المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر ليتم فيه بقية اعتكافه، جاز - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر ليتم فيه بقية اعتكافه، جاز

قال ابن عقيل: ويحتمل التجويز مع الضرورة، كما ورد في المستحاضة، فأما مع القدرة على الخروج فلا. وهذا قول بعض أصحابنا: أنه إذا لم يمكن التحرُّز من ذلك إلا بترك الاعتكاف، أُلْحِقَ بالمستحاضة.

فعلى هذا يجوز لمن به سَلَس البول

(1)

فإن كان في المسجد نهر جارٍ أو بِرَك يفيض ماؤها إلى

(2)

بلاليع ونحو ذلك، جاز غسل اليد، وإزالة الوسخ فيها.

فأما الفَصْد والبول ونحو ذلك؛ فلا يجوز على ما ذكره أصحابنا.

و‌

‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

. فإن دخل إليه

(3)

ليمكث فيه بعضَ مدّة الاعتكاف ثم يعود

(4)

وكذلك إن خرج من مسجد إلى مسجد آخر، وليس بينهما ما ليس بمسجد؛ لأنه لا يتعيَّن للاعتكاف بقعةٌ واحدة.

وإن ذهب إلى مسجد هو أبعد عن بيته من المسجد

(5)

الأول، بطَلَ اعتكافُه؛ لأنه مشى إليه لغير عذر، فأشبه ما لو خرج إليه ابتداء.

(1)

بياض في النسختين.

(2)

تكررت في س.

(3)

ق: «فيه» .

(4)

بياض في الأصلين. وينظر «الفروع» : (5/ 180).

(5)

ق: «أبعد منه عن بيته ومسجده» .

ص: 696

وأما الوضوء، ففي كراهته في المسجد روايتان، فإن خرج من المسجد لتجديد الطهارة، بطل اعتكافه؛ لأن له منه بُدًّا.

وإن خرج للتوَضّي عن حَدَث لم يبطل، سواء كان في وقت صلاة أو لم يكن؛ لأن به إليه حاجة، وهو من تمام سنن الاعتكاف، ولأن الوضوء لابدّ منه، وإنما يتقدّم وقتُه.

وإن توضّأ للشكِّ في بقاء طهارته، أو خرج لغُسْل الجمعة، فقيل: لا يجوز ذلك

(1)

فصل

(2)

وأما خروجه للجمعة، فقال القاضي: يكون خروجه بقدر ما يصلي أربعًا قبل الجمعة وأربعًا بعدها، ثم يوافي معتكفَه، فيبني على ما مضى.

وكذلك قال ابن عقيل: لا يُستحبّ له الإطالة، ولكنه يصلي الجمعة، وإن أحبَّ أن يتنفّل تنفّل بأربع

(3)

وعاد إلى معتكفه، ولا يزيد على ذلك.

وقال ابن عقيل: يحصل أن يكون بضيق الوقت أفضل

(4)

من البكور إلى الجمعة؛ لأنه إن كان نذرًا فهو واجب، والبكور ليس بواجب، وإن كان تطوُّعًا؛ فقد ترجّح الاعتكاف بتقدّمه على الجمعة.

(1)

بياض في الأصلين.

(2)

ينظر «المغني» : (4/ 465 - 468)، و «الفروع»:(5/ 165 - 166).

(3)

س: «بأربع تنفل» .

(4)

ق: «وأفضل» .

ص: 697

وقال أحمد في رواية أبي داود

(1)

: يركع بعد الجمعة في المسجد بقدر ما كان يركع. قيل له: فيتعجَّل إلى الجمعة؟ قال: أرجو.

قال القاضي: وظاهر هذا جواز التقديم إلى الجمعة؛ لأنه بالتقديم هو في مسجدٍ أيضًا.

وقد قيل له في رواية حرب: وقيل: يتطوّع في المسجد الجامع؟ قال: نعم أرجو ألا يضرّه.

فقد نصّ أنه يصلي بعد الجمعة سنّتَها الراتبةَ، قدَّرها القاضي وابن عقيل بأربع، وقال أحمد: يركع عادَتَه. وأطلق التطوُّع في الرواية الأخرى.

وعلى ما قالوه: الأفضل أن يعجّل الرجوعَ إلى معتكَفِه، ويُكره له المُقام بعد السُّنة الراتبة.

وقيل [ق 132]: يحتمل أن يكون الخِيَرَة إليه في تعجيل الرجوع وتأخيره، كما لو نوى تمام الاعتكاف في الجامع؛ لأنه في مكان يصلح للاعتكاف. وهذا ليس بشيء؛ لأن المكان وإن صَلُح للاعتكاف

(2)

، فليس هو مُعْتَكِفًا فيه حتى ينوي الاعتكاف فيه.

