الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العدة
ــ
[البناية]
[باب العدة]
[عدة الحرة]
م: (باب العدة) ش: أي هذا باب في بيان أحكام العدة، ولما كان أثر الفرقة بالطلاق وغيره أعقبها بذكر وجوه التفريق في باب على حدة، لأن الأثر يعقب المؤثر.
والعدة في اللغة أيام أقراء المرأة، وفي الشريعة تربص يلزم المرأة عند زوال ملك المتعة متأكدا بالدخول أو الخلوة أو الموت، وقيل: هي عبارة عن تربص المرأة بعد زوال النكاح أو شبهة، ويقال عددت الشيء أعده، أي أحصيته، قال الله تعالى {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] (الطلاق: الآية 1) والعدة بالضم الاستعداد والتهيؤ للأمر، والعدة أيضا ما أعددته لحوادث الدهر من المال والصلاح، والعدة بالفتح اسم للمرة من العدد، وفي "المنافع" العدة بمعنى المعدود، وسمى زمان التربص بها لأنها تعد الأيام المضروبة عليها في الشرع.
وسبب العدة نكاح متأكد بالدخول أو بالموت، وركنها حرمات ثابتة إلى أجل وهي تكون بشهور وحيض ووضع حمل، وشرطه الفرقة بطلاق غيره، وحكمها عدم جواز الغير وأختها وأربع سواها، وما يجري مجراها، ومحظوراتها كالزينة والتطيب في المبانة والخروج عن البيت عموما.
والعدة على أربع عشر وجها، عدة بثلاث قروء، وهي عدة الحر المطلقة ذات الحيض، وعدة بثلاث أشهر وهي عدة الحرة المطلقة التي لا تحيض صغيرة كانت أو كبيرة، وعدة بأربعة أشهر وعشرة أيام، وهي عدة المتوفى عنها زوجها، وعدة بشهرين وخمسة أيام، وعدة الأمة المتوفى عنها زوجها، وعدة بثلاث حيض وأربعة أشهر وعشرة أيام، هي تتصور في أربع مواضع، فيمن طلق زوجته الحرة طلاقا بائنا، وهو مريض ثم مات في عدتها ترث عنه، أو كانت له امرأتان أو ثلاث أو أربع، فقال: إحداكن طالق، فمات قبل البيان يجب على كل واحدة منهن أربعة أشهر وعشر، فيستكمل فيها ثلاث حيض، وأم ولد لرجل هي منكوحة لآخر فمات المولى والزوج، وبين موتها شهران وخمسة أيام ولا يعلم أيهما مات أولا فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام فتستكمل فيها ثلاث حيض.
وإن لم يعلم أن بين موتها كم كان ولا من مات أولا فعدتها أربعة أشهر وعشر تستكمل فيها ثلاث حيض عند أبي يوسف ومحمد، وعند أبي حنيفة: عدتها أربعة أشهر وعشر لا حيض فيها، وكذلك إن علم أن بين موتهما أقل من شهرين وخمسة أيام فعدتها أربعة أشهر وعشر لا حيض فيها بلا خلاف، وإن مات المولى أولا وهي تحت زوج أو في عدة منه من طلاق رجعي ثم مات الزوج فتعتد بأربعة أشهر وعشرة أيام، وإن كانت العدة من طلاق بائن لا تلزمها عدة الوفاة. وعدة بوضع الحمل، وهي عدة الطلاق والوفاة والعتاق بوضع الحمل إذا كانت حاملا.
وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا أو وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق، وهي حرة ممن تحيض، فعدتها ثلاثة أقراء،
ــ
[البناية]
فإن بقي الحمل إلى سنتين من يوم طلقها ثبت نسبه، وتنقضي العدة بوضع الحمل، وإن جاءت به لأكثر من سنتين بيوم لا يثبت نسبه، ويحكم بانقضاء العدة بعد ستة أشهر، وتسترد نفقتها إن كانت قبضتها في قول أبي حنفية ومحمد.
وقال أبو يوسف: تنقضي عدتها بوضع الحمل، وإن لم يثبت نسبه، وعدة إلى ستين سنة، وصورته أن ينقطع حيضها بعد الطلاق تصير إلى أن يصير سنها ستين ثم تعتد بثلاثة أشهر، ثم تزوج، وكذلك لو اعتدت بقدرين ثم انقطع الحيض تصير إلى أن يصير سنها ستين سنة ثم تعتد بثلاثة أشهر، وإن كانت عادة أمها وأخواتها انقطاع الحيض قبل سنة يؤخذ بعادتهن، وإن كانت عادتهن انقطاع الدم بعد ستين لا يؤخذ بذلك، ويؤخذ بستين.
