المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(2): (ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقرب، واجتناب ما لا يعنيه من قول أو(3)فعل) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌مسألة(2): (ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقرب، واجتناب ما لا يعنيه من قول أو(3)فعل)

وهذا لأن لفظ الناذر اقتضى اعتكاف جميع اليوم كما اقتضى صوم جميع اليوم، وقد تعذَّر ذلك، فعليه القضاءُ في الاعتكاف، كما عليه قضاءُ الصوم والكفارة لفوات المعين

(1)

‌مسألة

(2)

: (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو

(3)

فِعل)

.

وفيه فصلان:

أحدهما

أن الذي ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالعبادات المحضة التي بينه وبين الله تعالى، مثل: القرآن، وذِكْر الله تعالى، والدعاء، والاستغفار، والصلاة، والتفكّر، ونحو ذلك.

فأما العبادات المتعلِّقة بالناس، مثل: إقراء القرآن، والتحديث، وتعليم العلم، وتدريسه، والمناظرة فيه، ومجالسة أهله ــ إذا قصد به وجه الله تعالى، لا المباهاة ــ فقال

(4)

الآمدي: هل الأفضل للمعتكف أن يشتغل بإقراء القرآن

(1)

بياض في الأصلين.

(2)

ينظر «المستوعب» : (1/ 437)، و «المغني»:(4/ 479 - 483)، و «الفروع»:(5/ 188 - 189)، و «الإنصاف»:(7/ 628 - 634).

(3)

س: «و» .

(4)

كتب فوقها في ق: «فذكر» . والآمدي هو: أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن البغدادي، من أكبر أصحاب القاضي أبي يعلى (ت 467). ينظر «ذيل طبقات الحنابلة»:(1/ 11 - 14).

ص: 647

والفقه أو يشتغل بنفسه؟ على روايتين:

إحداهما

(1)

: يشتغل بإقراء القرآن والفقه

(2)

. وهذا اختيار الآمدي وأبي الخطاب

(3)

؛ لأن هذا يتعدَّى نفعُه إلى الناس، وما تعدَّى نفعُه من الأعمال أفضل مما اقتصر نفعُه على صاحبه.

والثانية: لا يُستحبّ له ذلك. وهذا هو المشهور عنه، وعليه جمهور أصحابنا، مثل: أبي بكر والقاضي، وغيرهما.

قال القاضي

(4)

والشريف أبو جعفر

(5)

وغيرهما: يكره ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف دخل معتكَفَه، واشتغل بنفسه، ولم يجالس أصحابَه، ولم يحادثهم كما كان يفعل قبل الاعتكاف، ولو كان ذلك أفضل لفَعَلَه، ولأن الاعتكاف هو من جنس الصلاة والطواف، ولهذا قَرَن الله تعالى بينهما في قوله:{طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125].

ولمَّا كان في الصلاة والطوَّاف شُغْل عن كلام الناس، فكذلك الاعتكاف، وذلك أنها عبادة شُرِع لها المسجد، فلا يُستحبّ الإقراء حين التلبُّس بها كالصلوات

(6)

والطواف.

(1)

س: «أحدهما» .

(2)

«القرآن و» سقطت من المطبوع.

(3)

في «الهداية» (ص 167).

(4)

في «التعليقة الكبيرة» : (1/ 45 - 46).

(5)

«أبو جعفر» من س، وكان فيها «أبي» فأصلحته.

(6)

س: «كالصلاة» .

ص: 648

قال القاضي

(1)

: لا خلاف أنه يكره أن يُقرئ

(2)

القرآن وهو يصلي أو يطوف، كذلك الاعتكاف.

ولأن العكوف على الشيء هو الإقبال عليه على وجه المواظبة، ولا يحصل ذلك للعاكف إلا بالتبتّل إلى الله سبحانه وترك الاشتغال بشيء آخر.

وأما كون النفع المتعدّي أفضل، فعنه أجْوِبة:

أحدها

(3)

: أنه لا يلزم من كون الشيء أفضل أن يكون مشروعًا في كلِّ عبادة، بل وَضْع الفاضل في غير موضعه يجعله مفضولًا، وبالعكس.

ولهذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح، وهي مكروهة في الركوع والسجود، ولهذا لا يُشْرَع هذا في الصلاة والطواف، وإن كانا أفضل من الصلاة والطواف النافِلتين.

الثاني: أن كونهما أفضل يقتضي الاشتغال بهما عن الاعتكاف.

قال الآمدي: لا تختلف الروايةُ أن من أراد أن يبتدئ الاعتكاف؛ فتشاغُلُه بإقراء القرآن أفضل من تشاغله بالاعتكاف.

قال أحمد في رواية المرُّوذي وقد سُئل عن رجل يُقرئ في المسجد، ويريد أن يعتكف؟ فقال: إذا فعل هذا كان لنفسه، وإذا قعد كان له ولغيره، يُقرئ أعجبُ إليَّ

(4)

.

(1)

«التعليقة» : (1/ 46).

(2)

في النسختين: «يهدي» والتصحيح من التعليقة.

(3)

ق: «أحدهما» .

(4)

نقلها أبو يعلى في «التعليقة الكبيرة» : (1/ 45).

