الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا
أسلمت المرأة وزوجها كافر
عرض القاضي عليه الإسلام، فإن أسلم فهي امرأته، وإن أبى فرق بينهما، وكان ذلك طلاقا عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وإن أسلم الزوج وتحته مجوسية عرض عليها الإسلام، فإن أسلمت فهي امرأته، وإن أبت فرق القاضي بينهما ولم تكن الفرقة بينهما طلاقا. وقال أبو يوسف رحمه الله: لا تكون الفرقة طلاقا في الوجهين، أما العرض فمذهبنا. وقال الشافعي رحمه الله: لا يعرض الإسلام؛ لأن فيه تعرضا لهم، وقد ضمنا بعقد الذمة أن لا نتعرض لهم إلا أن ملك النكاح قبل الدخول غير متأكد، فينقطع بنفس الإسلام
ــ
[البناية]
وقعت الفرقة قبل الدخول وبعده، وقال أشهب: تعجيل الفرقة قبل الدخول، كقول الشافعي، وأحمد، وينتظم فراغ العدة بعده كقولهما، وإن أسلمت المرأة قبل الزوج وقعت الفرقة قبل الدخول، وبعده تقف على انقضاء العدة. وفي " التمهيد " قال مالك: إذا أسلم بعد انقضائها في غيبته، فإن نكحت قبل أن يقدم أوسعها إسلامه فلا سبيل له عليها، وإن أدركها قبل أن تنكح فهو أحق بها، وقال ابن قدامة: يعرض عليها الإسلام إن كانت حاضرة، وإن كانت غائبة تعجلت الفرقة.
وعن أحمد روايتان في اعتبار العدة، إحداهما: هو أحق قبل انقضاء عدتها، وفي الأخرى: تعجيل الفرقة، واختارها الخلال، وصحبه أبو بكر، وهو قول طاوس وعكرمة وقتادة والحكم وعمر بن عبد العزيز، ويروى عن ابن عباس، وعن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هو أحق إذا أسلم ما دامت في دار هجرتها، وعن الشافعي هو أحق بها ما دامت في المصر، وعن إبراهيم يقران على نكاحهما.
[أسلمت المرأة وزوجها كافر]
م: (وإذا أسلمت المرأة وزوجها كافر) ش: الواو فيه للحال، وأطلق الكفر في قوله كافر لعدم بقاء المسلمة مع الكافر، أي كافر كان م:(عرض القاضي عليه الإسلام، فإن أسلم فهي امرأته، وإن أبى) ش: أي الزوج عن الإسلام م: (فرق بينهما، وكان ذلك طلاقا عند أبي حنيفة، ومحمد) ش: لا فسخا؛ لأنه فات الإمساك بالمعروف من جانبه، فتعين التسريح بالإحسان، فإن طلق وإلا فالقاضي نائب منابه.
م: (وإن أسلم الزوج وتحته مجوسية عرض عليه الإسلام) ش: وقيد بالمجوسية؛ لأنها إن كانت كتابية فلا عرض، ولا تفريق م:(فإن أسلمت فهي امرأته، وإذا أبت فرق القاضي بينهما، ولم تكن الفرقة بينهما طلاقا. وقال أبو يوسف: لا تكون الفرقة طلاقا في الوجهين) ش: أي لا يكون التفريق طلاقا عنده، سواء كان بإباء الزوج أو بإباء المرأة، بل يكون فسخا، وفائدته أنه لا ينقص من عدد الطلاق شيء. م:(أما العرض) ش: أي عرض الإسلام م: (فمذهبنا، وقال الشافعي: لا يعرض الإسلام لأن فيه) ش: أي لأن في العرض م: (تعريضا لهم، وقد ضمنا بعقد الذمة أن لا نتعرض لهم، لأن ملك النكاح) ش: أي غير أن ملك النكاح م: (قبل الدخول غير متأكد فينقطع بنفس الإسلام
وبعده متأكد، فيتأجل إلى انقضاء ثلاث حيض، كما في الطلاق. ولنا أن المقاصد قد فاتت، فلا بد من سبب تبنى عليه الفرقة، والإسلام طاعة لا يصلح سببا لها، فيعرض الإسلام لتحصل المقاصد، بالإسلام، أو تثبت الفرقة بالإباء. وجه قول أبي يوسف رحمه الله أن الفرقة بسبب يشترك فيه أحد الزوجان، فلا تكون طلاقا كالفرقة بسبب الملك.
