المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي) - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرخص في صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي)

وفي الأخرى: عليه مع الكفارة قضاء يوم. نصّ عليه في رواية أبي طالب، وهو

(1)

‌مسألة

(2)

: (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

.

الأصل في ذلك: ما رُوي عن نُبَيْشَة الهذليّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْر الله تعالى» . رواه الجماعة

(3)

إلا البخاري والترمذي

(4)

.

وروى كعبُ بن مالك أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعثَه وأوسَ بن الحَدَثان أيام التشريق، فناديا:«أنه لا يدخل الجنةَ إلا مؤمن، وأ يَّامُ منى أيام أكْلٍ وشُرْب» رواه مسلم

(5)

.

وعن أبي مُرَّة مولى أم هانئ: أنه دخل مع عبد الله بن عَمْرو على أبيه عَمرو بن العاص، فقرَّبَ إليهما طعامًا، فقال: كُل. قال: إني صائم. فقال عَمرو: كُل، فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهى

(6)

عن صيامها.

(1)

بياض في النسختين.

(2)

ينظر «المستوعب» : (1/ 426)، و «المغني»:(4/ 425 - 426)، و «الفروع»:(5/ 109 - 110)، و «الإنصاف»:(7/ 543 - 544).

(3)

س زيادة: «أحمد» ولا معنى لها.

(4)

أخرجه أحمد (20722)، ومسلم (1141)، وأبو داود (2813)، والنسائي (4230)، وابن ماجه (3160).

(5)

(1142).

(6)

ق: «ونهى» .

ص: 527

قال مالك: وهي أيام التشريق. رواه مالك [ق 98] في «الموطأ» وأبو داود

(1)

.

وعن عَمرو

(2)

بن سليم، عن أمه قالت

(3)

: بينما نحن بمنى، إذا عليُّ بن أبي طالب يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ هذه

(4)

أيام أكْلٍ وشُرب، فلا يصومها أحدٌ» رواه أحمد والنسائي

(5)

.

وعن رجلٍ من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: أمر رسولُ الله

(6)

صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن حُذافة السهمي أن يركب راحلةً أيام منى، فيصيح في الناس:«لا يصومنَّ أحدٌ؛ فإنها أيام أكْلٍ وشُرْب» رواه أحمد

(7)

.

وعن عبد الله بن حُذَافة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق: أنها أيام أكل وشرب» . رواه النسائي والإسماعيلي في «صحيحه»

(8)

.

(1)

أخرجه مالك (137)، وأبو داود (2418). وأخرجه ابن خزيمة (2149)، والحاكم:(1/ 434)، وسنده صحيح، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود - الأم»:(7/ 177).

(2)

في النسختين: «عمر» ، والتصويب من مصادر الحديث.

(3)

ق: «عن أبيه قال» ، خطأ.

(4)

في المطبوع زيادة: «الأيام» .

(5)

أخرجه أحمد (567)، والنسائي في «الكبرى» (2902). وإسناده صحيح.

(6)

في المطبوع: «النبي» خلاف النّسَخ.

(7)

(21950). وهو من رواية الزهري، عن مسعود بن الحكم، وقد قال النسائي في «الكبرى» (2894):«الزهري لم يسمع من مسعود بن الحكم» . وقد اختلف في هذا الحديث على الزهري. ينظر «السنن الكبرى» (2893 - 2898)، و «علل الحديث» لابن أبي حاتم (681)، و «علل الدارقطني»:(9/ 175).

(8)

أخرجه النسائي في «الكبرى» (2889). وفي سنده سليمان بن يسار، لم يسمع من عبد الله بن حذافة. ينظر «جامع التحصيل» (ص 190). وقد اختلف فيه على سليمان، كما بينه النسائي في الكبرى (2888 - 2892).

ص: 528

واحتجَّ به أحمد، قال في رواية المرُّوذي: أيام التشريق قد نُهي عن صيامها.

ويُروى عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن حُذَافة:«أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق: إنها أيام أَكْلٍ وشُرْب» .

