الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة
، لكن يستحبّ له
(1)
تركُه إذا شكّ في طلوع الفجر. قاله كثير من أصحابنا.
قال أصحابنا: فإن شكّ في الفجر فالاحتياط أن لا يأكل. فإن أكل ولم يتيقّن طلوعَه فصومُه صحيح، وإن غلب على ظنه طلوعُه لم يَجُز الأكلُ، فإن أكَلَ قضى؛ لأنّ غالب الظن في المواقيت كاليقين.
وأما الجماع
(2)
فيُكره مع الشكِّ. قال أحمد في رواية ابن القاسم: الجماع في السَّحَر لا يستحبّ تأخيره
(3)
في الوقت ليس هو
(4)
مثل الأكل، الأكل أخف وأيسر، وأخاف عليه من الجماع لا يسلم.
وقال في رواية أبي داود
(5)
: إذا شكّ في الفجر يأكل حتى يستيقن
(6)
طلوعَه.
قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
(1)
من س.
(2)
بعده في س زيادة: «فلا يستحب تأخيره» ، والظاهر أن مكانها في السطر التالي في رواية ابن القاسم بعد قوله:«في السحر» .
(3)
بعده بياض في النسختين بقدر كلمة.
(4)
من ق، وفي المطبوع:«في وقت» .
(5)
(ص 134).
(6)
س: «يتيقن» .
وقال في رواية يوسف بن موسى: تأخير السَّحُور حتى يعترض الفجرُ، فإذا كان بالطول
(1)
ناحية القبلة، فذلك هو الكاذب، وإذا كان هكذا وأبعد
(2)
ومدَّ يده باعًا
(3)
، فذلك هو الصادق.
وقال في رواية حنبل وقد ذكَر حديثَ عديّ بن حاتم: ولكن بياض النهار [ق 82] وسواد الليل.
قال أبو عبد الله: إذا طلع، فهو
(4)
وقت لا يأكل ولا يشرب، فجعل الله عز وجل الفجرَ عَلَمًا وفَصْلًا بين الليل والنهار.
فقد نصّ على أنه إذا طلعَ الفجرُ
(5)
الصادق حَرُمَ الأكلُ والشرب.
ونصّ في رواية حرب والأثرم وغيرهما: أنه إذا تبين أنه أكل بعد طلوع الفجر، أفطر. وهذا هو المذهب.
وقال في رواية عبد الله
(6)
: عن سواد بن حنظلة، عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يمْنَعَنّكم مِن السّحور أذانُ بلال، ولا الصبح [المستطيل، ولكن الفجر]
(7)
المستطير في الأفق»
(8)
.
(1)
المطبوع: «الطول» .
(2)
غير محررة في النسختين، ورسمها «وأنعس» غير منقوطة.
(3)
في النسختين: «باع» ، والوجه ما أثبت.
(4)
بياض في ق، والمثبت من س.
(5)
س: «البياض» .
(6)
ليس في المطبوع منها.
(7)
ما بين المعكوفين زيادة لازمة يستقيم بها السياق، وكتب في س فوق «المستطير»:«كذا» استشكالًا لها، وبالزيادة يزول الاشكال.
(8)
تقدم تخريجه.
وقال: عن قيس بن طَلْق بن عليّ
(1)
، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ليس الفجر الأبيض المعترض ولكنه الأحمر»
(2)
.
وهذا يدلّ على جواز الأكل إلى ظهور الحُمرة، وقد جاءت أحاديث
(3)
تدلّ على مثل ذلك، كما روت
(4)
عائشةُ وابنُ عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن لكم
(5)
ابنُ أمِّ مكتوم» متفق عليه
(6)
.
وفي رواية لأحمد والبخاري
(7)
: «فإنه لا يؤذِّن حتى يطلع الفجر» . قال ابن شهاب: وكان ابنُ أمّ مكتوم رجلًا أعمى لا ينادي حتى يُقال له
(8)
: أصبحتَ أصبحتَ.
