الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الولاية إنما تثبت صونا للقرابة عن نسبة غير الكفؤ إليها وإلى العصبات الصيانة، ولأبي حنيفة: أن الولاية نظرية والنظر تتحقق بالتفويض إلى من هو المختص بالقرابة الباعثة على الشفقة.
ومن لا ولي لها يعني العصبة من جهة القرابة إذا زوجها مولاها الذي أعتقها جاز لأنه أخر العصبات، وإذا عدم الأولياء فالولاية إلى الإمام والحاكم لقوله عليه السلام «السلطان ولي من لا ولي له»
ــ
[البناية]
العصبات» والألف واللام تدل على جنس النكاح لعدم العهد، ومعناه: هذا الجنس مفوض إلى هذا الجنس.
فلا يكون لغيره فيه مدخل، وقد مضى الكلام في الحديث م:(ولأن الولاية إنما تثبت صونا للقرابة عن نسبة غير الكفء إليها وإلى العصبات الصيانة) ش: أي الصيانة إلى العصبات.
م: (ولأبي حنيفة أن الولاية نظرية، والنظر يتحقق بالتفويض إلى من هو المختص بالقرابة الباعثة على الشفقة) ش: والشفقة موجودة في الأم وقرابتها كما في قرابة الأب، ولهذا قال أصحابنا قوله عليه السلام:«الإنكاح إلى العصبات» يتناول الإمام، لأنها عصبة في الجملة، يعني في صورة ولد الزنا، وولد الملاعنة وثبت له ولاية التزويج أيضا.
والجواب عن الحديث أن النكاح إلى العصبات حالة وجودهم وبه يقول.
[عدم الأولياء في نكاح المرأة]
قال: م: (ومن لا ولي لها) ش: هذا لفظ القدوري وقوله م: (يعني العصبة من جهة القرابة) ش: من كلام المصنف والضمير في لها يرجع إلى - من - وهي الولية، وفي بعض النسخ، ومن لا ولي له بتذكير الضمير وهو ظاهر.
م: (إذا زوجها مولاها الذي أعتقها جاز) ش: لمولى العتاقة وعصبة التزويج بالإجماع ترتيب عصبات العتق كعصبات القرابة بالإجماع، ويكون مقدما على ذوي الأرحام [
…
] وغيرهما.
م: (لأنه آخر العصبات) ش: في الإرث، وكذا لمولى الموالاة ولاية التزويج على الصغيرة عندهما إذا لم يكن لها قريب، خلافا لمحمد والشافعي، ومالك وأحمد؛ لأنه يؤخر عن ذوي الأرحام في الميراث عند محمد، فلا يكون له ولاية، كما لذوي الأرحام، وعند الشافعي: عقد الموالاة يصح، فلا يكون له عصوبة ولا قرابة.
م: (وإذا عدم الأولياء) ش: يعني على الوجه المذكور، وذكر بلفظ الأولياء ليتناول العصبات النسبية والسببية م:(فالولاية للإمام) ش: أي الخليفة م: (والحاكم) ش: أي القاضي ومن نصبه القاضي إذا شرط تزويج الصغار في عهده م: (لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «السلطان ولي من لا ولي له» ش: هذا في آخر حديث أخرجه أبو داود والترمذي، وابن ماجه.
فإذا غاب الولي الأقرب غيبة منقطعة جاز لمن هو أبعد منه أن يزوج. وقال زفر لا يجوز لأن ولاية الأقرب قائمة لأنها تثبت حقا له صيانة للقرابة فلا تبطل بغيبته، ولهذا لو زوجها حيث هو جاز ولا ولاية للأبعد مع ولايته. ولنا أن هذه ولاية نظرية، وليس من النظر التفويض إلى من لا ينتفع برأيه ففرضناه إلى الأبعد وهو مقدم على السلطان كما إذا مات الأقرب. ولو زوجها حيث هو فيه منع
ــ
[البناية]
من حديث الزهري، عن عائشة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - _ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» ، وقال الترمذي: حديث حسن.
م: (فإذا غاب الولي الأقرب) ش: كالأب م: (غيبة منقطعة جاز لمن هو أبعد منه) ش: كالجد م: (أن يزوج) ش: وبه قال مالك وأحمد، وقال الشافعي: يزوجها السلطان أو القاضي، ولا يجوز أن يزوجها الأبعد م:(وقال زفر: لا يجوز) ش: لأحد حتى يحضر الأقرب م: (لأن ولاية الأقرب قائمة؛ لأنها تثبت حقا له) ش: والأبعد محجوب الولاية، ولا تأثير للغيبة في قطع، وحقه ثبت م:(صيانة للقرابة) ش: عن نسب الكفء إليها.
