها في الوقت، بخلاف من يصلي تلك الليلة وسائر [ق 20] الليالي، فإنه بمنزلة من يصوم ذلك اليوم وسائر الأيام.
ولأنه قد تقدّم في خُطبة عمر أنه خطَبَهم ليلة الغيم وذكر الصيام والقيام.
وأما إذا علَّق طلاقَ نسائه وعِتْق عَبِيده بدخول شهر رمضان، أو كان عليه دَين محلّه شهر رمضان، أو استأجر الدار شهر شعبان ونحو ذلك من الأحكام، فإنه لا يَحِلّ الدَّينُ ولا يقع الطلاقُ ولا تنقضي مدّةُ الإجارة في
(1)
أخرجه أحمد (1660)، والنسائي (2208 - 2210)، وابن ماجه (1328)، والطيالسي (221)، وابن خزيمة (2201)، وغيرهم من طريق النضر بن شيبان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه به.
قال النسائي: «هذا خطأ، والصواب: أبو سلمة، عن أبي هريرة» . وضعفه البخاري في «التاريخ» : (8/ 88)، وقال ابن خزيمة عقب إخراجه:«مشهور من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، ثابت لا شك ولا ارتياب في ثبوته أول الكلام، وأما الذي يكره ذكره: النضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن أبيه، فهذه اللفظة معناها صحيح من كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لا بهذا الإسناد، فإني خائف أن يكون هذا الإسناد وهمًا، أخاف أن يكون أبو سلمة لم يسمع من أبيه شيئًا، وهذا الخبر لم يروه عن أبي سلمة أحدٌ أعلمه غير النضر بن شيبان» . وقال عبدالحق: «أبو سلمة لم يسمع من أبيه شيئًا، وضعفوا حديث النضر بن شيبان هذا» نقله ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» : (3/ 55). وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة تقدم تخريجه.
أصحّ الوجهين، وفي الآخر تثبت الأحكام التي بين الناس تبعًا لوجوب الصوم، كما تثبت شهادة الواحد تبعًا، وليس بجيد؛ لأن في ذلك إسقاطًا
(1)
لحقٍّ ثابت بمجرَّد الشكّ، وذلك لا يجوز، ولأن الصوم إنما وجب احتياطًا، وليس في حقوق الآدميين احتياط، ولأن الوقوع والحلول مما لا يتكرّر، وما لا يتكرّر لا يُشرَع فيه الاحتياط كالصلاة والوقوف، ولهذا لو شهد واحد بهلال رمضان وجب الصوم.
وقد ذكر القاضي أبو الحسين
(2)
: هل يُصام هذا اليوم حُكمًا من رمضان أم قطعًا؟ على وجهين: أصحهما حُكمًا، اختاره الخلال وصاحبه والخرقي والقاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى
(3)
. قال الخلال: يُصام بعزيمة من رمضان في الحُكم، لا قطع عين في الحقيقة.
والوجه الثاني: ذكر القاضيان أن بعض أصحابنا
(4)
قال: يصوم قطعًا، وصاحب هذا الوجه إن أراد به أن يقطع النية، فهذا صحيح عند هؤلاء، كما أن الأسير إذا اشتبهت عليه الأشهر تحرَّى وصام جازمًا بالنية وإن لم يجزم بوجود المَنْويّ، وإن عَنى أنه يقطع بدخول الشهر، فلا وجه لهذا.
ولو حلف أن الهلال تحت الغيم أو أنه لم يطلع، لم يحنث، كما لو حلف أن هذا الطائر غراب وطار ولم يعلم ما هو، ذكره القاضي. ويتخرّج: أن يحنث.
(1)
في النسختين والمطبوع: «إسقاط» والوجه ما أثبت.
(2)
ينظر «التمام» : (1/ 292).
(3)
ينظر «مختصر الخرقي» (ص 51)، و «الإرشاد» (ص 145) لابن أبي موسى.
(4)
هو التميمي، كما في «الإنصاف»:(3/ 271).