المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الصيام

- ‌جِماعُ معنى الصيام في أصل اللغة:

- ‌مسألة(3): (ويجبُ صيامُ رمضانَ على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ قادرٍ على الصومِ، ويؤمَرُ به الصبيُّ إذا أطاقَه)

- ‌الفصل الثاني(1)أنه يجب على كلِّ مسلم عاقل بالغ قادر

- ‌الفصل الثالث(2)أنه لا يجب على الكافر، بمعنى أنه لا يُخاطَب بفعله

- ‌الفصل الرابع(5)أنه لا يجب على المجنون في المشهور من المذهب

- ‌الفصل الخامسأنه لا يجب على الصبيّ حتى يبلغ في إحدى الروايتين

- ‌الفصل السادس* أنه لا يجب الصوم إلا على القادر

- ‌مسألة(1): (ويجبُ بأحدِ ثلاثةِ أشياءَ: كمالِ شعبانَ، ورؤيةِ هلالِ رمضانَ، ووجودِ غَيمٍ أو قَتَرٍ ليلةَ الثلاثينَ يَحُولُ دونَه)

- ‌ لا يُحكم بدخول شهر من الشهور بمجرّد الإغمام إلا شهر رمضان

- ‌ جواب ثالث:

- ‌هل تُصلَّى التراويح ليلتئذٍ؟ على وجهين

- ‌مسألة(3): (وإذا رأى الهلالَ وحدَه، صام)

- ‌الرواية الثانية: لا يصوم إذا انفرد برؤيته ورُدَّت شهادته

- ‌مسألة(4): (فإن كان عدلًا صامَ الناسُ بقوله)

- ‌وتُصلّى التراويحُ ليلتئذٍ

- ‌مسألة(2): (ولا يُفطِر إلا بشهادة عَدْلَين)

- ‌مسألة(1): (وإذا صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، أفطروا. وإن كان بغيمٍ أو قولِ واحدٍ، لم يفطروا إلا أن يروه أو يُكْمِلوا العِدّة)

- ‌إن صاموا ثمانية وعشرين يومًا، وكانوا قد أكملوا(3)عِدّة شعبان لإصحاء السماء وكونهم لم يروه، فإنهم يقضون يومًا

- ‌إذا رأى هلالَ الفطر وحده لم يجز له أن يفطر

- ‌مسألة(4): (وإذا اشتبهت الأشْهُرُ على الأسيرِ تحَرّى وصام، فإن وافقَ الشهرَ أو بعدَه أجزأه، وإن وافقَ قبلَه لم يُجْزِئه)

- ‌فصل(2)ولا يصحّ الصوم إلا بنية كسائر العبادات

- ‌إن تردَّد في قَطْع الصوم، أو نوى أنه يقطعه فيما بعد؛ فهو على الخلاف في الصلاة

- ‌إن نوى نهارًا قبل يوم الصوم بليلة، ففيه روايتان:

- ‌بابُ(1)أحكامِ المفطرين في رمضان

- ‌مسألة(2): (ويُباحُ الفطرُ في رمضان لأربعةِ أقسام: أحدها: المريض الذي يتضرّر به، والمسافرُ الذي له القَصْر(3)، فالفطر لهما أفضل

- ‌في معنى المريض: الصحيحُ الذي يخاف من الصوم مرضًا أو جهدًا شديدًا

- ‌مسألة(4): (والثاني: الحائضُ والنّفَساءُ يُفطران ويقضيان، وإن صامتا لم يُجزئهما)

- ‌مسألة(2): (والثالث: الحاملُ والمرضعُ إذا خافتا على ولديهما، أفطَرَتا وقَضَتا وأطعَمَتا عن كُلّ يوم مسكينًا، وإن صامتا أجزأهما)

- ‌مسألة(1): (الرابع: العاجزُ(2)عن الصوم لكِبَر أو مرض لا يُرجى بُرؤه، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يومٍ مسكين)