فقد أجاز الأكلَ إلى حين يؤذِّن ابنُ أمّ مكتوم، مع قوله:«إنه لا يؤذّن حتى يطلُعَ الفجرُ» . ومعلومٌ أنّ مَن أكل إلى
(9)
حين تأذينه فقد أكَلَ
(10)
بعد
(1)
س: «قيس بن سعد» ثم كتب فوقها «طلق» .
(2)
أخرجه أحمد (39/ 461 - الملحق)، وأبو داود (2348)، والترمذي (705). قال الترمذي:«حسن غريب من هذا الوجه» . وإسناده لا بأس به، وقد حسنه الألباني في «الصحيحة»:(5/ 51).
(3)
المطبوع: «الأحاديث» .
(4)
«ذلك» سقطت من ق والمطبوع، وفي س:«كما روي عن .. » .
(5)
ليست في س.
(6)
أخرجه البخاري (622)، ومسلم (1092).
(7)
أخرجه أحمد (26431)، والبخاري (2656).
(8)
ليست في س.
(9)
سقطت من المطبوع.
(10)
س: «يأكل» .
طلوع الفجر؛ لأنه لابدّ أن يتأخّر تأذينُه عن طلوع الفجر ولو لحظة.
وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمع أحدُكم النداءَ، والإناءُ على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجتَه منه
(1)
» رواه أبو داود
(2)
بإسناد جيد. ومعلومٌ أنه أراد النداء الثاني الذي أخبر أنه بعد طلوع الفجر.
وعن قيس بن طَلْق، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا، ولا يَهيدَنّكم الساطعُ المُصْعِد، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر» رواه أبو داود والترمذي
(3)
وقال: «حسن غريب من هذا الوجه» ، وقد اعتمده أحمد.
وعن حذيفة قال: كان بلال يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يتسحّر، وإني لأُبْصِر مواقعَ نبلي
(4)
. قلت: أبعد الصبح؟ قال: «بعد الصبح إلا أنها لم تطلع الشمس» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح
(5)
.
(1)
من س.
(2)
(2350). وأخرجه أحمد (10629)، والحاكم:(1/ 320) وصححه على شرط مسلم، وقواه المؤلف، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود -الأم»:(7/ 115). لكن ضعَّفه أبو حاتم الرازي وأعلّه بالوقف. «العلل» : (340).
(3)
تقدم تخريجه قريبًا.
(4)
س: «النبل» .
(5)
أخرجه أحمد (23361)، والنسائي (2152)، وابن ماجه (1695) من طرق عن عاصم بن بهدلة، عن زِرّ، عن حذيفة به مرفوعًا. قال النسائي:«لا نعلم أحدًا رفعه غير عاصم» ، وقال الجوزجاني في «الأباطيل والمناكير»:(2/ 133): «حديث منكر» . وقد خالف عاصمًا عديُّ بن ثابت فرواه عن زرّ، عن حذيفة موقوفًا. أخرجه النسائي في «الكبرى» (2474)، والجوزجاني:(2/ 106) وقال: حديث حسن.
وعن حكيم بن جابر قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحَّر، فقال: الصلاة. فذهب ثم رجع، فقال: الصلاة. ثم ذهب ثم رجع، فقال
(1)
: يا رسول الله، لقد أصبحنا. فقال:«يرحمُ الله بلالًا، لولا بلال لرجونا أن يُرَخَّص لنا إلى طلوع الشمس» رواه سعيد وأبو داود في «مراسيله»
(2)
.
وعن مسروق قال: لم يكونوا يعدونَ الفجرَ فجرَكم، إنما كانوا
(3)
يعدّون الفجرَ الذي يملأ البيوتَ والطرقَ
(4)
.
