الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو داود
(1)
: قلت لأحمد: تعرف في فضل الاعتكاف شيئًا؟ قال: لا، إلا شيئًا ضعيفًا. وكذلك نقل أبو طالب.
قيل: فَرْقد السبخي رجلٌ صالح، قد كتب الناسُ أحاديثَه، وأحاديث الترغيب والترهيب يُتسامح في أسانيدها، كما قال أحمد: إذا جاء الترغيب والترهيب سهَّلنا، وإذا جاء الحلالُ والحرامُ شدّدْنا.
(2)
وقول أحمد: «إلا شيئًا ضعيفًا» : إشارة إلى أن إسناده ليس قويًّا، وهذا القَدْر قدرٌ
(3)
لا يمنع الاحتجاج به في الأحكام، فكيف في الفضائل
(4)
؟!
وقد روى إسحاق بن راهويه، عن أبي الدرداء، قال: «من اعتكف ليلةً كان له كأجر عُمْرة، ومَن اعتكف ليلتين كان له كأجر عمرتين
…
»
(5)
ثم ذكر على قدر ذلك.
الفصل الثاني
أنه ليس بواجب في الشرع
(6)
، بل يجب بالنذر
، وهذا إجماع.
(1)
المسائل (ص 137).
(2)
أخرجه الحاكم في «المدخل إلى الإكليل» (ص 62)، والخطيب في «الكفاية» (ص 133).
وفي هامش النسختين تعليق نصه: «قال القاضي: فظاهر هذه الأخبار الواردة في فضل الاعتكاف غير مقطوع على صحتها» .
(3)
ليست في س.
(4)
س: «بالفضائل» .
(5)
لم أقف عليه.
(6)
س: «بالشرع» . والأثر لم نقف عليه.
قال ابن المنذر
(1)
: أجمعَ أهلُ العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا، إلا أن يوجبَ المرءُ على نفسه الاعتكافَ نذرًا، فيجب عليه.
وهذا لأن الله لم يوجبه ولا رسوله، وكان أكثر الناس لا يعتكفون على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يأمرهم به. بل قال لهم لما اعتكف العشرَ الأوسط:«إني أُتِيتُ، فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحبَّ منكم أن يعتكف فليعتكف»
(2)
.
وَتَرك الاعتكافَ مرّةً وهو مقيم، ثم قضاه في شوَّال
(3)
.
وأما وجوبه بالنذر فلِما رَوَتْ عائشةُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن نَذَر أن يطيع الله فليُطِعْه، ومَن نَذَر أن يعصيَ الله فلا يعْصِه»
(4)
.
وعن عمر أنه قال: «يا رسول الله، إني نذرتُ أن أعتكفَ ليلةً في المسجد الحرام. فقال: «أوفِ بنذْرِك» »
(5)
متفق عليهما.
قال أبو بكر: ويستحبُّ أن لا يدعَ أحدٌ الاعتكافَ في العشر
(6)
الأواخر من شهر رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليه، وقضاه لمَّا فاتَه، وكلّ ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من السنن المؤكَّدة، كقيام الليل ونحوه.
(1)
الإجماع (ص 50)
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
أخرجه البخاري (6696، 6700). وليس في مسلم.
(5)
البخاري (2032، 2043، 6697)، ومسلم (1656).
(6)
س: «اعتكاف العشر» .
وإذا شرع في الاعتكاف ينوي مدَّةً من الزمان، لم يلزم بالشروع عند أصحابنا.
ولو قطَعَه مُدّةً لم يلزمه
(1)
قضاؤه؛ لأنَّ مِن أصلنا المشهور: أنه لا يلزم بالشروع إلا الإحرام، لكن يستحبُّ له إتمامه
(2)
، وأن يقضيه إذا قطعه.
