المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثانيأنه لا كفارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌الفصل الثانيأنه لا كفارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

والتعيين هو الواجب الآخر، ففوات أحدهما لا يوجب سقوط الآخر

(1)

، وهذا معنى كلام أحمد، وسواء أفطر بجماعٍ أو أكلٍ أو غيره.

‌الفصل الثاني

أنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

، كما سيأتي إن شاء الله. هذا هو المنصوص عنه في مواضع، وهو المذهب.

قال في رواية إسماعيل بن سعيد وإبراهيم بن الحارث والمرُّوذي وأبي طالب وأبي الصقر وغيرهم: من أفطر يومًا من رمضان تعمّدًا

(2)

، فعليه القضاء بلا كفّارة، ولو كان كلما أفطر كان عليه الكفّارة، لكان إذا تقيَّأ كفَّر، ولكن ذهبنا إلى الحديث في الجماع خاصة.

وقال في رواية المرُّوذي فيمن نذَر صيامَ عشرة أيام فاحتجم فيها: عليه القضاء والكفّارة، وإن احتجم في رمضان، فعليه القضاء.

فأوجبَ كفّارة النذر في صيام النذر لفوات التعيين، ولم يوجب في فطر رمضان إلا القضاء.

وقال حرب: سألت أبا عبد الله، قلت: الصائم يحتجم؟ قال: أما في رمضان فأحبُّ إليَّ أن لا يحتجم، وأما في غير رمضان فإن شاء احتجم إذا لم يكن فريضة. قلت: فإن احتجم في رمضان يكفِّر أو يقضي يومًا؟ قال: يقضي يومًا مكانه ولا يكفِّر. وقال مرة: يقضي يومًا مكانه وليست عليه كفّارة.

لكن يستحبُّ له الكفّارة، قال في رواية حرب: مَن أفطر يومًا من رمضان

(1)

سقطت من س.

(2)

س: «متعمدًا» .

ص: 209

متعمِّدًا صام يومًا مكانه ولم يوجب عليه الكفّارة وقال: الكفّارة على مَن أتى أهلَه.

وقال مرة: إن كفَّر فهو أفضل.

ويقضي يومًا عند أصحابه.

وروى حنبل: تكره الحُقْنَة للصائم وغير الصائم، إلا من عِلّة وعلاج، فإن فَعَل فعليه الكفّارة والقضاء.

وروى عنه محمد بن عبدك القزّاز

(1)

فيمن احتجم في شهر رمضان: فإن كان قد بلغه الخبر، فعليه القضاء والكفّارة، وإن لم يبلغه فعليه القضاء.

فقد أوجب الكفّارةَ على العالم دون الجاهل، وعلى قياس هذا كلّ من أفطر عامدًا عالمًا يجب عليه الكفّارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الكفّارة على الذي أصاب امرأتَه في رمضان؛ لعموم كونه مُفْطِرًا لا بخصوص كونه مُجامِعًا، لأنه روي من طُرق صحيحة: أن رجلًا أفطر في رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتق رقبة.

هكذا رواه مالكٌ وابنٌ جُريج ويحيى بن سعيد وخلقٌ عظيم، عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن.

ولا يخالف هذا روايةَ من روى: «واقعْتَ أهلي» ، أو «أصبْتُ أهلي» ؛ فإن ذلك الفطر لا شكّ أنه كان بجماع، لكن هذا يدلّ على أن الحكم ثبت لكونه

(1)

في النسختين والمطبوع: «الفزار» تحريف، وصوابه ما أثبت، ينظر ترجمته في «تاريخ بغداد»:(3/ 188)، و «تاريخ الإسلام»:(6/ 614)، و «طبقات الحنابلة»:(2/ 346). ونص الرواية فيه، وهي أيضًا في «الروايتين»:(1/ 258).

ص: 210

مُفْطِرًا لا مُجامعًا؛ لأن ترتيب الحكم على الوصف المناسب يبيّن أنه علة، كما في قوله:«زَنى ماعِزٌ فرُجِم»

(1)

، و «سها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فسَجَد»

(2)

ونحو ذلك.