ــ
[البناية]
وبعده) ش: أي بعد الدخول م: (متأكد) ش: فلا يرتفع بنفس اختلاف الدين م: (فيتأجل) ش: أي التفريق م: (إلى انقضاء ثلاث حيض) ش: قال الشراح قوله: ثلاث حيض ليس بصواب بل الصواب ثلاثة أطهار؛ لأن العدة عنده بالأطهار، وقيل: معناه كان الشافعي يقول: ينبغي أن يتأجل عندكم إلى انقضاء ثلاث حيض.
م: (كما في الطلاق) ش: يريد أن نفس الطلاق قبل الدخول يرفع النكاح، وبعده لا يرفع إلا بعد انقضاء العدة، وبقول الشافعي قال أحمد، وقال أحمد في رواية: يفسخ النكاح في الحال، وقال مالك: إن أسلمت الزوجة أولا فالحكم على ما ذكره الشافعي، وإن أسلم الزوج أولا، فإن أسلمت في الحال يقيما على نكاحهما، وإلا فسخ نكاحهما.
م: (ولنا أن المقاصد) ش: بالنكاح من السكن والازدواج م: (قد فاتت، فلا بد من سبب تبنى عليه الفرقة، والإسلام طاعة لا يصلح سببا لها) ش: للفرقة م: (فيعرض الإسلام) ش: على الزوج م: (لتحصل المقاصد بالإسلام) ش: إن أسلم م: (أو تثبت الفرقة بالإباء) ش: أي بإباء الزوج عن الإسلام، أي بامتناعه عنه ومذهبنا مروي عن عمر، وعلي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فإن دهقانة في نهر الملك أسلمت، فأمر عمر 0 - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بعرض الإسلام على زوجها، فقال: إن أسلم، وإلا فرق بينهما.
ويروى أن دهقانا أسلم في عهد علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فعرض الإسلام على امرأته فأبت، ففرق بينهما، كذا في " المبسوط "، والدهقان: كل سيد من العجم، والذال لغة فيه، ونهر الملك على طريق الكوفة إلى بغداد وقد طول الأكمل هنا.
حاصله أن سبب الفرقة الإباء عن الإسلام، لأن الإسلام لا يصح سببا لما ذكرنا ولا كفر من بقي عليه، لأنه موجود قبل هذا، فلم يصلح سببا إلا الإباء؛ لأنه صالح بسبب النعم، وإذا أضيف القول إليه أضيف ما يستلزمه الفوات، وهو الفرقة، فكانت الفرقة مضافة إلى الإباء.
ولما فرغ المصنف من البحث مع الشافعي شرع في البحث مع أبي يوسف وهو قوله: م: (وجه قول أبي يوسف: أن الفرقة بسبب) ش: وهو الإباء م: (يشترك فيه الزوجان) ش: على معنى أنه متحقق من كل منهما م: (فلا تكون) ش: أي الفرقة م: (طلاقا) ش: بل تكون فسخا عند الشافعي بسبب اختلاف الدين، وذلك متحقق في كل منهما م:(كالفرقة بسبب الملك) ش: بأن ملك أحد الزوجين الآخر، إذ الطلاق لا يتصور منهما، فكل سبب يتصور منهما لا يكون طلاقا.
