المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(2): (والثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا، وإن صامتا أجزأهما) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌مسألة(2): (والثالث: الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، أفطرتا وقضتا وأطعمتا عن كل يوم مسكينا، وإن صامتا أجزأهما)

وكذلك [لو]

(1)

انقطع دمُها في أثناء يومٍ، وجب عليها قضاؤه، وفي وجوب الإمساك روايتان.

وإن انقطع دمُها قبل الفجر وبيَّتت النيةَ صحّ صومُها وإن لم تَغتسل. نصّ عليه، وأنكر على مَن قال بخلافه، وقاسَه على الرجل إذا أصبح جُنبًا.

‌مسألة

(2)

: (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

.

في هذا الكلام فصلان:

أحدهما: أن المرأة الحامل إذا خافت من الصوم على ولدها، إمّا لأنّ الجوعَ يضرُّ به، أو لاحتياجه إلى دواء تشربه هي

(3)

، فإنه يجوز لها أن تفطر؛ لأنها أحوج إلى الفطر من المسافر وبعض المرضى، فإنه يُخاف هلاكُ الولد بصومها.

وقد تقدم

(4)

حديث أنس بن مالك الكعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «إن الله وضعَ الصومَ عن المسافر وعن الحبلى أو المرضع» . لقد قالهما رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا أو أحدهما». [وفي رواية]

(5)

: «وعن الحامل وعن المرضع» .

(1)

سقطت من النسختين، وزيدت لصحة السياق.

(2)

ينظر «المستوعب» : (1/ 401)، و «المغني»:(4/ 393 - 395)، و «الفروع»:(4/ 446 - 448)، و «الإنصاف»:(7/ 381 - 386).

(3)

من س.

(4)

(ص 174).

(5)

مكانها في النسختين بعد قوله: «عن المسافر» ، وهو سهو أو انتقال نظر، ومكانها المناسب هنا، وقد تقدم الحديث كما سلف.

ص: 186

وعليهما مع الفطر القضاء؛ لأنها ترجو القدرةَ عليه، فإذا قدرت صامت كالمريض والمسافر، وعليها أيضًا الفدية، وهو أن تطعم عن كلِّ يوم مسكينًا.

وعن نافع: أن ابن عمر سُئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها، فقال:«تُفطِر وتُطعِم مكان كلّ يوم مسكينًا مُدًّا مِن حنطة» رواه الشافعي

(1)

.

وعن عكرمة: أن ابن عباس قال: «أثبتت للحبلى والمرضع» ؛ يعني قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184]. رواه أبو داود

(2)

.

وروى

(3)

عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال:«كانت رخصةً للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يُطيقان الصومَ أن يفطرا ويُطعما مكان كلِّ يوم مسكينًا، والحُبْلى والمرضع إذا خافتا» . قال أبو داود: يعني على أولادهما.

رواه أحمد في «الناسخ والمنسوخ»

(4)

مستوفى عن سعيد بن جبير، [ق 38] عن ابن عباس في قوله:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} قال: «رُخّص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يُطيقان الصوم،

(1)

في «الأم» : (8/ 713) عن مالك عن نافع به. وهو في «الموطأ» (1/ 308) بلاغًا. ورواه الدارقطني: (2/ 207) بنحوه من طريق أيوب وعبيد الله، عن نافع به.

(2)

(2317) وإسناده صحيح.

(3)

يعني أبا داود في «سننه» (2318) بإسناد جيد، ولكن في لفظه اختصار يخلّ بالمعنى، وهو في الرواية التالية مستوفى.

(4)

ورواه أيضًا البزار (4996) والطبري في «التفسير» : (3/ 167) وابن أبي حاتم: (1/ 307) والبيهقي: (4/ 230) مستوفًى بنحوه.

ص: 187

ورُخّص لهما أن يفطرا إن شاءا، ويُطعما مكان كلّ يوم مسكينًا، ثم نُسخ ذلك في هذه الآية {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وثبتت الرخصةُ للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصومَ، والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كلّ يوم مسكينًا ولا قضاء عليهما».

وعن عطاء عن ابن عباس: أنه كان يرخّص في الإفطار في رمضان للشيخ الكبير والحامل المُتِمّ والمرضع، ولصاحب العُطاش أن يفطروا ويطعموا لكلِّ يوم مسكينًا. رواه سعيد

(1)

.

قال أحمد في رواية صالح

(2)

: المرضع والحامل تخاف على نفسها تُفطر وتقضي وتُطعِم، أذهبُ إلى حديث أبي هريرة، وأما ابن عباس وابن عمر يقولان: تُطعِم ولا تصوم. وكان ابنُ عباس يقرؤها: (يُطَوَّقونه) قال: يُكَلّفون

(3)

، ومن قرأ {يُطِيقُونَهُ} ، فإنها منسوخة، نَسَخَها:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، فقد ثبت وجوبُ الفدية عن ثلاثة من الصحابة، ولا يُعرَف

(1)

لم أقف عليه بهذا اللفظ في سياق واحد. وقد أخرجه البخاري (4505) من رواية عطاء بذكر الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة فقط. والحامل والمرضع ورد ذكرهما مع الشيخ الكبير في رواية سعيد بن جبير، وقد سبقت آنفًا. وأما صاحب العطاش فجاء من رواية سعيد بن جبير أيضًا، أخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن» (911) والطبراني في «الكبير» (12405) من طريقين عنه، عن ابن عباس.