ولما روى الدارقطنيُّ

(3)

من طريق الواقدي، عن سعد

(4)

، قال: جاء [ص 43] رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطرتُ يومًا مِن رمضان متعمّدًا. قال: «أعتق رقبةً، أو صُم شهرين متتابعين، أو أطْعِم ستين مسكينًا» . وهذا نصٌّ في أنه أمرَه بالكفّارة لمَّا أخبر أنه أفطر عامدًا، ولم يستفصل بأيّ المفطّرات كان.

وروى أيضًا

(5)

من طريق أبي مَعْشَر، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة:«أن رجلًا أكل في رمضان، فأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يُعتِق رقبةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يُطعِم ستين مسكينًا» .

وذكر بعضُهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أفطرَ في رمضانَ فعليه ما على المُظاهر» . لكن لا يُعرف له إسناد ولا أصل

(6)

.

(1)

أخرجه البخاري (6814)، ومسلم (1693).

(2)

أخرجه مسلم (572/ 95) وأحمد (4358) من حديث ابن مسعود. وأخرجه أبو داود (1039)، والترمذي (395)، والنسائي (1236)، وابن خزيمة (1062) وغيرهم، من حديث عمران بن حصين.

(3)

(2396). وفي سنده الواقدي كما سيذكر المصنف، وهو متروك. ينظر «التقريب» (6175)، و «الميزان» (3/ 662).

(4)

في النسختين: «سعيد» ، تصحيف.

(5)

(2397). وقال عقبه: «أبو معشر هو نجيح وليس بالقوي» . وسيأتي تضعيف المصنف له.

(6)

قال في «نصب الراية» : (2/ 449): «حديث غريب بهذا اللفظ» وإذا أطلق الزيلعي غريب فإنه يعني أنه لم يجده بهذا اللفظ. وقال الحافظ في «الدراية» (ص 279): «لم أجده هكذا» .

ص: 211

ولأنَّ الكفّارة إذا وجبت بالوطء مع قلّة الداعي إليه في الصوم فأَنْ

(1)

تجب بالأكل أولى وأحرى، ولأن الكفّارة إنما تجب زاجرةً عن المعاودة وماحيةً للسيئة وجابرةً لما دخل من النقص على العبادة، وهذا يستوي فيه الأكل والوطء، ولأن الأكل مما تدعو إليه الطباع وتشتهيه النفوس كالجماع، وما كان من المحرَّمات تشتهيه الطِّباع كالزنى وشرب الخمر؛ فلا بدّ له

(2)

من زاجر شرعيّ، والزواجر إما حدود وإما كفارات، فلما لم يكن في الأكل حدّ، فلا بدّ فيه من كفّارة.

فعلى هذه الرواية تجب بكلّ فطر تعمّده

(3)

سواء كان مما يُشتهى أو لا يُشتهى؛ لأن الحجامة لا تُشتهى، وقد أوجب بها الكفّارة؛ لأن تعمّد إفساد الصوم لا يقع غالبًا إلا عما للنفس فيه غَرَض، فألحَقَ النادرَ بالغالب، كما يجب الحدُّ بوطء العجوز الشوهاء.

والأول هو الصحيح؛ لأن لفظ الحديث: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الآخر وقع على امرأته في نهار رمضان» . وفي رواية قال: «أصبت أهلي في رمضان» ، كما سنذكره.

فأمره النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالكفّارة عقيب ذلك، فهذا مفسَّر في أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما

(1)

في المطبوع: «فلأن» .

(2)

سقطت من المطبوع.

(3)

النسختين: «اعتمده» ، وفي هامش ق تعليق لم يظهر في مصورتي. والصواب ما أثبت.

ص: 212

أمره بالكفّارة لأجل الجماع.