ولهما أن بالإباء امتنع عن الإمساك بالمعروف، مع قدرته عليه بالإسلام، فينوب القاضي منابه في التسريح، كما في الجب والعنة، أما المرأة فليست بأهل للطلاق، فلا ينوب القاضي منابها عند إبائها. ثم إذا فرق القاضي بينهما بإبائها فلها المهر إن كان دخل بها لتأكده بالدخول، وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها؛ لأن الفرقة من قبلها، والمهر لم يتأكد، فأشبه الردة والمطاوعة،
وإذا أسلمت المرأة في دار الحرب وزوجها كافر، أو أسلم الحربي وتحته مجوسية لم تقع الفرقة عليها حتى تحيض ثلاث حيض، ثم تبين من زوجها، وهذا لأن الإسلام ليس سببا للفرقة، والعرض على الإسلام متعذر لقصور الولاية، ولا بد من الفرقة دفعا للفساد،
ــ
[البناية]
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد م: (أن بالإباء) ش: أي إباء الزوج عن الإسلام م: (امتنع عن الإمساك بالمعروف، مع قدرته عليه) ش: أي على الإمساك م: (فينوب القاضي منابه في التسريح) ش: بالإحسان م: (كما في الجب، والعنة) ش: أي كما إذا وجدت زوجها مجبوباً، وهو مقطوع الذكر والخصيتين، ووجدته عنيناً، فإن القاضي يفرق بينهما عند طلب المرأة.
م: (أما المرأة فليست بأهل للطلاق فلا ينوب القاضي منابها عند إبائها) ش: لعدم تصور التسريح منها م: (ثم إذا فرق بينهما بإبائها فلها المهر إن كان دخل بها لتأكده) ش: أي لتأكد المهر م: (بالدخول) ش: فيكون لها كمال المهر م: (وإن لم يدخل بها فلا مهر لها، لأن الفرقة من قبلها، والمهر لم يتأكد) ش: لعدم الدخول م: (فأشبه الردة) ش: يعني كما إذا ارتدت قبل الدخول والعياذ بالله م: (والمطاوعة) ش: وأشبه المطاوعة أيضاً، بأن مكنت نفسها من ابن زوجها قبل الدخول، فلا يجب عليه لها المهر قبل الدخول، ولا نفقة العدة بعد الدخول.
وقال الأترازي: المطاوعة بفتح الواو لا كسرها، لأنه مصدر، أي مطاوعة المرأة ابن زوجها. قلت: يجوز كسر الواو أيضاً، ويكون اسم الفاعل من طاوع، ويكون المعنى ما يشبه المرأة المطاوعة لابن زوجها في تمكين نفسها منه، بل هذا الوجه من الفتح لا يخفى على أهل المذاق.
م: (وإذا أسلمت المرأة في دار الحرب وزوجها كافر، أو أسلم الحربي، وتحته مجوسية لم تقع الفرقة) ش: بينهما في الصورتين م: (حتى تحيض ثلاث حيض) ش: وإن لم تكن ممن تحيض فثلاثة أشهر، ثم بعد ثلاث حيض، أو شهور تقع الفرقة، ثم لا بد من ثلاث حيض، أو شهور أخرى للعدة م:(ثم تبين من زوجها) ش: أي بعد ثلاث حيض كما ذكرنا.
م: (وهذا) ش: أشار به إلى أنه لا بد للفرقة من سبب الإسلام، أو كفر المصر، واختلاف الدين لا يصلح أن يكون موجباً للفرقة، كما مر في المسألة المتقدمة، وبين ذلك بقوله: م: (لأن الإسلام عاصم، والعرض على الإسلام متعذر لقصور الولاية) ش: لانعدام يد أهل الإسلام عن دار الحرب.
م: (ولا بد من الفرقة دفعاً للفساد) ش: وهو كون المسلم تحت الكافر. قوله: والعرض على الإسلام متعذر من باب نحو عرضت الناقة على الحوض، والأصل أن يقال: وعرض الإسلام على
فأقمنا شرطها، وهو مضي الحيض مقام السبب، كما في حفر البئر. ولا فرق بين المدخول بها، وغير المدخول بها. والشافعي رحمه الله يفصل بينهما، كما مر له في دار الإسلام. وإذا وقعت الفرقة والمرأة حربية فلا عدة عليها، وإن كانت هي المسلمة فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله، خلافا لهما، وسيأتيك إن شاء الله تعالى.
