الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه لم يوجد الشرط، فبقي والجزاء باق لبقاء محله، فبقي اليمين. ثم إن وجد الشرط في ملكه انحلت اليمين ووقع الطلاق؛ لأنه وجد الشرط، والمحل قابل للجزاء، فينزل الجزاء ولا تبقى اليمين لما قلنا. وإن وجد في غير الملك انحلت اليمين لوجود الشرط، ولم يقع شيء لانعدام المحلية.
وإن اختلفا في الشرط فالقول قول الزوج، إلا أن تقيم المرأة البينة؛ لأنه متمسك بالأصل، وهو عدم وجود الشرط، ولأنه ينكر وقوع الطلاق وزوال الملك والمرأة تدعيه. وإن كان الشرط لا يعلم إلا من جهتها فالقول قولها في حق نفسها، مثل أن يقول إن حضت فأنت طالق وفلانة، فقالت: قد حضت طلقت هي ولم تطلق فلانة، ووقوع الطلاق استحسان،
ــ
[البناية]
صورته: قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثم أبانها تبقى اليمين م: (لأنه لم يوجد الشرط، فبقي) ش: أي اليمين م: (والجزاء باق لبقاء محله) ش: لأن الثلاث لم توجد م: (فبقي اليمين) ش: كما كان في ذمة الحالف.
م: (ثم إن وجد الشرط) ش: وهو دخول الدار م: (في ملكه) ش: يعني بعد أن تزوجها ثانياً. م: (انحلت اليمين) ش: لأن اللفظ لا يدل على التكرار، فبوجود الشرط مرة انتهت اليمين، بخلاف كلمة كلما م:(ووقع الطلاق؛ لأنه وجد الشرط، والمحل قابل للجزاء) ش: المحل هي المرأة والملك فيها موجود والجزاء ووقوع الطلاق م: (فينزل الجزاء ولا يبقى اليمين) ش: لأنها انتهت لعدم دلالة اللفظ على التكرار م: (لما قلنا) ش: إشارة إلى قوله فبوجود الفعل مرة يتم الشرط م: (وإن وجد) ش: أي الشرط، وهو دخول الدار م:(في غير الملك) ش: يعني بعد زوال الملك قبل التزوج ثانياً م: (انحلت اليمين لوجود الشرط ولم يقع شيء) ش: من الطلاق م: (لانعدام المحلية) ش: أي محل الطلاق لعدم الملك.
[اختلف الزوج والزوجة في وجود الشرط في الطلاق]
م: (وإن اختلفا في وجود الشرط) ش: بأن قال الزوج لم يوجد الشرط ولم يقع الطلاق، وقالت الزوجة: قد وجد الشرط ووقع الطلاق، م:(فالقول قول الزوج) ش: لأن الأصل عدم الشرط والقول لمن يتمسك بالأصل م: (إلا أن تقيم المرأة البينة) ش: على وجود الشرط حينئذ يكون القول قولها م: (لأنه) ش: أي لأن الزوج م: (متمسك بالأصل وهو عدم وجود الشرط) ش: لدلالة الظاهر على ملك كالمدعى عليه إذا أنكر المال.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الزوج م: (ينكر وقوع الطلاق وزوال الملك والمرأة تدعيه) ش: أي تدعي وقوع الطلاق، فالقول قول الزوج إلا إذا أقامت المرأة البينة م:(وإن كان الشرط لا يعلم إلا من جهتها، فالقول قولها في حق نفسها) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في ظاهر مذهبه، ثم أوضح الذي لا يعلم إلا من جهتها بقوله م:(مثل أن يقول) ش: أي الزوج م: (إن حضت فأنت طالق وفلانة) ش: يعني ضرتها م: (فقالت: قد حضت طلقت هي ولم تطلق فلانة، ووقوع الطلاق استحسان،
والقياس أن لا يقع؛ لأنه شرط فلا تصدق، كما في الدخول وجه الاستحسان أنها أمينة في حق نفسها، إذ لم يعلم ذلك إلا من جهتها، فيقبل قولها كما يقبل في حق العدة والغشيان، لكنها شاهدة في حق ضرتها، بل هي متهمة فلا يقبل قولها في حقها،
ــ
[البناية]
والقياس أن لا يقع ش: أي الطلاق م: (لأنه) ش: أي لأن الحيض م: (شرط فلا تصدق) ش: أي المرأة م: (كما في الدخول) ش: أي في دخول الدار، فكان ينبغي أن يكون القول قول الزوج، ولا يقع الطلاق لأنه ينكر وقوعه متمسكاً بالأصل.
م: (وجه الاستحسان أنها أمينة في حق نفسها) ش: لأن النساء أمينات بإظهار ما في أرحامهن مأمورات بذلك لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228](البقرة: الآية 228)، م:(إذا لم يعلم ذلك إلا من جهتها) ش: لأنه لم يعلم الحيض إلا منها م: (فيقبل قولها) ش: في حقها م: (كما يقبل في حق العدة) ش: أي في انقضائها م: (والغشيان) ش: أي وكما قيل قولها في الغشيان، وإذا قالت أنا حائض حيث يجب الزوج عن غشيانها، وهو كناية عن الوطء.
م: (لكنها) ش: أي لكن المرأة م: (شاهدة في حق ضرتها) ش: بوقوع الطلاق عليها م: (بل هي متهم) ش: لأنها ليست بأمينة في حق ضرتها م: (فلا يقبل قولها في حقها) ش: لأن شهادة المتهم مرودة، وهذا إذا كذبها الزوج.
أما إذا صدقها يقع الطلاق على ضرتها أيضاً، قيل فيه بحث، وهو أن المرأة لا تخلو من الحيض وعدمه، والحال شمول طلاقها، وشمول عدمه لأنها إن كانت حائضة فقد وجد الشرط، ويقع طلاقها وإن لم تحض لم يوجد الشرط فلا يقع طلاق واحدة منهما. فأما أن يوجد الحيض في حقها دون ضرتها فإنه يستلزم كون الشيء موجوداً معدوماً في حالة واحدة وهو محال.
وأجيب: بأن الشرع أثبت بقولها حضت في هذه الصورة وصفين متعاقدين الأمانة والشهادة، ورتب على ذلك حكمين بحسب اقتضائهما.
وليس ذلك ببدع في الشرع، فإنه رتب على النكاح، وهو أمر واحد الحل للزوج والحرمة لغيره، وفيه نظر لأن الحل والحرمة لا يقتضي أحدهما الوجود والآخر العدم بخلاف ما نحن فيه.
والجواب أن اقتضاء الوجود والعدم إنما هو بالنسبة إلى الحيض بعينه، وليس الكلام فيه لأنه أمر خفي لا يطلع عليه، وإنما الكلام في الأمر الدال عليه، وهو قولها: حضت وليس فيه اختلاف في مقتضى وجوده وعدمه، انتهى.
قلت: هذا ذكره الأكمل ناقلاً عن كلام السغناقي، وهذا تطويل كان يكتفى عنه بشيء مختصر، بأن يقال الحيض أمر خفي لا يطلع عليه إلا الله تعالى، والمرأة هنا متهمة، والشرع رتب عليه الحكم بحسب ما يقتضيه ظاهر الحال.