الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فإذا التعنا لا تقع الفرقة حتى يفرق القاضي بينهما، وقال زفر: تقع بتلاعنهما، لأنه تثبت الحرمة المؤبدة بالحديث. ولنا أن ثبوت الحرمة يفوت الإمساك بالمعروف فيلزمه التسريح بالإحسان، فإذا امتنع ناب القاضي منابه دفعا للظلم دل عليه «قول ذلك الملاعن عند النبي عليه السلام: كذبت عليها يا رسول الله، فقال له:"أمسكها"، فقال: إن أمسكتها فهي طالق ثلاثا» . قاله بعد اللعان.
ــ
[البناية]
[التفرقة بين المتلاعنين]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (فإذا التعنا لا تقع الفرقة حتى يفرق القاضي بينهما) ش: تكون الزوجية قائمة ويقع ظهاره وطلاقه ويجري التوارث بينهما إذا مات أحدهما عندنا كذا في شرح الطحاوي م: (وقال زفر: تقع) ش: أي الفرقة م: (بتلاعنهما) ش: وهو المشهور من مذهب مالك وأصحابه، وبه قال أبو ثور وأبو عبيد في رواية داود، وهو مروي عن ابن عباس. قال الشافعي: يقع بلعانه كما إذا ارتد أحد الزوجين. وقال أبو بكر الرازي: قول الشافعي خارج لا سلف له فيه، قيل ليس كذلك، لأنه ذكر في المقدمات أنه ظاهر قول مالك وعبد الله بن عمرو بن العاص. وقال ابن حزم في " المحلى ": قول الشافعي قول لا برهان عليه. وقال عثمان البتي وجماعة من أهل البصرة: لا يتعلق باللعان فرقة بحال، وهو خلاف السنة والحديث.
م: (لأنه تثبت الحرمة المؤبدة بالحديث) ش: قال الأكمل والكاكي: أراد بالحديث قوله صلى الله عليه وسلم «المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا» ، نفي الاجتماع بعد التلاعن، وهو تنصيص على نفي الفرقة بالتلاعن، وقال الأترازي: ولزفر قول الصحابة: المتلاعنان لا يجتمعان أبدا. قلت: الصواب مع الأترازي أنه لم يرو مرفوعا، إنما روي موقوفا على جماعة من الصحابة من ذلك ما رواه أبو داود من حديث ابن شهاب «عن سهل بن سعد - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في هذا الخبر، قال فطلقها ثلاث تطليقات فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت السنة بعد في المتلاعنين إذا افترقا لا يجتمعان أبدا.» وروى عبد الرزاق في مصنفه: المتلاعنان لا يجتمعان أبدا موقوفا على عمر وابن مسعود رضي الله عنهم م: (ولنا أن ثبوت الحرمة يفوت الإمساك بالمعروف، فيلزمه التسريح بالإحسان، فإذا امتنع ناب القاضي منابه دفعا للظلم) .
م: (قال) ش: المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م: (دل عليه) ش: أي دل على عدم وقوع الفرقة م: «قول ذلك الملاعن عند النبي صلى الله عليه وسلم كذبت عليها يا رسول الله، إن أمسكتها فهي طالق ثلاثا، قاله بعد اللعان» ش: وأراد بالملاعن عويمر العجلاني. وجه الاستدلال أنه قال: كذبت عليها عند
وتكون الفرقة تطليقة بائنة، عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - لأن فعل القاضي انتسب إليه كما في العنين
ــ
[البناية]
النبي صلى الله عليه وسلم
…
إلى آخره، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولو وقعت بينهما بمجرد التلاعن لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قيل: قد أنكر عليه بقوله: «اذهب فلا سبيل لك عليها» .
أجيب: بأن ذلك ينصرف إلى طلبه رد المهر، فإنه روي أنه قال:«إذا كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها، وإن كنت كاذبا فلا سبيل لك عليها» والتركيب المذكور قلق جدا، حتى في بعض النسخ دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم لذلك الملاعن:«إن أمسكتها فهي طالق ثلاثا» قاله بعد اللعان، أي بعد وقوع اللعان وبين النسختين فرق لا يخفى. ولو ذكر الحديث ثم بين وجه الاستدلال لكان أحسن وأوضح.
