المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إذا رأى هلال الفطر وحده لم يجز له أن يفطر - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌إذا رأى هلال الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

وإن تغيَّم هلالُ شعبان ورمضان فأكملوهما، وصاموا ثمانية وعشرين، فقال القاضي: يقضون هنا يومين.

و‌

‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

(1)

. نصّ عليه. فقال في رواية صالح وابن منصور والأثرم: «من رأى هلال الفطر وحده يصوم ولا يفطر»

(2)

.

وقال في رواية صالح

(3)

: «من رأى هلال رمضان وحده يصوم ولا يفطر، وأما شوال فلا، وأما رمضان فيجوز شهادة رجل واحد» .

وقال في روايته فيمن رأى هلال الصوم أو الفطر وحده: «أما الصوم فأعجب إليَّ أن يصوم، وأما الفطر فيتّهم نفسَه» .

فقد نصَّ على الفرق، وهذا قول أكثر أصحابه مثل الخِرَقي وابن حامد وأبي حفص والقاضي وأكثر أصحابه.

قال ابن أبي موسى

(4)

: ولا يجوز الفطر لمن رآه وحدَه، ولا لمن لم يره إلا بشهادة عدلين قولًا واحدًا.

وقال أبو بكر

(5)

وكذلك ابن عقيل: إنه يفطر سرًّا. وحَمَل كلامَ

(1)

هذه المسألة من حيث الترتيب في متن «العمدة» (ص 132) قبل السابقة، لكن المؤلف لم يعقد لها مسألة.

(2)

ينظر «مسائل الكوسج» : (3/ 1203)، و «مسائل ابن هانئ»:(1/ 129).

(3)

ليس في المطبوع منها.

(4)

في «الإرشاد» (ص 146).

(5)

بياض في النسختين.

ص: 119

أحمد على أنه قصَدَ النهيَ عن المظاهرة بالإفطار لأجل التهمة والفتنة ومخالفة الإمام والسواد الأعظم، وليس بجيد؛ لأن أحمد قال: يصوم ولا يفطر؛ فقد أمره بالصوم ونهاه عن الفطر؛ فكيف يقال: أراد أنه يفطر سرًّا ولا يتظاهر بالفطر؛ لأنه يوم من شوال، فلم يجب صومه كسائر الأيام، ولأنه أول

(1)

يوم من شوال فلم يجز صومه كسائر الأيام

(2)

.

وهذا لأنه يتيقّن أنه أوَّل يوم من شوّال أعظم مما يتيقّنه لو شهد به شاهدان، وهو فيما بينه وبين الله مأمور بما يعلمه، لكن لمَّا كان أظهار الفطر فيه تعريض نفسه لسوء الظن وإثارة الفتنة؛ لأن الناس إنما يحكمون بما ظهر، ولأنه لا يجوز أن يُمَكَّن أحدٌ من الفطر بما يدَّعيه من الرؤية، وجب عليه إخفاؤه، ولأنه ليس الاحتياط بالصوم في الوقت الواجب بأكثر من الاحتياط بالفطر في الوقت الواجب؛ فإن الفطر في رمضان كالصوم يوم العيد.

فعلى هذا يكفيه أن لا ينوي الصوم سواءٌ أكل أو لم يأكل.

ووجه الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون» رواه الترمذي

(3)

.

وعن أبي هريرة ذَكَر النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيه، قال: «وفِطْركم يوم تُفطرون،

(1)

ق: «لأنه يوم» .

(2)

كذا في النسختين! وقوله «كسائر الأيام» في آخر الفقرة لعلها مكررة لانتقال النظر، إلا أن يكون قوله «فلم يجز» محرفة عن «فلم يجب» إلا أن العبارة حينئذٍ تكون مكررة عما قبلها. ينظر للمسألة «مجموع الفتاوى»:(25/ 204).

(3)

(697) وقد تقدم تخريجه.

ص: 120

وأضحاكم يوم تُضحّون، وكلّ عرفةَ موقف، وكلّ مِنى مَنْحَر، وكلّ فِجاج مكةَ مَنْحَر، وكلّ مزدلفة موقف» رواه أبو داود

(1)

.

وعن

(2)

أبي قِلابة: «أن رجلين قدما المدينةَ، وقد رأيا الهلال، وقد أصبح الناس صيامًا، فأتيا عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، فذكرا ذلك له، فقال لأحدهما: أصائم أنت أم مفطر؟ قال: مفطر. قال: ما حملك على ذلك؟ قال: لم أكن لأصوم وقد رأيتُ الهلال. وقال للآخر: فأنت؟ قال: إني صائم. قال: ما حملك على أن تصوم وقد رأيت الهلال؟ قال: لم أكن لأفطر والناس صيام. فقال للذي أفطر: لولا مكان هذا ــ يعني: الذي صام ــ لأوجعتُ رأسَك. ثم نودي في الناس: أنِ اخرجوا» . رواه سعيد

(3)

.