فصل

وأما المتمتّع إذا لم يجد الهَدْيَ، ولم يصم الأيام الثلاثة قبل يوم النحر، فهل يصوم أيام التشريق؟ على روايتين:

إحداهما: يجب عليه صومها، وهي

(1)

اختيار الشيخ؛ لِما رُوي عن ابن عمر وعائشة قالا: «لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهَدْي» . رواه البخاري

(2)

.

وفي رواية عن ابن عمر قال: «الصيام لمن تمتَّع بالعمرة إلى الحجِّ إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هديًا ولم يَصُم، صام أيام منى»

(3)

.

وعن عائشة مثله. رواه البخاري

(4)

.

والثانية: لا يصومها. قال ابن أبي موسى

(5)

: وهي أظهرهما لعموم النهي،

(1)

س: «وهو» .

(2)

(1997).

(3)

أخرجه البخاري (1999).

(4)

(1999).

(5)

في «الإرشاد» (ص 149). وفي هامش النسختين ما نصه: «لم يذكر ابنُ أبي موسى الخلاف إلا في المتمتع العادم للهدي» .

ص: 529

ولأنها أيام النهي

(1)

، فلم تُصَم عن واجب ولا غيره، كيومي العيدين.

وذكر الخِرَقيُّ

(2)

والقاضي وأصحابُه وغيرهم الروايتين في صومها عن جميع الواجبات من النذر والقضاء والكفَّارات

(3)

، كفَّارات الأيمان ونحوها، وكفَّارات الحجِّ، كالمتمتِّع إذا لم يجد الهدي

(4)

.

فصل

(5)

ويُكره صوم

(6)

يوم الشكِّ في حال الصحو. روايةً واحدةً.

واختلف أصحابنا هل هي كراهة تنزيه أو تحريم، على وجهين:

أحدهما: أنها كراهة تحريم. قاله ابن البنّاء وغيره.

والثاني: كراهة تنزيه، وهو ظاهر قول القاضي.

وكذلك الإمساك في نهاره، وسواءٌ صامه عن رمضان أو صامه تطوُّعًا أو أطلق النية، إلا أن يوافق عادةً، مثل إن كانت عادته صوم يوم الاثنين نذرًا

(7)

،

(1)

سقطت من س.

(2)

«المختصر» (ص 51).

(3)

س: «الكفارة» .

(4)

بياض في النسختين.

(5)

ينظر «المغني» : (4/ 326)، و «الفروع»:(5/ 106 - 107)، و «الإنصاف»:(7/ 533 - 534). وقد صنَّف علماء الحنابلة في المسألة مصنفات مفردة، كابن الجوزي وابن عبد الهادي وابن القيم ومرعي الكرمي وغيرهم، وكلها مطبوعة عدا رسالة ابن القيم.

(6)

سقطت من س.

(7)

كتب فوقها في س: كذا. وفي ق كتب فوق قوله «سرد الصوم .. » : «كذا قال القاضي» .

ص: 530

قال القاضي: أو كان يَسْرد

(1)

الصوم، فلا يكره له.

فإن صام عن قضاء أو نذر أو كفارة فقال القاضي وابن البناء: لا يُكره، كما لو وافق عادةً، مثل ما قلنا في الجمعة، وكذلك يوم الإغمام إذا قلنا: لا يُصام من رمضان. ذكره ابن الجوزي

(2)

.

وقال بعض:

(3)

يكره صومه عن فرضٍ غيرِ رمضان الحاضر، ويحرم عن رمضان أو عن تطوُّع لم يوافق عادة.

وقال أبو حكيم: لا يجوز صوم يوم الشكِّ تطوُّعًا، ولا عن فرض.

(4)

قال في رواية الأثرم إذا لم يكن علة، قال: يصبح عازمًا على الفطر.

وقال في روايته: ليس ينبغي أن يصبح صائمًا إذا لم يَحُل دون منظر الهلال شيء من سحاب ولا غيره.

وقال في رواية المرُّوذي، وقد سُئل عن نَهْي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الشك؟ فقال: هذا إذا كان صحوًا لم يصم، فأما إن كان في السماء غيم، صام.

(1)

في النسختين: «سرد» ولعله ما أثبت.

(2)

في «درء الضيم» (ص 58، 116)، و «التحقيق»:(2/ 68).

(3)

بعده بياض في النسختين.

