الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تقدم حديث أبي سعيد في ليلة الحادي والعشرين، ونبه عليه أحمد بقوله:«تسع تبقى» .
وهذه الأحاديث كلها تقتضي أنها تكون في هذه الليالي كلِّها، وقد كانت في كلِّ
(1)
عام من الأعوام في إحدى هذه الليالي، فتكون متنقّلة في ليالي
(2)
العشر. وحُكي هذا عن أحمدَ نفسِه، وهو مقتضى ما ذكره القاضي وغيره من أصحابنا.
ومن أصحابنا من قال: إنها ليلة واحدة في كلِّ سنةٍ لا تتغيَّر، وزعم أنه مقتضى كلام أحمد، وليس بصحيح.
وبكلِّ حال، ف
لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر
، كما دلت عليه النصوص.
وينبني على ذلك: أنه لو نَذَر قيام ليلة القدر لزمه، ولم يجزئه في غيرها، فيلزمه قيام ليالي العشر كلِّها، كمن نَذَر ونسي صلاةً مِن يوم لا يعلم عينها، ولو علَّق عتاقًا أو طلاقًا بليلةِ القدر قبل دخول العشر، حُكِم به إذا انقضى العشر. وإن كان في أثناء العشر، حُكِم به في مثل تلك الليلة من العام المقبل إن قيل: لا تنتقل، وإن قيل: تنتقل، لم يُحْكَم به حتى ينصرم العشر من العام القابل، وهو الصواب. والله أعلم.
(1)
سقطت من المطبوع.
(2)
في المطبوع: «الليالي» بخلاف النسخ.
فصل
(1)
وعلامتها ما تقدم: أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها، كأنها الطَّسْت حتى ترتفع، ذُكِر معنى ذلك مرفوعًا في حديث أُبيّ وابن مسعود، وجاء عن ابن عباس أيضًا
(2)
.
وعن [ق 106] عُبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بَلِجة، كأن فيها قمرًا ساطعًا، ساكنةً ساجية
(3)
، لا برد فيها ولا حرّ، ولا يَحِلّ لكوكب أن يُرمَى به فيها حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستويةً ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، لا يَحِلّ للشيطان أن يخرج معها يومئذ» رواه أحمد
(4)
.
وعن حماد بن سلمة، عن حُمَيد، عن الحسن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اطلبوا ليلةَ القَدْر في العشر الأواخر: التاسعة، والسابعة، والخامسة، وآخر ليلة، هي ليلة بَلِجَة، لا حارّة ولا باردة، ولا يُرْمَى فيها بنجم، ولا ينبح فيها كلب» رواه هُدْبة بن خالد عنه
(5)
.
(1)
ينظر «المغني» : (4/ 453)، و «الفروع»:(5/ 128)، و «الإنصاف»:(7/ 559).
(2)
تقدم تخريجها.
(3)
س: «صافية ثلجة .. قمرا» وسقطت «ساجية» منها.
(4)
(22765). وسنده ضعيف لانقطاعه، لأنه من رواية خالد بن معدان، عن عُبادة بن الصامت، ولم يسمع منه. ينظر «جامع التحصيل» (ص 171). والحديث ضعفه الألباني في «الضعيفة»:(9/ 393).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (8770)، من طريق وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن مرسلا به. وضعفه الألباني في «الضعيفة»:(9/ 394).
وعن عُبَيد بن عُمير قال: كنت ليلة السابع والعشرين في البحر، فأخذتُ مِن مائه، فوجدته عذبًا سلسًا
(1)
.
فصل
(2)
ويستحبُّ الاجتهاد في العشر مطلقًا؛ لِما روي عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلَ العشرُ، أحيا الليلَ، وأيقظَ أهلَه، وشدَّ المِئْزَر» متفق عليه
(3)
.
وفي رواية لمسلم
(4)
وفي رواية له
(5)
: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره» .
