الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الثاني: فلأنه قد يراد بهذا التشبيه في القوة تارة، وفي العدد أخرى يقال: هو كألف رجل، ويراد به القوة فتصح نية الأمرين، وعند فقدانها يثبت أقلهما. وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يقع الثلاث عند عدم النية لأنه عدد يراد به التشبيه في العدد ظاهرا، فصار كما إذا قال طالق كعدد ألف.
وأما الثالث: فلأن الشيء قد يملؤه البيت لعظمة في نفسه، وقد يملؤه لكثرته وأي ذلك نوى صحت نيته، وعند انعدام النية يثبت الأقل.
ــ
[البناية]
الطلاق وهو أن المراد من أفعل التفضيل هنا مجرد الإثبات لا إثبات التفضيل فلا يجوز حمل مطلق اللفظ مع الاحتمال على الثلاث.
م: (وأما الثاني) ش: وهو قوله كألف م: (فلأنه) ش: أي فلأن الشأن م: (قد يراد بهذا) ش: أي بقوله: كألف م: (التشبيه في القوة تارة وفي العدد أخرى) ش: أي ويراد التشبيه في العدد مرة أخرى م: (يقال: هو كألف رجل) ش: أي فلان كألف رجل، يعني يعد كألف رجل م:(ويراد به القوة) ش: يقال فلان كألف رجل في القوة م: (فتصح نية الأمرين) ش: يعني إذا وسع المسافة نوى الواحدة يقع البائن باعتبار التشبيه في القوة. وإذا نوى الثلاث يقع أيضًا باعتبار التشبيه في العدد م: (وعند فقدانها) ش: أي عند فقدان النية م: (يثبت أقلهما) ش: أي أقل الأمرين وهو الواحد البائن، لأن الأقل متيقن.
م: (وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يقع الثلاث عن عدم النية لأنه عدد) ش: أي لأن الألف عدد م: (يراد به التشبيه في العدد ظاهرًا) ش: هذه رواية عن محمد وذكرها الولوالجي وغيره م: (فصار) ش: أي فصار الحكم في هذا م: (كما إذا قال: طالق كعدد ألف) ش: وهذا لا خلاف فيه، لأنه نص على العدد. ولو قال أنت طالق واحدة كألف فهي واحدة بائنة، ولا تكون ثلاثًا، لأن الواحدة لا تحتمل العدد فيكون التشبيه لزيادة القوة.
[قال أنت طالق مثل الجبل أوملء البيت]
م: (وأما الثالث) ش: وهو قوله ملء البيت م: (فلأن الشيء قد يملأ البيت لعظمة في نفسه، وقد يملؤه لكثرته، وأي ذلك نوى صحت نيته) ش: فالعظم في الطلاق بالإبانة والكثرة بالثلاث، فأيهما نوى صح م:(وعند انعدام النية يثبت الأقل) ش: وهو الإبانة، لأن الأقل متيقن. وروى الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عن أبي يوسف ومحمد في غير ظاهر الرواية إذا قال أنت طالق مثل الجبل أو ملء البيت أو ملء الكوز، يكون رجعيًا. وفي شرح الأقطع لو قال: أنت طالق تطليقة تملأ الكوز كان بائنًا في قولهم جميعًا، لأنه صفة للطلاق يقتضي زيادة عظم، وليس ذلك إلا بالبينونة.
وفي " الروض " مختصر الرافعي قال: أنت طالق ملء البيت أو البلد أو السماء والأرض أو أعظم من الجبل أو أكثر الطلاق أو أعظمه أو أشده أو أطوله أو أعرضه، أو طلقة كبيرة أو عظيمة يقع واحدة رجعية وتلغو هذه كلها.