وكذلك أيضًا لو كان له وِرْدٌ من الاعتكاف، ففاته، استُحِبَّ له قضاؤه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان لما ضَرَب أزواجُه الأخبيةَ، ثم قضاه من شوَّال، ولم يأمر أزواجَه بالقضاء؛ لأنه لم يكن من عادتهنَّ، وإنما عزَمْنَ عليه ذلك العام، ولأن قضاءَه غيرُ واجب، ولأنهنّ لم يكنّ شرعْنَ فيه، وهو صلى الله عليه وسلم كان قد شَرَع فيه؛ لأن المسجد كله موضع للاعتكاف، وهو [ق 108] قد دخل المسجد حين صلى بالناس، فالظاهر أنه نوى الاعتكافَ مِن حينئذ؛ لأنه لم يكن في نيته الخروج منه بعد ذلك.
وعن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر
(3)
الأواخر من رمضان، فلم يعتكف عامًا، فلما كان من
(4)
العام المقبل، اعتكف عشرين ليلة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه
(5)
.
(1)
(2)
ق: «تمامه» .
(3)
المطبوع: «من العشر» بخلاف النسخ.
(4)
سقطت من المطبوع.
(5)
أخرجه أحمد (21277)، وأبو داود (2463)، وابن ماجه (1770)، وابن خزيمة (2225)، وابن حبان (3663)، وسنده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والألباني في «صحيح أبي داود - الأم»:(7/ 225).
وفي لفظ: «سافر عامًا فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين»
(1)
.
وعن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان
(2)
، فلم يعتكف عامًا، فلما كان في العام المقبل، اعتكف عشرين» رواه الترمذي
(3)
وقال: حديث حسن صحيح غريب.
ورواه أحمد
(4)
(5)
.
ويتخرَّج أن يَلْزَم بالشروع قياسًا على الرواية التي في الصوم والصلاة، لكن قد يُفَرَّق
…
(6)
فإن قيل: إذا كان له الخروج منه، ثم له أن يدخل فيه متى شاء، فما معنى قولهم: يحرم على المعتكف كذا، ويجب عليه كذا؟!
قيل: له فوائد:
إحداها
(7)
: أن المحرَّمات في الاعتكاف من المباشرة والخروج من
(1)
هذه الفقرة من س. وهذا اللفظ لابن حبان.
(2)
س: «كان سول الله
…
في العشر» وسقطت «رمضان» من العبارة.
(3)
(803). وأخرجه ابن خزيمة (2227)، وابن حبان (3662)، والحاكم:(1/ 438)، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال البغوي في «شرح السنة»:(6/ 395): صحيح غريب، وصححه الألباني في «الصحيحة»:(3/ 399).
(4)
(12017). وسنده كسابقه.
(5)
بعده بياض في س.
(6)
بياض في النسختين.
(7)
س: «أحدها» .
المسجد لغير حاجة، إنما
(1)
له أن يفعلها إذا نوى تركَ الاعتكاف، فيكون قد فعَلَه على وجه الترك للاعتكاف، فلا يكون حين فعله معتكفًا
(2)
.
أما أن يستديم نية الاعتكاف ويفعل ذلك، فلا يحلّ له ذلك، بل يكون قد اتخذ آيات الله هُزوًا، ويكون بمنزلة الحائض إذا أمسكت تعتقد الصومَ صحيحًا
(3)
، وبمنزلة من
(4)
لو تكلَّم أو أحْدَث في الصلاة أو أكل في الصوم= مع بقاء اعتقاد الصلاة.
وهذا لأن العبادة التي ليست واجبة، إذا أراد أن يفعلها، فإنه يجب أن يفعلها على الوجه المشروع، وليس له أن يُخلَّ بأركانها وشروطها، وإن كان له تركها بالكلّية، ولو لم يستدم
(5)
النيةَ ذكرًا ولا نوى الخروج منه
(6)
.
الثانية: أنه إذا فعل ما ينافيه من خروج ومباشرة، انقطع الاعتكافُ، فلو أراد أن يعود إليه كان اعتكافًا ثانيًا، يحتاج إلى تجديد نية، ولا يكفيه استصحاب حكم النية الأولى، حتى إنّا إذا لم نجوِّز الاعتكاف أقلّ من يوم
(7)
فاعتكف بعضَ يوم، ثم قطَعَه ثم أراد أن يتمَّه باقي اليوم، لم يصح ذلك، كما لو أصبح صائمًا فأكل، ثم أراد أن يتمّ الصوم.
