الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك غير مخل به كالهازل.
و
طلاق السكران
واقع.
ــ
[البناية]
كذلك. وتقريره أنه غير راض بحكمه م: (وذلك) ش: أي عدم الرضى بحكم الطلاق م: (غير مخل) ش: أي بحكمه م: (كالهازل) ش: فإنه يقع طلاقه مع عدم الرضى بوقوعه.
وأصحابنا استدلوا أيضًا بما روي عن علي وابن عباس وابن مسعود أنهم قالوا: كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه والصبي. وحديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أيضًا الذي رواه الترمذي وقد ذكرناه. والجواب عن الحديث الذي استدل به الشافعي أنه لا حجة له لأن التجاوز والعفو عن الطلاق والعتاق لا يصح لأنه غير مذنب فلم يدخل تحت الحديث.
[طلاق السكران]
م: (وطلاق السكران واقع) ش: وكذا يصح إعتاقه وخلعه، وبه قال الشافعي في المنصوص والأصح، وهو قول الثوري ومالك وأحمد في رواية وفي " المبسوط " المنصوص للشافعي جديدًا وقديمًا وقوع طلاق السكران، ونص في الظهار على قولين، فمنهم من نقل من الظهار قولًا إلى الطلاق، ومعظم العلماء صاروا إلى وقوع طلاق السكران. وفي " المغني ": وهو قول سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والأوزاعي وميمون بن مهران والحكم وشريح وسليمان بن يسار ومحمد بن سيرين وابن شبرمة وسليمان بن حرب وابن عمر وعلي وابن عباس ومعاوية - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وبه قال قتادة، وحميد، وجابر بن زيد، وابن أبي ليلى وعمر بن عبد العزيز والحسن بن حميد.
وقال ابن حزم: أجاز مالك جميع تصرفاته الأربعة لقول أصحابنا وروى ابن وهب عنه أنه يجوز طلاقه دون نكاحه. وقال صاحب مطرف بن عبد الله لا يلزمه شيء من تصرفاته الأربعة، الطلاق والعتق والقتل والقذف. وعن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه لا يقع طلاقه، وبه قال طاوس والقاسم بن محمد ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة وعبد الله بن الحسن والليث بن سعد وإسحاق وأبو ثور والمزني وأبو سليمان وابن شريح وأبو طاهر الزيادي وأبو سهل الصعلوكي وابن سهل من الشافعية وزفر بن هذيل وأبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن الكرخي وقال عثمان البتي: لا يلزمه منه عقد ولا بيع ولا نكاح ولا حد إلا حد الخمر فقط.
وقال الليث: لا يلزمه شيء بقوله، وأما ما عمل بيده من قتل أو سرقة أو زنى فإنه يقام عليه. وفي الذخيرة ": طلاق السكران واقع إذا سكر من الخمر والنبيذ، ولو أكره على الشرب فسكر أو شرب للضرورة فذهب عقله يقع طلاقه. وفي جوامع الفقه عن أبي حنيفة: يقع، وبه أخذ شداد ولو ذهب عقله بدواء أو أكل البنج لا يقع.
وذكر عبد العزيز الترمذي أنه قال: سئل أبو حنيفة وسفيان الثوري عن رجل شرب البنج فارتفع إلى رأسه فطلق، قالا: إن كان يعلم حين شرب ما هو؟ يقع وإلا لا يقع. ولو شرب الخمر ولم يوافقه فصعد منه فزال عقله وقع طلاقه. ولو سكر من الأنبذة المتخذة من الحبوب والعسل لا
واختيار الكرخي والطحاوي - رحمهما الله - أنه لا يقع وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله لأن صحة القصد بالعقل وهو زائل العقل، فصار كزواله بالبنج والدواء. ولنا: أنه زال بسبب هو معصية، فجعل باقيا حكما زجرا له،
ــ
[البناية]
يقع طلاقه عندهما، وعند محمد يقع.
وفي الينابيع: لو سكر بالبنج والدواء لا يقع طلاقه بالإجماع، كالنائم بخلاف ما لو شرب رأسه حتى زال عقله، فإنه لا ينفذ تصرفاته ولا يجعل عقله باقيًا، وإن كان زوال بمعصية لنذوره ولهذا لا يشرع فيه حد. ذكره في المحيط بخلاف زواله بالخمر ونحوه أي فاعتبر عقله باقيًا، ووجب عليه الفرائض زجرًا له.
م: (واختيار الكرخي والطحاوي أنه) ش: أي طلاق السكران م: (لا يقع وهو أحد قولي الشافعي لأن صحة القصد بالعقل وهو زائل فصار كزواله بالبنج والدواء) ش:، أي كزوال العقل باستعمال البنج وشرب الدواء، فإن فيهما لا يقع الطلاق بالاتفاق. وكذا إذا أكل الأفيون أو شرب لبن الرمكة فسكر به، والبنج تعريب - بنك - قال في المغرب: وهو نبت له حب يسكر، وقيل: يثبت ورقه وقشره وبزره. وفي " القانون ": هو سم يخلط العقل ويبطل الذكر ويحدث جنونًا وخناقًا.
م: (ولنا أنه زال بسبب هو معصية فجعل) ش: أي عقله م: (باقيًا حكمًا زجرًا له) ش: أي عقوبة عليه. قيل في كلامه تسامح، لأنه جعل العقل زائلًا بالسكر وليس كذلك عندنا لأنه مخاطب ولا خطاب بلا عقل بل هو مغلوب.
وأجيب: بأن المغلوب كالمعدوم، فلذلك أطلق عليه الزوال. ويقال: ولئن سلمنا أنه زوال ولكنه حاصل بسبب هو معصية فلم يؤثر في إسقاط ما بني على التكليف، بل يجعل باقيًا زاجرًا وتنكيلًا، ألا ترى أنه ألحق بالصاحي في حق وجوب القصاص، وحد القذف حتى لو قتل أو قذف في هذه الحالة يجب القصاص وحد القذف، فلأن يلحق بالصاحي فيما لا يسقط بالشبهة أولى. واعترض بوجهين أن شرب المسكر كسفر المعصية فما بال السفر صار سببًا للتخفيف دون شرب المسكر. والثاني: أنه لما جعل العقل باقيًا في الطلاق حكمًا زاجرًا له كانت الردة والإقرار بالحدود أولى لأن الزجر والعقوبة هناك أتم.
وأجيب عن الأول: بأن الشراب نفسه معصية ليس فيه إن كان انفصال ولا جهة إباحة يصلح لإضافة التخفيف. وعن الثاني: بأن الركن في الردة الاعتقاد، والسكران غير معتقد لما يقول فلا نحكم بردته، لانعدام ركنها للتخفيف عليه بعد تقرر السبب، وأما الإقرار بالحدود فإن السكران لا يثبت على شيء مما أقر به، فيؤثر فيما يحتمل الرجوع.