الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العنين وغيره
وإذا كان الزوج عنينا أجله الحاكم سنة، فإن وصل إليها فيها، وإلا فرق بينهما
ــ
[البناية]
[باب العنين وغيره]
[الحكم إذا كان الزوج عنينا]
م: (باب العنين وغيره) ش: أي هذا باب في بيان أحكام العنين. ولما ذكر أحكام الأصحاء المتعلقة بالنكاح والطلاق شرع في بيان أحكام من به مرض له تعلق بالنكاح والطلاق، لأن حكم من به العوارض بعد ذكر حكم الأصحاء، والعنين من لا يقدر على إتيان النساء من عن إذا حبس في العنة، وهي حظيرة الإبل، أو من عن إذا عرض لأنه يعن يمينا وشمالا ولا يقصد. وقيل سمي العنين عنينا لأن ذكره يسترخي، فيعن يمينا وشمالا ولا يقصد للمأتى من المرأة، وجمع العنين عنيين.
وفي " البصائر " يقال: فلان عنين بين العنيين، ولا يقال بين العنة. وكذا في " المغرب " وغيره.
وفي قاضي خان والمرغيناني العنين من لا يصل إلى النساء مع قيام الآلة، ولو كان يصل إلى الثيب دون البكر أو إلى بعض النساء دون البعض، وذلك لمرض به، أو لضعف في خلقته أو لكبر سنه أو سحر فهو عنين في حق من لا يصل إليها لفوات المقصود في حقها، هكذا ذكره الأسبيجابي وقال: السحر له حقيقة وتأثير عند أهل السنة.
وعند الهندواني يؤتى بطست فيه ماء بارد فيجلس العنين فيه إن كان عضوه يئول إلى النقصان ويتردى علم أنه لا عن فيه، وإن كان لا يئول ولا ينزوي علم أنه عنين. وفي " المغني " العنين العاجز عن الإيلاج مأخوذ من عن، أي إذا اعترض.
وفي " المحيط" آلة قصيرة لا يمكنه إدخالها داخل الفرج لا حق لها في المطالبة بالتفريق.
وفي " الجواهر ": العنين من لا ينتشر ذكره، وهو كالأصبع في البدن لا ينقبض ولا ينبسط. قوله: كالمجبوب المقطوع أكثر ذكره والخصي.
م: (وإذا كان الزوج عنينا أجله الحاكم سنة) ش: أي بعد طلبها، وابتدأ التأجيل من وقت الخصومة يؤجل سنة، وعليه فتوى فقهاء الأمصار كأبي حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، ومالك وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وهو قول عمر وعثمان وابن مسعود والمغيرة وسعيد بن المسيب وعطاء وعمرو بن دينار وقتادة وإبراهيم النخعي وسفيان وعبد الرحمن الأوزاعي وإسحاق لا يؤجل ستة أشهر في العبد. وعنه وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وعن مالك يؤجل ستة أشهر في العبد. وعنه وعن ابن المسيب لو كانت حديثة العهد يؤجل خمسة أشهر. وعند عبد الله بن نوفل يؤجل عشرة أشهر.
م: (فإن وصل إليها فيها) ش: فلا كلام م: (وإلا) ش: أي وإن لم يصل إليها م: (فرق بينهما
إذا طلبت المرأة ذلك، هكذا روي عن عمر وعلي وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ولأن الحق ثابت له في الوطء، ويحتمل أن يكون الامتناع لعلة معترضة ويحتمل لآفة أصلية، فلا بد من مدة معرفة ذلك، وقدرناها بالسنة لاشتمالها على الفصول الأربعة، فإذا مضت المدة ولم يصل إليها تبين أن العجز بآفة أصلية ففات
ــ
[البناية]
إذا طلبت المرأة ذلك) ش: أي التفريق، لأن الحق لها م:(هكذا روي عن عمر وعلي وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -) ش: أما الرواية عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قضى عمر بن الخطاب في العنين أن يؤجل سنة.
قال معمر: وبلغني أن التأجيل من يوم تخاصمه. وروى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب " الآثار " أخبرنا أبو حنيفة حدثنا إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن عمر بن الخطاب أن امرأة أتته فقالت: إن زوجها لا يصل إليها، فأجله حولا، فلما انقضى حول ولم يصل إليها خيرها فاختارت نفسها، ففرق عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بينهما، وجعلها تطليقة بائنة. وأما الرواية عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فأخرجها ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن إسحاق عن خالد بن كثير عن الضحاك عن علي يؤجل العنين سنة، فإن وصل إليها وإلا فرق بينهما.
وأما الرواية عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فأخرجها ابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن الربيع بن عميلة عن أبيه عن حصين بن قبيصة عن عبد الله بن مسعود قال: يؤجل العنين سنة، فإن جامع وإلا فرق بينهما.