قال ابن شهاب: فكانت تلك سنة الملاعنين، ورواه البخاري في "صحيحه" عن إسماعيل عن مالك عن ابن شهاب، ورواه مسلم أيضا وأبو داود. وفي رواية عويمر بن أشقر. وقلنا حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أيضا «أنه عليه السلام لاعن بين رجل وامرأته ألحق الولد بأمه» ذكره في " الصحيحين". «وعن سهل بن سعد شهدت المتلاعنين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشر سنين فرق بينهما حين تلاعنا» فهذه الأحاديث الصحاح كلها تدل على عدم وقوع الفرقة بتمام تلاعنهما حتى يفرق بينهما، وكذا إيقاع الطلاق الثلاث، ولم يرد في حديث أنه عليه السلام فرق بينهما قبل لعان المرأة بعد لعان الرجل، قال الطحاوي: قول الشافعي خلاف القرآن والحديث، وينبغي على قوله أنه لا تلاعن المرأة أصلا، لأنها ليست زوجة عند لعانها.
م: (وتكون الفرقة) ش: أي الفرقة الحاصلة بالتلاعن م: (تطليقة بائنة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، لأن فعل القاضي انتسب إليه) ش: للنيابة عنه م: (كما في العنين) ش: حيث
وهو خاطب إذا أكذب نفسه، عندهما، وقال أبو يوسف رحمه الله: هو تحريم مؤبد لقوله عليه السلام: «المتلاعنان لا يجتمعان أبدا» نص على التأبيد. ولهما أن الإكذاب رجوع، والشهادة بعد الرجوع لا حكم لها، ولا ويجتمعان ما داما متلاعنين، ولم يبق التلاعن ولا حكمه بعد الإكذاب فيجتمعان، ولو كان القذف بنفي الولد نفى القاضي نسبه وألحقه بأمه.
ــ
[البناية]
يؤجله القاضي سنة، فإن وصل إليها وإلا فرق القاضي بينهما إذا طلبت المرأة الفرقة، والفرقة بالطلاق لا تتأبد، غير أنها بائنة، لأن المقصود دفع الظلم عنها فلا يحصل ذلك إلا بالبائن، وهما يحتجان أيضا بما روى مسلم عن إبراهيم النخعي أنه قال: اللعان تطليقة بائنة، ولأن الثابت بالنص اللعان، فلو أثبت الحرمة (المؤبدة) لزم الزيادة على النص، وذلك لا يجوز، لأنه نسخ.
م: (وهو خاطب إذا أكذب نفسه) ش: هذه مسألة مبتدأة، أي هذا الرجل بعد الإكذاب صار خاطبا من الخطاب، أي يجوز له أن يتزوجها كما لغيره يجوز أن يتزوجها فعليه الحد بإكذاب نفسه م:(عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد م: (وقال أبو يوسف هو تحريم مؤبد) ش: يعني بعد التلاعن تبقى المرأة حرام عليه أبدا، فلا يجوز له أن يتزوجها، وبه قال زفر والحسن والشافعي م:(لقوله عليه السلام: «المتلاعنان لا يجتمعان أبدا") » ش: وقد مر الكلام عن قريب مستقصى، وهو قول الصحابة رضي الله عنهم ولم يرد مرفوعا م:(نص على التأبيد) ش: أي نص ظاهر هذا الخبر على تأبيد الحرمة.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد م: (أن الإكذاب) ش: أي إكذاب الرجل الملاعن نفسه م: (رجوع، والشهادة بعد الرجوع لا حكم لها) ش: يعني يبطل حكمها م: (ولا يجتمعان ما داما متلاعنين) ش: ولا منافاة بين نص التأبيد والعود خاطبا، لأن معناه ما داما في حال التلاعن م:(ولم يبق التلاعن ولا حكمه بعد الإكذاب) ش: أي لم يبق حقيقة التلاعن ولا حكما يعني لا حقيقة ولا حكما، أما حقيقة فظاهر، وأما حكما فلأنه لما أكذب نفسه وجب عليه الحد، فبطلت أهلية اللعان، فإذا بطلت الأهلية بطل حكمها م:(فيجتمعان) ش: أي المتلاعنان، يعني يجوز اجتماعها بعد ذلك التزويج. وقال الكاكي: إذا كذب نفسه قبل تفريق القاضي حلت له من غير تجديد النكاح.
م: (ولو كان القذف بنفي الولد نفى القاضي نسبه وألحقه بأمه) ش: أي ألحق الولد بأمه، وبه قال الشافعي وأحمد. وقال إبراهيم وابن معقل وموسى: لا يفتقر نسب الولد على الفراش بالنفي، لقوله عليه السلام «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ، ذكره في " الصحيحين ". وللجمهور حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أن رجلا لاعن امرأته فانتفى ولده وفرق بينهما، وألحق الولد بأمه» رواه الجماعة.
قال في " شرح الطحاوي ": ثم ولد الملاعنة بعدما قطع نسبه فجميع أحكام نسبه باق من