- ‌الفصل الثانيأنه لا كفّارة بالفطر في رمضان إلا بالجماع وأسبابه

- ‌الفصل الثالثأن الجماع في الفرج يوجب الكفّارة، وهذا كالمُجمَع عليه

- ‌وإن أمذى بالمباشرة، فعليه القضاء دون الكفّارة

- ‌مسألة(1): (فإن جامعَ ولم يُكفِّر حتى جامعَ ثانيةً، فكفّارة واحدة. وإن كفَّر ثم جامعَ فكفّارة ثانية، وكلُّ مَن لزمه الإمساكُ في رَمضان فجامعَ، فعليه كفّارة)

- ‌فصل(1)إذا جامعَ ونزع قبل الفجر، ثم أَمْنى بذلك بعد طلوع الفجر، فصومه صحيح

- ‌فصل(1)ولو احتلم الصائم في النهار في المنام، لم يفطر

- ‌مسألة(2): (ومن أخَّرَ القضاءَ لعذرٍ حتى أدركَه رمضانُ آخرُ، فليس عليه غيرُه، وإن فرَّطَ أطعمَ مع القضاءِ لكلّ يومٍ مِسكينًا)

- ‌ الفصل الثانيأنه ليس له أن يؤخِّره إلى رمضان آخر إلا لعذر

- ‌وإن أخَّره إلى الثاني لغير عذرٍ أثِمَ(4)، وعليه أن يصوم الذي أدركه، ثم يقضي الأول، ويطعم لكلّ يوم مسكينًا

- ‌فصل(2)ومَن عليه قضاء رمضان، لا يجوز أن يصوم تطوُّعًا

- ‌مسألة(2): (وإن تَرَك القضاءَ حتى مات لعذرٍ، فلا شيء عليه، وإن كان لغير عُذرٍ أُطعِم عنه لكلّ يومٍ مسكينًا(3)، إلا أن يكونَ الصومُ منذورًا فإنه يُصامُ عنه، وكذلك كلُّ نَذْر طاعةٍ)

- ‌المسألة الثانية(1): إذا فرّط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه(2)الرمضانُ الثاني، فإنه يُطعَم عنه لكلّ يوم مسكين

- ‌المسألة الثالثة(1): أن الصومَ المنذورَ إذا مات قبل فعله، فإنه يُصام عنه، بخلاف صوم رمضان وصوم الكفّارة

- ‌فصل(3)ويُصام النذرُ عنه، سواء ترَكَه لعذر أو لغير عذر

- ‌وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين

- ‌ بابما يفسد الصوم

- ‌مسألة(2): (ومَن أكَل أو شَرِب، أو استَعَط، أو أوْصَل(3)إلى جوفه شيئًا من أيّ موضعٍ كان، أو استقاء، أو استَمْنى، أو قبَّل أو لَمَس فأمْنَى أو أمذى، أو كرّرَ النظرَ حتى أنزل، أو حَجَم أو احتجم، عامدًا ذاكرًا لصومه فسَدَ، وإن فعله ناسيًا أو مُكرهًا لم يفسُد)

- ‌الفصل الثاني(2)أن الواصل إلى الجوف يُفَطِّر من أي موضع دخل

- ‌ومن ذلك أن يداوي المأمومةَ أو الجائفةَ بدواء يصل إلى الجوف لرطوبته

- ‌وأما ادّعاء النّسْخ، فلا يصح لوجوه:

- ‌فصل(3)ويفطِر بالحجامة في جميع البدن

- ‌الفصل السادس(1)أن من فعل هذه الأشياء ناسيًا لصومه لم يفطر

- ‌الفصل السابع(5)أن مَن فَعَلها مُكرَهًا لم يفسُد صومُه أيضًا

- ‌مسألة(1): (وإن طار إلى(2)حلقِه ذبابٌ أو غبار، أو مضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء، أو فكَّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، لم يفسُد صومُه)

- ‌الفصل الثاني(2)إذا تمضمض أو استنشق ولم يزد على الثلاث ولم يبالغ، فسبقَه الماءُ فدخل في(3)جوفه، فإنه لا يُفطِر