م: (ولأن الحق ثابت لها في الوطء، ويحتمل أن يكون الامتناع لعلة معترضة) ش: من رطوبة أو برودة فيداوى بما يضاده، أو من يبوسته فكذلك م:(ويحتمل لآفة أصلية) ش: يعني في أصل الخلقة م: (فلا بد من مدة معرفة ذلك) ش: يعني أن الآفة أصلية أو معترضة م: (وقدرناها) ش: أي قدرنا مدة التأجيل م: (بالسنة لاشتمالها على الفصول الأربعة) ش: أي لاشتمال السنة على أربعة فصول، الربيع وهو ما إذا كانت الشمس في الحمل والثور والجوزاء، وهو حار رطب على طبيعة الهواء. والثاني الصيف، وهو ما إذا كانت الشمس في السرطان والأسد والسنبلة، وهو حار يابس على طبيعة النار. والثالث الخريف، وهو ما إذا كانت الشمس في الميزان والعقرب والقوس، وهو بارد يابس مثل طبيعة الأرض. والرابع الشتاء، وهو ما إذا كانت الشمس في الجدي والدلو والحوت، وهو بارد رطب على طبيعة الماء.
م: (فإذا مضت المدة) ش: أي السنة م: (ولم يصل إليها تبين أن العجز بآفة أصلية، ففات
الإمساك بالمعروف، ووجب عليه التسريح بالإحسان. فإذا امتنع ناب القاضي منابه ففرق بينهما، ولا بد من طلبها لأن التفريق حقها وتلك الفرقة تطليقة بائنة، لأن فعل القاضي أضيف إليه فكأنه طلقها بنفسه، وقال الشافعي رحمه الله: هو فسخ. لكن النكاح لا يقبل الفسخ عندنا، وإنما تقع بائنة لأن المقصود - وهو رفع الظلم عنها - لا يحصل إلا بها لأنها لو لم تكن بائنة تعود معلقة بالمراجعة. ولها كمال مهرها إن كان خلا بها، فإن خلوة العنين صحيحة.
ــ
[البناية]
الإمساك بالمعروف، ووجب عليه التسريح بالإحسان، فإذا امتنع) ش: من المفارقة م: (ناب القاضي منابه، ففرق بينهما) ش: دفعا للظلم، لأن القاضي هو انتصب لدفع الظلم م:(ولا بد من طلبها، لأن التفريق حقها) ش: فإذا اختارت نفسها بعد مضي المدة فهل تقع الفرقة من غير تفريق الحاكم، أم يحتاج إلى التفريق، فيه اختلاف الرواية عن أصحابنا فقال صاحب المختلف: فإن اختارت نفسها بانت منه في ظاهر الرواية، ثم قال: روى الحسن عن أبي حنيفة أنها إذا اختارت نفسها فرق القاضي بينهما ولا تقع الفرقة من غير تفريق.
كذا ذكر الإمام الأسبيجابي أيضا في " شرح الطحاوي ".
وقال التمرتاشي: لو سأل الزوج القاضي بعد السنة أن يؤجل سنة أخرى أو شهرا أو أكثر لا يفعل ذلك إلا برضاها، فإذا رضيت ثم رجعت فلها ذلك، ويبطل الأجل. ولو وجدته عنينا ولم يخاصم زمانا لم يبطل حقها، لأن ذلك قد يكون للتجربة والامتحان لا للرضى.
م: (وتلك الفرقة تطليقة بائنة) ش: وبه قال مالك والثوري وقال الشافعي وأحمد: فسخ لأنه فرقة من جهتها، والقياس على الجب، قاله الماوردي من أصحابه. ولنا الفرقة من جهته م:(لأن فعل القاضي أضيف إليه) ش: أي إلى الزوج لامتناعه عن الإمساك بالمعروف، والفرقة بالطلاق مشروعة بكتاب الله تعالى أو الإجماع، والفسخ مختلف فيه، فالحمل بالجمع أولى ولا يستقيم قياسه على الجب، لأن الجب كالعنة، فيكون قياس المختلف على المختلف م:(فكأنه طلقها بنفسه) ش: أي فكأن الزوج طلقها بنفسه لإضافة فعل القاضي إليه.
م: (وقال الشافعي: هو فسخ) ش: أي تفريق القاضي بينهما فسخ للنكاح م: (لكن النكاح لا يقبل الفسخ عندنا) ش: يعني بعد تمام العقد، أما قبل تمام العقد فيقبل ذلك كما في خيار البلوغ وخيار العتاقة، لأن ذلك امتناع من تمام العقد، م:(وإنما تقع) ش: أي الفرقة م: (بائنة، لأن المقصود - وهو رفع الظلم عنها - لا يحصل إلا بها) ش: أي بالبائنة م: (لأنها) ش: أي لأن الفرقة م: (لو لم تكن بائنة تعود معلقة بالمراجعة) ش: وهي التي لا تكون ذات زوج ولا مطلقة. أما الأول فلفوات المقصود، وهو الوطء. وأما الثاني فلأنها تحت زوج فلا يحصل حينئذ رفع الظلم، وهو المقصود من فرقة العنين.
م: (ولها كمال مهرها إن كان خلا بها، فإن خلوة العنين صحيحة) ش: قيد به لأنه لو لم يكن