الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن النكاح ما شرع إلا مثمرا بثمرات مشتركة بين المتناكحين والمملوكية تنافي المالكية فيمتنع وقوع الثمرة على الشركة.
ويجوز تزوج الكتابيات
ــ
[البناية]
م: (لأن النكاح ما شرع إلا مثمرا بثمرات مشتركة بين المتناكحين) ش: ثمرته للزوجة وجوب المهر والكسوة والنفقة ووجوب الوطء عليه حكما، وما بعدها وبأنه لا يحل له العزل بغير رضاها، ولها الخيار بالجب والعنة، وثمرته للزوج التمكين من نفسها، وقرارها في بيته. وأعمال داخل البيت من الطبخ وغسل ثيابه وتربية ولده منها وإرضاعها، بمكان كل واحدة منهما مالكا ومملوكا، وبينهما منافاة، أشار إليه بقوله: م: (والمملوكية تنافي المالكية) ش: لأن المالكية تقتضي الظاهرية، والمملوكية تقتضي المقهورية ولا خفاء في التنافي بينهما فإن كان كذلك.
م: (فيمتنع وقوع الثمرة على الشركة) ش: لأن ملك أحدهما صاحبه ينفي وقوع الثمرة على الاشتراك، وإذا انقطعت الشركة ينقطع الملك ما يثبت لعينه في باب النكاح، وإنما يثبت لتحقيق الثمرات.
فإن قيل: المالكية والمملوكية من جهتين مختلفتين فلا تنافي حينئذ.
فالجواب عنه: اختلاف الجهة، لأن كون المرأة مالكة بجميع أجزائها إنما هو بالنسبة إلى العبد، فلم تختلف، ولقائل أن يقول: المرأة بجميع أجزائها مالكة للعبد بجميع أجزائه.
وليست مالكة لمنافع بضعه فجاز أن يملك العبد بالنكاح على سيدته منافع بضعها؛ لأن النكاح عقد على ملك منافع البضع وهو لم يكن من حيث منافع بضعه مملوكا، ولا المولى من حيث منافع بضعها مالكة، بل من حيث أجزائها.
[تزوج الكتابيات والمجوسيات والوثنيات والصابئات]
م: (ويجوز تزوج الكتابيات) ش: جمع كتابية، والذكر كتابي، وهو الذي يؤمن بنبي ويقر بكتاب، ولا خلاف للأئمة الأربعة في جواز نكاح الكتابية الحرة، وهي النصرانية واليهودية.
وممن آمن بزبور داود، وصحف إبراهيم وشيث عليهم السلام، والسامرة من اليهود اختلفوا فيه، ولكن قال الشافعي: ينبغي أن تكون إسرائيلية، يعني من أولاد إسرائيل، وهو يعقوب صلى الله عليه وسلم، وأما التمسك بكتب الأنبياء السالفة، بصحف إبراهيم وموسى وإدريس لا يجوز نكاحهم، كذا في " شرح الوجيز ".
وممن روي عنهم جواز حرائر أهل الكتاب عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وحذيفة، وسلمان، وجابر وغيرهم _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
ويروى عن ابن عمر أنه كان لا يجوز نكاح الكتابية، وقالت الإمامية: لا يجوز نكاح الكتابية إلا عند عدم المسلمة لاختلاف العلماء في كونهم مشركين، قول الله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221](البقرة: الآية 221) ، أي حتى يسلمن من أهل الكتاب.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5](المائدة: الآية 5) ، أي العفائف
ولا فرق بين الكتابية الحرة والأمة على ما تبين بعد إن شاء الله تعالى: ولا يجوز تزويج المجوسيات،
ــ
[البناية]
واختلف أهل العلم أن لفظ الشرك يتناول أهل الكتاب، فقال بعضهم: يتناوله لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] ش: (التوبة: الآية 30) .
ثم قال في آخر الآية: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] والأصح أن اسم الشرك مطلقا لا يتناول أهل الكتاب لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2](الحجر: الآية 2)، {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: 1] (البينة: الآية 1) ، والعطف يقتضي المغايرة، والمطلق ينصرف إلى الكامل.
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] (المائدة: الآية 5) ش: أي الكتابيات من أحصنت إذا عفت، وأحصنها زوجها إذ أعفها فهي محصنة بالفتح م:(أي العفائف) ش: فسر المصنف المحصنات بالعفائف، وكذا فسر السدي والشعبي.
قال الأكمل: تفسيره بذلك احترازا عن قول ابن عمر _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _، فإنه فسره بالمسلمات، وليست العفة شرطا لجواز النكاح، وإنما ذكرها بناء على العادة بدلالة الفرض.
وجه الاستدلال أن الله تعالى قال: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ} [المائدة: 5](المائدة: الآية 5)، أي: وأحل لكم المحصنات من الذين أوتوا الكتاب فلا خفاء في دلالته على الحل، والعفائف جمع عفيفة من عف عن الحرام يعف عف وعفة، أي كف وهو عف وعفيف، والمرأة عفة وعفيفة.
م: (ولا فرق بين الكتابية الحرة والأمة على ما نبين بعد إن شاء الله تعالى) ش: يعني بعد أسطر، حيث قال: ويجوز تزويج الأمة.
وقال الكاكي: الأولى أن لا يتزوج الكتابية، ولا تؤكل ذبيحتهم إلا للضرورة، لما روي أن عمر _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ غضب على حذيفة، وكعب، وطلحة غضبا شديدا، فقالوا: انطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، وكان حذيفة بن اليمان تزوج يهودية، وكذا كعب بن مالك، وطلحة بن عبيد الله.
م: (ولا يجوز تزويج المجوسيات) ش: أي بإجماع الأئمة الأربعة، وفقهاء الأمصار، والصحابة، وهي جمع مجوسية، والذكر مجوسي، والمجوس: يعبدون النار.
وفي " المبسوط ": لا يجوز نكاحها؛ لأنها ليست من أهل الكتاب، وذكر إسحاق في " تفسيره ": جواز نكاحها، على ما روي عنه أن المجوس من أهل الكتاب، وبه قال داود