- ‌فصل(3)وما يجتمع في فمه من الريق ونحوه إذا ابتلعه، لم يُفْطِر ولم يُكره له ذلك

- ‌وإن ابتلع نُخامة من صدره أو رأسه، فإنه يُكره. وهل يفطر؟ على روايتين:

- ‌أما القَلَس إذا خرج ثم عاد بغير اختياره، لم يفطِر(1)، وإذا ابتلعه عمدًا فإنه يفطر

- ‌فصل(1)وما يوضع في الفم من طعام أو غيره لا يفطّر

- ‌هل يكره السواك الرَّطْب؟ على روايتين

- ‌الفصل الثالث(5)إذا فكّر فأنزل، أو قطَرَ في إحليله، أو احتلم، أو ذَرَعه القيء، فإنه لا يفسد صومه

- ‌وتَكرار(7)النظر مكروه لمن تُحرّك شهوتَه بخلاف من لا تُحرّك شهوته

- ‌مسألة(1): (ومَن أكل يظنّه ليلًا فبانَ نهارًا، أفطر)

- ‌مسألة(1): (وإنْ أكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر لم يفسُد صومُه، وإن أكَل شاكًّا(2)في غروب الشمس فسَدَ صومُه)

- ‌فصل(3)والسنةُ تعجيل الفطور

- ‌ويستحبّ أن يُفطر قبل الصلاة؛ لأن التعجيل إنما يحصل بذلك

- ‌فصل(4)والسّحور سُنَّة، وكانوا في أوّل الإسلام لا يحلّ لهم ذلك

- ‌ويجوز له أن يأكل ما لم يتبين طلوعُ الفجر، وإن كان شاكًّا فيه من غير كراهة

- ‌فصل(2)ويُكرَه الوصال الذي يسميه بعضُ الناس(3): الطيّ

- ‌فإن واصلَ إلى السّحَر، جاز(2)مِن غير كراهة

- ‌بابصيام التطوُّع

- ‌مسألة(1): (أفضلُ الصيامِ صيامُ داودَ عليه السلام، كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا)

- ‌مسألة(1): (وأفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ: شهرُ الله الذي تدعونه(2)المحرَّم)

- ‌فصل(4)ويُكره إفراد رجب بالصوم

- ‌مسألة(1): (وما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنّ أحبُّ إلى الله عز وجل مِن عَشر ذي الحجة)

- ‌مسألة(5): (ومَن صامَ رمضانَ وأتْبَعه بستٍّ من شوّال، فكأنما صامَ الدّهْر)

- ‌مسألة(4): (وصومُ(5)عاشوراء كفَّارة سنة، وعَرَفة كفَّارة سنتين)

- ‌مسألة(2): (ولا يستحبُّ صومُه لمَنْ بعَرَفةَ)

- ‌فإن صام عاشوراء مفردًا، فهل يكره

- ‌مسألة(3): (ويُستحبُّ صيامُ أيامِ البيض)

- ‌مسألة(5): (والاثنين والخميس)

- ‌مسألة(2): (والصائمُ المتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ، ولا قضاءَ عليه)

- ‌ الأحاديث التي فيها الأمر بالقضاء إن كانت صحيحة، فإنما هو أمر استحباب

- ‌فصلفي المواضع التي يُكْرَه فيها الفطر أو يستحبُّ أو يباح

- ‌مسألة(3): (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما

- ‌الفرق بين الحجِّ والعمرة وغيرهما(3)من وجوه:

- ‌مسألة(2): (ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يومين: يومِ الفطر ويومِ الأضحى)

- ‌مسألة(2): (ونهى عن صوم أيام التشريق، إلا أنه أرْخَصَ في صومها للمتمتّع إذا لم يجد الهَدْي)

- ‌فصل(2)قال أصحابنا: ويُكره إفراد يوم النيروز ويوم(3)المهرجان

- ‌مسألة(1): (وليلةُ القَدْرِ في الوِتْر من(2)العشر الأواخر من رمضان)

