الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا
كانت الحرة تحت عبد فقالت لمولاه: أعتقه عني بألف ففعل
فسد النكاح. وقال زفر رحمه الله: لا يفسد، وأصله أنه يقع العتق عن الآمر عندنا، حتى يكون الولاء له. ولو نوى به الكفارة يخرج عن العهدة، وعنده يقع عن المأمور؛ لأنه طلب أن يعتق المأمور عبده عنه، وهذا محال؛ لأنه لا عتق فيما لا يملكه ابن آدم، فلم يصح الطلب، فيقع العتق عن المأمور. ولنا أنه أمكن تصحيحه بتقديم الملك بطريق الاقتضاء، إذ الملك شرط لصحة العتق عنه، فيصير قوله "أعتق" طلب التمليك منه بالألف، ثم أمره بإعتاق عبد الآمر عنه، وقوله "أعتقت" تمليكا منه، ثم الإعتاق عنه، وإذا ثبت الملك للآمر فسد النكاح للتنافي بين الملكين
ــ
[البناية]
[كانت الحرة تحت عبد فقالت لمولاه أعتقه عني بألف ففعل]
م: (قال) ش: محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كانت الحرة تحت عبد، فقالت لمولاه: أعتقه عني بألف ففعل) ش: أي ما قالته م: (فسد النكاح) ش: أي انفسخ، وبه قال الشافعي، وللمولى على الزوجة ألف.
م: (وقال زفر: لا يفسد وأصله) ش: أي أصل هذا الخلاف م: (أنه يقع العتق عن الآمر عندنا حتى يكون الولاء له، ولو نوى به الكفارة) ش: أي ولو نوى بعتقه الكفارة التي عليه، أي كفارة كانت م:(يخرج عن العهدة، وعنده) ش: أي عند زفر م: (يقع عن المأمور، لأنه طلب أن يعتق المأمور عبده عنده، وهذا محال؛ لأنه لا عتق فيما لا يملكه ابن آدم فلم يصح الطلب، فيقع العتق عن المأمور) ش: أي لم يصح طلب العتق عن الآمر، فوقع عن المأمور.
م: (ولنا أنه) ش: أي أن الشأن م: (أمكن تصحيحه) ش: أي تصحيح طلب الإعتاق منه م: (بتقديم الملك بطريق الاقتضاء) ش: وهو جعل غير المنطوق منطوقاً بصحة المنطوق، وزفر لا يقول بالاقتضاء م:(إذا الملك شرط لصحة العتق عنه، فيصير قوله: "أعتق" طلب التمليك منه بالألف، ثم أمره بإعتاق عبد الآمر عنه) ش: فيصير كأنه قال: العبد الذي كان لك الآن ملك لي بألف وأعتقه عني.
فإن قيل: كيف يصح هذا ولو صرح به بأن قال: ملكه عبدك عني، ثم كن وكيلاً بالإعتاق لا يصح؟ قلنا: كم من شيء يثبت ضمناً ولا يثبت قصداً.
م: (وقوله: أعتقت تمليكاً منه) ش: أي من المولى، وهو المأمور م:(منه) ش: أي من الآمر م: (ثم الإعتاق عنه) ش: بالنصب على أنه خبر صار أي من المولى، ثم يصير قول المأمور: أعتقت إعتاقاً عن الآمر م: (وإذا ثبت الملك للآمر فسد النكاح للتنافي بين الملكين) ش: أي بين ملك الرقبة وملك المتعة، قال الأترازي: وقال الكاكي: بين ملك اليمين وملك النكاح.
فإن قيل: ينبغي أن لا يفسد النكاح، لأن الملك ثبت ضرورة العتق وما يثبت بالضرورة يتقدر بقدرها، والضرورة في ثبوت العتق عن الأمر، لا في فساد النكاح.
ولو قالت: أعتقه عني ولم تسم مالا لم يفسد النكاح، والولاء للمعتق، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله: هذا والأول سواء، لأنه يقدم التمليك بغير عوض تصحيحا لتصرفه، ويسقط اعتبار القبض، كما إذا كان عليه كفارة ظهار، فأمر غيره أن يطعم عنه. ولهما أن الهبة من شرطها القبض بالنص، فلا يمكن إسقاطه، ولا إثباته.
ــ
[البناية]
قلنا: الشيء إنما ثبت بلوازمه، وضروراته من لوازم ثبوت الملك العاري عن تعلق حق الغير به فساد النكاح.