ص: 649

وفي لفظ: لا يتطيَّب المعتكفُ، ولا يقرئ في المسجد وهو معتكف، وله أن يختم في كل يوم، فإذا فعل ذلك، كان لنفسه، وإذا قعد في المسجد كان له ولغيره، يقعُدُ في المسجد يقرئ أحبُّ إليَّ من أن يعتكف.

الثالث: أن النفع المتعدِّي ليس أفضل

(1)

مطلقًا، بل ينبغي للإنسان أن يكون له ساعات يناجي فيها ربَّه، ويخلو فيها بنفسه ويحاسبها، ويكون فعله [ق 122] ذلك أفضل من اجتماعه بالناس ونفعهم، ولهذا كان خَلْوة الإنسان في الليل بربه أفضل من اجتماعه بالناس

(2)

فصل

قال أحمد في رواية عليِّ بن

(3)

حرب: المعتكف إذا أراد أن ينام، نام متربِّعًا، لئلا تبطل

(4)

عليه الطهارة، فإذا كان نهارًا وأراد أن ينام، فلا بأس أن يستند إلى سارية، ويكون ماء طهارته معلومًا لئلا يقوم من نومه وليس معه ماء.

قال عليُّ بن حرب: إنما أراد أحمد أن يكون ماؤه معلومًا، لا يكون يستيقظ يشتغل قلبُه بالطلب.

قال أبو بكر: لا ينام إلا عن غَلَبة، ولا ينام مضطجعًا، ويكون الماء منه

(1)

س: «أنفع» .

(2)

بياض في النسختين.

(3)

«علي» من س. وهو علي بن حرب الطائي من أصحاب أحمد، له ذِكْر في «طبقات الحنابلة»:(2/ 124).

(4)

في النسختين: «تضل» خطأ.

ص: 650

قريبًا؛ لأن الله سمَّى العاكفَ قائمًا، والقائم هو المراقب

(1)

للشيء المراعي له، والنوم يضيُّع ذلك عليه، ولأن العكوف على الشيء هو القيام عليه على سبيل الدوام، وذلك لا يكون من النائم.

نعم، يفعل منه ما تدعو إليه الضرورة، كما يخرج من المسجد للضرورة. ولأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف العشرَ الأواخرَ من رمضان

(2)

، أحيا الليل كلَّه، وشدّ المِئزر

(3)

.

فإن شقَّ عليه النوم قاعدًا

(4)

عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف طُرِحَ له فراشُه، ويوضع له سريرُه وراء أسطوانة التوبة» رواه ابن ماجه

(5)

.

الفصل الثاني

(6)

أنه ينبغي له اجتنابُ ما لا يَعنيه من القول والعمل، فإن هذا مأمور به في كلِّ وقت؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«مِن حُسْن إسلام المرءِ تَرْكُه ما لا يَعنيه» رواه أبو

(1)

ق: «الواقف» .

(2)

«من رمضان» من س.

(3)

أخرجه البخاري (2024)، ومسلم (1174).

(4)

بياض بمقدار أربع كلمات في النسختين.

(5)

(1774). وأخرجه ابن خزيمة (2236)، قال البوصيري في «مصباح الزجاجة»:(2/ 84): «إسناد صحيح ورواته موثقون» . لكن في إسناده عيسى بن عمر القرشي لم يذكره سوى ابن حبان في «الثقات» وقال الحافظ: مقبول، يعني حيث يُتابع ولم يتابع، فقد تفرّد به عن نافع عن ابن عمر، فإسناده ليّن.

(6)

ينظر «المغني» : (4/ 480)، و «الفروع»:(5/ 188).

ص: 651

داود

(1)

.

وقال أحمد في رواية المرُّوذي: يجب على المعتكف أن يحفظ لسانه، ولا يؤويه إلا سقف المسجد، ولا ينبغي له إذا اعتكف أن يَخِيْط أو يعمل.

قال أصحابنا: ولا يُستحبّ له أن يتحدَّث بما أحبَّ، وإن لم يكن مأثمًا، ويكره لكلِّ أحدٍ السِّباب والجدال والقتال والخصومة، وذلك للمعتكف أشدُّ كراهة.

قال عليٌّ رضي الله عنه: «أيُّما رجلٍ اعتكفَ، فلا يُسابّ ولا يرفث في الحديث، ويأمر أهله بالحاجة ــ أي: وهو يمشي ــ، ولا يجلس عندهم» رواه

(1)

لم أجده عنده. وقد أخرجه مالك (2628)، وعبدالرزاق:(11/ 307)، والترمذي (2317)، وغيرهم من طرقٍ عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وخالفهم قرّة بن عبد الرحمن (وفيه ضعف) فرواه عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجه (3976)، وابن حبان (229). قال الترمذي عن طريق أبي هريرة:«هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه» ، ثم قال عن الطريق الأولى المرسلة مرجحًا لها:«هكذا روى غير واحد من أصحاب الزهري، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث مالك مرسلًا، وهذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعليُّ بن حسين لم يدرك عليَّ بن أبي طالب» . وقد رجح الطريق المرسلة أكثر الأئمة كأحمد وابن معين والبخاري والدارقطني والبيهقي وابن رجب. وينظر «جامع العلوم والحكم» : (1/ 287 - 288). وأخرجه أحمد (1732) من حديث حسين بن علي، وفي سنده ضعف، وأخرجه الطبراني في الصغير (884) من حديث زيد بن ثابت. وروي من حديث غيرهم وكل طرقه ضعيفة.

ص: 652