الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن تغيَّم هلالُ شعبان ورمضان فأكملوهما، وصاموا ثمانية وعشرين، فقال القاضي: يقضون هنا يومين.
و
إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر
(1)
. نصّ عليه. فقال في رواية صالح وابن منصور والأثرم: «من رأى هلال الفطر وحده يصوم ولا يفطر»
(2)
.
وقال في رواية صالح
(3)
: «من رأى هلال رمضان وحده يصوم ولا يفطر، وأما شوال فلا، وأما رمضان فيجوز شهادة رجل واحد» .
وقال في روايته فيمن رأى هلال الصوم أو الفطر وحده: «أما الصوم فأعجب إليَّ أن يصوم، وأما الفطر فيتّهم نفسَه» .
فقد نصَّ على الفرق، وهذا قول أكثر أصحابه مثل الخِرَقي وابن حامد وأبي حفص والقاضي وأكثر أصحابه.
قال ابن أبي موسى
(4)
: ولا يجوز الفطر لمن رآه وحدَه، ولا لمن لم يره إلا بشهادة عدلين قولًا واحدًا.
وقال أبو بكر
…
(5)
وكذلك ابن عقيل: إنه يفطر سرًّا. وحَمَل كلامَ
(1)
هذه المسألة من حيث الترتيب في متن «العمدة» (ص 132) قبل السابقة، لكن المؤلف لم يعقد لها مسألة.
(2)
ينظر «مسائل الكوسج» : (3/ 1203)، و «مسائل ابن هانئ»:(1/ 129).
(3)
ليس في المطبوع منها.
(4)
في «الإرشاد» (ص 146).
(5)
بياض في النسختين.
أحمد على أنه قصَدَ النهيَ عن المظاهرة بالإفطار لأجل التهمة والفتنة ومخالفة الإمام والسواد الأعظم، وليس بجيد؛ لأن أحمد قال: يصوم ولا يفطر؛ فقد أمره بالصوم ونهاه عن الفطر؛ فكيف يقال: أراد أنه يفطر سرًّا ولا يتظاهر بالفطر؛ لأنه يوم من شوال، فلم يجب صومه كسائر الأيام، ولأنه أول
(1)
يوم من شوال فلم يجز صومه كسائر الأيام
(2)
.
وهذا لأنه يتيقّن أنه أوَّل يوم من شوّال أعظم مما يتيقّنه لو شهد به شاهدان، وهو فيما بينه وبين الله مأمور بما يعلمه، لكن لمَّا كان أظهار الفطر فيه تعريض نفسه لسوء الظن وإثارة الفتنة؛ لأن الناس إنما يحكمون بما ظهر، ولأنه لا يجوز أن يُمَكَّن أحدٌ من الفطر بما يدَّعيه من الرؤية، وجب عليه إخفاؤه، ولأنه ليس الاحتياط بالصوم في الوقت الواجب بأكثر من الاحتياط بالفطر في الوقت الواجب؛ فإن الفطر في رمضان كالصوم يوم العيد.
فعلى هذا يكفيه أن لا ينوي الصوم سواءٌ أكل أو لم يأكل.
ووجه الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون» رواه الترمذي
(3)
.
وعن أبي هريرة ذَكَر النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيه، قال: «وفِطْركم يوم تُفطرون،
(1)
ق: «لأنه يوم» .
(2)
كذا في النسختين! وقوله «كسائر الأيام» في آخر الفقرة لعلها مكررة لانتقال النظر، إلا أن يكون قوله «فلم يجز» محرفة عن «فلم يجب» إلا أن العبارة حينئذٍ تكون مكررة عما قبلها. ينظر للمسألة «مجموع الفتاوى»:(25/ 204).
(3)
(697) وقد تقدم تخريجه.
وأضحاكم يوم تُضحّون، وكلّ عرفةَ موقف، وكلّ مِنى مَنْحَر، وكلّ فِجاج مكةَ مَنْحَر، وكلّ مزدلفة موقف» رواه أبو داود
(1)
.
وعن
(2)
(3)
.
فبيَّن عمر رضي الله عنه إنما دفعَ العقوبةَ عن الذي أفطر لأجل شهادة الآخر معه، وأنه لو أفطر برؤية نفسه فقط لضربَه.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «إنما الفطر يوم يفطر الإمامُ وجماعةُ
(1)
(2324). وأخرجه الدارقطني (2178) من طرق عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة به مرفوعًا، وروي عن ابن المنكدر من طرق موقوفًا على أبي هريرة أخرجه الدارقطني (2177) وغيره. وأُعلّ بالاختلاف في إسناده، وبالانقطاع فابن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة. وحسنه الألباني في «صحيح أبي داود - الأم»:(7/ 91). وينظر «تحفة التحصيل» (ص 469)، و «علل الدارقطني»:(10/ 62)، و «بيان الوهم والإيهام»:(2/ 397).
