الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: أن ذلك فَضْلة محضة، فليس هو من قيام
(1)
البدن الذي يُخاف أن يورث ضعفًا.
الثاني
(2)
: أن خروجه أمرٌ طبيعيّ لا يمكن الاحتراز منه، وما كان من هذا الباب لا يُفطّر، كذَرْع القيء والاحتلام وأولى.
وهذا معنًى حسن، وقد نبَّه عليه بعضُ الآثار المتقدِّمة، لكن لا يتمّ هذا إلا بذكر فرع المسألة.
فصل
(3)
ويفطِر بالحجامة في جميع البدن
. نصّ عليه. مثل أن يحتجم في يده أو ساقه أو عَضِده أو رأسه أو قفاه.
وإن شرَط بالمِشْرط ولم يخرج دمٌ
(4)
أفطر على ما ذكره ابن عقيل، فإنه قال: الحجامة نفس الشّرْط، يتعلق الإفطار على الاسم، فعلى هذا الإفطارُ
(5)
يسبقُ الدمَ.
وإن ركّبَ المحاجمَ
…
(6)
، كما لو بلَّ المحرمُ رأسَه قبل التحلُّل ثم
(1)
. س: «فليست من .. » ، وفي المطبوع:«من قياس» !
(2)
. س: «والثاني» .
(3)
ينظر «الفروع» : (5/ 7 - 8)، و «الإنصاف»:(7/ 421 - 422).
(4)
. في المطبوع: «الدم» ، خلاف النسختين.
(5)
. س: «الفطر» .
(6)
. بياض في النسختين. ولعل تمامه: «قبل الإفطار ثم شرط بعده، لم يفطر» . ويؤيده قوله في الصفحة التالية: «يجوز أن توضع المحاجم على العضو
…
».
حلَقَه
(1)
بعده.
وعلى ما ذكره القاضي: لا يفطِّر. وهو أصح؛ لأن الحجامة هي الامتصاص أيضًا. يقال: «ما حجَمَ الصبيُّ ثديَ أمّه» ، أي: ما مصّه. والحِجَام: ما يُجعل في خَطْم البعير لئلا يعَضّ، يقال: حجمتُ البعيرَ
(2)
أحجمه: إذا جعلت على فِيهِ حِجامًا. فالقارورة تحجم الدمَ عن أن يسيل
(3)
.
وأيضًا فإن الشرط أخص
…
(4)
فإن شرَطَ وأخرج الدمَ من غير مِحْجمة يُمتصّ بها، مثل الشّرْط في الأذن؛ فقياس المذهب الفِطْر بها؛ لأن وضع المِحْجمة على العضو لا أثر له في الفطر
(5)
.
ولهذا يجوز أن توضع المحاجمُ على العضو ويُليَّن قبل غروب الشمس، ثم يقع الشرط بعد غروبها. قال أصحابنا: لأن التليين وتركيب المحاجم مقدّمات.
وأما الفِصاد
(6)
، وجرح العضو باختياره، وبطّ الدمامل ونحو ذلك، فقال أكثر أصحابنا منهم القاضي وابن عقيل: لا يفطر؛ لأنه لا نصّ فيه، ولا يمكن إثبات الحكم فيه قياسًا، لجواز أن يكون في الحجامة معنى يختصّه،
(1)
. س: «حلق» .
(2)
. بعده في ق والمطبوع: «أو» خطأ.
(3)
. ينظر «الصحاح» : (5/ 1894).
(4)
. بياض في س.
(5)
. س: «وضع الحجمة
…
في العضو».
(6)
ينظر «الفروع» : (5/ 8)، و «الإنصاف»:(7/ 422 - 423).
ولأن الدمَ منه ما يخرجُ بنفسه، وهو دمُ الحيض والاستحاضة والنِّفاس، ومنه ما يخرج بالإخراج.
ثم الأول يفطّر بعضُه دون بعض، فيجوز أن يكون الثاني كذلك، وهو لا يبطل القياس المتقدّم؛ لأن التعليل للنوع والجواز، فلا ينتقض بأعيان المسائل
…
(1)
وقيل: يفطّر الفِصاد، وهذا أقْيَس
…
وأما الجرح والاسترعاف، فلا يكاد العاقل يفعله بنفسه، فيحتمل
…
وأما بطّ الدماميل والقروح، فتلك دماءٌ هي
(2)
فضلات لا يُضْعِف خروجُها.
