الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في الأولياء والأكفاء
وينعقد
نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها
وإن لم يعقد عليها ولي، سواء كانت بكرا أو ثيبا عند أبي حنيفة وأبي يوسف _ رحمهما الله _ في ظاهر الرواية، وعن أبي يوسف _ رحمه الله _ أنه لا ينعقد إلا بولي وعند محمد ينعقد موقوفا. وقال مالك والشافعي _ رحمهما الله _ لا ينعقد النكاح بعبارة النساء أصلا
ــ
[البناية]
[باب في الأولياء والأكفاء][نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها]
م: (باب في الأولياء والأكفاء) ش: لما ذكر النكاح وألفاظه ومحله شرع في بيان العاقد والولي، أي هذا باب في بيان حال الأولياء والأكفاء. والأولياء جمع ولي وهو المالك، يقال: ولي اليتيم والكفيل أي مالك أمرهما. والأكفاء جمع كفء وهو النظير، ومنه كافأه أي سواه.
م: (وينعقد نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي) ش: يعني هي زوجت نفسها بنفسها م: (سواء كانت بكرا أو ثيبا) ش: واحترز به عن قول أصحاب الظاهر، فإنهم فصلوا بين البكر والثيب، فقالوا: إن كانت بكرا لا يصح نكاحها بغير ولي، وإن كانت ثيبا صح م:(عند أبي حنيفة وأبي يوسف في ظاهر الرواية) ش: احترز به عن رواية الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: إن كان الزوج كفؤا لها جاز النكاح، وإلا فلا.
م: (وعن أبي يوسف) ش: يعني في غير ظاهر الرواية م: (أنه لا ينعقد إلا بولي) ش: أبو يوسف أولا يقول: لا يجوز تزويجها من كفء أو غير كفء إذا كان لها ولي ثم رجع وقال: صح النكاح سواء كان الزوج كفؤا لها أو لا، وذكر الطحاوي قول أبي يوسف: إن الزوج إذا كان كفؤا لها أمر القاضي بإجازة العقد، فإن أجازه جاز وإن أبى لم يجز ولم يفسخ، ولكن يجبر القاضي فيجز، ذكره " في المبسوط ".
م: (وعند محمد ينعقد موقوفا) ش: إلى إجازة الولي سواء كان الزوج كفؤا لها أو لا، فإن الولي أجاز وإلا فلا، ومن العلماء من قال: إن كانت غنية شريفة لم يجز تزويجها نفسها بغير رضا الولي، وإن كانت فقيرة يجوز تزويجها نفسها بغير رضا الولي.
م: (وقال مالك والشافعي: لا ينعقد النكاح بعبارة النساء أصلا) ش: ولا توكيلهن، ولا بد من الولي أو السلطان عند عدمه، ويروى ذلك عن بعض الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال مالك: إن كانت ذات حسن وجمال وشرف أو قال: يرغب في مثلها لم يصح نكاحها إلا بولي، وإن كانت بخلاف ذلك جاز أن يتولى نكاحها أجنبي برضاها، ولا تتولاه بنفسها.
قيل: هذا النقل عنه غلط، والصحيح عنه أن الزانية إن زوجها الجار أو غيره ليس بولي جاز، والتي لها موضع، فإن زوجها غير الولي فرق بينهما، فإن أجازه الولي أو السلطان جاز.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وللشافعي وأحمد شرط في ذلك واستدلا بقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232](البقرة: الآية 232)، قال الشافعي: هذه ابتدائية في كتاب الله _ عز وجل _ تدل على النكاح بغير ولي لا يجوز لأنه نهى الولي عن العضل، أي المنع، والمنع إنما يتحقق منه إذا كان الممنوع في جدة إذ الخطاب للأولياء.
وروى البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي من رواية الحسن عن معقل بن يسار، قال: كانت لي أخت تخطب إلي فأمنعها
…
الحديث، فأنزل الله تعالى هذه الآية {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] .
وروى الترمذي حديث ابن عمر: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - _ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» الحديث.
وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه أيضا، وروى الترمذي من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» .
وأخرج الدارقطني في سننه من حديث قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن ابن مسعود _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» .