- ‌لا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر

- ‌بابالاعتكاف

- ‌مسألة(1): (وهو لزوم المسجد(2)لطاعةِ الله فيه)

- ‌مسألة(5): (وهو سُنَّة، لا يجب إلّا بالنّذْرِ)

- ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

- ‌مسألة(2): (ويصحُّ من المرأة في كلّ مسجد، ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الجماعة. واعتكافُه في مسجدٍ تُقام فيه الجمعة أفضل)

- ‌أما الرَّحْبة: ففيها روايتان

- ‌الفصل الثالث(5)أنه لا يصح اعتكاف الرجل إلا في مسجد تُقام فيه الصلوات الخمس جماعة

- ‌الفصل الرابع(3)أن المرأة لا يصحّ اعتكافها إلا في المسجد المتخذ للصلوات الخمس

- ‌إن اعتكف بدون الصوم، فهل يصح؟ على روايتين:

- ‌وإذا نذَرَ أن يعتكف صائمًا أو وهو صائم، لزمه ذلك

- ‌المسألة الأولى: أنه(2)إذا نذَرَ الصلاةَ أو(3)الاعتكافَ في مسجد بعينه غير المساجد الثلاثة، فله فِعْل ذلك فيه وفي غيره من المساجد

- ‌ إذا صلى واعتكف في غير المسجد الذي عَيَّنه، فهل يلزمه كفارة يمين؟ على وجهين

- ‌المسألة الثانية: أنه إذا نذَرَ الصلاةَ أو(4)الاعتكاف في المسجد الحرام، لم يجزئه إلا فيه، وإن نَذَره في مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يجزئه إلا فيه أو في المسجد الحرام، وإن نذره في المسجد الأقصى لم يجزئه إلا في أحد الثلاثة

- ‌وإن نذَرَ اعتكافَ شهرٍ بعينه، دخل معتكفَه قبل غروب الشمس من أول ليلة من الشهر، فإذا طلع هلالُ الشهر الثاني، خرج من معتكفه

- ‌مسألة(2): (ويُسْتَحَبُّ للمعتكف الاشتغالُ بالقُرَب، واجتناب ما لا يَعْنيه مِن قولٍ أو(3)فِعل)

- ‌أما الصمت عن كلِّ كلام، فليس بمشروع في دين الإسلام

- ‌لا يجوز أن يجعل القرآن بدلًا عن(7)الكلام

- ‌مسألة(1): (ولا يخرجُ من المسجد إلا لِما لابدّ له منه، إلا أن يشترط)

- ‌مسألة(1): (ولا يباشِرُ امرأةً)

- ‌يبطل الاعتكافُ بالوطء، سواءٌ كان(2)عامدًا أو ناسيًا، عالمًا أو جاهلًا

- ‌أما النذر؛ فأربعة أقسام:

- ‌مسألة(1): (وإن سألَ(2)عَن المريضِ أو غيرِه في طريقهِ، ولم يُعَرِّج عليه جاز

- ‌فصلفي تفصيل الأسباب المبيحة للخروج وأحكامها

- ‌أحدها: الخروج لحاجة الإنسان من البول والغائط، وهو في خروجه في حُكم المعتكف

- ‌إذا خرج لحاجة الإنسان، فدخل في طريقه إلى مسجد آخر لِيُتمَّ فيه بقية اعتكافه، جاز

- ‌أما المُسْتحاضة، فإنها تقيم في المسجد

الفصل: ‌الفصل الثانيأنه ليس بواجب في الشرع(6)، بل يجب بالنذر

أبو داود

(1)

: قلت لأحمد: تعرف في فضل الاعتكاف شيئًا؟ قال: لا، إلا شيئًا ضعيفًا. وكذلك نقل أبو طالب.

قيل: فَرْقد السبخي رجلٌ صالح، قد كتب الناسُ أحاديثَه، وأحاديث الترغيب والترهيب يُتسامح في أسانيدها، كما قال أحمد: إذا جاء الترغيب والترهيب سهَّلنا، وإذا جاء الحلالُ والحرامُ شدّدْنا.