فمن قال: «إن رجلًا أفطر في رمضان فأمره النبي صلى الله عليه وسلم» فقد صَدَق، وإفطاره كان بجماع، وترتيب الحكم على الوصف ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما المحدِّث يقول: إنه أفطر فأُمِر بكذا، وقد عُلِم أن الإفطار كان بالجماع، فلو صرّح المحدِّثُ بعد ذلك، وقال: إنما أمره بالكفّارة لمجرّد الإفطار، لم يجب قبول ذلك منه؛ لأنه رأيٌ واجتهاد، فكيف إذا دلّ عليه كلامُه، مع إمكان أنه لم يقصد ذلك

(1)

؟!

قال الدارقطني

(2)

: روى مالك ويحيى بن سعيد وابن جريج وسمَّى نحوَ عشرة من المحدثين: «أن رجلًا أفطر» ، وخالفهم أكثرُ منهم عددًا، منهم عُبيد الله بن عمر ومَعمَر ويونس وعُقيل والأوزاعي وشُعيب بن أبي حمزة، وسمّى أكثرَ من ثلاثين من المحدّثين، كلهم رووا عن الزهري هذا الحديثَ بهذا الإسناد، وأن إفطار ذلك الرجل كان بجماع.

وأما الحديثان الآخران، فلا يجوز الاحتجاج بهما على وجه الانفراد لضعف إسنادهما.

وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالكفّارة لمَّا أخبره أنه وقع على امرأته وأصابها، لم يجز أن تُلْحَق سائرُ المفطِّرات بالجماع؛ لأنه إجماع الصحابة.

فروى عبد الله بن أبي الهُذَيل، قال: «أُتيَ عمر بشيخ سكران في رمضان، فقال: للمِنْخَرَين! ويلك، صبيانُنا صيام وأنت مفطر؟! فجلَدَه

(1)

في النسختين: «بذلك» ولعله ما أثبت.

(2)

(3/ 202).

ص: 213

ثمانين»

(1)

.

وعن عليٍّ أنه أُتي بالنجاشيّ وقد شرب الخمر في رمضان، فضربه ثمانين، ثم أعاده إلى السجن، ثم أخرجه من الغد، فضربه عشرين، فقال:«ثمانين في الخمر، وعشرين جُرْأتك على الله في رمضان»

(2)

.

رواهما سعيد. وهاتان قضيتان مثلُهما يشتهر.

فهذا عمر رضي الله عنه قد جلَدَه، ولم يخبره أن عليه كفّارة، وكذلك عليٌّ رضي الله عنه جلَدَه عشرين لأجل الفطر، ولم يخبره أن عليه كفّارة، ولو كان ذلك عليه لبيَّناه، كما قد أقاما عليه الحدَّ؛ لوجوه:

أحدها: أن الأصلَ براءةُ الذمة من هذه الكفّارة، والحديث إنما يوجبها في الوقاع، فإلحاقُ غيره به يحتاج إلى دليل، والقياس فيها ليس بالبيِّن؛ لجواز أن يكون الجماع قد تضمَّن وصفًا فارقَ به غيرَه، فما لم يقم دليلٌ على

(1)

أخرجه عبد الرزاق (13557)، وسعيد بن منصور (كما في التغليق 3/ 196)، وابن سعد في «الطبقات»:(8/ 235)، والبيهقي:(8/ 321)، وغيرهم من طريقين عن ابن أبي الهذيل به. وقد علّقه البخاري في «صحيحه -باب صوم الصبيان»:(3/ 37) عن عمر مجزومًا به.

وقوله: «للمنخرين» كلمة دعاء أريد به الزجر، أي كبّه الله لمنخريه. وقد تحرّف في النسختين والمطبوع إلى «للمتحرين» !

(2)

أخرجه عبد الرزاق (13556، 17042) وابن أبي شيبة (29218، 29284) والبيهقي (8/ 321) وغيرهم بإسناد جيّد.

و «النجاشي» هو قيس بن عمرو بن مالك الحارثي، الشاعر الهجّاء المعروف، قيل له النجاشي لسواد لونه، أو لأن أمه حبشية. ينظر «الإصابة»:(6/ 491 - 493).

