الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما الفائت ثمرة الأداء بالنهي لجريمته فلا يبالى بفواته كما في شهادة العميان وابني العاقدين.
قال: وإن تزوج مسلم ذمية بشهادة ذميين صح عند أبي حنيفة وأبي يوسف _ رحمهما الله _. وقال محمد، وزفر _ رحمهما الله _: لا يجوز، لأن السماع في النكاح شهادة ولا شهادة للكافر على المسلم،
ــ
[البناية]
قلت: قوله: _ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اشتراط الشاهدين في النكاح خبر يرده ما رواه ابن حبان من حديث عائشة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - _ وقد مر عن قريب.
م: (وإنما الفائت ثمرة الأداء) ش: جواب عما يقال: إن المحدود في القذف إذا كان من أهل الولاية ينبغي أن تكون شهادته متعدية وليست كذلك، فأجاب بقوله: _ وإنما الفائت من شهادة المحدود في القذف ثمرة الأداء.
أي أداء شهادتهم م: (بالنهي لجريمته) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4](النور: الآية 4)، م:(فلا يبالى) ش: بصيغة المجهول م: (بفواته) ش: أي بفوات ثمرة الأداء، وإنما ذكر الضمير لهما باعتبار المذكور. وأما بالنظر إلى لفظ الأداء م:(كما في شهادة العميان) ش: فإن النكاح ينعقد بشهادتهم بالإجماع، ولا تقبل عند الأداء بالإجماع.
م: (وابني العاقدين) ش: أي وكذا في شهادة ابني العاقدين فإن النكاح ينعقد بشهادتهما بالإجماع ولا يقبل عند الأداء بالإجماع.
[شهادة الأخرس والمفلس وابني الزوج وابني الزوجة وابنيهما في النكاح]
فروع في المشكلات: وينعقد بشهادة الأخرس، والمفلس، وابني الزوج وابني الزوجة وابنيهما. وفي " المغني ": وفي شهادة محدودين وابني الزوجين وابني الزوجة وجهان، واختار الانعقاد أبو عبد الله بن بطال وينعقد عند الجماعة بالعبدين والمكاتبين والمدبرين والصبيين والأصمين.
وفي " المغني ": ولا ينعقد بشهادة أصمين ولا شهادة أخرسين وفي شهادة المراهقين احتمال، وفي " النهاية " وأجمعوا على أنه لا ينعقد بشهادة الأصمين، وفي " الذخيرة ": ولا ينعقد بشهادة النائمين لا يسمعان كلام العاقدين. وفي " قنية المنية ": ينعقد بهما وهو الأصح. م: (قال: وإن تزوج مسلم ذمية بشهادة ذميين صح عند أبي حنيفة وأبي يوسف) ش: سواء كانا موافقين في دينهما أو مخالفين م: (وعند محمد _ رحمه الله _ وزفر: لا يجوز) ش: وبه قال الشافعي وأحمد، وفي بعض النسخ، وقال محمد _ رحمه الله _، وزفر _ رحمه الله _: لا يجوز.
وقال المالكية: أنكحة الكفار فاسدة مع أنه لا ولاية للكافر على الكافر صحيحة عندهم والشهادة ليست بشرط عندهم والإسلام يصححها عندهم م: (لأن السماع) ش: أي سماع العاقدين من الإيجاب والقبول م: (في النكاح شهادة، ولا شهادة للكافر على المسلم) ش: بالاتفاق.
فكأنهما لم يسمعا كلام المسلم، ولهما أن الشهادة شرطت في النكاح على اعتبار إثبات الملك لوروده على محل ذي خطر لا على اعتبار وجوب المهر؛ إذ لا شهادة تشترط في لزوم المال، وهما شاهدان عليها، بخلاف ما إذا لم يسمعا كلام الزوج، لأن العقد ينعقد بكلاميهما والشهادة شرطت على العقد.
قال: ومن أمر رجلا بأن يزوج ابنته الصغيرة فزوجها والأب حاضر بشهادة رجل واحد سواهما جاز النكاح، لأن الأب يجعل مباشرا للعقد لاتحاد المجلس، فيكون الوكيل سفيرا ومعبرا، فيبقى المزوج شاهدا.