(2)

وقول أحمد: «إلا شيئًا ضعيفًا» : إشارة إلى أن إسناده ليس قويًّا، وهذا القَدْر قدرٌ

(3)

لا يمنع الاحتجاج به في الأحكام، فكيف في الفضائل

(4)

؟!

وقد روى إسحاق بن راهويه، عن أبي الدرداء، قال: «من اعتكف ليلةً كان له كأجر عُمْرة، ومَن اعتكف ليلتين كان له كأجر عمرتين

»

(5)

ثم ذكر على قدر ذلك.

‌الفصل الثاني

أنه ليس بواجب في الشرع

(6)

، بل يجب بالنذر

، وهذا إجماع.

(1)

المسائل (ص 137).

(2)

أخرجه الحاكم في «المدخل إلى الإكليل» (ص 62)، والخطيب في «الكفاية» (ص 133).

وفي هامش النسختين تعليق نصه: «قال القاضي: فظاهر هذه الأخبار الواردة في فضل الاعتكاف غير مقطوع على صحتها» .

(3)

ليست في س.

(4)

س: «بالفضائل» .

(5)

لم أقف عليه.

(6)

س: «بالشرع» . والأثر لم نقف عليه.

ص: 581

قال ابن المنذر

(1)

: أجمعَ أهلُ العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا، إلا أن يوجبَ المرءُ على نفسه الاعتكافَ نذرًا، فيجب عليه.

وهذا لأن الله لم يوجبه ولا رسوله، وكان أكثر الناس لا يعتكفون على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يأمرهم به. بل قال لهم لما اعتكف العشرَ الأوسط:«إني أُتِيتُ، فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحبَّ منكم أن يعتكف فليعتكف»

(2)

.

وَتَرك الاعتكافَ مرّةً وهو مقيم، ثم قضاه في شوَّال

(3)

.

وأما وجوبه بالنذر فلِما رَوَتْ عائشةُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن نَذَر أن يطيع الله فليُطِعْه، ومَن نَذَر أن يعصيَ الله فلا يعْصِه»

(4)

.

وعن عمر أنه قال: «يا رسول الله، إني نذرتُ أن أعتكفَ ليلةً في المسجد الحرام. فقال: «أوفِ بنذْرِك» »

(5)

متفق عليهما.

قال أبو بكر: ويستحبُّ أن لا يدعَ أحدٌ الاعتكافَ في العشر

(6)

الأواخر من شهر رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليه، وقضاه لمَّا فاتَه، وكلّ ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من السنن المؤكَّدة، كقيام الليل ونحوه.

(1)

الإجماع (ص 50)

(2)

تقدم تخريجه.

(3)

تقدم تخريجه.

(4)

أخرجه البخاري (6696، 6700). وليس في مسلم.

(5)

البخاري (2032، 2043، 6697)، ومسلم (1656).

(6)

س: «اعتكاف العشر» .

ص: 582

وإذا شرع في الاعتكاف ينوي مدَّةً من الزمان، لم يلزم بالشروع عند أصحابنا.

ولو قطَعَه مُدّةً لم يلزمه

(1)

قضاؤه؛ لأنَّ مِن أصلنا المشهور: أنه لا يلزم بالشروع إلا الإحرام، لكن يستحبُّ له إتمامه

(2)

، وأن يقضيه إذا قطعه.

وكذلك أيضًا لو كان له وِرْدٌ من الاعتكاف، ففاته، استُحِبَّ له قضاؤه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان لما ضَرَب أزواجُه الأخبيةَ، ثم قضاه من شوَّال، ولم يأمر أزواجَه بالقضاء؛ لأنه لم يكن من عادتهنَّ، وإنما عزَمْنَ عليه ذلك العام، ولأن قضاءَه غيرُ واجب، ولأنهنّ لم يكنّ شرعْنَ فيه، وهو صلى الله عليه وسلم كان قد شَرَع فيه؛ لأن المسجد كله موضع للاعتكاف، وهو [ق 108] قد دخل المسجد حين صلى بالناس، فالظاهر أنه نوى الاعتكافَ مِن حينئذ؛ لأنه لم يكن في نيته الخروج منه بعد ذلك.