وعن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن حذيفة قال:«خرجت معه في رمضان إلى الكوفة، فلما طلع الفجر قال: هل كان أحدٌ منكم آكلًا أو شاربًا؟ قلنا: أما رجل يريد الصوم، فلا. فقال: لكني. ثم سِرْنا، حتى إذا استبطأتُه بالصلاة، فقال: هل كان منكم أحدٌ آكلًا أو شاربًا؟ قلنا: أما رجل يريد الصوم، فلا. قال: لكني، فنزل فتسحّرَ ثم صلى»
(5)
.
وعن حبّان
(6)
بن الحارث قال: «أتيت عليًّا وهو مُعَسكِر بدير أبي
(1)
العبارة في س «فقال الصلاة، ثم ذهب فرجع، فقال الصلاة
…
» وفيها نقص.
(2)
رقم (98). وهو ضعيف لإرساله.
(3)
سقطت من المطبوع.
(4)
لم أجده عن مسروق، وإنما رواه ابن أبي شيبة (9168)، والطبري (3/ 252) عن أبي الضُّحى مُسلم بن صُبيح، وهو كثير الرواية عن مسروق.
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (9030)، والطبري (3/ 254) بنحوه.
(6)
س: «حيان» تصحيف.
موسى، فوجدته يَطْعَم، فقال: ادْنُ فاطْعَم. قال: قلت: إني أريد الصيام. قال: وأنا أريد الصيام. قال: فطعِمْتُ معه، فلما فرغ
(1)
قال: ابنَ التياح، أقم الصلاة»
(2)
.
والصحيح الأول، وأنه إذا حلّت
(3)
الصلاةُ حَرُم الطعامُ؛ لأن الله تعالى قال: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} .
فمنه أدلة:
أحدها: قوله: {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}
(4)
، ولو كان المراد به
(5)
انتشار الضوء لقيل: الخيط الأحمر، فإن الضوء إذا انتشر ظهرت الحمرة.
الثاني: أن الخيط الأبيض يتبيّن من
(6)
الأسود بنفس طلوع الفجر، فينتهي وقت جواز الأكل والشرب حينئذ.
الثالث: تسميته لبياض النهار وسواد الليل بالخيط الأبيض والخيط الأسود دليلٌ على أنّه أول البياض الذي يبين
(7)
في السواد مع لُطْفه ودِقّته،
(1)
س: «فرغنا» .
(2)
أخرجه الشافعي في «الأم» : (8/ 397)، وعبد الرزاق (7609)، وابن أبي شيبة، (9023) بنحوه.
(3)
وفي المطبوع: «دخلت» وهو مخالف للأصول.
(4)
من قوله {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ
…
}» إلى هنا سقط من س.
(5)
ليست في س.
(6)
ق: «منه» .
(7)
س: «يتبين» .
فإن الخيط يكون مُستدِقًّا.
الرابع: قوله: {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} دليل على أنه يتميّز أحدُ الخيطين من الآخر، وإذا انتشر الضوء لم يبقَ هناك خيطٌ
(1)
أسود.
وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعديّ: «إنما هو بياض النهار وسواد
(2)
الليل»، فعلم أنه أول ما يبدو البياضُ الصادق يدخل النهار، كما أنه أول ما يُقبِل من المشرق السوادُ يدخل الليل.
وأيضًا فإنهم كانوا أولًا يربط أحدُهم في رجليه خيطًا أبيض وخيطًا أسود، فنزل قوله:{مِنَ الْفَجْرِ} لرفع هذا التوهّم.
ثم إن عديًّا رضي الله عنه جعل تحت وسادته عقالين أبيض وأسود، فقال
(3)
النبي صلى الله عليه وسلم: «إن وِسادَك لعريض» ، وهو كناية عن عَرْض القَفا الذي يُكنى به عن قلة الفهم.
وفي رواية
(4)
: أنه قال له: «يا ابنَ حاتم، ألم أقُلْ لك: مِن الفجر، إنما هو بياض النهار مِن سواد الليل» .
فهذا نصٌّ مِن النبي صلى الله عليه وسلم أن الانتظار إلى أن يتبيّن مواقع النَّبْل وينتشر الضوء حتى يتبين العقال الأبيض من الأسود غير جائز، وأن [ق 83] بعض
(1)
ق: «خط» . وفي آخر الفقرة بياض في س.