وعن عليٍّ رضي الله عنه، قال:«كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوقظ أهلَه في العشر الأواخر من رمضان» رواه أحمد والترمذي
(6)
وقال: حديث حسن صحيح.
(1)
لم أقف عليه.
(2)
ينظر «المغني» : (4/ 454)، و «الفروع»:(5/ 127).
(3)
أخرجه البخاري (2024)، ومسلم (1174).
(4)
(1174/ 7).
(5)
(1175). و «له» ليست في ق.
(6)
أخرجه أحمد (762)، والترمذي (795) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن هبيرة بن يريم، عن عليّ به. وهبيرة بن يريم مختلف فيه، وأقل درجاته أن يكون حسن الحديث. ينظر ترجمته في «التهذيب»:(11/ 24). والحديث قال فيه الترمذي: حسن صحيح، وصححه الطبري، وأحمد شاكر في تعليقه على «المسند»:(1/ 764).
ورواه عبد الله بن أحمد
(1)
، ولفظه:«إذا دخل العشر الأواخر، شدَّ المِئْزرَ» .
وفي لفظ
(2)
: «رفَعَ المئزرَ، وأيقظَ نساءَه» .
قيل لأبي بكر بن عيَّاش؟ ما
(3)
«رَفَع المئزر؟» قال: اعتَزَل النساء.
وعن عائشة أنها قالت: يا رسول الله، أرأيت إن وافقتُ ليلةَ القَدْر ما أقول؟ قال:«تقولين: اللهم إنك عفوٌّ تحبّ العفوَ فاعفُ عنّي» رواه الخمسة إلا أبا داود
(4)
، وصححه الترمذي، ولفظه: قلت: يا رسول الله، إن علمتُ أيّ ليلة القدر؟ ما أقول فيها
(5)
: قال: قولي. وذَكَره.
ويحصل النصيب منها بحديث
(6)
أبي ذر، [فإنه] يقتضي أن قيامها
(1)
(1105).
(2)
بالرقم السابق.
(3)
سقطت من س.
(4)
أخرجه أحمد (25384)، والترمذي (3513)، والنسائي (7665)، وابن ماجه (3850) من طرق عن الجريري، عن ابن بريدة، عن عائشة به. وصححه الترمذي، والألباني في «الصحيحة»:(7/ 1009). وقد وقع في إسناده بعض الاختلاف ورجح الدارقطني هذه الطريق وأن خلافها وهم، كما في «العلل»:(15/ 88)، لكنه ذكر هو والبيهقي أن عبد الله بن بريدة لم يسمع من عائشة.
(5)
سقطت من المطبوع.
(6)
المطبوع: «لحديث» . وحديث أبي ذر هو: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام ليلة» . أخرجه أحمد (21447)، وأبو داود (1375)، والنسائي (1364)، والترمذي (806)، وابن ماجه (1327)، وابن خزيمة (2206)، وابن حبان (2547). وسنده صحيح.
يحصل بالقيام مع الإمام.
وعن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيّب كان يقول: «من شهد العشاء ليلة القدر فقد أخذ بحظِّه منها
(1)
»
(2)
.
وعن الضحَّاك: «أنه قيل له: أرأيت النفساء والحائض والنائم والمسافر، هل لهم في ليلة القدر نصيب؟ قال: نعم، كلُّ من تقبَّل الله عملَه سيعطيه نصيبه
(3)
من ليلة القدر لا يخيُّبه أبدًا»
(4)
.
(1)
«منها» سقطت من المطبوع.
(2)
ذكره مالك في «الموطأ» : (1/ 321) بلاغًا، ووصله ابن أبي شيبة (8786) بلفظ:«من صلى المغرب والعشاء في جماعة ليلةَ القَدْر فقد أخذ بنصيبه منها» .
(3)
س: «نصيب» .
(4)
ذكره ابن رجب في «لطائف المعارف» (ص 227) من طريق جويبر عن الضحاك، وجويبر واهٍ.