(4)

بعده بياض في س. وأبو حكيم هو: إبراهيم بن دينار النهرواني الرزّاز، من أئمة الحنابلة، له شرح للهداية (ت 556). ترجمته في «السير»:(20/ 396)، و «ذيل طبقات الحنابلة»:(2/ 82 - 87).

ص: 531

ونقل عنه أبو داود

(1)

الشكُّ على ضربين: فالذي لا يُصام إذا لم يَحُل دون منظره سحاب ولا قَتَر، والذي يُصام إذا حال دون منظره سحاب أو قَتَر.

وأما إذا وافقَ عادةً، فأخَذَه أصحابنا مِنْ كراهة إفراد الجمعة.

فعلى هذا، لو نذر صومَ السنةِ كلِّها، دخل فيه يوم الشكّ.

وقال ابن عقيل: لا يدخل فيه يوم الشك، كالأيام الخمسة.

وهذا يقتضي المنعَ منه منفردًا

(2)

أو مجموعًا؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشكِّ مطلقًا، ونهى عن استقبال رمضان بيوم أو يومين إلا أن يوافق عادةً

(3)

.

وقد روى أحمدُ بإسناده عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:«لو صُمت السَّنَةَ كلَّها لأفطرت اليوم الذي يُشكّ فيه»

(4)

.

والشكُّ إذا تقاعد الناسُ، أو تشاغلوا عن رؤية الهلال، أو شهد برؤيته فاسق، فأما مع عدم ذلك، فهو من شعبان، قاله في «الخلاف»

(5)

.

وابن عقيل وأبو حكيم قالا

(6)

: لا يكون شكًّا مع الصحو، إلا إن

(1)

«المسائل» (ص 127).

(2)

س: «مفردا» .

(3)

أخرجه البخاري (1914)، ومسلم (1082) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسيأتي نصه.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (9584)، والبيهقي:(4/ 209) وغيرهما بإسناد حسن.

(5)

لعله يقصد القاضي أبا يعلى في كتابه «التعليقة الكبيرة» .

(6)

ق: «قال» .

ص: 532

شهد

(1)

برؤيته فاسق، فتُرَدّ شهادتُه، فيوقع في قلوب الناس شكًّا

(2)

، أو يتتارَك الناسُ رؤيةَ الهلال، فيصبحون ولا يعلمون هل هو من رمضان أو شعبان.

وإذا

(3)

كانت السماءُ مُطَبّقة بالغيم بحيث لا يجوز رؤية الهلال، وقلنا: لا يُصام، فهو يوم شكٍّ على ظاهر كلامه.

وذكر في «المجرَّد» : أنه شكٌّ أيضًا؛ لجواز أن يجيءَ الخبرُ بالرؤية من مكان آخر.

وقال ابن الجوزي

(4)

: إذا كانت السماءُ

(5)

مصحيةً، فشعبان موجودٌ حقيقة وحُكمًا، ولم يوجد شكٌّ ولا شبهة.

وإن تراءاه الناس فلم يروه؛ فقال ابن الجوزي: لم يُسمِّ أحدٌ ذاك يومَ شكّ. فعلى هذا يجوز صومه تطوُّعًا.

والصواب أنه يوم شكٍّ؛ لإمكان الرؤية في [ق 99] مكان آخر.

وقال أبو محمد

(6)

: ليس لهم صيام آخر يوم من شعبان مع الصحو بحال، إلا أن يوافق عادةً، أو يكون صائمًا قبله أيامًا.

(7)

(1)

س: «يشهد» .

(2)

بعده في س كتب في النص: «مع الصحو إلا أن يشهد» ثم كتب فوقها حـ

إلى. والظاهر تكرار وانتقال نظر.

(3)

ق: «وإن» .

(4)

في «درء اللوم والضيم» (ص 74).

(5)

سقطت من س.

(6)

هو ابن قدامة في «المغني» : (4/ 327).

(7)

بعده بياض في النسختين.

ص: 533

فصل

(1)

ويُكره استقبال رمضان باليوم واليومين؛ لِما رُوِي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتقدَمنَّ أحدُكم

(2)

رمضانَ بصوم يومٍ أو يومين، إلا أن يكون رجلٌ كان يصومُ صومًا فليصُمْه» رواه الجماعة

(3)

.