(2)
س: «من سواد» وهو لفظ الرواية الآتية.
(3)
س: «فقال له» .
(4)
أخرجه أحمد (19375). وسنده ضعيف، فيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف. ينظر «إتحاف الخيرة المهرة»:(3/ 60).
المسلمين كان قد غَلِط أولًا في فهم قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ثم نزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} ، وغلط بعضُهم في فهمها بعد ذلك.
وأيضًا قوله: «ولكن يقول هكذا» وفرّق بين السبابتين. وقوله: «لا يمنعنّكم
(1)
مِن سُحُوركم أذانُ بلالٍ ولا الفجرُ المستطيل، ولكن الفجر المستطير
(2)
في الأفق».
وفي لفظ
(3)
: «نداءُ بلال وهذا البياض حتى ينفجر (أو: يطلع) الفجر» : دليل على أنه متى ظهر البياض المعترض المنتشر
(4)
الذي به ينفجرُ الفجرُ فقد حَرُم الطعام.
وقد بيَّن ذلك قولُه: «وأما الذي يأخذ الأفق، فهو [الذي]
(5)
يُحَلّ الصلاةَ ويُحَرِّم الطعامَ»
(6)
فبيّن أن الذي به تحلّ الصلاةُ به
(7)
يحْرُم الطعامُ.
وأما حديث حذيفة ومسروق ففيهما ما يدلّ على أن عامّة المسلمين كانوا على خلاف ذلك.
(1)
س: «يمنعكم» .
(2)
المطبوع: «المستطيل» خلاف النسخ.
(3)
أخرجه أحمد (20079)، ومسلم (1094).
(4)
س: «الذي ينتشر» .
(5)
زيادة من المصادر.
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
من س.
والحديث المرفوع يحتمل شيئين
(1)
:
أحدهما: أن تلك الليلة كانت مقمرة، فكان يُبصر مواقعَ النّبْل لضوء القمر
(2)
، فاعتقد أنه من ضوء النهار، وهذا يشتبه كثيرًا في الليالي التي يُقمِر آخرُها، وتقدّم ذِكْر أحمد نحو هذا.
قال حرب: سألته، قلت: رجل يأكل بعد طلوع الفجر في رمضان وهو لا يعلم؟ قال: يعيد يومًا مكانه. قلت: فالأحاديث التي رُويَت في هذا، وذكرتُ له حديثَ حذيفة؟ قال: إنه ليس في الحديث أن الفجر كان قد طلع.
الثاني: أن يكون هذا منسوخًا، وكان هذا في الوقت الذي كان رجالٌ يربط أحدُهم في رجليه خيطًا أبيض وخيطًا أسود، ولا يزال يأكل حتى يتبيّن له رؤيتهما، حتى نزل قوله:{مِنَ الْفَجْرِ} ، ويكون هذا كان الواجب عليهم كما فهموه من الآية، ثم نُسِخ ذلك بقوله:{مِنَ الْفَجْرِ} .
وكذلك قوله في الحديث المرسل: «لولا بلالٌ لرجونا أن يُرَخَّص لنا إلى طلوع الشمس» دليلٌ على أن التحديد بالفجر لم يكن مشروعًا إذ ذاك.
وأما حديث: «فكلوا واشربوا حتى ينادي ابنُ أمِّ مكتوم»
(3)
، وقوله:«إذا سمع أحدُكم النداءَ والإناءُ على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجتَه»
(4)
، فقد قال أحمد في الرجل يتسحّر فيسمع الأذان. قال: يأكل حتى يطلع الفجر.
(1)
المطبوع: «أحد شيئين» .
(2)
ق: «الفجر» ، خطأ.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدم تخريجه.
