المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفارة - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفارة

فخشي أن يمذي، فجعل ينتُرُ ذَكَرَه لكي يقطع المذي فأدفَقَ الماءَ الأعظم، فعليه القضاء دون الكفّارة.

وأخذ القاضي من هذا أن الاستمناء لا كفّارة فيه.

ويتوجّه الفرقُ بين هذا وبين الاستمناء، فإن هذا لم يقصد إلا تكسير الذَّكَر لئلا يخرج المَذْي، فأين هو ممن يستخرج المَنِيَّ؟

وكذلك لو حكَّ ذَكَره بشيء ناعم حتى أنزل؛ لأنه أنزل الماء الأعظم باختياره، ولأنه

(1)

لم يستمتع.

‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

، نصَّ عليه في رواية حنبل والأثرم

(2)

.

وربما ذكر بعضُ أصحابنا روايةَ حنبل: أن عليه القضاء والكفّارة؛ لأنه جزء من المنيِّ يجري في مجاريه ويخرج بأسبابه، وهو دونه لأنه لم يكمل، ولا يحصل معه كمال لذَّة، فجُعِل فوق البول ودون المنيِّ، كما وجب به غسل الذَكر والأنثيين، فأفسدَ الصومَ ولم يوجب الكفّارةَ.

وكذلك إن أمذى بالعبث بذَكَرِه، فهو كما لو أمذى بالمباشرة، ذكره ابن أبي موسى

(3)

.

وإن تساحقت امرأتان فأنزلتا، وجب القضاء.

(1)

كذا، ولعله:«وإن» .

(2)

ذكرها في «الروايتين والوجهين» : (1/ 261).

(3)

في «الإرشاد» (ص 152).

ص: 231

وفي الكفّارة إذا كان عَبَثًا وجهان، كالروايتين فيمن باشر بالفرج فيما دونه، هذا قول ابن عقيل وغيره.

وقال أبو محمد

(1)

: يخرَّج الوجهان على أن جماع المرأة هل يوجب الكفّارة؟ قال: وأصحُّ الوجهين أنه لا كفّارة عليهما؛ فإن أنزلت إحداهما فحكمها كذلك.

والمجبوب إذا ساحقَ النساءَ أو فاخَذَ الرجالَ فأنزل، فسدَ صومُه، وفي الكفّارة روايتان.

فأما الخَصيّ، فإنه بمجرّد إيلاجه يفسدُ صومُه وتجب الكفّارة كما يجب عليه الحدّ.

وأما النظر، فإنَّ نَظَر الفجأة معفوٌّ عنها، فإن خرج منه الماء في عقبها فلا شيء عليه. وإن تعمّد النظرَ لشهوةٍ لم يحلّ له، وإن أنزل بذلك؛ فقال أبو بكر والقاضي وأصحابُه مثل الشريف وأبي الخطاب

(2)

وغيرهما: يفسد صومه ولا كفّارة عليه، وهو ظاهر كلامه في رواية حنبل في رجل نظر إلى امرأته في شهر رمضان لشهوة، فأَمْنَى من غير أن يكون أحَدَث حدثًا غير ذلك، فعليه القضاء ولا كفّارة، إلا أن يكون قبَّل أو لمس أو عمل عملًا يدعو إلى أن جاء الماء الدافق، فتجب عليه الكفّارة.

وقال الخِرَقي وابنُ أبي موسى وأبو محمد

(3)

: إذا كرَّر النظرَ فأنزل،

(1)

المقدسي في «المغني» : (4/ 376).

(2)

ينظر «الهداية» (ص 159)، و «المغني» (4/ 363 - 364).

(3)

ينظر «المختصر» (ص 50)، و «الإرشاد» (ص 152)، والمغني:(4/ 363).

ص: 232

فعليه القضاء بلا كفّارة، وكذلك ذكر القاضي في «المجرد»: أنه لا يفسد صومه إلا إذا كرَّر النظرَ، فأما إن نظر ثم صرف بصره في الحال؛ فصومه صحيح، ويتخرَّج على الحجّ. قال: لأنه أنزل بسببٍ لا يأثم فيه.

فإن كرَّرَ النظرَ فأمْنَى، لزمه القضاء روايةً واحدة؛ لأنه أنزل باستمتاع مُحَرَّم فأشبه الإنزال بالمباشرة، وذلك لأن استدامة النظر تحت قدرته.

قال جرير بن عبد الله البجلي: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فقال: «اصرفْ بصَرَك»

(1)

.

وعن عليّ بن أبي طالب أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: «يا عليّ، لا تُتْبِع النظرةَ النظرةَ؛ فإنما لكَ الأولى وليست لكَ الثانية»

(2)

.

وفي وجوب الكفّارة روايتان منصوصتان:

إحداهما: تجب عليه، وهو اختيار ابن عقيل

(3)

؛ لأنه أنزل باستمتاع مُحَرَّم فأشبه الإنزال عن الملامسة.

والثانية: لا تجب عليه الكفّارة، وهي اختيار أكثر أصحابنا.

وإن أمْذَى بنظر، فقال أبو بكر وأبو حفص البرمكي: يفطر ولا كفّارة عليه. وقال بعض أصحابنا: ظاهر كلامه أنه لا يفطر بذلك.

(1)

أخرجه مسلم (2159).

(2)

أخرجه أحمد (22974، 22991، 23021)، وأبو داود (2149)، والترمذي (2777). وقال:«حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك» . وصححه الحاكم: (2/ 212)، والألباني في «صحيح أبي داود -الأم»:(6/ 365) بطرقه.