فبيَّن عمر رضي الله عنه إنما دفعَ العقوبةَ عن الذي أفطر لأجل شهادة الآخر معه، وأنه لو أفطر برؤية نفسه فقط لضربَه.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «إنما الفطر يوم يفطر الإمامُ وجماعةُ

(1)

(2324). وأخرجه الدارقطني (2178) من طرق عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة به مرفوعًا، وروي عن ابن المنكدر من طرق موقوفًا على أبي هريرة أخرجه الدارقطني (2177) وغيره. وأُعلّ بالاختلاف في إسناده، وبالانقطاع فابن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة. وحسنه الألباني في «صحيح أبي داود - الأم»:(7/ 91). وينظر «تحفة التحصيل» (ص 469)، و «علل الدارقطني»:(10/ 62)، و «بيان الوهم والإيهام»:(2/ 397).

(2)

س: «عن» .

(3)

نقله عنه ابن كثير في «مسند الفاروق» : (1/ 271) وقال: «هو منقطع» أي بين أبي قلابة وعمر. ورواه أيضًا عبد الرزاق (7338) والطبري في «تهذيب الآثار» (1125، 1126 - مسند ابن عباس).

ص: 121

المسلمين». رواه أبو حفص

(1)

.

وعن مسروق ومالك

(2)

: أنهما دخلا على عائشة في اليوم الذي يُشَكّ فيه، فقالت للجارية: «خوضي لهما سويقًا فإني صائمة. فقالا: إن الناس يرون أنه الأضحى. فقالت: إنما الأضحى إذا ضحّى الإمامُ هو وعُظْمُ

(3)

الناس». رواه الفريابي

(4)

.

وهذا يقتضي أن مَن رأى هلالَ النحر فإن له أن يصوم اليوم العاشر في رؤيته، ولأنه يجوز أن يكون غالطًا في الرؤية، ومخالفةُ عامة الناس له يقوِّي هذا الغلط، والفطر ليس مما يُحتاط به، ولهذا لا تقبل إلا شهادة اثنين؛ بخلاف الصوم؛ فلا ينبغي له أن يُقْدِم على ذلك بمجرَّد رؤيته، ولأنّ يوم الفطر هو اليوم الذي يفطر فيه الناس، وإن كان الهلال قد رئي في غيره، فلو كان الهلال طالعًا ولم يره

(5)

مَن تُقبل شهادتُه وحدَه، لم يكن في هذا الحكم

(1)

جزء من الأثر الآتي.

(2)

هو مالك بن عامر أبو عطية الوادعي الهَمْداني الكوفي، من كبار التابعين.

(3)

في النسختين والمطبوع: «وعلم» خطأ والتصويب من المصادر. ومعنى «عُظْم الناس» : مُعظمهم.

(4)

لم نجده في «كتاب الصيام» للفريابي. وقد أخرجه عبد الرزاق (7310)، وأحمد في مسائل عبد الله (مجموع رسائل ابن رجب 2/ 602 - رسالة رؤية الهلال)، والبيهقي:(4/ 252)، من طرق عن مسروق به.

قال ابن رجب: هذا الأثر صحيح عن عائشة رضي الله عنها، إسناده في غاية الصحة.

وقد روي عن مسروق من وجه آخر، وقد سبق (ص 73).

(5)

س: «يراه» .

ص: 122

يوم عيدٍ، فيجب صومه ولا يجب

(1)

فطره.

وإن رأى هلالَ شوَّال وحدَه في موضعٍ لا يمكن

(2)

أن يخبرَ به غيرُه، فقال القاضي وابن عقيل: يلزمه صيامُه، ولا يجوز له الفطر برؤيته وحدَه؛ كما لو أخبر به فلم يُحْكَم بقوله، والأشبه هنا

(3)

ولو صام برؤية نفسه ثلاثين يومًا لم يُفطر إلا مع الإمام والناس، فيصوم واحدًا وثلاثين، كما لو رأى شوالَ وحدَه على المشهور، وهو ظاهرها.

وقال أبو الخطاب

(4)

: يحتمل أن يفطر هنا.

ولو كان عليه دَين مؤجّل أو عَلّق عتقَ عبده أو طلاق امرأتِه بهلال شوّال فقال القاضي: لا يُعرف الروايةُ فيه.

فصل

(5)

وإذا شهد بالرؤية واحد أو اثنان أو أكثرَ من ذلك عند بعض الناس ولم يثبت عند الإمام، إمَّا لكونهم لم يشهدوا عنده، أو لكونه لم يَعْرِف عدالَتهم، ونحو ذلك؛ فإنه يجب على مَن سمع خبرَهم وعرَفَ عدالَتهم أن يصوم بخبرهم. ذكره القاضي وابنُ عقيل وغيرهما من أصحابنا، [ق 25] حتى لو كان المُخبِر امرأةً

(6)

أو عبدًا كما تقدم.

(1)

كذا في النسختين، والصواب:«ولا يجوز» .

(2)

س: «يمكنه» .

(3)

بياض في النسختين.

(4)

في «الهداية» (ص 155).

(5)

ينظر «المغني» : (4/ 419 - 420)، و «الفروع»:(4/ 420 - 425).

(6)

في النسختين: «المرأة» .

ص: 123