(1)
ق والمطبوع: «وإنما» ولا يستقيم الكلام بها.
(2)
س: «معتكفا حين فعله» .
(3)
سقطت من ق.
(4)
ق: «ما» .
(5)
س: «يستديم» .
(6)
سقطت من س. ولم تتحرر العبارة كما ينبغي.
(7)
«من يوم» سقطت من س.
الثالثة: أنه إذا نذر الاعتكافَ معيَّنًا أو مطلقًا، صارت هذه الأمور واجبةً عليه، وحَرُم عليه ما ينافي الاعتكاف بكلّ حال، كما لو نذر صومًا معينًا أو مطلقًا، أو صلاةً مؤقتةً أو مطلقة.
وإن لم ينو مدّةً، لكن قال
(1)
: أقْعُدُ ما بدا لي، أو إلى أن يكون كذا
…
(2)
وإذا أبطلَ الاعتكافَ لم يبطل ما مضى منه. قاله بعض أصحابنا. وكذلك قال القاضي في التطوُّع، وهذا ينبني على أقلّ الاعتكاف
…
(3)
فصل
ولا يصحُّ الاعتكافُ إلا من مسلم عاقل؛ لأن الكافر والمجنون ليسا من أهل العبادة.
فأما الصبي
…
(4)
فصل
قال أصحابنا: ليس للرقيق ــ قِنًّا كان أو مُدَبّرًا أو أمَّ وَلَد ــ الاعتكاف بغير إذن السيد، ولا للزوجة الاعتكاف بدون إذن الزوج؛ لأن منافع العبد والزوجة مستحقَّةٌ للسيد والزوج، وفي الاعتكاف تعطيل منافعهم عليه، فإن أذن له في الاعتكاف، اعتكف ما شاء، ولم يخرج إلى الجمعة؛ لأنها غير واجبة على أحدٍ منهم.
(1)
ق: «حال» تصحيف.
(2)
بياض في س.
(3)
بياض في النسختين.
(4)
بياض في النسختين.
فإن أراد السيد أو الزوج مَنْع مَن أذن له بعد الدخول فيه، فله ذلك؛ لأنه تطوُّعٌ والخروجُ منه جائز، هكذا قال أصحابنا.
ويتخرَّج على قولنا: إن التطوُّع يَلْزَم بالشروع: أنه ليس له
(1)
أن يُخرجهما منه
…
(2)
فإن كان نذرًا وقد دخل فيه بإذنه، لم يكن له أن يُخْرجَه منه، كما لو أذن له في الإحرام والصيام الواجب، سواء كان معينًا أو مطلقًا
…
(3)
وإن دخل في النَّذْر بغير إذنه، وهو قد كان نَذَره بإذنه وهو معيَّن، لم يملك منعه
(4)
، وإن كان نذره بإذنه
(5)
وهو غير معيَّن، ففيه وجهان.
وإن لم يأذن في النذر، فقيل: له منعه منه وقَطْعه عليه؛ لأنه لا يملك تفويت حقِّه. وقيل:
…
(6)
وأما المُكاتَب فله أن يعتكف بدون إذن سيده؛ لأنه لا يستحقّ منافِعَه، كما له أن يحجّ في المنصوص عنه إذا لم يَحُل نجمٌ في غيبته؛ لأنه بمنزلة المَدِين.
والمعْتَق بعضُه ليس له أن يعتكف إلا أن يكون بينه وبين السيد
(1)
سقطت من المطبوع.
(2)
بياض في س.
(3)
بياض في النسختين.
(4)
المطبوع: «منه» !
(5)
ق: «إذنه وكان قد نذره .. » . وقوله: «وهو معين
…
بإذنه» سقط من ق.
(6)
بياض في النسختين.