وعدة إلى شهرين وتسعة وعشرين يوما وثلاث حيض بعدها، وهي عدة صغيرة طلقها زوجها فمضت ثلاثة أشهر إلا يوما ثم حاضت ما لم تحض ثلاث حيض لا تنقضي عدتها، أو كانت يائسة فاعتدت بثلاثة أشهر إلا يوما ثم حاضت، فما لم تحض ثلاث حيض لا تنقضي عدتها، وعدة بجميع العمر، وهي عدة امرأة المفقود ما لم يمت أقران زوجها لا يرفع النكاح، قال بعضهم: إلى مائة سنة، وقال بعضهم: إلى مائة وعشرين سنة، وعدة بثلاث حيض إلا يوما فمات الزوج يلزمها أربعة أشهر وعشر، وعدة بقرأين إلا يوما وشهرين وخمسة أيام، وصورته طلق الرجل امرأته الأمة رجعية فاعتدت بقرأين إلا يومين فمات زوجها يلزمها شهران وخمسة أيام.
وعدة بثلاث حيض في الحياة والوفاة، وصورته رجل أعتق أم ولده أو مات عنها أو وطئ امرأة في نكاح فاسد أو شبهة عقد ففرق بينهما أو مات عنها تعتد عنه بثلاثة أقراء، فإن آيست أم ولده والموطوءة في نكاح فاسد أو شبهة عقد من صغير أو كبير فعدتهن بثلاثة أشهر في الوفاة والحياة جميعا، كذا ذكره أبو الليث في " خزانة الفقه ".
م: (وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا أو رجعيا) ش: قال الكاكي: لم يذكر في بعض النسخ أو رجعيا ولا بد من ذكره، وقال الأترازي: لم يذكر قوله: أو رجعيا في هذا الموضع في أكثر النسخ، لأن الطلاق الرجعي مر حكمه، ومقدار عدته في باب الرجعة م:(أو وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق) ش: وهي الفرقة بخيار البلوغ والعتاقة وعدم الكفارة وملك أحد الزوجين صاحبه والفرقة في النكاح الفائت والردة م: (وهي حرة) : أي والحال أن المرأة حرة كائنة م: (ممن تحيض فعدتها) ش: مبتدأ، وقوله م:(ثلاثة أقراء) ش: خبره والجملة جواب قوله إذا، ويذكر الدخول في الطلاق بناء على الأصل إذ الأصل في النكاح الدخول، لأن العدة لا تجب على غير المدخول
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228](البقرة: الآية 228) . والفرقة إذا كانت بغير طلاق فهي في معنى الطلاق، لأن العدة وجبت للتعرف عن براءة الرحم في الفرقة الطارئة على النكاح وهذا المعنى يتحقق فيها، والأقراء: الحيض عندنا
ــ
[البناية]
بها بالنص، م:(لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (البقرة: الآية 228) ش: والمراد بهن المدخولات بهن من ذوات الحيض، وهي خبر في معنى الأمر، وأصل الكلام فليتربصن المطلقات، قال المكنون لام الأمر محذوف، فاستغني عن ذكره، وإخراج الأمر في صورة الخبر تأكيد الأمر، وإشعار بأنه مما يجب أن يتلقى بالمسارعة إلى امتثاله، ونحوه قولهم في الدعاء يرحمك الله أخرج في صورة الخبر ثقة بالاستجابة، كأنما وجدت الرحمة، فهو مخبر عنها، وبناؤه على المبتدأ يدل على زيادة التأكيد، ولو قيل يتربص المطلقات لم يكن ذلك التأكيد، لأن الجملة الاسمية تدل على الدوام والثبات، بخلاف الفعلية، وفي ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص، وزيادة النعت إذ أنفسهن طوامح إلى الرجال، فأمرن أن يقمعن أنفسهن، ويغلبنها على الطموح ويجبرنها على التربص، وانتصب ثلاثة على الظرف، أي يتربصن مدة ثلاثة قروء، وجاء المميز على جمع الكثرة دون القلة التي هي الأقراء لجواز استعمال أحد الجمعين مكان الآخر لاشتراكهما في الجمعية، ولعل القرء أكثر من جمع قرء من الأقراء، فأوثر عليه تنزيلا لقليل الاستعمال منزلة المهمل.
