الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: وإذا صحت الزيادة تسقط بالطلاق قبل الدخول، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله -لا تتنصف مع الأصل؛ لأن التنصيف عندهما يختص بالمفروض في العقد، وعند أبي يوسف المفروض بعده كالمفروض فيه، على ما مر. وإن حطت عنه من مهرها صح الحط؛ لأن المهر بقاء حقها، والحط يلاقيه حالة البقاء.
وإذا
خلا الرجل بامرأته وليس هناك مانع من الوطء، ثم طلقها
فلها كمال المهر وقال الشافعي رحمه الله: لها نصف المهر؛ لأن المعقود عليه إنما يصير
ــ
[البناية]
أو أبرأته، ثم قالت: لا أقيم معك بدون المهر، ولو وهبت مهرها، ثم جدد المهر لا يجب الثاني بالاتفاق.
م: (وقيل) ش: أي على الاختلاف م: (وإذا صحت الزيادة تسقط بالطلاق قبل الدخول، وعلى قول أبي يوسف ولا تنتصف) ش أي الزيادة م: (مع الأصل؛ أن التنصيف عندهما يختص بالمفروض في العقد) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد، وهو قول أبي يوسف في قوله المرجوع إليه، وهو رواية عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
م: (وعند أبي يوسف المفروض بعده) ش: أي بعد العقد م: (كالمفروض فيه) ش: أي في العقد (على ما مر) بيانه في المسألة المتقدمة م: (وإن حطت عنه من مهرها صح الحط) ش: يعني إن حطت المرأة عن الزوج من مهرها، صح الحط فيلحق بالعقد م:(لأن المهر بقاء حقها، والحط يلاقيه حالة البقاء) ش: أي الحط يلاقي حقها حالة البقاء، لا حالة الابتداء، وقد بقي حقها على التمييز، ولو قال: حقها بقاء لكان أولى؛ لأن التمييز لا يجوز تقديمه عليه إتفاقا، وخالف المازني والمبرد في تقديمه على الفعل، ومذهب سيبويه أن لا يتقدم عليه وموضعه كتب النحو.
[خلا الرجل بامرأته وليس هناك مانع من الوطء ثم طلقها]
م: (وإذا خلا الرجل بامرأته وليس هناك مانع من الوطء ثم طلقها فلها كمال المهر) ش: قال ابن المنذر في " الأشراف " وأبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه "، وأبو بكر الرازي في " أحكام القرآن ": هذا قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، وجابر، ومعاذ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وبه قال عروة بن الزبير وعلي بن الحسين، وزين العابدين، وسعيد بن المسيب، والزهري، والنخعي، والأوزاعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، والشافعي في قوله القديم، وحكى الطحاوي أنه إجماع الصحابة، وقال أبو بكر الرازي: هو اتفاق الصدر الأول. وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن عوف، عن زرارة بن أبي أوفى قال: سمعته يقول: قضاء الخلفاء الراشدين المهديين أن من أغلق بابا، أو أرخى سترا فقد وجب المهر، ووجبت العدة، ومثله في رواية أبي بكر الرازي.
وقال الأترازي: هذا إذا كان المهر مسمى، وإن لم يكن المهر مسمى فلها صداق مثلها، وإن لم تصح الخلوة فلها نصف المهر، وإن لم يكن المسمى فلها المتعة، كذا في " مختصر " الطحاوي، والخلوة الصحيحة قائمة مقام الدخول عندنا في تأكيد المهر، ووجوب العدة، وثبوت
مستوفى بالوطء، فلا يتأكد المهر دونه. ولنا: أنها سلمت المبدل حيث رفعت الموانع، وذلك وسعها، فيتأكد حقها في البدل اعتبارا بالبيع.
وإن كان أحدهما مريضا، أو صائما في رمضان، أو محرما بحج فرض، أو نفل، أو بعمرة،
ــ
[البناية]
النسب، ونفقة العدة، والسكنى، وتزوج البنت، وتحريم الأمة على قول أبي حنيفة.
وفي " الذخيرة ": ولم يقيموها مقام الوطء في حق الإحصان، وحرمة البنات وحلها للأولاد الرجعة والميراث، وأما وقوع طلاق آخر فقد قيل: لا يقع، وقيل: يقع، وهو أقرب إلى الصواب؛ لأنه لا احتياط، ثم هذا الطلاق، بل يكون رجعيا أو بائنا، قال شيخ الإسلام في باب العين: يكون بائنا.