فهو دليل على أنه لا يجب
(1)
إمساكُ جزءٍ من الليل، وأن الغايةَ في قوله:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} داخلةٌ في المُغَيَّا بخلافها في قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، ولهذا جاءت هذه بحرف
(2)
(حتى)، ولا ريب أن الغاية المحدودة بـ (حتى) تدخل فيما قبلها، بخلاف الغاية المحدودة بـ (إلى).
قال أحمد في رواية الميموني في رجل أخَذَ في سحوره، ثم نظر إلى الفجر: فإن كان قد أكل بعد طلوعه فعليه القضاء، وإن لم يعلم أنه أكل بعد طلوع الفجر فليس عليه شيء.
قال القاضي: وظاهر هذا مِن
(3)
كلامه أن الأكل إذا اتصل إلى عند طلوع الفجر، لم يضرّه ولم يؤثّر في النية.
لكن الذي ذكر القاضي في «خلافه» وغيرُه من أصحابنا: أنه يجب الإمساك قبل طلوع الفجر، لأنّ ما لا يتمّ الواجبُ إلا به فهو واجب، ولا يتمّ صومُ جميع النهار إلا بصوم آخرِ جزءٍ من الليل، ولهذا وَجَب عليه غسل جزء من الرأس ليستوعبَ الوجهَ، وغَسْل رأس العَضُد ليستوعبَ
(4)
المِرْفَق.
وأما إذا شكّ في طلوع الفجر، فيجوز له الأكل؛ لقوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
(1)
المطبوع: «يستحب» .
(2)
ق: «بحروف» .
(3)
س: «في» .
(4)
المطبوع: «يستوعب» في الموضعين، خلاف النسخ.
الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ
(1)
…
}، والشاكّ لم يتبيّن له شيء، ولحديث
(2)
ابن أم مكتوم وأبي هريرة، وقد تقدم عن ابن عباس قوله:«إذا تسحّرت فقلت: إني أرى ذلك الصبح، فكُلْ واشْرَب. وإن قلت: إني أظن ذلك الصبح، فكُلْ واشْرَب، وإذا تبيّن لك فدع الطعام»
(3)
.
وعن أبي الضُّحَى قال: جاء رجلٌ
(4)
إلى ابن عباس، فسأله عن السُّحُور، فقال رجلٌ من جلسائه: كُلْ
(5)
حتى تشكّ. فقال ابن عباس: إن هذا لا يقول شيئًا، كُلْ ما شككَتَ حتى لا تشكّ
(6)
.
وفي رواية
(7)
: قال رجل لابن عباس: إني أتسحّر فإذا شككتُ أمسكتُ، فقال ابنُ عباس: كلُ ما شككتَ حتى لا تشكّ
(8)
.
وعن عطاء قال: قال ابن عباس لرجل: «طلع الفجر؟» قال: لا. فقال لآخر: «طلع الفجر؟» قال: نعم. قال: «اختلفتما، اسقني»
(9)
رواهما سعيد.
(1)
من س.
(2)
س: «لحديث» .
(3)
تقدم تخريج هذه الآثار.
(4)
سقطت من المطبوع.
(5)
سقطت من المطبوع.
(6)
أخرجه عبد الرزاق (7368)، وابن أبي شيبة (9150، 9160)، والبيهقي:(4/ 221) من طريقين عن أبي الضّحى بنحوه.
(7)
رواها الإمام أحمد في «العلل» (2243) وأعلّها بالانقطاع، ولكن الأثر ثابت بالطرق المتقدمة.
(8)
هذه الرواية من س وحدها، وليست في المطبوع.
(9)
أخرجه ابن أبي شيبة (9156) من طريق طلحة بن عمرو المكي عن عطاء به، وطلحة متروك الحديث. وأصحّ منه ما روى عبد الرزاق (7366) من طريق عكرمة عن ابن عباس بنحوه، وكذا ابن قتيبة في «غريب الحديث»:(1/ 176) من طريق حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس بنحوه.
وقد روي نحوه عن ابن عمر أيضًا عند ابن أبي شيبة (9153) بإسناد لا بأس به.