وروى الدارقطني أيضا من حديث ابن عمر _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» .
رواه الحاكم من حديث أنس _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ «لا نكاح إلا بولي» رواه البيهقي من
لأن النكاح يراد لمقاصده والتفويض إليهن مخل بها. إلا أن محمدا _ رحمه الله _ يقول يرتفع الخلل بإجازة الولي
ــ
[البناية]
حديث الحسن عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدي عدل» .
وروى ابن ماجه من رواية هشام عن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها» .
وروى ابن عدي في " الكامل " من حديث قبيصة بن ذؤيب عن معاذ بن جبل _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرأة تزوجت بغير ولي فهي زانية» .
وروى الطبراني في " الأوسط " من حديث أبي سفيان عن جابر مرفوعا: «لا نكاح إلا بولي فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» .
وروى ابن عدي في " الكامل " من حديث أصبغ بن نباتة عن علي _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرأة تزوجت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له» .
وفي الباب أيضا عن عبد الله بن عمر وأبي ذر والمقداد بن الأسود والمسور بن مخرمة وأم سلمة وزينب بنت جحش _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - _.
وأما استدلالهم: بطريق المعقول فهو ما أشار إليه المصنف بقوله: م: (لأن النكاح يراد لمقاصده) ش: ومقاصده هو أن يستدعي التوافق بينهما عادة ولا يوفق عليها إلا بالعقل الكامل، وعقلها ناقص بالحديث م:(والتفويض إليهن) ش: أي تفويض عقد النكاح إلى النساء م: (مخل بها) ش: أي مقاصد النكاح، لأنهن سريعات الاغترار سيئات الاختيار لا سيما عند هيجان الشهوة، فإن الشهوة إذا ثارت حجبت العقول من تحسين النظر في العواقب.
قلنا: هذا مردود بما أذن لها الولي بأن يأذن الولي بخير الخلل، فكان الواجب الجواز حينئذ وهم لا يقولون به.
وأشار إلى هذا بقوله: م: (إلا أن محمدا يقول: يرتفع الخلل بإجازة الولي) ش: والاستثناء من قوله: مخل بها، فالذي قاله محمد جواب بالرد لما قال الخصم، وتقرير ما قاله محمد أن الغرر الموهوم ينتفي بإجازة الولي ولا خلل في نفس العبد فيصبح موقوفا بإجازته.
وقال أيضا: ينفذ عقد الولي عليها بسكوتها عنده، ولو لم يكن له ولاية عليها لم ينفذ بسكوتها كالأجنبي.
ووجه الجواز أنها تصرفت في خالص حقها وهي من أهله لكونها عاقلة مميزة ولهذا كان لها التصرف في المال ولها اختيار الأزواج
ــ
[البناية]
قلنا: سكوتها إذن منها: يجعل الشارع ذلك إذنا منها فلم ينفذ إلا بإذنها لوكيلها. قالوا: يجب على الولي تزويجها عند طلبها ولو لم يكن له ولاية لما وجب ذلك عليه.
قلنا: هذا ممنوع بل هي تأذن لمن يزوجها أو تباشر بنفسها ما لو قام بها وصف نقص بسلب أهلية الأمانة العامة والخاصة، وسلب الشهادة فيما يندرئ بالشبهات، وسقوط الجمعة والجماعات فصارت كالرخصة.
قلنا: هذا قياس شبهة باطل، والنكاح ليس من الحدود ولا ما يندرئ بالشبهات، وإنما سقطت الجمعة والجماعات للفتنة.
وقولهم: تبطل بالمسافر، ولا بسلب عقدة الولاية، ولا يوصف بسببه بالنقص، قالوا: إن الولاية تبقى عليها بعد بلوغها نقص صداقها، وفي حق الضم والإسكان.
قلنا: هذا لخوف الفتنة عليها.
قالوا: إنها قاصرة في البضع، ولهذا لا تسافر وحدها.
قلنا: يبطل هذا بسفر بالحج؛ فإنها بغير محرم ولا زوج عند مالك والشافعي.