م: (فلا تبطل) ش: أي حقه م: (بغيبته؛ ولهذا) ش: أي ولثبوت حقه؛ وعدم بطلانها بغيبته م: (لو زوجها حيث هو) ش: أي لزوجها الولي الأقرب، حيث كان هو م:(جاز) ش: بالاتفاق فدل على قيام ولايته في غيبته، فإذا كان كذلك لا يجوز تزويج الأبعد، م:(ولا ولاية للأبعد مع ولايته) ش: أي مع ولاية الأقرب. م: (ولنا أن هذه) ش: أي هذه الولاية م: (ولاية نظرية وليس من النظر التفويض إلى من لا ينتفع برأيه) ش: وهو الأقرب في غيبته لتعذر الانتفاع بغيبته، والتحق بمن لا ولي له أصلا، كالصغير والمجنون، وله أي الأبعد خلف عن رأي الأقرب فصار كولاية الحضانة يتقدم فيها الأقرب.
فإذا تزوج كانت الولاية للأبعد، فإن كان الأمر كذلك م:(ففرضناه إلى الأبعد) ش: وهذه نتيجة المتقدمين الصادقين، فافهم. م:(وهو مقدم على السلطان) ش: قال الأكمل: وهذه إشارة إلى جواب الشافعي م: (كما إذا مات الأقرب) ش: لم تنقل إلى السلطان، فعنده إذا غاب الأقرب يزوج السلطان كما ذكرناه.
قلت: لم يذكر قول الشافعي في الكتاب صريحا، ولم يذكر قوله إلا الشراح م:(ولو زوجها حيث هو فيه منع) ش: هذا جواب عن قول زفر، ولهذا لو زوجها حيث
وبعد التسليم نقول: للأبعد بعد القرابة وقرب التدبير للأقرب عكسه فنزل منزلة وليين متساويين فأيهما عقد نفذ ولا يرد. والغيبة المنقطعة أن يكون في بلد لا تصل إليه القوافل في السنة إلا مرة واحدة، وهو اختيار القدوري.
ــ
[البناية]
جاز تقريره ولا نسلم جوازه، وفي " المحيط ": لا رواية فيه، وينبغي أن لا يجوز، لانقطاع ولايته م:(وبعد التسليم) ش: أي بعد أن سلمنا ذلك م: (نقول: للأبعد بعد القرابة وقرب التدبير، وللأقرب عكسه) ش: وهو قرب القرابة، وبعد التدبير، وثبوت الولاية، فاستويا من هذا الوجه.
م: (فنزل منزلة وليين متساويين فأيهما عقد نفذ) ش: أي العقد م: (ولا يرد) ش: يعني إذا حضر الأقرب، وقد زوج الأب، ثم حضر الأقرب لا يرد العقد، وقيل: عند زفر يبطل عقد الأبعد إذا حضر الأقرب لعدم ولايته م: (والغيبة المنقطعة) ش: لما ذكر لفظ الغيبة المنقطعة فيما مضى شرع هنا في بيانها، فقال م:(أن يكون) ش: أي ولي الأقرب م: (في بلد لا تصل إليه القوافل في السنة إلا مرة واحدة) ش: وقدرها الشافعي ومالك وأحمد بأدنى مدة السفر.
وفي " المبسوط ": وإليه أشار محمد في الكتاب، فقال: أرأيت لو كان في السواد ونحوه، إنما كان يستطيع رأيه فهذا إشارة إلى أنه إذا جاوز السواد ثبتت الولاية للأبعد، وعن أبي يوسف، ومحمد المنقطعة من البصرة إلى الرقة، وغير المنقطعة من بغداد إلى الكوفة، وقيل: بعد بمائة وخمسين فرسخا. وفي " المحيط ": عن محمد روايتان: إحداهما: مسيرة شهر، والأخرى: مسيرة ثلاثة أيام، واختارها أبو الليث. وعن محمد: من الكوفة إلى الري وهو عشرون مرحلة، وفي " الروضة ": وهو قول أبي حنيفة ذكره الطحاوي في شرحه ومختصره، وقيل: من الكوفة إلى البصرة.
وفي " الأسبيجابي ": إن كان في مكان لا تختلف إليه القوافل فهو غيبة منقطعة. وقيل: إن كانت في موضع يقع إليه بدفعة واحدة فليست بمنقطعة، ومن المشايخ من قال أن لا يتوقف له على أثر، بأن كان جوالا من موضع إلى موضع، أو مفقودا حتى لو كان في بلد واحد، لا يوقف عليه مختصا لها كانت غيبة منقطعة.
وقال أحمد: يزوجها في السفر البعيد دون القريب، قيل: يحتمل أن يكون البعيد ما يقصر فيه الصلاة. وقيل: ما يقطع بكلفة ومشقة، وقيل: يزوجها الحاكم، وإن كان قريبا، وإن كان القريب محبوسا أو أسيرا في مسافة قريبة فهو كالبعيد، وكذا إذا لم يعلم مكانه والشافعية قدروها بمسافة القصر.
م: (وهو اختيار القدوري) ش: يعني الذي اختاره القدوري في " مختصره "، وهو قوله والغيبة المنقطعة أي يكون في بلدة لا تصل إليها القوافل في السنة إلا مرة.