فأما حديث عِمْران ومعاوية

(4)

فأما استقباله بالثلاثة، فالمشهور في المذهب أنه لا بأس به.

وقال بعض أصحابنا: لا

(5)

يستحبُّ الصوم بعد منتصف شعبان إلا لمن قد صام قبله؛ لِما روى العلاءُ بن عبد الرحمن

(6)

، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصفُ مِن شعبان، فأمْسِكوا عن الصوم حتى يكون رمضان» رواه الخمسة

(7)

، وقال الترمذي: حديث حسن. وقال

(1)

ينظر «المغني» : (4/ 326 - 327)، و «الفروع»:(5/ 96 - 98)، و «الإنصاف»:(7/ 541).

(2)

س: «لا تقدموا» .

(3)

أخرجه وأحمد (7200)، والبخاري (1914)، ومسلم (1082)، وأبو داود (2335)، والترمذي (684)، والنسائي (2172)، وابن ماجه (1650). وتقدمت الإشارة إليه.

(4)

بياض في النسختين.

(5)

تكررت في س.

(6)

لفظة «الرحمن» سقطت من س.

(7)

أخرجه أحمد (9707)، وأبو داود (2337)، والترمذي (738)، والنسائي في «الكبرى» (2923)، وابن ماجه (1651). وصححه الترمذي، وابن حبان (3589)، والحاكم وابن حزم وابن عبد البر وابن عساكر والألباني في «صحيح أبي داود -الأم»:(7/ 101). لكن ضعَّفه جمع من الأئمة ووصفوه بالنكارة منهم أحمد وابن مهدي وأبو زُرعة وابن معين والنسائي وغيرهم. ينظر «لطائف المعارف فيما في مواسم العام من الوظائف» (ص 151) لابن رجب.

ص: 534

النسائي: لا نعلم أحدًا

(1)

روى هذا الحديث غير العلاء.

وقد أجاب أحمدُ عن هذا الحديث؛ قال حرب: سمعتُ أحمدَ يقول في الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان النصفُ من شعبان، فلا صوم إلى رمضان» قال: هذا حديث منكر. قال: وسمعت أحمدَ يقول: لم يحدِّث ــ يعني: العلاء ــ حديثًا أنكر من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا كان النصف من شعبان، فلا صوم إلى رمضان» ، وأنكر أحمد هذا الحديث، وقال: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدِّث بهذا الحديث عن سُهيل، ورواية محمد بن يحيى الكحَّال هذا الحديثَ ليس بمحفوظ، والمحفوظُ الذي يُرْوى عن أبي سلمة، عن أم سلمة

(2)

: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان ورمضان.

واعتمد في رواية عبد الله

(3)

على حديث أبي هريرة المتقدِّم: «لا تقدَّموا رمضانَ بصوم يومٍ ولا يومين» ، فإن مفهوم هذا الحديث يُجَوِّز التقدُّمَ بالثلاثة.

(1)

سقطت من س.

(2)

«عن أم سلمة» سقطت من ق.

(3)

لم أجده في الرواية المطبوعة.

ص: 535

ولأنه إنما كره التقدّم خشية

(1)

أن يُزادَ في الشهر ويُلْحَق به ما ليس منه، وهذا أكثر ما يقع في اليوم واليومين، فأما الثلاثة، فلا يقع فيها لبس. والله أعلم.

فأما صيام اليوم واليومين قبل رمضان قضاءً أو نذرًا أو كفارة

(2)

فصل

(3)

ويُكره إفراد يوم الجمعة بالصوم؛ لِما روى محمد بن عَبّاد بن جعفر قال: سألتُ جابرَ بن عبد الله: «أَنَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم» . متفق عليه

(4)

.

وفي رواية للبخاري

(5)

: «أن ينفرد بصومه

(6)

».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «لا تصوموا يومَ الجمعة، إلا وقبلَه يوم أو بعده يوم

(7)

» رواه الجماعة إلا النسائي

(8)

.

(1)

سقطت من س.

(2)

بياض في النسختين. وينظر ما سبق قريبًا.

