الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
الاعتكاف
مسألة
(1)
: (وهو لزوم المسجد
(2)
لطاعةِ الله فيه)
.
جِماع معنى الاعتكاف: الاحتباس
(3)
والوقوف والمقام.
يقال: عَكَفَ على الشيء يعكُف ويعكِف عُكوفًا، وربما قيل: عَكْفًا: إذا أقبل عليه مواظبًا. ومنه قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138]. وقوله سبحانه ــ حكاية عن إبراهيم عليه السلام ــ: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52]، وقوله أيضًا: {قَالُوا
(4)
نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} [الشعراء: 71]. فعدَّاه باللام؛ لأن المعنى: أنتم لها عابدون ولها قانتون.
ومرَّ عليٌّ رضي الله عنه بقوم يلعبون بالشِّطْرَنج، فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟!
(5)
.
(1)
ينظر «المستوعب» : (1/ 428)، و «المغني»:(4/ 455)، و «الفروع»:(5/ 132 - 133)، و «الإنصاف»:(7/ 560).
(2)
ق: «مسجد» .
(3)
ق والمطبوع: «والاحتباس» خطأ.
(4)
ليست في س.
(5)
رواه ابن أبي شيبة (26682)، وأحمد ــ كما في «منتخب علل الخلال» (41) و «الأمر بالمعروف» له (ص 79) ــ ومن طريقه الضياء في «المختارة»:(2/ 361)، من رواية ميسرة بن حبيب النهدي، عن علي. وميسرة لم يدرك عليًّا، كما نصّ عليه أحمد. وله طرق أخرى لا تخلو من مقال. ينظر «إرواء الغليل» (2672).
ويقال: فلانٌ عاكف على فرجٍ حرام. وعكفوا
(1)
حولَ الشيء: استداروا.
وقال الطِّرِمّاح
(2)
:
فَبَاتَ بَنَاتُ اللَّيْلِ حَوْليَ عُكَّفًا
…
عُكُوفَ البَواكِي بَيْنَهُنَّ صَرِيعُ
ثم صار هذا في لسان الشرع عند الإطلاق مختصًّا بالعكوف لله وعليه في بيته، كما قال تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، وقال تعالى: {أَنْ طَهِّرَا
(3)
بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]، وقال في موضع آخر:{لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ} [الحج: 26].
ولم يذكر العكوفَ لِمَن، وعلى مَن؛ لأن عكوف المؤمن لا يكون إلا لله.
ويُسْتَعمل متعدِّيًا أيضًا، فيقال: عكَفَه يعكُفُه ويعكِفُه عَكْفًا: إذا حبسه ووقفه، كما قال تعالى:{وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: 25]، ويقال: ما عكفَكَ عن كذا؟ أي: ما حبسك عنه. وعَكَّفَ الجوهرَ في النظم
(4)
.
(1)
المطبوع: «وعكف» .
(2)
ديوانه (ص 184). والرواية فيه: «فباتت .. » ، وفي بعض المصادر:«فظلّ بنات الليل» .
(3)
في النسختين: «وطهرا» خطأ، والآية (أن طهرا). وسيتكرر الخطأ فيما سيأتي.
(4)
يقال: عكَفَ الجوهرُ في النظم إذا استدار فيه، وشرحها الحميري بقوله:«عكَّفَ الجوهرَ: إذا نظمه في السلك» . يُنظر «الصحاح» : (4/ 1406)، و «شمس العلوم»:(7/ 4702).
والتاء في الاعتكاف تفيد ضَرْبًا من المعالجة والمزاولة لأن فيه كُلْفة، كما يقال: لَسَتَ والْتَسَتَ
(1)
، وعَمِل واعْتَمل، وقَطَع واقْتَطَع.
وربما حسب بعضهم أنه مُطَاوِع عَكَفَه فاعْتَكف، كما يقال: انعكف عليه، وهو ضعيف.
ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا مَن يحبُّه ويعظِّمه، كما كان المشركون يَعْكُفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكُف أهلُ الشهوات على شهواتهم= شَرَع الله سبحانه لأهل الإيمان أن يَعْكُفوا على ربهم سبحانه وتعالى.
وأخصُّ البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوتُه المبنيةُ لذلك، فلذلك كان الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله فيه.
ولو قيل: لعبادة الله فيه لكان
(2)
أحسن؛ فإن الطاعةَ موافقةُ الأمر، وهذا يكون بما هو في الأصل عبادة كالصلاة، وبما هو في الأصل غير عبادة، وإنما يصير عبادةً بالنية، كالمباحات كلّها؛ بخلاف العبادة فإنها التذلُّل للإله سبحانه وتعالى.
وأيضًا، فإن ما لم يُؤمَر به من العبادات، بل رُغّب فيه: هو عبادة، وإن لم يكن طاعة لعدم [ق 107] الأمر.
ويسمى أيضًا: الجِوار والمجاورة. قالت عائشةُ: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصغي
(1)
في المطبوع: «لست وألست» !
(2)
ق: «كان» .