الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي موضع آخر: قلت: تدعوه أمه وهو في الصلاة. قال: يروى عن ابن المنكدر أنه قال: «إن كان في التطوع، فليجبها»
(1)
.
فصل
ومَن تلبَّس بصيام رمضان، أو بصلاة في أول وقتها، أو بقضاء رمضان، أو بقضاء الصلاة، أو بصوم نذر أو كفارة، لَزِمه المضيّ فيه، ولم يكن له الخروج منه إلا من عذر، بخلاف المتلبِّس بالصوم في السفر، فإن العذر المبيح للفطر قائم
…
(2)
مسألة
(3)
: (وكذلك سائر التطوُّع، إلا الحجّ والعمرة؛ فإنه يجب إتمامُهما وقضاءُ ما أفْسَدَ منهما
(4)
).
فيه
(5)
مسألتان:
إحداهما
(6)
: أن سائر التطوّعات من الصلاة والطواف والاعتكاف والهَدْي والأُضْحية والصدقة والعتق إذا شرع فيه فالأَولى أن يُتِمَّه، وإن قطَعَه جاز ولا قضاء عليه، وإن قضاه بعد قطعه فهو أحسن.
(1)
لم أقف عليه.
(2)
بياض في النسختين.
(3)
ينظر «المستوعب» : (1/ 427)، و «المغني»:(4/ 412)، و «الفروع»:(5/ 114 - 116)، و «الإنصاف»:(7/ 545 - 550).
(4)
ق: «منها» .
(5)
س: «هنا» .
(6)
ق: «أحدهما» .
هذا الذي عليه أصحابنا، وقد أفتى أبو عبد الله بما ذكره عن ابن المنكدر إذا دعته أمُّه وهو في الصلاة: إن كان في التطوُّع فليجبها.
وقال أحمد في رواية الأثرم وقد سئل عن الرجل يصبح صائمًا متطوِّعًا: أيكون بالخيار؟ والرجل يدخل في الصلاة: أَلَه أن يقطعها؟ فقال: الصلاةُ أشدُّ، لا يقطعها، فإن قطع وقضاها، فليس فيه اختلاف.
قال القاضي: ظاهر هذا
(1)
أنه لم يوجب القضاءَ، وإنما استحبَّه لأنه يخرج من الخلاف.
وقال غير القاضي: هذه الرواية تقتضي الفرقَ بين الصلاة والصيام، وأن الصلاةَ تلزمُ بالشروع.
وهذا الفرق اختيار أبي إسحاق الجوزجاني. لأن الصلاةَ ذاتُ إحرام وإحلال، فلزمت بالشروع كالحج. ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مفتاح الصلاة الطُّهُور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم»
(2)
.
وهذا يعمُّ جميعَ الصلوات، ويقتضي أنه ليس له أن يتحلَّل منها إلا بالتسليم، كما ليس له أن يفتتحها إلا بالطُّهُور، ولا أن يُحْرِم بها إلا بالتكبير.
(1)
سقطت من س.
(2)
أخرجه أحمد (1006)، وأبو داود (61، 618)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275)، وفي سنده عبد الله بن محمد بن عقيل، قال عنه الترمذي:«صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وسمعت محمد بن إسماعيل، يقول: كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي، يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، قال محمد: وهو مقارب الحديث» . وصححه الألباني في «صحيح أبي داود- الأم» : (1/ 102). وينظر «البدر المنير» : (3/ 448).
ويؤيد الفرقَ: أنه لو أمره أحدُ أبويه بالفطر في صوم
(1)
التطوُّع أجابه، ولو دعاه أحدهما في صلاة التطوُّع، أجاب الأمَّ ولم يجب الأبَ
…
(2)
المسألة الثانية: إذا أحرم بحَجَّة
(3)
أو عمرة، لزمه المضيّ فيها، ولا يجوز له أن
(4)
يقصد الخروجَ منها، ولو نوى الخروجَ منها ورَفْضَها، لم يخرج بذلك.
ولو أفسدها لزمه المضيُّ فيها، وإتمام فاسِدِه
(5)
، وعليه قضاؤها من العام المقبل إن كانت حجة
…
(6)
، وعلى الفور إن كانت ....
(7)
، حتى لو دخل فيها يعتقدُها واجبةً عليه بنَذْر أو قضاء ونحو ذلك، ثم تبين أنها ليست عليه، لزمه المضيّ فيها، ومتى أفسدها كان عليه القضاء
…
والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. وفي حرف عبد الله: «إلى البيت»
(8)
.
(1)
ق: «صومه» .
(2)
بياض في النسختين.
(3)
س: «بحج» .
(4)
تكررت في س.
(5)
ق «ما أفسده» .
(6)
بياض في س، ولعلها «تطوع» .
(7)
كذا بياض في النسختين ولعل تكملة النص: «حجة الإسلام» . وكذا وقع بياض في موضع النقاط في آخر الفقرة.
(8)
أخرجه الطبري (3/ 328)، وابن أبي حاتم (1/ 333).
وقد أجمع أهلُ التفسير على أنها نزلت عام الحديبية
(1)
، لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحرم هو وأصحابه بالعمرة، [ق 97] وساقوا الهَدْيَ، فصَدَّه المشركون، فأنزل الله تعالى هذه الآية يأمر فيها بإتمام الحجِّ والعمرة، ويذكر شأن الإحصار.
وهذا أمرٌ بالإتمام لمن دخل متطوِّعًا؛ لأن الحجَّ لم يكن قد فُرِض بعدُ، فإن الآية نزلت سنة ستٍّ، والحجّ إنما فُرِض بعد فتح مكة.
ثم إن الله تعالى أمر بالإتمام مطلقًا، فدخل فيه كلُّ منشئ للحج والعمرة، بخلاف الآية التي فيها إتمام الصيام، فإنها تفارق هذه من وجهين:
أحدهما: أنه قال في أولها: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ
…
}، واللام هنا لتعريف الصيام المعهود الذي تقدَّم ذكرُه، وهو صيام رمضان، ثم قال:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، فعاد الكلام إلى الصيام المتقدِّم الذي كان الأكل والنكاح في ليلته محظورًا بعد النوم، ثم أبيح، وهذا صفة الصيام الواجب.
نعم، سائر الصيام لا يتمُّ إلا بذلك على سبيل التَّبَع والإلحاق.
الثاني: أن قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} : أمرٌ بأن يكون إتمام الصيام إلى الليل، وبيانٌ لكون الصوم لا يتمُّ إلا بالإمساك إلى الليل، فتفيد الآيةُ أن مَن أفطر قبل الليل لم يُتمّ الصيامَ، وهذا حكمُه شاملٌ لجميع
(2)
أنواع
(1)
ينظر «تفسير ابن جرير» : (3/ 341)، و «أسباب النزول» (ص 168 - 173) للواحدي.
(2)
ق: «حكم شامل يجمع» .