(3)

ينظر «المستوعب» : (1/ 402 - 403)، و «المغني»:(4/ 426 - 428)، و «الفروع»:(5/ 37 - 40)، و «الإنصاف»:(7/ 437 - 440).

(4)

أخرجه البخاري (1984)، ومسلم (1143).

(5)

(1984).

(6)

س: «تفرد بصوم» .

(7)

سقط من س.

(8)

أخرجه أحمد (8025)، والبخاري (1985)، ومسلم (1144)، وأبو داود (2420)، والترمذي (743)، وابن ماجه (1723).

ص: 536

وفي رواية لمسلم

(1)

: «لا تختصُّوا ليلةَ الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصّوا يومَ الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدُكم» .

وفي رواية لأحمد

(2)

: «يومُ الجمعة يومُ عيدٍ، ولا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده» .

وقد تقدَّم عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل على جُويرية يوم جمعة

(3)

وهي صائمة، فقال لها:«أصُمْتِ أمس؟» قالت: لا. قال: «تصومين

(4)

غدًا» قالت: لا. قال: «فأفْطِري» .

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يومَ الجمعة وحدَه» رواه أحمد

(5)

.

واحتجَّ به في رواية حنبل، فقال: عن

(6)

عكرمة، عن ابن عباس قال

(7)

: قال

(1)

(1144/ 148).

(2)

(8025).

(3)

س: «الجمعة» .

(4)

س: «أتصومين» .

(5)

(2615). وفي إسناده الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، ضعّفه الأئمة، وقال أحمد: له أشياء منكرة. ترجمته في «تهذيب التهذيب» : (2/ 342)، وينظر «مجمع الزوائد»:(3/ 199). وقد روي معنى الحديث عن عدة من الصحابة بأسانيد صحيحة.

(6)

«عن» من س.

(7)

سقطت من المطبوع.

ص: 537

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يومَ الجمعةِ وحدَه» . قال أبو عبد الله: ولا أحبُّ لرجل أن

(1)

يتعمّد صيامه، فإن وافق نذرًا صامه؛ لأن هذا أسهل من العيدين، ولا يخصّه رجل بصيام.

فأما يوم الفطر ويوم النحر فهما مخصوصان بالنهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص في صومهما، وقد استثنى في يوم الجمعة، فقال:«إلا رجل كان يصوم صومًا فليصُمْه» .

فأما إن لم يقصده بعينه، بل صام قبله يومًا أو بعده يومًا، أو كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، فإنه يصوم يومَ الجمعة دون ما قبله وما بعده، لكن في جُمْلةِ أيام. أو أراد أن يصومَ يومَ عرفة أو يوم

(2)

عاشوراء، فكان يوم جمعة، ونحو ذلك= لم يكره، فإن النهي إنما هو عن تعمّده بعينه، كما قال في رواية حنبل.

وقال في رواية الأثرم، وقد سُئل عن صيام يوم الجمعة، فذكر حديثَ النهي أن يُفْرَد، ثم قال: إلا أن يكون في صيامٍ كان يصومه، فأما أن يُفْرَد فلا. فقيل له: فإن كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، فوقع فطره يوم الخميس وصومه يوم الجمعة وفطره يوم

(3)

السبت، فصام الجمعةَ مُفْردًا؟ فقال: هذا الآن لم يتعمّد صومَه خاصة، وإنما كُرِه أن يتعمّد، وهذا لم يتعمّد.

(1)

سقطت من س.

(2)

ليست في س.

(3)

«يوم» الأولى سقطت من المطبوع، والثانية ليست في س.

ص: 538

وقال أيضًا في رواية [ابن] إبراهيم

(1)

، وقد سأله عن صوم يوم

(2)

الجمعة، وهو يوم عرفة، ولا يتقدَّمه بيوم ولا يومين؟ فقال: لا يبالي، إنما أراد يوم عرفة، وإنما نُهِي عن صوم عرفة بعرفات.

وهذا لما تقدَّم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أَذِنَ في صومه إذا صام قبله أو بعده. ولأنه جعل أفضل الصيام صيام داود، ومعلومٌ أن من صام يومًا وأفطر يومًا، صام يوم الجمعة، وكذلك مَن صام يومين وأفطر يومًا، أو من صام يومًا وأفطر يومين.

