الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فخشي أن يمذي، فجعل ينتُرُ ذَكَرَه لكي يقطع المذي فأدفَقَ الماءَ الأعظم، فعليه القضاء دون الكفّارة.
وأخذ القاضي من هذا أن الاستمناء لا كفّارة فيه.
ويتوجّه الفرقُ بين هذا وبين الاستمناء، فإن هذا لم يقصد إلا تكسير الذَّكَر لئلا يخرج المَذْي، فأين هو ممن يستخرج المَنِيَّ؟
وكذلك لو حكَّ ذَكَره بشيء ناعم حتى أنزل؛ لأنه أنزل الماء الأعظم باختياره، ولأنه
(1)
لم يستمتع.
وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة
، نصَّ عليه في رواية حنبل والأثرم
(2)
.
وربما ذكر بعضُ أصحابنا روايةَ حنبل: أن عليه القضاء والكفّارة؛ لأنه جزء من المنيِّ يجري في مجاريه ويخرج بأسبابه، وهو دونه لأنه لم يكمل، ولا يحصل معه كمال لذَّة، فجُعِل فوق البول ودون المنيِّ، كما وجب به غسل الذَكر والأنثيين، فأفسدَ الصومَ ولم يوجب الكفّارةَ.
وكذلك إن أمذى بالعبث بذَكَرِه، فهو كما لو أمذى بالمباشرة، ذكره ابن أبي موسى
(3)
.
وإن تساحقت امرأتان فأنزلتا، وجب القضاء.
(1)
كذا، ولعله:«وإن» .
(2)
ذكرها في «الروايتين والوجهين» : (1/ 261).
(3)
في «الإرشاد» (ص 152).
وفي الكفّارة إذا كان عَبَثًا وجهان، كالروايتين فيمن باشر بالفرج فيما دونه، هذا قول ابن عقيل وغيره.
وقال أبو محمد
(1)
: يخرَّج الوجهان على أن جماع المرأة هل يوجب الكفّارة؟ قال: وأصحُّ الوجهين أنه لا كفّارة عليهما؛ فإن أنزلت إحداهما فحكمها كذلك.
والمجبوب إذا ساحقَ النساءَ أو فاخَذَ الرجالَ فأنزل، فسدَ صومُه، وفي الكفّارة روايتان.
فأما الخَصيّ، فإنه بمجرّد إيلاجه يفسدُ صومُه وتجب الكفّارة كما يجب عليه الحدّ.
وأما النظر، فإنَّ نَظَر الفجأة معفوٌّ عنها، فإن خرج منه الماء في عقبها فلا شيء عليه. وإن تعمّد النظرَ لشهوةٍ لم يحلّ له، وإن أنزل بذلك؛ فقال أبو بكر والقاضي وأصحابُه مثل الشريف وأبي الخطاب
(2)
وغيرهما: يفسد صومه ولا كفّارة عليه، وهو ظاهر كلامه في رواية حنبل في رجل نظر إلى امرأته في شهر رمضان لشهوة، فأَمْنَى من غير أن يكون أحَدَث حدثًا غير ذلك، فعليه القضاء ولا كفّارة، إلا أن يكون قبَّل أو لمس أو عمل عملًا يدعو إلى أن جاء الماء الدافق، فتجب عليه الكفّارة.
وقال الخِرَقي وابنُ أبي موسى وأبو محمد
(3)
: إذا كرَّر النظرَ فأنزل،
(1)
المقدسي في «المغني» : (4/ 376).
(2)
ينظر «الهداية» (ص 159)، و «المغني» (4/ 363 - 364).
(3)
ينظر «المختصر» (ص 50)، و «الإرشاد» (ص 152)، والمغني:(4/ 363).
فعليه القضاء بلا كفّارة، وكذلك ذكر القاضي في «المجرد»: أنه لا يفسد صومه إلا إذا كرَّر النظرَ، فأما إن نظر ثم صرف بصره في الحال؛ فصومه صحيح، ويتخرَّج على الحجّ. قال: لأنه أنزل بسببٍ لا يأثم فيه.
فإن كرَّرَ النظرَ فأمْنَى، لزمه القضاء روايةً واحدة؛ لأنه أنزل باستمتاع مُحَرَّم فأشبه الإنزال بالمباشرة، وذلك لأن استدامة النظر تحت قدرته.
قال جرير بن عبد الله البجلي: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فقال: «اصرفْ بصَرَك»
(1)
.
وعن عليّ بن أبي طالب أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: «يا عليّ، لا تُتْبِع النظرةَ النظرةَ؛ فإنما لكَ الأولى وليست لكَ الثانية»
(2)
.
وفي وجوب الكفّارة روايتان منصوصتان:
إحداهما: تجب عليه، وهو اختيار ابن عقيل
(3)
؛ لأنه أنزل باستمتاع مُحَرَّم فأشبه الإنزال عن الملامسة.
والثانية: لا تجب عليه الكفّارة، وهي اختيار أكثر أصحابنا.
وإن أمْذَى بنظر، فقال أبو بكر وأبو حفص البرمكي: يفطر ولا كفّارة عليه. وقال بعض أصحابنا: ظاهر كلامه أنه لا يفطر بذلك.
(1)
أخرجه مسلم (2159).
(2)
أخرجه أحمد (22974، 22991، 23021)، وأبو داود (2149)، والترمذي (2777). وقال:«حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك» . وصححه الحاكم: (2/ 212)، والألباني في «صحيح أبي داود -الأم»:(6/ 365) بطرقه.