ــ
[البناية]
م: (فكأنهما) ش: أي فكأن الذميين م: (لم يسمعا كلام المسلم) ش: أي بطريق الشهادة وشرط الانعقاد سماع الشاهدين كلام مظهري العقد، ولم يوجد فصار كأنهما سمعا كلام المرأة دون كلام الزوج، فلم ينعقد، كما لو لم يسمعا كلامهما أو كلام الزوج وذلك أن سماع من لا شهادة له يكون وجوده كعدمه، كما في العبد.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أن الشهادة شرطت في النكاح على اعتبار إثبات الملك) ش: أي مطلق المتعة م: (لوروده) ش: أي لورود الملك م: (على محل ذي خطر) ش: فيشترط الشهادة تعظيما للأبضاع، فيكون الرجل هو المخاطب بالشهادة لأجل أنه يملك البضع، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا بالنكاح بغير شهود م:(لا على اعتبار) ش: أي لا يشترط الإشهاد على اعتبار م: (وجوب المهر) ش: لها عليه م: (إذ لا شهادة تشترط في لزوم المال) ش: لأن إيجاب المال يصح بلا شهود كالبيع وغيره م: (وهما شاهدان عليها) ش: أي الذميان شاهدان عليها أي على الذمية، فشهادة أهل الذمة على الذمية جائزة.
فإن قيل: ملك الازدواج مشترك. قلنا: نعم، لكن ذلك ليس بأصل، وإنما يقع تبعا للملك الوارد عليه، كما لو اشترى أمة يملك وطأها بلا طهر، لأنه وقع تبعا.
م: (بخلاف ما إذا لم يسمعا كلام الزوج) ش: جواب عن قول محمد وزفر: تقريره الشهادة شرط في النكاح على العقد كما علم، لأنه يخاطب كلام الزوج بالإشهاد عليها بالعقد م:(لأن العقد ينعقد بكلاميهما) ش: أي بكلام الزوجين م: (والشهادة شرطت على العقد) ش: فإن لم يسمعا كلام المسلم لم يشهدا على العقد.
م: (قال: ومن أمر رجلا بأن يزوج ابنته الصغيرة فزوجها والأب حاضر) ش: أي والحال أن الأب حاضر عند العقد م: (بشهادة رجل واحد) ش: يتعلق بقوله فزوجها م: (سواهما) ش: أي سوى الآمر والمأمور م: (جاز النكاح، لأن الأب يجعل مباشرا للعقد) ش: أي لأن الموجود من الوكيل واجب الانتقال إلى الموكل في باب النكاح، وإنما جعل الأب مباشرا إذا كان حاضرا م:(لاتحاد المجلس، فيكون الوكيل سفيرا ومعبرا) ش: لانتقال الوكالة إلى الأب م: (فيبقى المزوج شاهدا) ش: ونصبه آخر فينعقد.
وإن كان الأب غائبا لم يجز، لأن المجلس مختلف فلا يمكن أن يجعل الأب مباشرا، وعلى هذا إذا زوج الأب ابنته البالغة بحضرة شاهد واحد إن كانت حاضرة جاز، وإن كانت غائبة لا يجوز
ــ
[البناية]
وقال الكاكي: قيل: في هذا التعليل نظر. قلنا: قائله هو السغناقي؛ فإنه قال في " النهاية ": هذا تكلف غير محتاج إليه في المسألة الأولى، لأن الأب يصلح أن يكون شاهدا في باب النكاح، فلا حاجة إلى نقل المباشرة من المأمور إلى الآمر حكما، وإنما يحتاج إليه في المسألة الأخيرة وهي إذا زوج الأب ابنته البالغة بمحضر شاهد واحد، فإن كانت حاضرة جاز بنقل مباشرة الأب إليها لعدم صلاحيتها للشهادة على نفسها، وإن كانت غائبة لم يجز، لأن الشيء إنما يقدر تقديرا إذ لم يتصور تحقيقا، إليه أشار في " الفوائد الظهيرية ".
وقال الأكمل: وأرى أنه لا فرق بين الصورتين في الاحتياج إلى ذلك التكلف.
قلت: فيه تكلف لا يخفى، ومن أراد أن يتضح له ذلك فلينظر في النهاية.
م: (وإن كان الأب غائبا لم يجز النكاح، لأن المجلس مختلف) ش: لأنه لو انتقل إليه العقد لكان الإيجاب في مجلس والقبول في مجلس آخر م: (فلا يمكن أن يجعل الأب مباشرا) ش: لأجل غيبته م: (وعلى هذا) ش: أي وعلى اعتبار حضرة الأب وغيبته م: (إذا زوج الأب ابنته البالغة بحضرة شاهد واحد، إن كانت) ش: أي الابنة م: (حاضرة جاز) ش: لإمكان اعتبار الأب شاهدا م: (وإن كانت غائبة لا يجوز) .