(3)

ينظر «التذكرة» (ص 93).

ص: 233

وعلى الأول: هل يفطر بمطلق النظر المتعمَّد أم بالمُسْتدام المتكرِّر؟ على وجهين.

وأما إن تفكّر في شيءٍ حتى أنزل، فقال أحمد في رواية أبي طالب في مُحْرِمٍ نظرَ فأَمْنى؟ قال: عليه دم. قيل له: فإن ذَكَر [ق 48] شيئًا فأمنى؟ قال: لا ينبغي أن يذكر شيئًا. قيل: فوقع في قلبه شيء؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء.

فعلى هذا إن غلبه الفِكْر لم يفطر؛ لأنه يصير كالإنزال بالاحتلام، وهو لا يفطِّر إجماعًا؛ فإنه لا يدخل تحت قدرته.

وأما إن استدعاه أو قَدَر على دفعه

(1)

عن قلبه فلم يفعل، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يفطر، وهو قول ابنِ أبي موسى

(2)

، وذَكَر أن أحمد أومأ إليه، والقاضي وأكثرِ أصحابه؛ بناءً على أنه من جنس ما لا يملك صرفه عن نفسه.

والثاني: يُفطر، وهو قول أبي حفص البرمكي وابن عقيل

(3)

.

حتى قال أبو حفص: من تفكّر في شهوةٍ فأمذى، ليس عن أبي عبد الله فطور، ولكن يجيء

(4)

ــ والله أعلم ــ أن يفسد صومُه.

(1)

في هامش النسختين إشارة إلى أنه في نسخة: «أن يصرفه» وعليها علامة التصحيح.

(2)

في «الإرشاد» (ص 152).

(3)

«التذكرة» (ص 95).

(4)

كذا رسمها في النسختين وتحتمل: «يخشى» ، وانظر «المغني»:(4/ 364).

ص: 234

وذكر ابن عقيل أن كلام أحمد يقتضيه؛ لأنه نهاه عن أن يذكر ذلك، لأن هذا إفطار بسبب من جهته، داخل تحت قدرته، فهو كالإنزال بإدامة النظر، فإن التفكُّر يُؤمَر به تارة ويُنْهَى عنه أخرى، كما في الحديث:«تفكّروا في آلاءِ الله ولا تَفكّروا في الله»

(1)

.

قال ابن عقيل: فإن الصائم لو سألنا: هل يجوز أن أخلوَ بنفسي مستحضرًا للصور الشهيّة وللفِعْل فيها والمباشرةِ لها

(2)

؟ لأفتيناه بتحريم ذلك والمنع منه.

وقال بعض أصحابنا: يحرم

(3)

إذا وقع بأجنبية، ولا يكره إذا وقع بالزوجة، بخلاف المباشرة.

وإن فكّر فأمذى من غير أن يمسّ ذكَرَه فهو كما لو أَمْنى. قال ابن أبي موسى والقاضي وغيرهما: لا يبطل صومه. قال ابن أبي موسى

(4)

: ويحتمل أن يبطل، وهذا قول أبي حفص.

(1)

أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6319)، وأبو الشيخ في «العَظَمة»:(1/ 210) من حديث ابن عمر. وفي سنده الوازع بن نافع، وهو متروك. ينظر «الميزان»:(4/ 327). وجاء من رواية عدد من الصحابة، وكلها متكلم في أسانيدها لكن قال السخاوي:«وأسانيدها ضعيفة، لكن اجتماعها يكتسب قوة، والمعنى صحيح» . ينظر «المقاصد الحسنة» (ص 159).

(2)

سقطت من المطبوع.

(3)

في النسختين: «لا يحرم» والظاهر أن «لا» مقحمة تفسد المعنى.

(4)

في «الإرشاد» (ص 152).

ص: 235

فصل

ولا تجب الكفّارة إلا في شهر رمضان، فلو جامعَ في القضاء أو النذر أو الكفّارة، لم تجب عليه الكفّارة. نصّ عليه.

وتجب الكفّارة بكلّ صوم في نهار رمضان، سواء كان ذلك اليوم مقطوعًا بأنه من رمضان أم لا، وسواء كان صومه مُجْمَعًا على وجوبه أم لا.

فلو رأى الهلالَ وحدَه ورُدَّت شهادته، فصام ثم وطئ، لزمَتْه الكفّارة؛ لأنه تيقّن أنه من رمضان، وذلك لأن الكفارات لا تسقط بالشبهات كالحدود؛ فإنها ليست عقوبة، بل قد تجب محوًا للخطيئة، وجبرًا للفائت، وزجرًا عن الإثم.

ولو وطئ في أوّل النهار، ثم مرض أو جُنَّ أو سافر أو حاضت المرأة، لم تسقط عنه الكفّارة، نصّ عليه في رواية صالح وابن منصور

(1)

.

ونصّ في رواية ابن القاسم وحنبل على أنه لو أكل ثم سافر وحاضت المرأةُ، فإنهما يُمسكان عن الطعام ويقضيان ذلك اليوم؛ لأنهما تعمّدا الفِطر بالمعصية.

ولو وطئ في آخر يوم من رمضان، فتبيَّن له أنه من شوَّال، لم يكن عليه كفّارة؛ لأنه تبين أن الصوم لم يكن واجبًا عليه. ذكره

(2)

القاضي.

(1)

لم أجده في رواية الكوسج، وانظر «مسائل صالح» (ص 91)، و «المغني»:(4/ 378)، و «الفروع»:(5/ 46).

(2)

س: «ذكر» .

ص: 236