الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
امرأة في المشهور عند أصحابنا، ذكره أبو بكر وغيره من أصحابنا، كما تُقبل أخبارهم، ولا تُقبل شهادة الفاسق ولا الكافر ولا الصبيّ.
قال القاضي: وهذا يدلّ على أنه خبر؛ لأن ما يطلع عليه الرجال لا تُقبل فيه شهادة النساء.
فعلى هذا لا يعتبر لفظ الشهادة؛ لأنه خبرٌ عن عبادة لا يتعلَّق بها حقّ آدمي، فكانت خبرًا كالإخبار بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن أبي موسى
(1)
: يجب الصوم على مَن رأى الهلال وعلى مَن لم يره بشهادة رجلٍ عدل في إحدى الروايتين، والأخرى: لا يلزمه الصوم إلا أن يراه أو يشهد على رؤيته رجلان فصاعدًا.
وفيه وجه آخر: أنه لا تُقْبَل شهادة المرأة كالشهادة على هلال شوّال، فعلى هذا يُعتبر لفظ الشهادة.
مسألة
(2)
: (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)
.
قال الترمذي: «ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يُقبل فيه إلا شهادة رجلين»
(3)
.
(1)
في «الإرشاد» (ص 145).
(2)
يُنظر «المستوعب» : (1/ 405)، و «المغني»:(4/ 419 - 420)، و «الفروع»:(4/ 418)، و «الإنصاف»:(7/ 343 - 344).
(3)
«الجامع» : (3/ 74). وحكاه إجماعًا ابنُ عبد البر في «التمهيد» : (14/ 354)، وقال في «المغني»:(4/ 120) بعد أن حكاه عن عمر وعائشة: «ولم يُعرَف لهما مخالف في عصرهما، فكان إجماعًا» .
وكذلك هلال ذي الحجة.
لما روى حسين بن الحارث الجدَليّ ــ جديلة قيس ــ: أن أمير مكة خطب ثم قال: «عَهِد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَنْسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدلٍ نَسَكْنا بشهادتهما. فقيل للحسين بن الحارث: مَن أميرُ مكة؟ فقال: الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب. ثم قال الأمير: إن بكم مَن هو أعلم بالله ورسوله منِّي، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إلى رجل. قال الحسين لشيخ إلى جنبي: مَن هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر، وصدق كان أعلم بالله منه. فقال: بذلك أمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم» . رواه أبو داود والدارقطني
(1)
، وقال: هذا إسناد متصل صحيح.
فهذا الحديث يدلّ بمنطوقه على قبول شهادة الاثنين بكلِّ حال، سواء كانت السماء مُصْحِية أو مُغيّمة، ومفهومه مفهوم الشرط الذي هو أقوى المفاهيم، على أنه لا ينسك إلا بشهادة شاهِدَي عدلٍ؛ لأن الحكم المعلَّق بشرط معدومٌ عند عدمه، ولو كان الحكم يثبت بشاهد واحدٍ لما احتاج إلى ذكر الاثنين، وإذا ثبت هذا في هلال النحر فهلال الفطر أوْلى وأحْرى. وقد تقدم
(2)
قوله: «فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا» ، فإنّ مفهومَه أن الصوم والفطر لا يجتمعان إلا بشهادة اثنين، وهو كذلك.
ولا ينتقض هذا بقبول الواحد في الصوم لوجهين:
(1)
أخرجه أبو داود (2338) والدارقطني (2192). وصححه أيضًا النووي في «المجموع» : (6/ 276)، وابن الملقن في «البدر المنير»:(5/ 645).
(2)
(ص 106).
أحدهما: أن المفهومَ عارضَه نصٌّ، والمنطوق مقدّم على المفهوم، فإن المفهوم أحسن أحواله أن يكون كالعامّ مع الخاصّ، وكالقياس مع النص، وهذا يُترَك من غير نسخ، والنصّ لا يُترك إلا بناسخ.
الثاني: أن منطوقَه ثبوت الصوم والفطر معًا بشهادة الاثنين، وتخصيص المنطوق بالذّكْر يقتضي أن المسكوتَ عنه يخالفه ولو مِن وجه. فاقتضى ذلك أن الصومَ والفطرَ لا يثبت إلا باثنين، وهذا صحيح، فإن الواحد لا يثبت به الفطر لا ضمنًا ولا أصلًا، كما سنذكره إن شاء الله. ولم يتعرّض الحديثُ للصوم بدون الفطر بأي شيء يثبت لا بمنطوق ولا بمفهوم.
وأيضًا فإن الأهلَّة غير رمضان تتضمّن حقوقًا للناس من إباحة الأكل والإحلال، وربما يخاف من دخول التهمة، وليس في [ق 23] التقدم بها احتياط، فلا يُقبل فيها قول الواحد.
ويثبت بشاهدين مع الصحو والغيم؛ لما تقدم من قوله: «فإن لم يره وشهد شاهدا عَدْل؛ نَسَكْنا بشهادتهما» ، وقوله:«فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا» .
وعن رِبْعي بن حراش، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان، فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لأهلَّا الهلالَ أمس عشيّةً، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يغدوا إلى مصلّاهم» . رواه أحمد وأبو داود والدارقطني، وقال: هذا صحيح
(1)
.
(1)
رواه أحمد (18824، 23069)، وأبو داود (2339)، والدارقطني (2202) وعبارة الدارقطني:«هذا إسناد حسن ثابت» .