(3)
ينظر «التذكرة» (ص 93).
وعلى الأول: هل يفطر بمطلق النظر المتعمَّد أم بالمُسْتدام المتكرِّر؟ على وجهين.
وأما إن تفكّر في شيءٍ حتى أنزل، فقال أحمد في رواية أبي طالب في مُحْرِمٍ نظرَ فأَمْنى؟ قال: عليه دم. قيل له: فإن ذَكَر [ق 48] شيئًا فأمنى؟ قال: لا ينبغي أن يذكر شيئًا. قيل: فوقع في قلبه شيء؟ قال: أرجو أن لا يكون عليه شيء.
فعلى هذا إن غلبه الفِكْر لم يفطر؛ لأنه يصير كالإنزال بالاحتلام، وهو لا يفطِّر إجماعًا؛ فإنه لا يدخل تحت قدرته.
وأما إن استدعاه أو قَدَر على دفعه
(1)
عن قلبه فلم يفعل، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يفطر، وهو قول ابنِ أبي موسى
(2)
، وذَكَر أن أحمد أومأ إليه، والقاضي وأكثرِ أصحابه؛ بناءً على أنه من جنس ما لا يملك صرفه عن نفسه.
والثاني: يُفطر، وهو قول أبي حفص البرمكي وابن عقيل
(3)
.
حتى قال أبو حفص: من تفكّر في شهوةٍ فأمذى، ليس عن أبي عبد الله فطور، ولكن يجيء
(4)
ــ والله أعلم ــ أن يفسد صومُه.
(1)
في هامش النسختين إشارة إلى أنه في نسخة: «أن يصرفه» وعليها علامة التصحيح.
(2)
في «الإرشاد» (ص 152).
(3)
«التذكرة» (ص 95).
(4)
كذا رسمها في النسختين وتحتمل: «يخشى» ، وانظر «المغني»:(4/ 364).
وذكر ابن عقيل أن كلام أحمد يقتضيه؛ لأنه نهاه عن أن يذكر ذلك، لأن هذا إفطار بسبب من جهته، داخل تحت قدرته، فهو كالإنزال بإدامة النظر، فإن التفكُّر يُؤمَر به تارة ويُنْهَى عنه أخرى، كما في الحديث:«تفكّروا في آلاءِ الله ولا تَفكّروا في الله»
(1)
.
قال ابن عقيل: فإن الصائم لو سألنا: هل يجوز أن أخلوَ بنفسي مستحضرًا للصور الشهيّة وللفِعْل فيها والمباشرةِ لها
(2)
؟ لأفتيناه بتحريم ذلك والمنع منه.
وقال بعض أصحابنا: يحرم
(3)
إذا وقع بأجنبية، ولا يكره إذا وقع بالزوجة، بخلاف المباشرة.
وإن فكّر فأمذى من غير أن يمسّ ذكَرَه فهو كما لو أَمْنى. قال ابن أبي موسى والقاضي وغيرهما: لا يبطل صومه. قال ابن أبي موسى
(4)
: ويحتمل أن يبطل، وهذا قول أبي حفص.
(1)
أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6319)، وأبو الشيخ في «العَظَمة»:(1/ 210) من حديث ابن عمر. وفي سنده الوازع بن نافع، وهو متروك. ينظر «الميزان»:(4/ 327). وجاء من رواية عدد من الصحابة، وكلها متكلم في أسانيدها لكن قال السخاوي:«وأسانيدها ضعيفة، لكن اجتماعها يكتسب قوة، والمعنى صحيح» . ينظر «المقاصد الحسنة» (ص 159).
(2)
سقطت من المطبوع.
(3)
في النسختين: «لا يحرم» والظاهر أن «لا» مقحمة تفسد المعنى.
(4)
في «الإرشاد» (ص 152).
فصل
ولا تجب الكفّارة إلا في شهر رمضان، فلو جامعَ في القضاء أو النذر أو الكفّارة، لم تجب عليه الكفّارة. نصّ عليه.
وتجب الكفّارة بكلّ صوم في نهار رمضان، سواء كان ذلك اليوم مقطوعًا بأنه من رمضان أم لا، وسواء كان صومه مُجْمَعًا على وجوبه أم لا.
فلو رأى الهلالَ وحدَه ورُدَّت شهادته، فصام ثم وطئ، لزمَتْه الكفّارة؛ لأنه تيقّن أنه من رمضان، وذلك لأن الكفارات لا تسقط بالشبهات كالحدود؛ فإنها ليست عقوبة، بل قد تجب محوًا للخطيئة، وجبرًا للفائت، وزجرًا عن الإثم.
ولو وطئ في أوّل النهار، ثم مرض أو جُنَّ أو سافر أو حاضت المرأة، لم تسقط عنه الكفّارة، نصّ عليه في رواية صالح وابن منصور
(1)
.
ونصّ في رواية ابن القاسم وحنبل على أنه لو أكل ثم سافر وحاضت المرأةُ، فإنهما يُمسكان عن الطعام ويقضيان ذلك اليوم؛ لأنهما تعمّدا الفِطر بالمعصية.
ولو وطئ في آخر يوم من رمضان، فتبيَّن له أنه من شوَّال، لم يكن عليه كفّارة؛ لأنه تبين أن الصوم لم يكن واجبًا عليه. ذكره
(2)
القاضي.
(1)
لم أجده في رواية الكوسج، وانظر «مسائل صالح» (ص 91)، و «المغني»:(4/ 378)، و «الفروع»:(5/ 46).
(2)
س: «ذكر» .