الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قالت: قد شئت واحدة بائنة أو قالت ثلاثا. وقال الزوج: ذلك نويت فهو كما قال؛ لأن عند ذلك تثبت المطابقة بين مشيئتها وإرادته. أما إذا أرادت ثلاثا والزوج أراد واحدة بائنة أو على القلب تقع واحدة رجعية، لأنه لغا تصرفها لعدم الموافقة، فبقي إيقاع الزوج،
وإن لم تحضره النية تعتبر مشيئتها - فيما قالوا - جريا على موجب التخيير. قال رحمه الله قال في الأصل هذا قول أبي حنيفة رحمه الله وعندهما لا يقع ما لم توقع المرأة فتشاء رجعية أو بائنة أو ثلاثا.
ــ
[البناية]
إذا شاءت المرأة الواحدة البائنة أو الثلاث يقع ذلك إذا نواه الزوج وهو معنى قوله: م: (فإن قالت: قد شئت واحدة بائنة) ش: يعني عقيب قوله: أنت طالق كيف شئت م: (أو قالت) ش: أي أو قالت شئت م: (ثلاثاً) ش: طلقات م: (وقال الزوج ذلك نويت) ش: أي والحال قال الزوج: نويت ما قالته المرأة من البينونة بالواحدة وبالثلاث م: (فهو كما قال) ش: أي فالأمر كما قال الزوج م: (لأن عند ذلك) ش: أي لأن عند قول الزوج ذلك نويت م: (تثبت المطابقة بين مشيئتها وإرادته) ش: أي بين مشيئة المرأة وإرادة الزوج، فيكون الواقع على ما ذكر م:(أما إذا أرادت ثلاثاً) ش: أي ثلاث طلقات م: (والزوج أراد واحدة بائنة) ش: أي وأراد الزوج طلقة واحدة بائنة م: (أو على القلب) ش: بأن أرادت المرأة واحدة بائنة، وأراد الزوج ثلاثاً م:(يقع واحدة رجعية لأنه ألغى تصرفها لعدم الموافقة) ش: أي المطابقة بين قولها وقول الزوج م: (فبقي إيقاع الزوج) ش: يعني في قوله: أنت طالق كيف شئت، لأنه أصل الطلاق، فلا يعتد بوصفه.
[الزوج خيرها في وصف الطلاق بقوله كيف شئت]
م: (وإن لم تحضره النية) ش: يعني إذا لم ينو الزوج شيئاً م: (تعتبر مشيئتها) ش: فيقع ما شاءت سواء شاءت الواحدة البائنة أو الثلاث م: (فيما قالوا) ش: أي فيما قال المتأخرون م: (جريا على موجب التخيير) ش: لأن الزوج خيرها في وصف الطلاق بقوله: كيف شئت، فيجري على موجب تخييره، وإنما قال المصنف فيما قالوا: لأنه لم يرد فيه نص من المتقدمين.
قال الأترازي: والظاهر أنه يقع الرجعي إذا لم ينو الزوج شيئاً على إشارة الجامع الصغير، لأنه وقع الواحدة البائنة أو الثلاث بمشيئتها إذا نوى الزوج، فعلم أنه إذا لم ينو شيئاً لا يقع البائن والثلاث، فبقي إيقاع أصل الطلاق، وهو الرجعي.
م: (قال رحمه الله) ش: أي المصنف: م: (قال في الأصل) ش: أي قال محمد في المبسوط م: (هذا قول أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) ش: أي المذكور من الأحكام المذكورة قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إنما قال المصنف ذلك لأن محمداً رحمه الله لم يذكر الخلاف في الجامع الصغير، وإنما ذكره في الأصل م:(وعندهما لا يقع ما لم توقع المرأة) ش: يعني: لا يقع شيء ما لم تشأ المرأة م: (فتشاء) ش: أي المرأة م: (رجعية) ش: أي تطليقة رجعية م: (أو بائنة) ش: أو تشاء بائنة م: (أو ثلاثاً) ش: أي أو تشاء ثلاث تطليقات، والحاصل أنها مخيرة بين هذه الأشياء.
وعلى هذا الخلاف العتاق. لهما أنه فوض التطليق إليها على أي صفة شاءت، فلا بد من تعليق أصل الطلاق بمشيئتها لتكون لها المشيئة في جميع الأحوال، أعني قبل الدخول أو بعده. ولأبي حنيفة رحمه الله أن كلمة "كيف" للاستيصاف، يقال كيف أصبحت، والتفويض في وصفه يستدعي وجود أصله، ووجود الطلاق بوقوعه،
ــ
[البناية]
فإن قيل: كيف يباح لها أن تطلق نفسها ثلاثا، والزوج لا يسعه أن يطلقها ثلاثا.
أجيب: بأنه يجوز أن يكون المراد بقوله: إن شاءت نفسها ثلاثا بمشيئة القدرة لا بمشيئة الإباحة، كما في قوله تبارك وتعالى:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] على أنه روي عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أن ذلك يباح لها في التخيير، وفي " الفوائد الظهيرية ": لو طلقت نفسها ثلاثا على قولهما أو ثنتين على قول أبي حنيفة لا يكره، لأنها مضطرة إلى ذلك، لأنها لو فرقت خرج الأمر من يدها، بخلاف ما لو أوقع الزوج ذلك.
م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور بين أبي حنيفة وصاحبيه م: (العتاق) ش: يعني إذا قال لعبده أنت حر كيف شئت يعتق عبده في الحال ولا مشيئة له، وعندهما: لا يعتق قبل المشيئة، وبه قال الشافعي.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أنه فوض التطليق إليها على أي صفة شاءت، فلا بد من تعليق أصل الطلاق بمشيئتها) ش: لأنه إذا لم يتعلق أصله لا يقع كيف شاءت، لأن الوصف لا يتحقق بدون الأصل م:(لتكون لها المشيئة في جميع الأحوال) ش: يعني سواء كان م: (أعني قبل الدخول أو بعده) ش: وقد فسره بقوله: أعني قبل الدخول وبعده، فلا يقع الطلاق بدون مشيئتها عندهما، كما في قوله: أنت طالق إن شئت أو كم شئت أو حيث شئت أو أين شئت.
م: (ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أن كلمة كيف للاستيصاف) ش: أي للسؤال عن وصف الشيء م: (يقال: كيف أصبحت؟) ش: أي: صحيح أم بك تشويش، وهو اسم ويستعمل على وجهين: أحدهما: أن يكون شرعا نحو كيف تضع، والثاني: هو الغالب فيه أن يكون استفهاما حقيقة، نحو كيف زيدا، وغير حقيقي نحو قَوْله تَعَالَى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28](البقرة: الآية 28) ، فإنه خرج مخرج التعجب، فإنه كان وضع كيف لسؤال الحال، لأن الذات كان لوصف الطلاق في البينونة والعدد متعلقا بالمشيئة دون أصله، ولكن في غير المدخول بها، لا مشيئة لها بعد وقوع أصل الطلاق، لحصول البينونة. وفي المدخول بها يقع ما شاءت إذا وافقت نية الزوج، وإذا خالفت يقع الطلاق الرجعي.
م: (والتفويض في وصفه) ش: أي وصف الطلاق م: (يستدعي وجود أصله) ش: أي أصل الطلاق، لأن الوصف قائم به م:(ووجود الطلاق بوقوعه) ش: أي بوقوع الطلاق.