ص: 214

أن الموجب للكفّارة

(1)

مجرّد الفطر، لم يجز الإيجاب بمجرّد الظن.

الثاني: أنه لو وجب لأجل الإفطار لاستوى فيه جميع المفطِّرات، فإن تخصيص بعضها دون بعض نوعُ تشريعٍ يحتاج إلى دلالة الشرع.

الثالث: أن الجماع يُفارق غيرَه بقوّة داعيه وشدّة باعثه، فإنه إذا هاجت شهوتُه لم يكد يزعها وازعُ العقل ولا

(2)

يمنعها حارسُ الدين.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه: «كلُّ عملِ ابن آدمَ له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصومُ، فإنه لي وأنا أجزي به؛ يدعُ طعامَه وشهوتَه مِن أجلي»

(3)

. فسمّى النكاحَ شهوةً، وسمّى المأكل طعامًا وإن كان يُشتهَى في الجملة.

ولهذا كان الحدّ المشروع فيه القتل، وأدناه الجلد والتغريب، وحدُّ المطعوم إنما هو جَلْد دون ذلك، وقد يصيب المبتلَين بشهوتهم في عقولهم وأديانهم ودمائهم وأموالهم وأعراضهم ما يجلّ عن النعت.

والأكل وإن [كانت]

(4)

الضرورة إليه أشدّ، وعند [ق 44] شدّة الجوع يُقَدَّم على كلّ مطلوب، لكن إنما هو جوعٌ يوم، ومثل هذا لا يكاد يبلغ بكلِّ أحدٍ من الناس إلى شيء من البلاء.

ولهذا ظاهَرَ سلمةُ بن صخر من امرأته، واعتقد أن وطأها حرام، ثم إنه

(1)

س: «الكفّارة» .

(2)

س: «ولم» .

(3)

أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

زيادة يستقيم بها السياق.

ص: 215

أصابها

(1)

، وكذلك الأعرابيّ وقع على امرأته مع ما يعلم فيه من التحريم، ولم يبلغنا أن أحدًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل في رمضان.

نعم داعيةُ الأكل أكبر وأعمّ، لكن داعية الجماع إذا وقعت كانت أشدّ وأقوى، فلو سوَّى بين الأكل والجماع في الكفّارة، لسوَّى بين شيئين قد فرقت الأصولُ بينهما، بحيث لم يسوَّ بينهما في موضع واحد من الشريعة، فكيف يصح مثل هذا القياس؟! وليس في المطعومات حدٌّ سوى المسكر؛ لقوّة الداعي الطبعيّ إلى نوعه، وفي رمضان داعية الأكل لا تختصّ بنوع دون نوع.

الرابع: أن هذه الكفّارة العظمى لا تجب إلا في نوع النكاح المحرَّم لعارض، ولهذا وجبت على المظاهر لمَّا حرُم عليه فرج امرأته بالظهار، كما حرُم على الصائم فرج امرأته بالصيام، ووجب نحوها على المُحْرِم لما حرم عليه فرج امرأته بالإحرام.

الخامس: أن هذه الكفّارة لو كانت واجبةً بالفطر لكان مَن أُبيح له الفطر

(1)

حديث سلمة بن صخر أخرجه أحمد (16419)، وأبو داود (2213)، والترمذي (1198، 3299)، وابن ماجه (2062) وغيرهم من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر الأنصاري .. الحديث. قال الترمذي:«هذا حديث حسن (وزاد في الموضع الأول: غريب) قال محمد (يعني البخاري): سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر» ، وفيه أيضًا محمد بن إسحاق متكلَّم فيه ويرسل ويدلس. وأخرجه الترمذي (1200)، والحاكم:(2/ 205) من طريق أخرى، قال الترمذي: حديث حسن، وصححه الحاكم على شرطهما. لكن قال البيهقي:(7/ 390) عن هذا الطريق: مُرسَل. وللحديث شواهد يتقوى بها. ينظر «الإرواء» : (7/ 178).

ص: 216