وأما الحاجم: فظاهر قول الخِرَقي
(3)
هو ظاهر القياس فيه، فإن ما ذكرنا من المعنى مفقود فيه، لكن المذهب أنه يُفطِر، كما هو منصوص في الحديث؛ فإن الدلالة على فطرهما دلالة واحدة، ويلوح فيه
(4)
أشياء:
أحدها: أن الحجامةَ لمّا لم تُمكِن إلا من اثنين، جاز أن يجعل الشرع فعلَ أحدهما الذي لا يتمّ فِطْرُ الآخر إلا به فِطرًا، وأن يجعل تفطير الصائم فطرًا؛ كما قيل في الجماع، وهذا بخلاف الإطعام والإسقاء، فإن ذلك يمكن
(1)
. بياض في النسختين في هذا الموضع والموضعين بعده. وينظر «المسوّدة» (ص 416) لآل تيمية.
(2)
. سقطت من المطبوع.
(3)
. «المختصر» (ص 49).
(4)
. س: «فيها» .
أن يكون من واحد، فليس فعل الآخر شرطًا في وجوده.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن فطَّر صائمًا فله مثلُ أجره مِن غير أن ينقصَ مِن أجره شيء»
(1)
. فإذا كان المُعِيْنُ له
(2)
على صومه بِعَشائه بمنزلةِ الصائم، جاز أن يكون المُفسِد لصومه بمنزلة المُفطِر.
وكذلك قوله: «مَن جهَّزَ غازيًا فقد غزا، ومَن خَلَفه في أهلِه بخيرٍ فقد غزا»
(3)
. وضدّ ذلك مَن صدَّ عن سبيل الله بالتثبيط
(4)
عن الجهاد؛ فإنه بمنزلة المحارب لله ولرسوله. كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَن حالت شفاعتُه دون حدّ مِن حدود الله، فقد ضادَّ اللهَ في أمره»
(5)
.
وخصّ الحاجمَ بهذا من بين المُطعم
(6)
والمُسقي، فإنه لو امتنع عن
(1)
. أخرجه أحمد (17033، 21676)، والترمذي (807)، والنسائي في «الكبرى» (3317، 3318)، وابن ماجه (1746)، وابن خزيمة (2064)، وابن حبان (3429) من حديث عطاء، عن زيد بن خالد الجهني به. قال الترمذي: حسن صحيح. لكنه منقطع، عطاء بن أبي رباح لم يسمع من زيد بن خالد، ينظر «تحفة التحصيل» (ص 349). وله شواهد يتقوى بها.
(2)
. ليست في ق.
(3)
. أخرجه البخاري (2843)، ومسلم (1895) من حديث زيد بن خالد الجهني.
(4)
. س: «بالثبط» .
(5)
. أخرجه أحمد (5385)، وأبو داود (3597)، والحاكم:(2/ 27)، والبيهقي:(6/ 82) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. قال الحاكم: صحيح الإسناد، وجوّد إسناده الرباعيُّ في «فتح الغفار»:(3/ 1655)، وصححه الألباني في «الإرواء»:(7/ 349).
(6)
. ق: «الطاعم» .
حَجْمه لم يفطر، بخلاف المُطعم والمُسقي فإن أكْلَ ذلك وشربَه غير منوط بفعل غيره. نعم يُشبه هذا ما لو مكنّت المرأةُ زوجَها مِن أن يطأها دون الفرج، فأنزل هو ولم تنزل هي. وطَرْد هذا: أن مَن حجَم مَن ليس بصائم لا يفطر، وهذا الوجه ليس [ق 71] بذاك.
ومنها: أنّ الحاجمَ إذا امتصّ المِحْجَم بعد شَرْط
(1)
العضو، جاز أن يسبق شيءٌ من الدم إلى حلقه ولا يشعرُ به، والحكمةُ إذا كانت
(2)
خفيّةً أُقيمت المظنّةُ الظاهرةُ مُقامها، كالنوم مع الحَدَث. ولهذا لو امتصّ المِحْجَم
(3)
عند وضعه قبل الشرط لم يُفطر، كما جاء في الحديث: «أنه كان وضَعَ
(4)
المحاجمَ قبل الغروب، ثم شَرَط بعد الغروب»
(5)
…
(6)
فعلى هذا، لو شَرَط بدون مصّ مثل ما شَرَط الأُذُن، وقلنا: يُفطِر المشروط، فإن الشارِط هنا لا يُفطِر، وكذلك الفاصِد.
ومنها: أن الحجامة في الأصل لما كانت إخراجَ دمٍ، وهي من الصناعات الرديئة، ولهذا كُرِه كسبها.
(1)
. س: «شرطه» .
(2)
. سقطت من س.
(3)
. المطبوع: «الحجم» تصحيف.
(4)
. س: «يضع» .
(5)
. تقدم تخريجه.
(6)
. بياض في النسختين.