م: (وقال الشافعي: لها نصف المهر) ش: وهو قول شريح، والشعبي، وطاوس، وابن سيرين، وأبي ثور، وقال أبو بكر الرازي، وابن المنذر: وروي عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مثله، قالا: لا يصح ذلك عنهما لأن في حديث ابن عباس، ليث بن أبي سليم وهو ضعيف.
وقال مالك والرازي وابن المنذر: إن خلا بها في منزلها فلها نصف المهر، وإن خلا بها في منزله فلها المهر كله، وذكر أبو بكر الرازي عنه أنه قال: إن تطاول ذلك وجب المهر كاملا، وفي " الجواهر ": إن طال المقام، يتقرب الكمال في أحد القولين، ثم قيل: في عدة الطول سنة، وقيل: ما يعد طولا في العادة م: (لأن المعقود عليه) ش: وهو منافع البضع م: (إنما يصير مستوفى بالوطء) ش: فلم يوجد م: (فلا يتأكد المهر دونه) ش: أي دون الوطء والزوج لم يستوف المبدل من المرأة، فلا يجب عليه البدل.
م: (ولنا أنها) ش: أي المرأة م: (سلمت المبدل) ش: وهو منافع البضع م: (حيث رفعت الموانع) ش: وهو جمع مانعة، أي حالة مانعة من الوطء ويأتي تفسيرها عن قريب م:(وذلك) ش: أي رفع الموانع م: (وسعها) ش: أي وسع المرأة، وهو الذي تقدر عليه م:(فيتأكد حقها في البدل) ش: وهو المهر م: (اعتبارا بالبيع) ش: أي قياسا عليه، فإن التخلية فيه تسليم حتى يجب على المشتري تسليم الثمن، فكذا هنا يجب على الزوج تسليم البدل والمبدل، والمبدل في المعاوضات يتقرر بتسليم المبدل، بتحقق استيفائه، ألا ترى أن الأجر إذا خلا بين المستأجر والمستأجر يتأكد البدل، وإن لم يتحقق القبض، وهذا لأنه توقف بقدر البدل على حقيقة استيفاء المبدل، بما تمتنع من عليه البدل، عن الاستيفاء، فيتضرر من عليه المبدل وهو مرفوع شرعا.
وروى ابن أبي شيبة، عن جابر إذا نظر إلى فرجها، ثم طلقها فلها الصداق، وعليها العدة،
أو كانت حائضا فليست الخلوة صحيحة، حتى لو طلقها كان لها نصف المهر؛ لأن هذه الأشياء
ــ
[البناية]
وعنه عليه السلام: «من كشف خمار امرأة، أو نظر إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل» رواه الدارقطني وأبو بكر الرازي في " أحكامه "، وقال شريح: يجب بها العدة، ولا يتأكد بها المهر، كذا في " النتف ".
فإن قلت: هذا طلاق قبل المسيس فيتنصف بالنص، ومن قال بأن الخلوة مكملة فقد علق التنصيف بالخلوة، وهو خلاف النص، إذ النص علقه بعدم المس.
قلت: المس ليس بوطء حقيقة، وإنما هو حامل على الوطء لأنه سببه، فأطلق اسم السبب على المسبب، إذ الخلوة بالمس، ويتأيد ما ذكره بالنص، وهو قَوْله تَعَالَى {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21] (النساء: الآية 20) ، والإفضاء الخلوة، وهو مأخوذ من الفضاء، وهو المكان الخالي، ونهى عن استرداد شيء من المهر.
وحمل المس على الخلوة هو أولى من حمله على الوطء؛ لأن المجوز للإطلاق ليس إلا الملازمة، وملازمة السبب للمسبب أقوى؛ لأن المسبب لا يوجد بدون السبب، والسبب قد يختلف في المسبب كما في البيع بشرط الخيار، فالسبب لازم دائما، والمسبب لازم في حال دون حال.
م: (وإن كان أحدهما مريضا) ش: هذا شروع في بيان الموانع إذا كان أحد الزوجين مريضا، والموانع جمع مانعة، وهي أقسام، مانع حقيقي كالمرض، ومانع طبيعي ككون المرأة رتقاء، أو قرناء، أو صغيرة لا تطيق الجماع، ومانع حسي، وهو أن يكون معهما ثالث، سواء كان بصيرا أو أعمى، يقظانا أو نائما، بالغا أو صبيا، يعقل، والمجنون، والمغمى عليه والصغير الذي لا يعقل لا يمنع وزوجته الأخرى تمنع.