وقد تقدَّم عن ابن مسعود رضي الله عنه: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قلّما كان يُفطِر يوم الجمعة

(3)

». لأنه كان يصوم الخميس فَيَصِلُه بالجمعة.

[ق 100] ولا يُكْرَه صومه وحدَه عن فرضٍ من قضاءٍ أو نذرٍ ونحو ذلك. قاله القاضي.

فأما صومه

(4)

بعينه، فينبغي أن يكون مكروهًا

(5)

فإن صام معه

(6)

يومًا من أيام الأسبوع، لا يليه، مثل الاثنين والأحد ونحو ذلك

(7)

(1)

«مسائل ابن هانئ» (ص 135).

(2)

ليست في ق.

(3)

س: «فإنما» ولفظ «الجمعة» سقطت منها.

(4)

س: «نذر صومه» .

(5)

بياض في النسختين.

(6)

ليست في س.

(7)

بياض في النسختين.

ص: 539

فصل

(1)

ويُكره إفراد يوم السبت بالصيام عند أكثر

(2)

أصحابنا.

قال الأثرم: قال أبو عبد الله: أما صيام يوم السبت ينفرد به، فقد جاء فيه حديث الصمَّاء، وكان يحيى بن سعيد يتقيه، وأبى أن يحدِّثني به، وسمعتُه من أبي عاصم.

وقال في رواية الأثرم، وقد سأله عن صيام يوم السبت بغير فرض؟ فقال: قد جاء فيه الحديث: «لا تصوموا يومَ السبت إلا فيما افْتُرِض عليكم» .

وعنه ما يدلّ على أنه لا يكره؛ قال في رواية الأثرم: قد جاء في صيام يوم السبت ذاك الحديثُ مفرد، حديث الصمَّاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يحيى يتَّقيه.

وهذا يدلّ على توقفه عن الأخذ به؛ لأن ظاهر الحديث خلاف الإجماع.

ولذلك قال الأثرم في «مختلف الحديث»

(3)

: جاء هذا الحديث ثم خالفَتْه الأحاديثُ كلُّها، وذكر الأحاديثَ في صوم المحرَّمِ وشعبان، وفيهما السبت، والأحاديث في إتباع رمضان بستٍّ من شوال، وقد يكون فيها السبت، وأشياء كثيرة توافق هذه الأحاديث.

(1)

ينظر «المستوعب» : (1/ 402 - 403)، و «المغني»:(4/ 428 - 429)، و «الفروع»:(5/ 37 - 40)، و «الإنصاف»:(7/ 437 - 440). وينظر «الاقتضاء» : (2/ 570) للمؤلف.

(2)

«يوم» و «أكثر» سقطت من س.

(3)

هو بنصّه في «الناسخ والمنسوخ» (ص 198 - 199).

ص: 540

وقد رُوي عن السلف أنهم أنكروه؛ فروى أبو داود عن ابن شهاب: أنه كان إذا ذُكر له أنه نُهِي عن صيام يوم السبت، يقول ابن شهاب: هذا حديث حمصيّ.

وعن الأوزاعي، قال: ما زلتُ له كاتمًا حتى رأيته انتشر ــ يعني: حديث ابن بسر

(1)

في صوم يوم السبت ــ. قال أبو داود: قال مالك: هذا كذب

(2)

. وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ.

ووجه الأول: ما روى ثورُ بن يزيد، عن خالد بن مَعْدان، عن عبد الله بن بُسْر السُّلَمي، عن أخته الصمّاء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرِض عليكم، وإن لم يجد أحدُكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة (وفي لفظ: إلا عودَ عنب أو لحاء شجرة) فَلْيَمُصّه

(3)

» رواه الخمسة

(4)

، وقال الترمذي: حديث حسن.

(1)

تصحف في س إلى «بشر» .

(2)

ق: «كذاب» .

(3)

ق: «إلا لحاء عنب أو عود شجرة» وهو تكرار للفظ السالف، وفي س:«فليمضغه» وقد جاءت به الرواية.