ولو نوى الاعتكاف فيه، لم يجز له العود إلى معتكَفِه الأول لغير حاجة، فإذا كان من نيّته العودُ إلى معتكفه، لم يكن بمُقامه فيه معتكِفًا، بل يكون مصلّيًا للجمعة، فلا يزيد على القَدْر المشروع، فإن زاد

(3)

(1)

«المسائل» (ص 138).

(2)

«وهذا .. للاعتكاف» سقط من ق.

(3)

بياض في النسختين.

ص: 698

فصل

وإذا جوَّزنا له الخروج لعيادة المريض وتشييع الجنازة بغير شرط أو كان قد اشترطه، فإنه لا يزيد على الأمر المسنون، وهو اتِّباعها مِن حين كان يخرج

(1)

من دارها إلى أن يؤذَن بالانصراف، وأن يجلس عند المريض ما جرى به العُرْف، فإن لم يعلم حين خروجها، فهل ينتظرها؟

(2)

فصل

قال في رواية المرُّوذي: يجب على المعتكف أن يحفظ لسانه، ولا يؤويه إلا سقف المسجد، ولا ينبغي له إذا اعتكف أن يخيط أو يعمل، وذلك لما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:«لا يدخل المعتكف تحت سقف» ذكره ابن المنذر

(3)

.

وعن إبراهيم قال: «كانوا يحبُّون للمعتكف أن يشترط هذه الخصال، وهي له إن لم يشترط: عيادة المريض، ولا يدخل سقفًا، ويأتي الجمعة، ويشهد الجنازة، ويخرج في الحاجة»

(4)

.

وكان إبراهيم يقول: «لا يدخل المعتكف سقيفة إلا لحاجة أو سقف

(1)

س: «من بابها حين يخرج» وكتب فوق بابها (حـ).

(2)

بياض في النسختين.

(3)

في «الإشراف» : (3/ 164) وقد أخرج ابن أبي شيبة (9746) عن عطاء أنه قال: «كان ابن عمر إذا أراد أن يعتكف ضرب خباء، أو فسطاطًا فقضى فيه حاجته، ولا يأتي أهله، ولا يدخل سقفًا» .

(4)

تقدم تخريجه.

ص: 699

المسجد»

(1)

.

ومعنى هذا أنه لا يؤويه سقف مسكن.

فأما في حال مروره في طريقه، أو في حال دخوله إلى منزله إذا آواه الباب، أو دخل الكنيف ونحو ذلك مما يحتاج إليه، فلا بأس به.

وهذا لأن مُقامَه تحت السقف دخولٌ إلى المساكن وإقامةٌ فيها، وذلك يخالف حال المقيم في المسجد. ولأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر الحُيَّضَ أن يُقِمْن في رَحْبة المسجد، لئلا يُقِمْن في مساكنهن.

فعلى هذا الحائض

(2)

فصل

قال الخِرَقي وابنُ أبي موسى

(3)

: ولا يخرج مِن معتَكَفِه إلا لحاجة الإنسان أو صلاة الجمعة.

وقال غيرهما من أصحابنا: يخرج للاغتسال من الجنابة، لكن

فصل

(4)

وأما الأكل فالمنصوص عن أحمد: أن عليه أن يأكل في المسجد، إلا أن يشترط الأكلَ في أهله، ففيه روايتان منصوصتان:

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

بياض في النسختين. وكذا في الموضع بعده.

(3)

«مختصر الخرقي» (ص 52)، و «الإرشاد» (ص 155).

(4)

ينظر «المغني» : (4/ 471)، و «الفروع»:(5/ 177)، و «الإنصاف»:(7/ 611).

ص: 700

إحداهما: ليس له ذلك.

قال حرب: قيل لأحمد: فيشترط المعتكفُ الغداءَ والعشاءَ في منزله؟ فكَرِه ذلك.

وذلك لأنه شَرَط الخروجَ من المسجد لغير قُربة، فلم يَجُز ذلك، كما لو شَرَط الخروجَ للجماع أو للبيع والشراء أو النوم.

والثانية: له ذلك.

قال في رواية الأثرم: يَشْترط المعتكفُ أن يأكل في أهله.

ويجوز الشرط في الاعتكاف؛ لأنه شَرْطٌ للخروج لما هو محتاج إليه، فأشْبَه شرطَ الخروج لعيادة المريض وأولى؛ لأنه ربما كان عليه كُلْفة في الأكل والشرب في [غير]

(1)

منزله.

وهذه الرواية

(2)

فأما إن خرج من المعتَكَفِ لقضاء الحاجة ونحوها مما يجيز الخروجَ، فأكَلَ عند أهله. فقال ابنُ حامد: يأكل في بيته اللقمةَ واللقمتين مع أهله، فأما جميع أكله فلا؛ لأن ذاك يسيرٌ لا يعدُّ به مُعْرِضًا عن الاعتكاف؛ لأن تناول اللقمة واللقمتين لا يمنعه المرور في طريقه، فأشبه مُساءَلَته عن المريض في طريقه.