وعن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر

(3)

الأواخر من رمضان، فلم يعتكف عامًا، فلما كان من

(4)

العام المقبل، اعتكف عشرين ليلة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه

(5)

.

(1)

س: «ولو قطعه لم يجب عليه» .

(2)

ق: «تمامه» .

(3)

المطبوع: «من العشر» بخلاف النسخ.

(4)

سقطت من المطبوع.

(5)

أخرجه أحمد (21277)، وأبو داود (2463)، وابن ماجه (1770)، وابن خزيمة (2225)، وابن حبان (3663)، وسنده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والألباني في «صحيح أبي داود - الأم»:(7/ 225).

ص: 583

وفي لفظ: «سافر عامًا فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين»

(1)

.

وعن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان

(2)

، فلم يعتكف عامًا، فلما كان في العام المقبل، اعتكف عشرين» رواه الترمذي

(3)

وقال: حديث حسن صحيح غريب.

ورواه أحمد

(4)

ولفظه: «كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا كان مقيمًا اعتكفَ العشرَ الأواخرَ من رمضان، فإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين»

(5)

.

ويتخرَّج أن يَلْزَم بالشروع قياسًا على الرواية التي في الصوم والصلاة، لكن قد يُفَرَّق

(6)

فإن قيل: إذا كان له الخروج منه، ثم له أن يدخل فيه متى شاء، فما معنى قولهم: يحرم على المعتكف كذا، ويجب عليه كذا؟!

قيل: له فوائد:

إحداها

(7)

: أن المحرَّمات في الاعتكاف من المباشرة والخروج من

(1)

هذه الفقرة من س. وهذا اللفظ لابن حبان.

(2)

س: «كان سول الله

في العشر» وسقطت «رمضان» من العبارة.

(3)

(803). وأخرجه ابن خزيمة (2227)، وابن حبان (3662)، والحاكم:(1/ 438)، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال البغوي في «شرح السنة»:(6/ 395): صحيح غريب، وصححه الألباني في «الصحيحة»:(3/ 399).

(4)

(12017). وسنده كسابقه.

(5)

بعده بياض في س.

(6)

بياض في النسختين.

(7)

س: «أحدها» .

ص: 584

المسجد لغير حاجة، إنما

(1)

له أن يفعلها إذا نوى تركَ الاعتكاف، فيكون قد فعَلَه على وجه الترك للاعتكاف، فلا يكون حين فعله معتكفًا

(2)

.

أما أن يستديم نية الاعتكاف ويفعل ذلك، فلا يحلّ له ذلك، بل يكون قد اتخذ آيات الله هُزوًا، ويكون بمنزلة الحائض إذا أمسكت تعتقد الصومَ صحيحًا

(3)

، وبمنزلة من

(4)

لو تكلَّم أو أحْدَث في الصلاة أو أكل في الصوم= مع بقاء اعتقاد الصلاة.

وهذا لأن العبادة التي ليست واجبة، إذا أراد أن يفعلها، فإنه يجب أن يفعلها على الوجه المشروع، وليس له أن يُخلَّ بأركانها وشروطها، وإن كان له تركها بالكلّية، ولو لم يستدم

(5)

النيةَ ذكرًا ولا نوى الخروج منه

(6)

.

الثانية: أنه إذا فعل ما ينافيه من خروج ومباشرة، انقطع الاعتكافُ، فلو أراد أن يعود إليه كان اعتكافًا ثانيًا، يحتاج إلى تجديد نية، ولا يكفيه استصحاب حكم النية الأولى، حتى إنّا إذا لم نجوِّز الاعتكاف أقلّ من يوم

(7)

فاعتكف بعضَ يوم، ثم قطَعَه ثم أراد أن يتمَّه باقي اليوم، لم يصح ذلك، كما لو أصبح صائمًا فأكل، ثم أراد أن يتمّ الصوم.