وهكذا في " مغني " الحنابلة. وهكذا لو قال: ملء الدنيا يقع واحدة رجعية، كقول الشافعي
ثم الأصل عند أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه متى شبه الطلاق بشيء يقع بائنا أي شيء كان المشبه به، يذكر العظم أو لم يذكر؛ لما مر أن التشبيه يقتضي زيادة وصف، وعند أبي يوسف رحمه الله، أن ذكر العظم يكون بائنا وإلا فلا أي شيء كان المشبه به. لأن التشبيه قد يكون في التوحيد على التجريد، أما ذكر العظم فللزيادة لا محالة، وعند زفر رحمه الله إن كان المشبه به مما يوصف بالعظم عند الناس يقع بائنا وإلا فهو رجعي. وقيل: محمد رحمه الله مع أبي حنيفة رحمه الله وقيل مع أبي يوسف رحمه الله وبيانه في قوله: مثل رأس الإبرة
ــ
[البناية]
وأقصى الطلاق وأكثره واحدة رجعية وهو المذهب، ويحتمل الثلاث في أقصاه، قال السروجي: هذا الاحتمال هو الحق والمذهب ضعيف جدًا. ولو قال: أنت طالق عدد التراب يقع واحدة عند أبي يوسف، واختاره البغوي وأحمد. وفي جوامع الفقه عن محمد عدد الرمل ثلاث، لأنه ذو عدد، بخلاف التراب روايتان عنه. ولو قال: أنت طالق واحدة مائة مرة لم يقع إلا وحدة قاله المتولي عن الشافعية وهو بعيد جدًا.
وفي المرغيناني قال: أنت طالق كثلاث فهي واحدة بائنة عند أبي يوسف، وثلاث عند محمد كما لو قال كعدد ثلاث. ولو قال كعدد الشمس أو القمر فهي واحدة بائنة عند أبي حنيفة ورجعية عند أبي يوسف، وعن محمد كالنجوم واحدة، وكعدد النجوم ثلاث. وفي المرغيناني وغيره قال: أنت طالق كعدد كل شعرة على جسد إبليس - لعنه الله - يقع واحدة حتى يعلم عدد شعره، أو هل له شعر. وذكر الكرخي: لو قال: أنت طالق عدد شعر رأسي وعدد شعر ظهر كفي، وقد طلقت ثلاثًا، لأن الشعر ذو عدد، وإن لم يكن موجودًا. وإن قال كالثلج فهو بائن.
م: (ثم الأصل عند أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ش: أراد بهذا بيان الأصل الذي يبنى عليه أقوال الإمام وصاحبيه وزفر رحمه الله تعالى م: (أنه) ش: أي أن الرجل م: (متى شبه الطلاق بشيء) ش: من الأشياء م: (يقع الطلاق بائنًا، أي شيء كان المشبه به يذكر العظم أو لم يذكر لما مر) ش: عن قريب م: (أن التشبيه يقتضي زيادة وصف) ش: وزيادة الوصف توجب البينونة.
م: (وعند أبي يوسف أن ذكر العظم يكون بائنًا، وإلا فلا أي شيء كان المشبه به) ش: يعني سواء كان صغيرًا أو كبيرًا م: (لأن التشبيه قد يكون في التوحيد على التجريد) ش: أي من وصف العظم م: (أما ذكر العظم فللزيادة لا محالة) ش: وذلك بالبينونة م: (وعند زفر إن كان المشبه به مما يوصف بالعظم عند الناس يقع بائنًا وإلا فهو رجعي) ش: سواء ذكر العظم أو لم يذكر م: (وقيل محمد مع أبي حنيفة، وقيل محمد مع أبي يوسف) ش: أشار بهذا إلى أن قول محمد مضطرب. وفي " الذخيرة " عند أبي يوسف ومحمد أن ذكر العظم كان بائنًا، وإن كان المشبه به حقيرًا. وإن لم يذكر العظم وإن كان له حد يقع بائنًا وإلا يكون رجعيًا.
م: (وبيانه) ش: أي بيان هذا الخلاف م: (في قوله: مثل رأس الإبرة) ش: أي في قوله أنت