(2)

(ص 274).

(3)

قراءة ابن عباس أخرجها عبد الرزاق: (4/ 221)، والطبري:(3/ 172، 174) وغيرهما من طرق عن عطاء وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير، عن ابن عباس.

أما تفسيره للآية بقوله: «يكلّفونه» أو «يتكلّفونه» فقد أخرجه النسائي (2317) والطبري: (3/ 174) والدارقطني: (2/ 205) وقال: هذا الإسناد صحيح.

ص: 188

لهم مخالف.

واختلفوا في القضاء، وأشبَهُ القولين وجوب القضاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذَكَر:«أن الله وضعَ الصومَ عن المسافر والحامل والمرضع»

(1)

، ولم يُرِد إلا وضع الأداء دون القضاء؛ لأنه ذَكَر المسافر، وإنما وضعَ عنه الأداءَ فقط، ولأنها ترجو القُدْرة على القضاء، فهي كالمريض.

وأما إن

(2)

خافت على نفسها، فقال أصحابنا: تُفطر وتقضي ولا تكفّر.

قال بعضهم: هذا بغير خلاف، لأنها بمنزلة المريض أو بمنزلة مَن يخاف حدوث مرضٍ به، وإنما وجبت الفديةُ إذا خافت على جنينها؛ لأنها هناك أفطرت للخوف على غيرها، وهو أغلظُ من الفطر خوفًا على نفسها، فغُلِّظ بوجوب الفدية، ولأن الفطر يَرتَفِق به هنا شخصان الحاملُ وجنينُها، فكان القضاء عنها والفدية عن جنينها، بخلاف فطر المريض والمسافر، فإنه لا يرتفق به إلا شخصٌ واحد.

وقال أحمد في رواية الميموني: الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولدهما يُفطران ويُطعمان، ويصومان إذا أطاقا.

وقد تقدمت روايةُ صالح: الحامل والمرضع تخاف على نفسها: تُفطِر وتقضي وتُطعِم.

وقال في رواية حرب في الحامل والمرضع يشتدّ عليهما الصيام: يفطران ويقضيان ويكفِّران لكلّ يوم مُدًّا لمسكين، والشيخ الكبير الذي لا

(1)

تقدم تخريجه.

(2)

المطبوع: «من» خلاف النسخ.

ص: 189

يُطيق الصومَ: يُفطر ويُطعم مدًّا أيضًا.

وتأوّل القاضي هذا على أنها تخاف على ولدها مع خوفها على نفسها، فإن خافت على نفسها فقط فلا فدية، ولذلك قيَّد الخِرَقيّ

(1)

وغيرُه أن تخاف على جنينها، فكأنها تارة تخاف على ولدها فقط، وتارة تخاف على نفسها وعلى ولدها.

وهذا الذي قاله ليس بجيد؛ لأن أحمدَ فرَّق بين خوفها على نفسها وخوفها على ولدها، ولأنها إذا خافت على نفسها وولدها لم يجب عليها الفدية في قياس قول مَنْ لا يوجبها بالخوف على النفس.

كما

(2)

لو أفطرَتْ وهي حامل مريضة أو وهي حامل مسافرة، فإنها تفطر للمرض والسفر ولا كفّارة عليها؛ لأنه قد وُجد سببٌ يُبيح الفطرَ من غير كفّارة.

وهذا الذي قاله أحمد يجمع قولَ ابن عمر وابن عباس؛ لأنه أطلق الخوفَ، وجعلها من الذين يُطيقونه، فكأنّ إيجاب الفدية لأجل طاقتها في الحال لا لأجل ولدها، وابن عمر ذكر خوفَها على ولدها، ولأن خوفها على نفسها بسبب الحمل؛ فإن المسألة إنما هي إذا كان

(3)

كذلك، أما لو خافت من الفطر لأمرٍ آخر غير الحمل، بأن تكون مريضة؛ فإنه لا كفّارة عليها البتة، وإذا كان بسبب الحمل لم تكن مثل المريض الذي خوفه من جهة نفسه، فإنه

(1)

«المختصر» (ص 50).

(2)

مطموسة في ق، وقرأها في المطبوع:«ولو» .

(3)

المطبوع: «كانت» .

ص: 190

إذا كان وجودُ الحمل يمنعُها الصومَ، والحملُ في الأصل باختيارها؛ صارت كأنها ممتنعةً عن الصوم باختيارها، فناسبَ ذلك وجوبَ الفدية، وصارت من وجهٍ [غير]

(1)

قادرةً على دفع الحمل فلا تصوم.

ويحتمل أن أحمد قال ذلك لأنها إذا خافت على نفسها فإنه تخاف على جنينها؛ لأن الحامل إذا مرضت خيف على الجنين، وقد تخاف على جنينها من غير خوف على نفسها

(2)

.