م: (ووجه الجواز) ش: أي جواز عقد النكاح المرأة الحرة العاقلة البالغة برضاها، وإن لم يعقد عليها ولي م:(أنها تصرفت في خالص حقها) ش: حتى كان البدل الواجب بمقابلتها لها م: (وهي من أهله) ش: أي المرأة من أهل التصرف خالص حقها م: (لكونها عاقلة مميزة ولهذا) ش: أي ولأجل كونها عاقلة مميزة م: (كان لها التصرف في المال، ولها اختيار الأزواج) ش: بالاتفاق وكل تصرف هذا شأنه فهو جائز.
فإن قلت: لا نسلم أنها تصرفت في خالص حقها، بل في حق تعلق به حق الأولياء، ولهذا لا يجوز إذا لم يكن بكفء.
قلت: لا فرق في ظاهر الرواية فلا يرد عليه، وأما على رواية الحسن عن أبي حنيفة _ رحمه الله _ فالجواب: أن المراد بخالص حقها ما كان من الموضوعات الأصلية، التي يترتب عليها النكاح من تمليك منافع بضعها وإيجاب النفقة والكسوة والمهر والسكنى ونحوها، وكل ذلك خالص حقها فلا يعتبر بالعارض للحوق الماء بالأولياء.
فإن قيل: هذا استقلال بالرأي في مقابلة الكتاب والسنة: وكله فاسد، أما الكتاب فقوله تعالى:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232](البقرة: الآية 232) ، نهى الولي عن العضل وهو المنع، وإنما يتحقق المنع إذا كان الممنوع في يده.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وأما السنة: فهي الأحاديث التي ذكرناها.
فنجيب أولا عن الآية، ثم عن الأحاديث: فنقول:
الآية مشتركة الإلزام؛ لأنه نهاهم عن منعهن عن النكاح، فدل على أنهم يمكنهم، وإن قَوْله تَعَالَى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 234](البقرة: الآية 240)، وقَوْله تَعَالَى:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230](البقرة: الآية 230)، قَوْله تَعَالَى:{أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232](البقرة: الآية 232) ، يعارضهما.
وأما الجواب عن الأحاديث فيأتي واحدا واحدا، فنقول:
أولا: عن استدلال الشافعي بقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] إنه يدل على نكاحها بمباشرتها من غير إذن الولي من وجوه:
الأول: أن الله تعالى أضاف العقد إليها.
الثاني: أن نهيه تعالى عن العضل إذا تراضى الزوجان.
الثالث: أن العضل إذا تراضى الزوجان.
الرابع: أن العضل اسم يشترك بمعنى المنع، وبمعنى الضيق، وآلة العضال، وذلك كله ظاهر في منعه من الخروج والمراسلة في عقد النكاح، والأظهر في الآية أن الخطاب للأزواج، لا للأولياء.
قال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232](البقرة: الآية 232)، وذلك بالحبس وتطويل العدة عليهن لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231] وكانوا يطلقون فيراجعون إذا قرب انقضاء عدتهن من غير حاجة ضرر.
وقال الإمام فخر الدين بن الخطيب: المختار أنه خطاب للأزواج، لا للأولياء، قال: وتمسك الشافعي بها ممنوع على المختار، رواه ابن عباس، وأيضا ثبوته في حق الولي ممتنع؛ لأنه مهما عزل فلا يبقى بعضلها أثر.
وأما الجواب عن حديث معقل بن يسار، فإن الرازي قال: في طريقه مجهول؛ فلا يكون حجة عندهم.
وأما حديث عائشة _ رضي الله عنها _ فمداره على الزهري، وابن جريج سأله عنه فلم يعرفه. وفي رواية فأنكره فسقط عباؤه.
وقال الطحاوي: قد يثبت عن عائشة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - _ ما يخالف هذا الحديث؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
فإنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بن المنذر من الزبير، وعبد الرحمن غائب بالشام، ولما قدم قال: أمثل هذا يصنع به أو يعاب عليه، فكلمت عائشة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - _ المنذر. فقال المنذر: إن ذلك بيد عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: ما كنت أرد أمرا قضيته، ومرت حفصة عنده، ولم يكن ذلك طلاقا، قال: فلما رأت عائشة تزويجها جائزا مستقيما استحال عندنا أن تكون ترى ذلك، وقد علمت ما نسب إليها من رواية الزهري.