وقال غيره: ليس له ذلك؛ لأنه لُبْث في غير معتكَفِه لما له منه بُدٌّ، فأشبه

(1)

زيادة لازمة يقتضيها السياق.

(2)

بياض في النسختين.

ص: 701

اللبث لمحادثة أهله. فأما إن أكل وهو مارٌّ فلا بأس بذلك؛ لأنه لا احتباس فيه.

وقال القاضي: يتوجَّه أن يقال: له أن يخرج للأكل في بيته؛ لأن الأكل في المسجد دناءةٌ وسقوطُ مُروءة، ولأنه قد يخفي جِنْس قُوتِه عن الناس، ويكره أن يُطّلع عليه

(1)

، مثل الشعير والذرة.

وقال القاضي وابن عقيل: إذا خرج لحاجة، فأراد أن يقيم للأكل، فالحكم فيه وفي الخروج للأكل ابتداءً واحد.

قال شيخنا

(2)

: يجوز أن يأكل اليسير في بيته، مثل اللقمة واللقمتين مع أهله، فأما جميع أكله، فلا.

وهذا ــ والله أعلم ــ غلَطٌ على ابن حامد، فإنه لا

(3)

يُجَوّز الخروجَ ابتداء، وإنما يجوِّز الأكلَ اليسيرَ إذا خرج لحاجة، كما يجوِّز السؤالَ عن المريض في طريقه.

وقال أبو الخطاب

(4)

: إذا خرج لما لا بدّ منه من الأكل والشرب وقضاء حاجة الإنسان، لم يبطُل اعتكافُه، والصوابُ: المنصوصُ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل البيتَ إلا لحاجة الإنسان، وهذا يقتضي أنه كان يأكل في المسجد، ولأن الخروج من المسجد منافٍ للاعتكاف، فلا يباح منه إلا

(1)

من س.

(2)

القائل هو القاضي أبو يعلى.

(3)

سقطت من المطبوع.

(4)

في «الهداية» (ص 167).

ص: 702

القَدْر الذي تدعو إليه الحاجة، ولا حاجة إلى الخروج للأكل والشرب.

وإذا أراد أن يأكلَ في المسجد، وضعَ مائدةً أو غيرها لئلا يقع من طعامه فُتاتٌ يلوّث المسجدَ ويسقط فيه شيء من إدامه، كالدِّبْس والعسل، والأولى أن يغسل يده في الطست ليصبَّ الماءَ خارج المسجد لئلا يلوِّث المسجدَ

(1)

، ولو خرج لغَسْل يده بطل اعتكافه. قاله القاضي.

وقال ابن عقيل: [ق 133] إذا احتاج إلى غسل يده، خرج من المسجد كما يخرج للفَصْد والحجامة؛ لأن المسجد تجب صيانته من الأدران والأوساخ.

فأما إذا احتاج إلى الخروج، بأن لا يكون له من يشتري له الطعام فيحتاج أن يخرج ليشتريه

(2)

وإن صُنِع له في داره طعام، ولم يكن له من يأتي به

(3)

فصل

(4)

وأما إذا تعينت عليه شهادة أو أحْضَره سلطانٌ

(5)

بحقّ، مثل أن يخرجه لإقامة حدٍّ في زنى أو سرقة، أو بغير حقّ، مثل أن يُخْرجه لأخذ ماله، لم يبطل اعتكافه. وقد أباح الله تعالى إخراج المعتدّة لإقامة الحدِّ عليها.

(1)

من س.

(2)

س: «فيحتاج إلى

ليشتري الطعام». وبعده بياض في النسختين.

(3)

بياض في النسختين.

(4)

ينظر «المغني» : (4/ 466)، و «الفروع»:(5/ 168)، و «الإنصاف»:(7/ 604).

(5)

س: «السلطان» .

ص: 703

فإن خرج مختارًا للأداء، بطَلَ اعتكافُه، سواء كان

(1)

قد تعيَّن عليه التحمُّل أو لم يتعيَّن.

فصل

(2)

وإذا حاضت المرأةُ أو نَفِسَت، فإنه يجب أن تخرج من المسجد؛ لأن المسجد لا يحلّ لجنب ولا حائض، لاسيما إن كانت قد نذرت الصومَ في الاعتكاف، أو قلنا: لا يصحّ إلا بصوم، فإن الحيض لا يصح معه الصوم، ولأن الاعتكاف من جنس الصلاة والطواف، فنافاه الحيض.

قال في رواية حنبل: والمعتكفة إذا حاضت، اعتزلت المسجدَ حتى تطهر، فإذا طهرت قضت ما عليها من الاعتكاف والصومُ ولا كفارة عليها.

