الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتَنْهى عن منكر خيرٌ من أن تسكت» رواه أحمد
(1)
.
وعن قيس بن أبي
(2)
حازم، قال: «دخل أبو بكر على امرأة من أَحْمُس، يُقال لها: زينب! فكلّمها
(3)
فأبَتْ أن تتكلَّم. فقال: ما بال هذه؟ قالوا: حجَّت مُصْمِتةً. فقال لها: تكلَّمي، فإن هذا لا يحلّ، هذا من عمل الجاهلية، فتكلّمَتْ» رواه البخاري
(4)
.
فقد بينت الأخبارُ أن هذا منهيٌّ عنه في الصوم والإحرام وفي غيرها. ويتوجَّه أن يباح هذا للمعتكف؛ لأنه بمنزلة الطائف والمصلي، بخلاف الصائم والمحرم
…
(5)
وأما
(6)
قول مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أي: صمتًا، فذاك كان في شريعة مَن قبلنا، وقد نُسِخ ذلك في شرعنا.
قال ابن عقيل وغيره من أصحابنا: و
لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن
(7)
الكلام
؛ لأنه استعمالٌ له في غير ما وُضِع له، فأشْبَه استعمال المصحف في التوسُّد والوزن ونحو ذلك.
(1)
(21954). وإسناده صحيح، وينظر «السلسلة الصحيحة»:(6/ 1073).
(2)
«أبي» سقط من س.
(3)
في النسختين والمطبوع: «فقال لها» ، والتصويب من البخاري، وسقطت «فكلَّمها» من المطبوع.
(4)
(3834).
(5)
بياض في النسختين.
(6)
ق: «فأما» .
(7)
س: «من» .
وقد جاء: «لا تُناظِر بكتاب الله»
(1)
. قيل: معناه: لا تتكلَّم به عن
(2)
الشيء تراه كأنك ترى رجلًا قد جاء في وقته، فتقول: لقد {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى} .
قال ابن عقيل: كان أبو إسحاق الخرَّاز صالحًا، وكان من عادته الإمساك عن الكلام في شهر رمضان، [ق 121] فكان يخاطب بآي القرآن فيما يعرض له من الحوائج، فيقول في إذنه:{ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} ، ويقول لابنه في عشية الصوم:{مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا} آمرًا له أن يشتري البقل. فقلت له: هذا تعتقده عبادة وهو معصية. فصَعُب عليه، فقلت: إن هذا القرآن العزيز نزل في بيان أحكام شرعية، فلا يُستعمل في أغراض دنيوية، وما هذا إلا بمثابة صرّك السِّدْرَ والأُشنان في ورق المصحف. فهَجَرني ولم يصغ إلى الحُجّة
(3)
.
(1)
أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (795) عن الزهري. وزاد: «ولا بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم» . يقول: لا تنتزع بكلام يشبهه.
وينظر «الفروع» : (5/ 189)، و «شرح السنة»:(1/ 202) للبغوي.
(2)
س: «عند» .
(3)
النص في «تلبيس إبليس» : (2/ 899)، وينظر «المتحف في أحكام المصحف» (ص 526) حاشية (4). قال ابن مفلح في «الفروع»:(5/ 189): «وذَكَر شيخُنا (أي: ابن تيمية): إن قُرئ عند الحُكم الذي أُنزل له أو ما يُناسبه ونحوه فحَسَن، كقوله لمَن دعاه لذنب تابَ منه: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا}، وقوله عند ما أهمه: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}» .
فصل
(1)
قال أحمد في رواية حنبل: يعودُ المريضَ ولا يجلس، ويقضي الحاجةَ ويعود إلى معتكفه، ولا يشتري ولا يبيع إلا أن يشتري ما لابدَّ له منه، طعام أو نحو ذلك.
وقال في رواية المرُّوذي: لا ينبغي له إذا اعتكف أن يخيط أو يعمل.
وقال أبو طالب: سألت أحمد عن المعتكف يعمل عمله من الخياطة وغيره؟ قال: ما يعجبني أن يعمل
(2)
. قلت: إن كان يحتاج؟ قال: إن كان يحتاج فلا يعتكف.
قال أصحابنا: ولا يتَّجِر، ولا يصنع
(3)
صناعة لسببين:
أحدهما: أن التجارة والصناعة تَشْغَل عن مقصود الاعتكاف، فلا يفعله في المسجد، ولا إذا خرج منه لحاجة.
والثاني: أن ذلك ممنوع منه في المسجد.
فأما البيع والشراء، فقال القاضي
(4)
وابن عقيل: لا يجوز ذلك في المسجد، سواء في ذلك اليسير ــ مثل الثوب ونحوه ــ والكثير، وكذلك لا يجوز له فِعْل الخياطة فيه، سواء كان محتاجًا أو غيره، وسواء قلَّ أو كثر؛ لأن في ذلك فعل معيشة في المسجد، وكذلك الرقوع ونحوه، فيمنع من
(1)
ينظر «المغني» : (4/ 469 - 470)، و «الفروع»:(5/ 175، 192).