(1)

ق والمطبوع: «وإنما» ولا يستقيم الكلام بها.

(2)

س: «معتكفا حين فعله» .

(3)

سقطت من ق.

(4)

ق: «ما» .

(5)

س: «يستديم» .

(6)

سقطت من س. ولم تتحرر العبارة كما ينبغي.

(7)

«من يوم» سقطت من س.

ص: 585

الثالثة: أنه إذا نذر الاعتكافَ معيَّنًا أو مطلقًا، صارت هذه الأمور واجبةً عليه، وحَرُم عليه ما ينافي الاعتكاف بكلّ حال، كما لو نذر صومًا معينًا أو مطلقًا، أو صلاةً مؤقتةً أو مطلقة.

وإن لم ينو مدّةً، لكن قال

(1)

: أقْعُدُ ما بدا لي، أو إلى أن يكون كذا

(2)

وإذا أبطلَ الاعتكافَ لم يبطل ما مضى منه. قاله بعض أصحابنا. وكذلك قال القاضي في التطوُّع، وهذا ينبني على أقلّ الاعتكاف

(3)

فصل

ولا يصحُّ الاعتكافُ إلا من مسلم عاقل؛ لأن الكافر والمجنون ليسا من أهل العبادة.

فأما الصبي

(4)

فصل

قال أصحابنا: ليس للرقيق ــ قِنًّا كان أو مُدَبّرًا أو أمَّ وَلَد ــ الاعتكاف بغير إذن السيد، ولا للزوجة الاعتكاف بدون إذن الزوج؛ لأن منافع العبد والزوجة مستحقَّةٌ للسيد والزوج، وفي الاعتكاف تعطيل منافعهم عليه، فإن أذن له في الاعتكاف، اعتكف ما شاء، ولم يخرج إلى الجمعة؛ لأنها غير واجبة على أحدٍ منهم.

(1)

ق: «حال» تصحيف.

(2)

بياض في س.

(3)

بياض في النسختين.

(4)

بياض في النسختين.

ص: 586

فإن أراد السيد أو الزوج مَنْع مَن أذن له بعد الدخول فيه، فله ذلك؛ لأنه تطوُّعٌ والخروجُ منه جائز، هكذا قال أصحابنا.

ويتخرَّج على قولنا: إن التطوُّع يَلْزَم بالشروع: أنه ليس له

(1)

أن يُخرجهما منه

(2)

فإن كان نذرًا وقد دخل فيه بإذنه، لم يكن له أن يُخْرجَه منه، كما لو أذن له في الإحرام والصيام الواجب، سواء كان معينًا أو مطلقًا

(3)

وإن دخل في النَّذْر بغير إذنه، وهو قد كان نَذَره بإذنه وهو معيَّن، لم يملك منعه

(4)

، وإن كان نذره بإذنه

(5)

وهو غير معيَّن، ففيه وجهان.

وإن لم يأذن في النذر، فقيل: له منعه منه وقَطْعه عليه؛ لأنه لا يملك تفويت حقِّه. وقيل:

(6)

وأما المُكاتَب فله أن يعتكف بدون إذن سيده؛ لأنه لا يستحقّ منافِعَه، كما له أن يحجّ في المنصوص عنه إذا لم يَحُل نجمٌ في غيبته؛ لأنه بمنزلة المَدِين.

والمعْتَق بعضُه ليس له أن يعتكف إلا أن يكون بينه وبين السيد

(1)

سقطت من المطبوع.

(2)

بياض في س.

(3)

بياض في النسختين.

(4)

المطبوع: «منه» !

(5)

ق: «إذنه وكان قد نذره .. » . وقوله: «وهو معين

بإذنه» سقط من ق.

(6)

بياض في النسختين.

ص: 587