(2)
س: «عن» .
(3)
نقله عنه ابن كثير في «مسند الفاروق» : (1/ 271) وقال: «هو منقطع» أي بين أبي قلابة وعمر. ورواه أيضًا عبد الرزاق (7338) والطبري في «تهذيب الآثار» (1125، 1126 - مسند ابن عباس).
المسلمين». رواه أبو حفص
(1)
.
وعن مسروق ومالك
(2)
: أنهما دخلا على عائشة في اليوم الذي يُشَكّ فيه، فقالت للجارية: «خوضي لهما سويقًا فإني صائمة. فقالا: إن الناس يرون أنه الأضحى. فقالت: إنما الأضحى إذا ضحّى الإمامُ هو وعُظْمُ
(3)
الناس». رواه الفريابي
(4)
.
وهذا يقتضي أن مَن رأى هلالَ النحر فإن له أن يصوم اليوم العاشر في رؤيته، ولأنه يجوز أن يكون غالطًا في الرؤية، ومخالفةُ عامة الناس له يقوِّي هذا الغلط، والفطر ليس مما يُحتاط به، ولهذا لا تقبل إلا شهادة اثنين؛ بخلاف الصوم؛ فلا ينبغي له أن يُقْدِم على ذلك بمجرَّد رؤيته، ولأنّ يوم الفطر هو اليوم الذي يفطر فيه الناس، وإن كان الهلال قد رئي في غيره، فلو كان الهلال طالعًا ولم يره
(5)
مَن تُقبل شهادتُه وحدَه، لم يكن في هذا الحكم
(1)
جزء من الأثر الآتي.
(2)
هو مالك بن عامر أبو عطية الوادعي الهَمْداني الكوفي، من كبار التابعين.
(3)
في النسختين والمطبوع: «وعلم» خطأ والتصويب من المصادر. ومعنى «عُظْم الناس» : مُعظمهم.
(4)
لم نجده في «كتاب الصيام» للفريابي. وقد أخرجه عبد الرزاق (7310)، وأحمد في مسائل عبد الله (مجموع رسائل ابن رجب 2/ 602 - رسالة رؤية الهلال)، والبيهقي:(4/ 252)، من طرق عن مسروق به.
قال ابن رجب: هذا الأثر صحيح عن عائشة رضي الله عنها، إسناده في غاية الصحة.
وقد روي عن مسروق من وجه آخر، وقد سبق (ص 73).
(5)
س: «يراه» .
يوم عيدٍ، فيجب صومه ولا يجب
(1)
فطره.
وإن رأى هلالَ شوَّال وحدَه في موضعٍ لا يمكن
(2)
أن يخبرَ به غيرُه، فقال القاضي وابن عقيل: يلزمه صيامُه، ولا يجوز له الفطر برؤيته وحدَه؛ كما لو أخبر به فلم يُحْكَم بقوله، والأشبه هنا
…
(3)
ولو صام برؤية نفسه ثلاثين يومًا لم يُفطر إلا مع الإمام والناس، فيصوم واحدًا وثلاثين، كما لو رأى شوالَ وحدَه على المشهور، وهو ظاهرها.
وقال أبو الخطاب
(4)
: يحتمل أن يفطر هنا.
ولو كان عليه دَين مؤجّل أو عَلّق عتقَ عبده أو طلاق امرأتِه بهلال شوّال فقال القاضي: لا يُعرف الروايةُ فيه.
فصل
(5)
وإذا شهد بالرؤية واحد أو اثنان أو أكثرَ من ذلك عند بعض الناس ولم يثبت عند الإمام، إمَّا لكونهم لم يشهدوا عنده، أو لكونه لم يَعْرِف عدالَتهم، ونحو ذلك؛ فإنه يجب على مَن سمع خبرَهم وعرَفَ عدالَتهم أن يصوم بخبرهم. ذكره القاضي وابنُ عقيل وغيرهما من أصحابنا، [ق 25] حتى لو كان المُخبِر امرأةً
(6)
أو عبدًا كما تقدم.
(1)
كذا في النسختين، والصواب:«ولا يجوز» .
(2)
س: «يمكنه» .
(3)
بياض في النسختين.
(4)
في «الهداية» (ص 155).
(5)
ينظر «المغني» : (4/ 419 - 420)، و «الفروع»:(4/ 420 - 425).
(6)
في النسختين: «المرأة» .