فعلى هذا يكون قول مَن أطلق الحامل إذا خافت على جنينها صحيح، كالخِرَقي وابن أبي موسى

(3)

، وأحمد رضي الله عنه فصَّلَ الخوف؛ لأنها تارة تخاف على جنينها فقط، وتارة تخاف على نفسها فتخاف على جنينها.

وأما قول من قال: إذا خافت على نفسها فلا فديةَ عليها، فهو مخالف لنصّ أحمدَ ولأقوال السلف.

قال مسلم بن يسار: «أدركتُ أهلَ المدينة وهم يخيّرون المرضعَ والحامل في شهرها الذي تخاف على نفسها يفطران ويطعمان كلّ يوم مسكينًا»

(4)

.

وقال سعيد بن المسيّب في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} : «وهو الكبير الذي كان يصوم فيعجز، والمرأة الحُبْلى التي

(1)

زيادة لازمة يستقيم بها السياق.

(2)

هنا في س إشارة إلى وجود بياض.

(3)

ينظر «المختصر» (ص 50)، و «الإرشاد» (ص 148).

(4)

لم أقف عليه.

ص: 191

يعسُر عليها [ق 39] الصيامُ؛ فعليهما

(1)

إطعام مسكين كلّ يوم حتى ينقضي شهرُ رمضان»

(2)

رواهن سعيد.

الفصل الثاني: في المرضع

وهي كالحامل وأولى منها بوجوب الفدية؛ لأنها إنما

(3)

ترضعُ الطفلَ باختيارها في الجملة، بخلاف الحامل فإنها لا تستطيع مفارقةَ الجنين، وحكمها حكم الحامل في جميع أمورها كما تقدم، فإنها تخاف على ولدها إذا صامت بتغير اللبن أو نقصه، وقد تخاف على نفسها إذا صامت وأرضعَتْه بأن يُضْعِفها إرضاعُه.

ووجوبُ الفدية هنا إذا خافت على نفسها ظاهر؛ فإنها قادرةٌ على الصوم، وإنما إرضاعُها الذي يُضْعِفها، وهو فِعْلٌ لها.

ومَن استباح المحظورات بفعله وجبت عليه الكفّارة وإن كان جائزًا. ولهذا تجب الكفّارة بالحِنث في اليمين إذا فَعَله وإن كان واجبًا، ولو فُعِل به لم يكن عليه كفّارة

(4)

، وكذلك محظورات الإحرام، والفرق بينها وبين المسافر

(5)

.

(1)

في النسختين: «فعليها» والتصويب من المصادر.

(2)

أخرجه سعيد بن منصور (263 - تفسير) ــ ومن طريقه البيهقي: (4/ 271) ــ، والطبري:(3/ 171).

(3)

سقطت من المطبوع.

(4)

المطبوع: «الكفّارة» خلاف النسختين.

(5)

كذا في النسختين وفي الكلام نقص، وختمها في س بحرف هـ.

ص: 192

ثم لا يخلو إما أن تكون والدةً أو ظئرًا بأجرة أو غيرها.

فأما الأم فقال

(1)

إن قبل غيرها

(2)

، وقدرت أن تَسْتأجر له، أو كان له مال تَستأجر منه، فلتفعل ذلك ولتصم، وإلا جاز لها الفطر.

وهذا فيما إذا كان الخوف على نفسها، أما إذا خيف عليه

(3)

وأما الظئر التي ترضعُ ولدَ غيرِها بأْجْرة أو بدونها، فذكر ابن عقيل: أنها تستبيح الإفطارَ كاستباحته لولدها، لأنه أكثر ما فيه أنه نوعُ ضررٍ لأجل المشاقّ، فهو كالمسافر في المضاربة يستبيحُ بسفره ما يستبيح بالسّفَر لنفسه. وطردُه العملُ في الصنائع الشاقّة إذا بلغت منه الجهد.

والكفّارة في حال [المشقة]

(4)

التي تُبيح في حقّ نفسه أباحت في حقّ غيره، وإن لم تبلغ المشقّةُ إلى حدّ إباحة الإفطار، لم يُبَح في حقّه ولا في حقّ غيره.

ومَن لم يمكنه إنجاءُ شخصٍ من الهَلَكَة إلا بالفطر، مثل أن يكون غريقًا أو يريد أحدٌ أن يقاتله

(5)

(1)

بياض في النسختين. والظاهر أن الساقط هو «جدّي (أو: صاحب المحرّر)» ؛ لأن الكلام له كما ذكر ابن مفلح في «الفروع» : (4/ 474).

(2)

أي: إن قبل ولدُ المرضعة غيرَها، كما في الفروع الموضع السالف.

(3)

بياض في النسختين.

(4)

زيادة يستقيم بها السياق.

(5)

بياض في النسختين. وفي «الفروع» : (4/ 448): «ومَن وجد آدميًّا معصومًا في مَهلكة، كغريق ونحوه، ففي فتاوى ابن الزاغوني: يلزمه إنقاذه ولو أفطر، و [سيأتي] أن بعضَهم ذكر في وجوبه وجهين» ، وانظر:«القواعد» : (1/ 210) لابن رجب.

ص: 193