فإن قلت: قال ابن حزم في " المحلى ": هذا مشهور، ثم إنكاح عائشة حفصة، وفيه أمرت رجلا فأنكح، ثم قال: ليست إلى النساء إلا النكاح، قال: فصح يقينا بهذا رجوعها عن العمل الأول، قال: كتب إلي محمد بن سماعة بهذا.
قلت: قال السروجي: ما أجهله بالفقه وأصوله، وهل يقول أحد في العالم إن كتاب ابن سماعة يفيد اليقين والعلم الضروري، مع أنه لا يعرف صحة سنده، ولا يعرف من روى هذا بإسناد اليقين، وخبر الواحد بالمشافهة لا يفيد يقينا، فما ظنك بكتابه؟
فإن قلت: هذا الحديث قد روي بطرق كثيرة.
قلت: في طريقه زيد بن يسار بن مزود الرهاوي، قال أحمد، وعلي بن المديني والدارقطني: هو ضعيف، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي والأزدي: متروك الحديث، وفيها عبد الله بن حكيم أبو بكر الرازي، عن هشام بن عرفة، وقال نوح بن دراج القاضي، قال يحيى: ليس بثقة، ولا يدري بالحديث.
وقال النسائي: قال يحيى وعلي وأحمد: وهو ليس بشيء، ولا يكتب حديثه، وفيه أبو الحصين وهو مجهول، وفيه عطاء بن عجلان الحنفي العطار، وقال الترمذي: ذاهب الحديث، وفيه أبو مالك الحسن ضعفه مسلم، وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه كلام كثير، وفيه عبد الله بن لهيعة وهو معروف الحال، والعجب أنهم يضعفونه، وهو عند كون الحديث عليهم، ويحتجون به عند كون الحديث لهم، وفيها ابن ربيعة ضعفه ابن معين، وقال: ليس بشيء.
وأما حديث أبي موسى الأشعري فرواه إسحاق الهمداني، عن أبي بردة فضعفه شعبة، وسفيان الثوري، وأبو إسحاق مدلس، وقد قال عن أبي بردة؛ فلا يكون حجة.
وأما حديث ابن مسعود ففيه بكر بن بكار، قال يحيى: ليس بشيء.
وأما حديث ابن عمر _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _ ففيه ثابت بن زهير، قال أبو حاتم: منكر الحديث، وضعفه ابن عدي، وابن حبان. وقال أبو داود: موقوف على ابن عمر.
وأما حديث عمران بن حصين فقد قال السروجي: ليس له حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما رواه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
عن ابن مسعود.
وأما حديث أبي هريرة ففيه جميل بن الحسن العتكي، ومسلم بن أبي مسلم، لا يعرفان.
وأما حديث معاذ بن جبل _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ ففيه نوح بن أبي مريم أبو عصمة، ضعفه ابن معين والدارقطني.
وأما حديث جابر _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ ففيه ثعلبة بن الوليد أبو محمد الحمصي، وكان مدلسا، وقالوا: أبو مسهر ثعلبة غير ثقة، ويروي عن قوم مجهولين متروكين، لا يحتج بهم.
وأما حديث علي _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ففيه أصبغ بن نباتة أبو القاسم الحنظلي، ليس بثقة ولا يساوي شيئا، قال ابن معين وقال النسائي: متروك الحديث وفيه عمر بن صبيح التميمي أبو نعيم، قال: أنا الذي وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يضع الحديث، وفي الجملة قد ضعف البخاري هذه الأحاديث.
وقال يحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه: تنسب إليه ثلاثة أحاديث لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أحدها: «لا نكاح إلا بولي» ، وثانيها:«من مس ذكره فليتوضأ» . ثالثها: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» ، رواه عنهما ابن عون [
…
] وشمس الدين السبط بن الجوزي: وقال يحيى بن معين: لا يصح في هذا الباب إلا حديث عائشة، قلنا: قد روي ما يخالف حديثها، وقد ذكرناه عن قريب
وقال الحافظ أبو جعفر الطحاوي: فلما لم يكن في هذه الأقاويل دليل على ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى، وأراد بهم الشافعي ومالكا، وأحمد، وإسحاق، وأبا ثور، نظرنا فيما سواها، هل نجد شيئا يدل على الحكم في هذا الباب، كيف هو؟ فإن يونس قد حدثنا قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها سكوتها» وأخرجه من ثلاث طرق، ثم قال: فبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بقوله: «الأيم أحق بنفسها من وليها» .