وعن محمد: لا تمنع، وجاريته لا تمنع، بخلاف جاريتها، والكلب العقور يمنع وإن لم يكن عقورا، فإن كان للمرأة يمنع، وإن كان له لا يمنع، ومانع شرعي كالإحرام بحج فرض، ومانع طبيعي وشرعي كالحيض.
م: (أو صائما في رمضان) ش: هو مانع بلا خلاف، لما يلزمه من القضاء والكفارة م:(أو محرما) ش: أو كان أحد الزوجين محرما م: (بحج فرض، أو نفل، أو عمرة) ش: الكل سواء في
موانع. وأما المرض فالمراد منه ما يمنع الجماع، أو يلحقه به ضرر، وقيل: مرضه لا يعرى عن تكسر وفتور، وهذا التفصيل في مرضها، وأما صوم رمضان لما يلزمه من القضاء والكفارة والإحرام لما يلزمه من الدم وفساد النسك والقضاء، والحيض مانع طبعا وشرعا. وإن كان أحدهما صائما تطوعا فلها المهر كله؛ لأنه يباح له الإفطار من غير عذر في رواية المنتقى، وهذا القول في المهر هو الصحيح. وصوم
ــ
[البناية]
المنع م: (أو كانت حائضا) ش: أو نفساء، فإنه مانع طبعا وشرعا م:(فليست الخلوة صحيحة) ش: هذا جواب عن الشرطية، أي فليست الخلوة صحيحة في الأشياء المذكورة.
م: (حتى لو طلقها كان لها نصف المهر، لأن هذه الأشياء) ش: يعني المرض وصوم رمضان، والإحرام مطلقا والحيض م:(موانع) ش: وفي " العيون "، والحائض، والمحرمة إذا جاءت بولد ثبت المهر بذلك كاملا، وإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه.
م: (أما المرض فالمراد منه ما يمنع الجماع، أو يلحقه به الضرر) ش: وهذا تقييد بتفصيل، وهو أن بالجماع إن كان لا يلحقه ضرر، فالخلوة صحيحة م:(وقيل: مرضه لا يعرى عن تكسر وفتور) ش: والتكسر في الأعضاء، والفتور في الذكر، وهذا بلا تفصيل وهو الأصح إذ لا تفصيل في مرضه، فكل مرض من جانبه يمنع صحة الخلوة؛ لأن جماع الرجل يوجب التكسر والفتور لا محالة م:(وهذا التفصيل في مرضها) ش: وهو الصحيح م: (وأما صوم رمضان لما يلزمه من القضاء والكفارة) ش: أراد به قوله ما يمنع بالجماع، أو يلحق به ضرر.
وفي " الذخيرة ": مرضها متنوع بلا خلاف، واختلفوا في مرضه، وقيل متنوع، وقيل: جميع أنواعه مانع على كل حال.
وفي " جوامع الفقه ": ومرضه أو مرضها يمنع إذا كان يضره الجماع، وقال الصدر الشهيد: يمنع جميع الخلوة؛ لأنه يجب بالإفطار القضاء والكفارة جميعا، وفي ذلك حرج فيكون مانعا.
م: (والإحرام) ش: عطف على قوله - صوم رمضان - تقديره، وأما الإحرام المطلق فإنه يمنع صحة الخلوة م:(لما يلزمه من الدم وفساد النسك والقضاء) ش: لأن الذي جامع في إحرامه تلزمه هذه الأشياء، وقد عرف في موضعه مفصلا م:(والحيض) ش: عطف على قوله - صوم رمضان - تقديره وأما الحيض فإنه م: (مانع طبعا وشرعا) ش: أما طبعا فلأن فيه من التلوث بالدم النجس، وأما شرعا فلقوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222](البقرة: الآية 222) .
م: (وإن كان أحدهما) ش: أي أحد الزوجين م: (صائما تطوعا) ش: أي صوما تطوعا أو صائما متطوعا م: (فلها المهر كله) ش: لصحة الخلوة؛ لأنه لا يلزمه إلا القضاء وعلل المصنف