الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو يقول: إنه موجود فيه حقيقة، ونحن نقول: المغلوب غير موجود حكما، حتى لا يظهر بمقابلة الغالب، كما في اليمين،
وإن اختلط بالطعام لم يتعلق به التحريم، وإن كان اللبن غالبا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: إذا كان اللبن غالبا يتعلق به التحريم. قال رضي الله عنه: قولهما فيما إذا لم تمسه النار حتى لو طبخ بها لا يتعلق به التحريم في قولهم جميعا.
ــ
[البناية]
جميع ذلك، لعدم تعلق التحريم به.
م: (هو يقول: إنه) ش: أي الشافعي يقول: إن اللبن م: (موجود فيه حقيقة) ش: غاية ما في الباب أن اللبن هالك، يعني لفوات منفعته بغلبة الماء، فدارت الحرمة بين الثبوت وعدمه، فتغلب الحرمة احتياطًا. م:(ونحن نقول: المغلوب غير موجود حكمًا، حيث لا يظهر لمقابلة الغالب، كما في اليمين) ش: بأن حلف لا يشرب اللبن، فشرب لبنًا مغلوبًا بماء لا يحنث. لكن للخصم أن يجيب عنه ويقول: إن الأيمان مبنية على العرف، فلا يحنث، لأنه في العرف لا يسمى المغلوب لبنًا، أما الحرمة فمبنية على وجود اللبن، ولكن الأولى أن نقول: إن الحرمة لا تتعلق بصورة الإرضاع، ووجود اللبن كما في " الكبير " بالإجماع، بل يتعلق باعتبار إنشاز العظم، وإنبات اللحم، والمغلوب لا يحصل الإنشاز والإنبات، لأنه لا يحصل التغذي به. فإن قيل: يشكل هذا بما لو وقعت قطرة دم، أو خمر في جب من ماء، حيث ينجسه، وإن كان الماء غالبًا حقيقة.
قلنا: لما لم يكن الماء كثيرًا شرعًا بأن لم يكن عشرًا في عشر لم يكن غالبًا حكمًا، فتعارضتا فرجحنا حجة النجاسة احتياطيًا، كذا نقل عن العلامة حميد الدين الضرير. قال الكاكي: لكن سمعت شيخي العلامة مولانا عبد العزيز - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن الرجحان الذاتي، إنما يكون راجحًا سابقًا على الرجحان الحالي، إذا لم يكن في الحادثة نص، وقد وجد النص هاهنا، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يبولن أحدكم في الماء الدائم»
…
" الحديث. وقوله عليه السلام: «إذا بلغ الماء قلتين
» الحديث، وقوله عليه السلام:«الماء طهور»
…
" الحديث، فلا يعتبر الرجحان الذاتي؛ لأنه يثبت بالاجتهاد، ولا اختيار للاجتهاد في مقابلة النص.
[اختلط لبن الرضاع بالطعام]
م: (وإن اختلط بالطعام لم يتعلق به التحريم، وإن كان اللبن غالبًا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) ش: كلمة إن واصلة بما قبله، وذكر في شرح " الطحاوي ": أن اللبن إذا كان غالبًا بحيث يتقاطر من الطعام، فعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لا يكون رضاعًا، خلافًا لصاحبيه.
م: (وقالا: إذا كان اللبن غالبًا يتعلق به التحريم. قال) ش: أي المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م: (قولهما) ش: أي قول أبي يوسف ومحمد م: (فيما إذا لم تمسه النار) ش: أي فيما لم تمس اللبن النار م: (حتى لو طبخ فيها) ش: أي طبخ اللبن بالنار م: (لا يتعلق به التحريم في قولهم جميعًا) ش: لأنه لا
لهما أن العبرة للغالب، كما في الماء إذا لم يغيره شيء في حاله. ولأبي حنيفة رحمه الله أن الطعام أصل، واللبن تابع له في حق المقصود، فصار كالمغلوب،
ولا معتبر بتقاطر اللبن من الطعام عنده هو الصحيح؛ لأن التغذي بالطعام إذ هو الأصل، وإن اختلط بالدواء واللبن غالب، تعلق به التحريم، لأن اللبن يبقى مقصودا فيه، إذ الدواء لتقويته على الوصول
ــ
[البناية]
يتغير بالطبخ من غيره عن طعمه وصفته، وذكر خواهر زاده: أن على قول أبي حنيفة: إنما لا يثبت إذا أكل لقمة لقمة، أما إذا حشاه حشوًا يثبت به، وقيل: إذا وصل اللبن إلى حلقه معقودًا فلا خلاف فيه، وإذا تناول الثريد فلا خلاف فيه، وفي كتاب الرضاع للخصاف: إذا ثردت له خبزًا في لبنها حتى يشرب الخبز ذلك اللبن، أو لت به سويقًا فأطعمته إياه إن كان طعم اللبن يوجد، فهذا رضاع، وذكر صاحب " الأجناس " أنه قولهما. وفي " الرافعي ": ولو ثردت في اللبن طعامًا، أو عجنت به دقيقًا وخبزت تعلق به الحرمة. وفي العجن: والخبز وجه عن القاضي حسين.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أن العبرة للغالب، كما في الماء) ش: أي كما إذا خلط بالماء اللبن، وهو الغالب م:(إذا لم يغيره شيء عن حاله) ش: يعني إذا لم يغير اللبن شيئًا عن حاله بالطبخ، كما إذا خلط لبن المرأة بالماء، واللبن هو الغالب.
م: (وله) ش: أي لأبي حنيفة م: (أن الطعام أصل، واللبن تابع له في حق المقصود) ش: وهو الأكل بالوصول إلى المعدة، ولهذا يؤكل ولا يشرب، وغير المائع يستتبع المائع م:(فصار) ش: أي اللبن م: (كالمغلوب) ش: فيه نظر، لأن المغلوب غير موجود حكمًا، أما ما لم يكن مغلوبًا ويكون كالمغلوب، فلا نسلم أنه ليس بموجود. والجواب: أن هذه مناقشة لفظية تندفع يجعل الكاف زائدة.
م: (ولا معتبر بتقاطر اللبن من الطعام عنده) ش: أي عند أبي حنيفة م: (هو الصحيح، لأن التغذي بالطعام إذ هو الأصل) ش: قيد بالصحيح احترازًا عما قيل: إن الرضاع إنما لا يثبت بالطعام إذا لم يتقاطر اللبن عند حمل اللقمة، أما إذا تقاطر منه اللبن يثبت به التحريم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لأن القطرة من اللبن إذا دخلت حلق الصبي كافية لإثبات الحرمة، والصحيح عدم ثبوت الحرمة بكل حال، وعلله المصنف بقوله: لأن التغذي بالطعام إذ هو الأصل، لأن الأصل في الباب التغذي، فيكون اللبن تابعًا له في حق المقصود.
م: (وإن اختلط) ش: أي اللبن م: (بالدواء واللبن غالب) ش: أي والحال أن اللبن هو الغالب م: (تعلق به التحريم؛ لأن اللبن يبقى مقصودًا فيه، إذ الدواء لتقويته) ش: أي لتقوية اللبن م: (على الوصول) ش: أي ما لا يصل بانفراده.
فإن قلت: إذا كان الدواء لتقويته على الوصول وجب أن يستوي الغالب والمغلوب؛ لأن وصول قطرة منه يحرم. قلت: النظر هاهنا إلى المقصود، فإذا كان غالبًا كان القصد إلى التغذي به،