وهذا الحديث أخرجه أيضا الترمذي، عن يحيى بن يحيى عن مالك، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي، والأيم بفتح الهمزة وتشديد الياء التي هي آخر الحروف،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وهو في " الأصل " التي لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا، مطلقة كانت أو متوفى عنها زوجها. قيل وأراد بها هنا الثيب خاصة، على ما نبين إن شاء الله تعالى.
وقد ذكرت في شرحي لمعاني الآثار للطحاوي، وقد اختلف في معنى الأيم هنا مع اتفاق أهل اللغة، أنه يطلق على كل امرأة لا زوج لها صغيرة كانت أو كبيرة، بكرا كانت أو ثيبا، وذهب علماء الحجاز، وكافة العلماء إلى أن المراد بها هاهنا الثيب التي فارقها زوجها، وقالوا: بأنه أكثر استعمالا فيمن فارقت زوجها بموت أو طلاق، وبرواية الأثبات فيه الثيب مفسرا، وهو أيضا لفظ مسلم:«الثيب أحق بنفسها من وليها» "، ويقابله:«البكر تستأمر في نفسها» ، ولو كان المراد بالأيم كل ما لا زوج لها من الأبكار وغيرهن، وأن جميعهن أحق بأنفسهن لم يكن لتفصيل الأيم من البكر معنى.
وذهب الكوفيون وزفر إلى أن الأيم هنا يطلق على ظاهره في اللغة، فإن كل امرأة بكرا كانت أو ثيبا إذا بلغت فهي أحق بنفسها من وليها وعقدها على نفسها جائز، وهو قول الشعبي، والزهري أيضا، قالوا: وليس الولي من أركان صحة العقد، ولكن من تمامه وجماله.
قلت: لا شك أن قوله عليه السلام: «الأيم أحق بنفسها» عام يتناول الثيب والبكر والمتوفى عنها زوجها، ويجب العمل بعموم العام، وأنه موجب للحكم فيما يتناوله قطعا.
فإن قلت: رواية الثيب أحق بنفسها تفسير الأيم أحق بنفسها.
قلت: هذه الرواية ليست فيها إجمال حتى تكون تلك الرواية مفسرة لها بل يعمل بكل واحدة من الروايتين، فيعمل برواية الأيم على عمومها، وبرواية الثيب على خصوصها، ولا منافاة بين الروايتين، على أن أبا حنيفة يرجح العمل بالعام على العمل بالخاص، ويجمع الأيم على الأيامى.
وقال الجوهري: الأيامى الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء، وأصلها أيايم، فقلبت؛ لأن الواحد أيم، سواء كان تزوج من قبل أو لم يتزوج، وامرأة أيم أيضا بكرا كانت أو ثيبا، وقد أمت المرأة من زوجها، تيم أيمة، وإيماء، وأيموما، وأيمت المرأة، وتأيم الرجل زمانا إذا مكث لا يتزوج، وقيل: أكثر ما يستعمل في النساء، وقد قيل في المرأة: أيمة، قوله: والبكر تستأذن، أي يطلب منها الإذن في نكاحها.
فإن قلت: قال الترمذي بعد أن ذكر هذا الحديث: وقد احتج به بعض الناس في إجازة النكاح بغير ولي، وليس فيه ما قد احتجوا به؛ لأنه قد روي من غير وجه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا نكاح إلا بولي» وهكذا أفتى به بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا نكاح إلا بولي» . وإنما معنى قوله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
صلى الله عليه وسلم: «الأيم أحق بنفسها من وليها» عند أكثر أهل العلم؛ لأن الولي لا يزوجها إلا برضاها.
قلت: هذا الذي [ذكره] لا يليق بحاله؛ لأن هذا الكلام لا يصدر من مثله؛ لأن [فتوى ابن] عباس متى تساوي هذا الحديث الصحيح المجمع على صحته، وحديث ابن عباس متكلم فيه، وقد ذكرنا
فإن قلت: لم ترك المصنف الاستدلال من الجانبين بالحديث لغيره من المصنفين؟
قلت: قال الأكمل: وإذا كان الكتاب والسنة متعارضين ترك المصنف الاستدلال بهما للجانبين، وصار أي المعقول، انتهى.