(2)
«أن يعمل» ليست في ق.
(3)
ق: «صنع» .
(4)
ينظر «التعليقة الكبيرة» : (1/ 46 - 47).
البيع والشراء في المسجد مطلقًا، ويحتمل كلام أحمد
…
(1)
فأما خارج المسجد، فيجوز له أن يشتري ما لا بدَّ له
(2)
منه.
فأما شراء خادم لأهله وكسوة ونحو ذلك مما لا يتكرَّر، أو شراء طعام لهم
…
(3)
وإذا خاطَ ثوبَه
(4)
أو رَقَعه، أو فعل نحو ذلك مما لا يتكسَّب به، فقيل: يجوز. وقيل: لا يجوز. وقيل: يجوز اليسير منه. وإذا كان به حاجة إلى الاكتساب والاتجار، فلا يعتكف.
(5)
قال أصحابنا: وله أن يتزوَّج في المسجد، وأن يزوِّج غيرَه، وأن يشهد النكاح؛ لأنها عبادة لا تحرّم الطِّيب، فلم تمنع النكاحَ كالصيام، وعكسه الإحرام والعدة
…
(6)
وإذا اتجر أو اكتسب في المسجد؟ فهل يبطل اعتكافه؟
…
(7)
وإذا فعل ذلك خروجًا لا يمتدّ كقضاء
(8)
الحاجة، أو خروجًا يمتدّ
(1)
بياض في النسختين. وذكر في «الإنصاف» : (7/ 638) عن المصنف أنه يصح مع الكراهة.
(2)
من س.
(3)
بياض في النسختين.
(4)
س: «ثوبًا» .
(5)
بعده بياض في ق، وهذه الفقرة سقطت من س.
(6)
ق: «والصيام
…
أو العدة». وبعده بياض في النسختين.
(7)
بياض في النسختين.
(8)
العبارة في ق: «خروجًا لأمد قضاء
…
».
كالخروج للحيض والفتنة
…
(1)
فصل
(2)
ويجوز للمعتكف أن يغسل رأسَه ويرجّله حال الاعتكاف؛ لِما رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترجِّل النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهي حائض، وهو معتكف في المسجد، وهي في
(3)
حجرتها، يناولها رأسَه، وكان لا يدخل البيتَ إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفًا» متفق عليه
(4)
.
وفي لفظ للبخاري
(5)
وفي لفظ له
(6)
: «كان يخرج رأسَه من المسجد وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض» .
قال ابن عقيل: ويجوز غسل جسده والتنظيف بأنواع التنظيف.
وفي معنى ذلك: أخْذُ الشارب وتقليم الأظفار والاغتسال؛ لأن هذا من باب النظافة والطهارة، وهذا مما يُستحبّ للمعتكف.
قال ابن عقيل: ولأنها
(7)
عبادة لا تحرِّم الطِّيْب، والطِّيْب أكثر من
(1)
بياض في النسختين.
(2)
ينظر «المغني» : (4/ 483)، و «الفروع»:(5/ 188).
(3)
سقطت من س.
(4)
أخرجه البخاري (2046)، ومسلم (297).
(5)
(2029).
(6)
(301).
(7)
ق: «ولأنها» .
التنظيف، فكان من طريق الأَوْلى أن لا يحرم الغسل والتنظيف.
وأما الطيب: فقال في رواية المرُّوذي: لا يتطيَّب المعتكف، ولا يُقْرئ في المسجد وهو معتكف. وكذلك ذكر أبو بكر. وذكرها
(1)
القاضي في بعض المواضع.
وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما: لا يَحْرُم عليه الطّيْب؛ لأن الاعتكاف لا يحرم عقد النكاح فلا يحرُم الطّيْب.
قالوا: والمستحبُّ له
(2)
أن لا يلبس الرفيعَ من الثياب، ولا يتطيب؛ لأنها عبادة تختصّ بلُبْثٍ في مكان مخصوص، فلم يكن الطِّيْب والرفيع من الثياب فيها مشروعًا كالحج.
فإنّ
(3)
المعتكفَ قد حبس نفسَه باعتكافه كما حبسَ المُحْرِم نفسَه بإحرامه، وهذا لأن الاعتكافَ يحرِّم الوطءَ وما دونه، والطّيْب مِن دواعيه، فإذا لم يحرِّمه، فلا أقلَّ مِن أن لا يُستحبّ.
وأن يخرج إلى المصلَّى في ثياب اعتكافه، ولا يجدِّد ثيابًا غيرَها حتى يرجع من المصلَّى، ولا يَحْرُم عليه شيء من اللباس المباح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف إلى أن مات، ولم يُنقل عنه أنه تجرَّد لاعتكافه.
قالوا: وله أن يأكل ما شاء كالمُحْرِم. وقال أبو بكر: يمنعُ نفسَه من
(4)
التلذّذ بما هو مباح قبل الاعتكاف.
(1)
ق: «ذكرها» .
(2)
ليست في س.
(3)
ق: «فإن كان
…
» وبها يختلّ السياق.
(4)
س: «عن» .