م: (والفرقة إذا كانت بغير طلاق) ش: قد مر عن قريب أن الفرقة غير الطلاق م: (فهي في معنى الطلاق، لأن العدة وجبت للتعرف عن براءة الرحم) ش: حتى لا يشتبه النسب م: (في الفرقة الطارئة على النكاح، وهذا المعنى يتحقق فيها) ش: أي في الفرقة بغير طلاق، لكن هذا فيما إذا كانت المرأة مدخولة، لأن غير المدخولة لا عدة عليها، سواء كانت الفرقة بطلاق أو بغير طلاق، والخلوة جعلت كالدخول فاسدة كانت أو صحيحة في حق العدة احتياطا استحسانا لتوهم الشغل.
م: (والأقراء: الحيض عندنا) ش: وهو قول الخلفاء الأربعة والعبادلة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وزيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري، وزاد أبو داود والنسائي معبدا الجهني وعبد الله بن قيس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
وهو قول طاووس وعطاء وابن المسيب وسعيد بن جبير والحسن بن حي وشريك بن عبد الله القاضي والحسن البصري والثوري والأوزاعي وابن شبرمة وأبي عبيدة وربيعة ومجاهد ومقاتل وقتادة والضحاك وعكرمة السدي وإسحاق وأحمد وأصحاب الظاهر.
وقال أحمد: كنت أقول الأطهار ثم وقفت بقول الأكابر، وقال أبو بكر الرازي وإليه انتهت رياسة الحنفية ببغداد بعد أبي الحسن الكرخي: أن الشعبي روى عن ثلاثة عشر من
وقال الشافعي رحمه الله: الأطهار. واللفظ حقيقة فيهما إذ هو من الأضداد، كذا قاله ابن السكيت، ولا ينتظمهما جملة للاشتراك، والحمل على الحيض أولى، إما عملا بلفظ الجمع، لأنه لو حمل على الأطهار والطلاق يوقع في طهر لم يبق جمعا
ــ
[البناية]
الصحابة أن الرجل أحق بامرأته ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة.
م: (وعند الشافعي رحمه الله الأطهار) ش: أي عند الشافعي الأقراء هي الأطهار، وبه قال مالك، ويروى ذلك عن عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
وفائدة الخلاف فيما إذا طلقها في الطهر لا تنقضي عدتها ما لم تطهر من الحيضة الثالثة عندنا، وعنده تطهر كما ترى قطرة من الدم من الحيضة الثالثة، يعني كما شرعت في الحيضة الثالثة.
م: (واللفظ) ش: أي لفظ القروء م: (حقيقة فيهما) ش: أي في الطهر والحيض م: (إذ هو) ش: أي لفظ القرء م: (من الأضداد) ش: جاء بمعنى الحيض والطهر جميعا م: (كذا قاله ابن السكيت) ش: وغيره من أهل اللغة.
وقال الجوهري: هو من الأضداد كالجوف للظلمة والنور والصريم لليل والنهار م: (ولا ينتظمهما) ش: أي ولا يشمل المعنيين م: (جملة للاشتراك) ش: لأنه لا عموم للمشترك بين الأضداد بالإجماع، ولأنه وقع الاختلاف في المراد من الآية في الصحابة، وما حمله أحد عليها فحل محل الإجماع في أنه لا ينتظمها.
وقال الأكمل: ولا يبعد أن يكون غرض المصنف بكونه من الأضداد إشارة إلى نفى قول من قال إنه مجاز في أحدهما، لأنه لا بد للمجاز من مناسبة، وكونه من الأضداد ينفيها، فلما كان الأمر كذلك أشار بقوله:
م: (والحمل على الحيض أولى) ش: لمعان كثيرة أحدها وهو قوله م: (أما عملا بلفظ الجمع) ش: يعني بالقروء المذكور في الآية جمع قرء، بفتح القاف، كذا قال الجوهري، وجمعه أقراء وقروء، وكذا قال القبي بفتح القاف. وروي بضم القاف أيضا، قاله الزمخشري، ووجه العمل بلفظ الجمع أنه أقل الجمع ثلاثة، م:(لأنه لو حمل على الأطهار، والطلاق يوقع في طهر لم يبق جمعا) ش: بيانه أن أقل الجمع ثلاثة، وذلك إنما يتحقق عند الحمل على الحيض لا على الطهر، لأن السنة في الطلاق أن يوقع في الطهر، ثم هو محتسب من الأقراء عند من يقول بالأطهار، فيكون حينئذ مدة عدتها قرأين وبعض الثالث لا لفظ الثلاثة، وقَوْله تَعَالَى {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] خاص لكونه وضع لمعنى معلوم على الانفراد، وهو لا يحتمل النقصان.
فإن قلت: الجمع يطلق على اثنتين وبعض الثالث، كما في قوله عز وجل:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197](البقرة: الآية 197) ،