قلت: ليس فيه ما يشفي العليل على ما لا يخفى على المتأمل، وما استدل به أصحابنا ما رواه الدارقطني من حديث ابن عباس _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ليس للولي من الثيب أمر، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها» " ومنه ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه «أن رجلا زوج ابنته وهي كارهة، فقال صلى الله عليه وسلم: " لا نكاح لك فانكحي ما شئت» ".
وروي أيضا من حديث عكرمة، عن ابن عباس «أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم» قيل: رجاله ثقات، وأعله بالإرسال.
قلت: المرسل عندنا حجة، ومنه ما روي عن ابن عباس أن «رسول الله صلى الله عليه وسلم رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما» وقال الدارقطني: الصواب عن المهاجر عن عكرمة مرسل.
قلت: المرسل حجة به ما رواه الدارقطني عن أبي سلمة قال: «أنكح رجل من بني المنذر ابنته
وإنما يطالب الولي بالتزويج كيلا تنسب إلى الوقاحة ثم في ظاهر الرواية لا فرق بين الكفؤ وغير الكفؤ، لكن للولي الاعتراض في غير الكفؤ، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف _ رحمهما الله _ أنه لا يجوز التزويج في غير الكفؤ لأنه كم من واقع لا يدفع،
ــ
[البناية]
وهي كارهة، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحها» .
وروى الدارقطني أيضا عن أبي سعيد الخدري _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ أنه عليه السلام قال: " لا تنكحوهن إلا بإذنهن " وعن الحكم قال: كان علي _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - _ إذا رفع إليه رجل تزوج امرأة بغير ولي، فدخل بها أمضاه، فلو كان وقع باطلا كما زعم الشافعي لما أمضاه.
م: (وإنما يطالب الولي) ش: هذا جواب عما يقال إذا تصرفت في خالص حقها فلم أمر الولي م: (بالتزويج) ش: إذا طالبه، وأي حاجة لها إلى طلب التصرف من الولي في خالص حقها.
فأجاب بقوله: وإنما يطالب الولي بصيغة المجهول بالتزويج م: (كيلا تنسب) ش: المرأة م: (إلى الوقاحة) ش: من وقح الرجل إذا صار قليل الحياء فهو وقح، ووقاح بين الوقحة والوقاحة والقحة وامرأة وقاح الوجه، وذلك لأنها تستحي من الخروج إلى محافل الرجال لتباشر العقد، لأن هذا يعد منها وقاحة لأنها لا تقدر على المباشرة.
م: (ثم في ظاهر الرواية لا فرق بين الكفؤ وغير الكفؤ) ش: إذا زوجت نفسها من كفء أو من غير كفء جاز نكاحها، وروي عن الحسن أنه لا يجوز من غير كفء، ومثله في " المحيط ". وفي " قاضي خان ": يجوز في ظاهر الرواية كما ذكره المصنف.
م: (لكن للولي حق الاعتراض في غير الكفء) ش: دفعا للعار عنه، هذا إذا لم تلد، فإن ولدت فلا حق للولي في الفسخ كذا، في " قاضي خان " و " الخلاصة ". وفي " شرح شيخ الإسلام ": له حق الفسخ بعد الولادة.
م: (وعند أبي حنيفة وأبي يوسف أنه لا يجوز التزويج في غير الكفء) ش: وهي رواية الحسن كما ذكرنا، وفي فتاوى " قاضي خان " و" القنية ": المختار للفتوى في زماننا رواية الحسن، وفي رواية الكافي وبقوله أخذ كثير من المشائخ، قال شمس الأئمة في المبسوط: هذا أقرب إلى الاحتياط م: (لأنه كم من واقع لا يدفع) ش: أي كم من قضية تقع ولا يقدر أحد على دفعها، لأنه ليس كل ولي يحبس المدافعة إلى القاضي ولا كل قاض يعدل، فكان الأحوط سد باب التزويج