ــ
[البناية]
الكافر متعذر، إلا أنه قلب الكلام لعدم الالتباس، كما في قولك: أدخلت الخاتم في الإصبع، والأصل أدخلت الإصبع في الخاتم، ولما تعذر تقدير السبب أضيف الحكم إلى الشروط، وهو معنى قوله: م: (فأقمنا شرطها، وهو مضي الحيض مقام السبب) ش: لأن الشرط يضاف إليه الحكم عند تعذر الإضافة إلى العلة والسبب م: (كما في حفر البئر) ش: على قارعة الطريق، فإن وقع فيها إنسان فإن الضمان على الحافر، فلا يمكن إضافته إلى العلة والسبب لما عرف، فأضيف إلى الشرط وهو الحفر. وتحقيق هذا أن علة الوقوع ثقل الواقع، فلا يصلح سبباً لعدم التعدي، لأنه أمر طبيعي لا صنع للواقع فيه، وسبب الوقوع مشتبه، فلا يصلح سبباً لإضافة الحكم إليه، لأنه مباح، فأضيف إلى صاحب الشرط وهو الحافر؛ لأن إزالة سكنة الأرض بالحفر، فإذا كان كذلك، فوقعت الفرقة لانقضاء مدة العدة، أعني ثلاث حيض إن كانت ممن تحيض، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت ممن لا تحيض وبه صرح الكرخي في "مختصره " وذلك لأن الطلاق سبب البينونة، وانقضاء العدة شرطها.
م: (ولا فرق بين المدخول بها وغير المدخول بها، والشافعي يفصل بينهما) ش: حيث يقول: إن كان قبل الدخول تقع الفرقة في الحال، وإن كان بعد الدخول يتوقف على انقضاء ثلاث حيض م:(كما مر له) ش: أي للشافعي م: (في دار الإسلام) ش: من قوله: فإن كان قبل الدخول، بالتفصيل المذكور الآن، وبقوله قال مالك، وأحمد.
م: (وإذا وقعت الفرقة والمرأة حربية) ش: أي والحال أن المرأة حربية م: (فلا عدة عليها) ش: أي على الحربية بالإجماع، لأن حكم الشرع لا يثبت في حقها، ذكره في " شرح الطحاوي "، سواء كان قبل الدخول أو بعده م:(وإن كانت هي) ش: أي الحربية م: (المسلمة فكذلك) ش: لا عدة عليها بعد الدخول م: (عند أبي حنيفة، خلافاً لهما) ش: أي لأبي يوسف، ومحمد، وهذه متعلقة بما قبلها. بيانه أن أحد الزوجين إذا أسلم في دار الحرب تقع الفرقة بانقضاء ثلاث حيض، وبعد ذلك لا تلزم العدة على المرأة، سواء كانت مدخولاً بها أو لاً، وإن كانت غير حربية، أعني مجوسية أو وثنية، فلا عدة عليها أيضاً، كما ذكرنا. وإن كانت غير حربية، أعني مجوسية أو وثنية، فلا عدة عليها أيضاً، كما ذكرنا. وإن كانت مسلمة فلا عدة عليها عند أبي حنيفة، لأنه لا يوجب العدة على المسلمة من الحربي، وأصل المسألة في المهاجرة إلى دار الإسلام، فإنها إذا هاجرت إلينا مسلمة أو ذمية لم يلزمها العدة في قول أبي حنيفة، إلا أن تكون حاملاً، فحينئذ لا تتزوج حتى تضع حملها. م:(وسيأتيك بيانه إن شاء الله تعالى) ش: أي في مسألة المهاجرة. قال الأترازي: بعد ثلاث عشر خطأ، وقال الكاكي في باب العدة: والأول هو الأصوب.