فإن قيل: أليس أنه إذا قال لعبده: كفر يمينك بالمال عنه لا يعتق، فينبغي أن يثبت عتقه اقتضاء، لأنه لا يتمكن من التكفير بالمال إلا بالعتق.
قلنا: الحرية لا تصلح أن تثبت اقتضاء، لأن الثابت بالاقتضاء ثابت بالحرية، يصير أهلاً للتكفير بالمال، فكانت الحرية أصلاً فلا تثبت اقتضاء. م:(ولو قالت: أعتقه عني، ولم تسم مالاً لا يفسد النكاح) ش: يعني لو قالت الحرة المذكورة لمولى العبد: أعتقه عني ولم تذكر مالاً لا يفسد النكاح.
م: (والولاء للمعتق) ش: وتسقط الكفالة عنه إذا نوى، ولا يلزم الألف.
وقال زفر: يقع العتق عن المأمور، حتى يكون الولاء له، وتسقط الكفارة عنه إذا نوى، ولا يلزم الألف على الأمر م:(وهذا) ش: الحكم المذكور م: (عند أبي حنيفة، ومحمد وقال أبو يوسف: هذا والأول سواء) ش: أي عدم ذكر المبدل مع ذكر البدل سواء، يعني يقع العتق عن الأمر في الصورتين عند أبي يوسف.
وبه قال الشافعي م: (لأنه) ش: أي لأن أبا يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م: (يقدم التمليك بغير عوض) ش: يعني بطريق الهبة م: (تصحيحاً لتصرفه) ش: أي لتصرف الآمر، لما أن تصحيح كلام العاقل واجب مهما أمكن، وقد أمكن هنا بقوله: م: (ويسقط اعتبار القبض) ش: لأنه شرط، وقد أمكن ذلك بإسقاط القبول الذي هو ركن فلا يملك بإسقاط الشرط أولى فكان م:(كما إذا كان عليه كفارة ظهار، فأمر غيره أن يطعم عنه) ش: يعني إذا أمر المظاهر غيره، وقال: أطعم عني ستين مسكيناً، ففعل المأمور يقع الإطعام عن الآمر، وإن لم يوجد القبض.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - م: (أن الهبة من شرطها القبض بالنص) ش: وهو قوله عليه السلام: «لا تصح الهبة إلا مقبوضة» م: (فلا يمكن إسقاطه) ش: جواب عن قول أبي يوسف: إن القبض شرط، فيسقط تبعاً كالركن، فأجاب بقوله: م: (فلا يمكن إسقاطه) ش: جواب عن قول أبي يوسف م: (ولا إثباته) ش: أي إثبات القبض م:
اقتضاء، لأنه فعل حسي، بخلاف البيع، لأنه تصرف شرعي، وفي تلك المسألة الفقير ينوب عن الآمر في القبض. فأما العبد فلا يقع في يده شيء لينوب عنه.
ــ
[البناية]
(تبعاً له، لأنه فعل حسي) ش: يعني ليس من جنس القولي، فلا يتضمن الشيء أقوى منه م:(بخلاف البيع لأنه تصرف شرعي) ش: يعني الإيجاب والقبول قولي فجاز أن يتضمنه القول، وهو قوله: أعتق عبدك عني بألف، مع أن الركن في البيع يحتمل السقوط، كما في التعاطي.
فإن قيل: لو قال الآخر: أعتق عبدك عني بألف رطل من خمر ففعل فإنه يصح، ويعتق عنه، وإن لم يوجد القبض، والبيع الفاسد كالهبة في اشتراط القبض.
قلنا: قد ذكر الكرخي أن العتق يقع على المأمور هنا على قولهما، والمذكور قول أبي يوسف، ولئن سلم فالبيع الفاسد ملحق بالصحيح، ويأخذ الحكم منه، فاحتمل سقوط القبض كالصحيح، لأن حكمه يعرف في الصحيح.
م: (وفي تلك المسألة) ش: أي مسالة الكفارة م: (الفقير ينوب عن الآمر في القبض، فأما العبد فلا يقع في يده شيء) ش: بالإعتاق، لأن الإعتاق إزالة الملك وإتلاف المالية، ولا يقع في يده شيء م:(لينوب عنه) ش: أي لينوب عن العبدين الآمر.