(4)

أخرجه أحمد (27075)، وأبو داود (2421)، والترمذي (744)، والنسائي في «الكبرى» (2775)، وابن ماجه (1726). وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة (2163)، والحاكم:(1/ 434) والنووي والألباني في «صحيح أبي داود - الأم» : (7/ 179). وقد أعلَّ هذا الحديث وأنكره جماعةٌ من الأئمة، وقال الحافظ في «البلوغ» (ص 179):«رجاله ثقات إلا أنه مضطرب» . ينظر تفصيله في: «البدر المنير» : (5/ 759 - 763)، «حكم صوم يوم السبت في غير الفريضة» للدكتور سعد آل حميد (ص 24 - 31).

ص: 541

وقد رواه أحمد والنسائي من وجوه أخرى عن خالد، عن

(1)

عبد الله بن بُسْر

(2)

.

ورواه أيضًا عن الصمَّاء، عن عائشة

(3)

. وإسناده إسناد جيد.

وقول أبي داود: «هو منسوخ» ، يدلّ على جودة إسناده.

ورواه أحمد من حديث ابن لهيعة

(4)

، قال: ثنا

(5)

موسى بن وردان، عن عبيد الأعرج قال: حدثتني جَدّتي

(6)

أنها دخلَتْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السبت وهو يتغدَّى، فقال:«تعالَي فكُلِي» . فقالت: إني صائمة، فقال لها:«أصُمْتِ أمس؟» قالت: لا. قال: «كلي؛ فإن صيام يوم السبت لا لَكِ ولا عليكِ» .

وإنما حُمِل على الإفراد؛ لأن في حديث جُويرية وغيره: «أصُمْتِ أمس؟» . قالت: لا. قال: «أفتصومين غدًا؟» قالت: لا.

فعُلِمَ أن صومه مع الجمعة لا بأس به.

وكذلك إذنه في صوم يوم وفِطره يوم

(7)

مطلقًا، وصوم يومين وفطر

(1)

س: «وعن» .

(2)

أخرجه أحمد (17686)، والنسائي في «الكبرى» (2772، 2774).

(3)

(2784).

(4)

(27076). وسنده ضعيف، من أجل حال ابن لهيعة. وينظر «الميزان»:(2/ 475).

(5)

س: «حديث لهيعة قثنا» .

(6)

ق: «حدثني جدي وهي الصماء» .

(7)

ق: «في فطر يوم وصوم يوم» .

ص: 542

يوم، وصوم يوم وفطر يومين

(1)

، وصوم أيام البِيض، مع العلم بأن هذا لابدَّ فيه من صوم يوم السبت كغيره

(2)

من الأيام

(3)

ولأنه يومُ عيدٍ لأهل الكتاب يعظّمونه

(4)

، فقصده بالصوم دون غيره يكون تعظيمًا له، فكُرِه ذلك؛ كما كُره إفراد عاشوراء بالتعظيم لمَّا عظَّمه أهلُ الكتاب، وإفراد رجب أيضًا لمّا عظمه المشركون، مع أن يوم عاشوراء

فإن قيل: إنما يعظمونه بالفطر، ثم هذا منتَقِضٌ بيوم الأحد

وعلَّله ابنُ عقيل بأنه يوم يمسك فيه اليهودَ، ويخصّونه بالإمساك، وهو ترك العمل فيه، والصائم في مظنة ترك العمل، فصار صومه تشبُّهًا

(5)

بهم.

وعن كُريب: أنه سمع أمَّ سَلَمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول:«إنهما يوما عيدٍ للمشركين، فأنا أحبُّ أن أخالفهم» رواه أحمد والنسائي

(6)

.

(1)

س: «وفطر يومين وصوم يوم» .

(2)

س: «كصوم غيره» .

(3)

بياض في النسختين. وكذا ما سيأتي في مواضع النقاط في الفقرات الثلاث الآتية.

(4)

«يعظمونه» من س.

(5)

ق: «تشبيها» .

(6)

أخرجه أحمد (26750)، والنسائي في «الكبرى» (2789). وابن خزيمة (2167)، والحاكم:(1/ 436) وصحح إسناده، وذكر ابن القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام»:(4/ 267) أن في إسناده محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وابنه عبد الله، وهما مجهولا الحال، ومع ذلك فقد حسّنه.

ص: 543