وكذلك قال أبو بكر: إذا حاضت خرجت، فإذا طهرت رجعت، فبَنَت على اعتكافها.

قال القاضي: إذا خرجت من المسجد، كان لها المضيِّ إلى منزلها لتقضي حيضها ثم تعود. نصَّ عليه.

وقال الخِرَقي وابنُ أبي موسى

(3)

وغيرهما: تضرب خباءً في الرَّحْبة.

قال القاضي: وهذا على طريق الاختيار لتكون بقرب المسجد؛ وذلك

(1)

من س.

(2)

ينظر «المغني» : (4/ 473)، و «الفروع»:(5/ 166 - 168)، و «الإنصاف»:(7/ 605 - 606).

(3)

ينظر «المختصر» (ص 52)، و «الإرشاد» (ص 155).

ص: 704

لما روى عبد الرزاق، ثنا

(1)

الثوريُّ، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:«كنّ المعتكفات إذا حِضْن، أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهنّ من المسجد، وأن يَضْرِبْنَ الأخبية في رَحْبة المسجد حتى يَطْهرن» رواه المحاملي وابن بطة وغيرهما

(2)

.

وظاهرُ كلام الخِرَقي

(3)

الوجوبُ، على ظاهر أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم لهنَّ بضرب الأخبية، ولأن رَحْبة المسجد فناؤه ومختصّة به، فمُقامها فيها ضَرْبٌ من العكوف، بخلاف ذهابها إلى دارها، فإنه خروجٌ عنه بالكلية من غير ضرورة، ولأن الخروج من المسجد إنما يباح للحاجة، والحكم المقيَّدُ بالحاجة مقدّر بقدرها، وإنما يحتاج في الخروج إلى الرَّحْبة خاصة، فذهابها إلى منزلها لا حاجة إليه، ولهذا قالوا: إذا أمكنه قضاءُ

(4)

حاجة الإنسان في مكان قريب من المسجد، لم يَجُز له أن يذهب إلى منزله

(5)

فإن لم يكن للمسجد رَحْبة أو كانت رَحْبة لا يمكنها المُقام فيها، جاز لها الذهاب إلى منزلها.

(1)

س: «قثنا» .

(2)

ساق ابن مفلح إسناد ابن بطة في «الفروع» : (5/ 167) وقال: «إسناد جيّد» . وعزاه هو وابن قدامة في «المغني» : (4/ 487) إلى أبي حفص العُكبَري.

وأفاد د. سليمان العمير أن ابن بطة رواه في جزء «جواز اتخاذ السقاية في رحبة المسجد» وهو جزء مخطوط بجامعة أم القرى.

(3)

س زيادة: «على» .

(4)

سقطت من المطبوع.

(5)

بياض في النسختين. وكذا الموضع بعده.

ص: 705

وهل تدخل تحت السقوف؟ قال أصحابنا: لها ذلك.

وإذا خرجت من المسجد، فهل هي في حكم المعتكفة بحيث تحرم عليها المباشرة كما تحرم عليها لو خرجت لحاجة الإنسان ونحو ذلك مما يقصد زمانه؟

والحيضُ لا يُبْطِل ما مضى من الاعتكاف، سواء كان اعتكافها زمانًا لا يخلو من الحيض أو أمكن أن ينفكَّ من الحيض، أمكن خلوّ مدة الاعتكاف من الحيض، مثل أن تنذر اعتكاف خمسةَ عشر

(1)

يومًا، أو لم يمكن، مثل أن تنذر اعتكاف شهر ونحو ذلك، فإذا طَهُرت بنَتَ على ما قبل الحيض، ولم تستأنف الاعتكاف، سواء كان الاعتكاف معينًا، مثل أن تقول: هذا العشر، أو مطلقًا، مثل أن تقول: عشرة أيام.

ولا كفارة عليها إن كان منذورًا. نصَّ عليه، وهو قول عامة الأصحاب.

قال بعضهم: لا نعلم فيه خلافًا، لأنه خروجٌ لأمرٍ معتاد، فأشبه الخروج للجمعة والجنابة

(2)

وحاجة الإنسان.

وطريقةُ بعضِ أصحابنا أنه إن كان معيَّنًا بَنَتْ، وعليها الكفارة في أحد الوجهين، وإن كان مطلقًا، فلها الخيار بين أن تبني وتكفِّر وبين أن تستأنف؛ إلحاقًا لخروج الحائض بخروج المعتدَّة، والخروج لفتنة والنفير ونحو ذلك؛ لأنه خروج يطول زمانُه، فأشبه الخروجَ للفتنة ونحو ذلك.

(1)

«خمسة عشر» سقطت من س.

(2)

ق: «الجنازة» .

ص: 706