الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُهَاياةً
(1)
، فيعتكف في أيامه خاصَّة.
مسألة
(2)
: (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)
.
في هذا الكلام فصول:
الأول
أن الاعتكاف لا يصحّ إلا في مسجد، ويصحّ في كلِّ مسجد في الجملة، سواء في ذلك مساجد الأنبياء، وهي المساجد الثلاثة أو
(3)
غيرها؛ لأن الله تعالى قال: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، فلم ينه عن المباشرة إلا من عكف في المسجد، وتخصيصه بالذِّكْر يقتضي أن ما عداه بخلافه، وتبقى مباشرة العاكف في غير المسجد على الإباحة.
وإذا لم يكن [ق 109] العاكف في غير المسجد منهيًّا عن المباشرة، عُلِم أنه ليس باعتكاف شرعيّ؛ لأنا لا نعني بالاعتكاف الشرعي إلا ما تحرُم معه المباشرة، كما أنا لا نعني بالصوم الشرعيّ إلا ما حَرُم فيه الأكل والشرب،
(1)
المهاياه هي: مفاعلة من الهيئة، أي اتفقوا على هيئة معينة في قسمة المنافع، والمراد: النَوبة. ينظر: «المصباح المنير» (2/ 645).
(2)
ينظر «المستوعب» : (1/ 439 و 428)، و «المغني»:(4/ 461 - 464)، و «الفروع»:(5/ 137 - 138)، و «الإنصاف»:(7/ 575، 579).
(3)
س: «و» .
ولأن كلّ معتكفٍ تحرم عليه المباشرة، فلو كان المقيم في غير المسجد معتكفًا لحَرُمَت عليه
(1)
المباشرةُ كغيره.
فإن قيل: فقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} دليلٌ على أنه قد يكون عاكفًا في غير المسجد؛ لأن التقييد بالصفة بما لولا هو
(2)
لدخل في المطلق.
قلنا: لا ريب أنَّ كلَّ مقيم في مكان ملازم له فهو عاكف كما تقدم، لكنّ الكلام في النوع الذي شَرَعه الله تعالى، كما أن كلّ مُمْسكٍ يسمّى صائمًا، وكلّ قاصد يسمّى متيمِّمًا، ثم لما أمر الله تعالى بتيمُّم الصعيد وأمر بالإمساك عن المفطِّرات، صار ذلك هو النوع المشروع.
على أن الصفة قد تكون للتبيين والإيضاح، كما في قوله تعالى:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [المؤمنون: 117]، وقوله:{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: 61]، ونحو ذلك.
فإن قيل: فلو لزم الإنسانُ بقعةً يعبد الله تعالى فيها خاليًا من الناس أو غير خال، مثل كهف أو غار أو بيت أو شعب، فهل يُشْرَع ذلك ويستحبّ؟
…
قيل: أما إذا قصد مكانًا خاليًا
…
(3)
(1)
ليست في س.
(2)
س: «ما» وسقطت النون من «لأن» . وفي هامش ق: «لعله: لولاه» .
(3)
بياض في النسختين في هذا الموضع والذي قبله. وفي هامش س تعليق نصه: «أهل الكهف وغار حراء» .
وإنما جاز في كلّ مسجد لأن الله سبحانه عمَّ المساجدَ بالذِّكْر، ولم يخصّ مسجدًا دون مسجد، وهو اسمُ جمع معرَّف باللام، والمباشرةُ نكرةٌ في سياق النفي، فيكون معنى الكلام: لا تفعلوا شيئًا من المباشرة وأنتم عاكفون في مسجد من المساجد.
وله أن يلزم بقعةً بعينها لاعتكافه، وإن كُرِه ذلك لغيره، لأن
(1)
الاعتكافَ عبادةٌ واحدة، فلزوم
(2)
المكان لأجلها كلزومه لصلاة واحدة، وإقراء قرآن في وقت، ونحو ذلك. وقيامه منه لحاجة لا تُسْقِط حقَّه منه؛ لأن مَن قام مِن مجلسٍ ثم عاد إليه، فهو أحقُّ به.
وأصلُ ذلك: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في موضع بعينه من المسجد. قال نافع: «قد أراني
(3)
ابنُ عمر الموضعَ الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد» رواه مسلم
(4)
.
الفصل الثاني
(5)
أن المسجد هو المكان المبنيّ للصلوات الخمس، وبيتُ قناديله وسطحُه منه، وحوائطُه، والمنارةُ المبنية في حيطانه أو داخله. فلو اعتكف فيها أو صعد عليها جاز عند أصحابنا.
(1)
س: «كان» .
(2)
س: «فلزم» .
(3)
ق: «رأى» .
(4)
(1171).
(5)
ينظر «المغني» : (4/ 472 - 473)، و «الفروع»:(5/ 139 - 140).