الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا
نفى الرجل ولد امرأته عقيب الولادة
أو في الحالة التي تقبل التهنئة وتبتاع آلة الولادة صح نفيه، ولاعن به، وإن نفاه بعد ذلك لاعن ويثبت النسب، هذا عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: يصح نفيه في مدة النفاس، لأن النفي يصح في مدة قصيرة ولا يصح في مدة طويلة، ففصلنا بينهما بمدة النفاس، لأنه أثر الولادة، وله أنه لا معنى للتقدير، لأن الزمان للتأمل وأحوال الناس فيه مختلفة، فاعتبرنا ما يدل عليه، وهو قبوله، أو
ــ
[البناية]
منه منتفيا عن الزوج غير لاحق به اشتبه به أم لم يشتبه. وهكذا نقل عن محمد بن جرير بن أبي صفرة. وفي " شرح الكردي ": أجمع أصحابنا على أن النسب لا ينتفي، وهو حمل للشك في وجوده. وفي " البدائع" لا يقطع نسب الحمل قبل وضعه بلا خلاف بين أصحابنا.
[نفى الرجل ولد امرأته عقيب الولادة]
م: (وإذا نفى الرجل ولد امرأته عقيب الولادة) ش: أي حين ولدته م: (أو في الحالة) ش: أي أو نفاه في الحالة م: (التي تقبل التهنئة) ش: على بناء المجهول برفع التهنئة، قال الجوهري: التهنئة خلاف التعزية، وتقول هنأته بالولادة تهنئة تهنيئا، وكل أمر آت من غير تعب فهو هنيء، ومنه كلوا هنيئا مريئا، وأصله مهموز اللام م:(وتبتاع) ش: على صيغة المجهول أي يشتري م: (آلة الولادة) ش: مثل الشد والقماط والشيء الذي يفرش تحت الولد حين يوضع، والأشياء التي يلف فيها الولد حين تضعه أمه م:(صح نفيه، ولاعن به، وإن نفاه بعد ذلك لاعن ويثبت النسب، هذا عند أبي حنيفة) ش: وهو قول أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
اعلم أن اللعان يجري بينهما بنفي نسب الولد وإن طالت المدة، لأنه قذف زوجته بنفي الولد عن نفسه، لكن الولد هل ينتفي؟ فإن كان النفي بحضرة الولادة حين يولد أو بعد ذلك بيوم أو يومين أو نحو ذلك ينتفي. ولم يوقت أبو حنيفة فيه بشيء غير هذا.
وروى الحسن عنه أنه يصح نفيه إلى سبعة أيام.
م: (وقال أبو يوسف ومحمد: يصح نفيه في مدة النفاس) ش: وعند الشافعي متى أمكن نفيه بالمرافعة على الحاكم، فلم ينفه لزمه نسبه، وهو قول أبي عبيدة وأبي ثور وابن المنذر. وقال مجاهد وشريح يجوز للزوج نفيه متى شاء. وقال الشعبي ومحمد وابن أبي ذئب وبعض أهل المدينة: لا ينتفي بنفيه، ولكن يجب به اللعان، واحتجوا بقوله عليه السلام «الولد للفراش» م:(لأن النفي يصح في مدة قصيرة ولا يصح في مدة طويلة، ففصلنا بينهما بمدة النفاس، لأنه أثر الولادة) ش: أي لأن النفاس أثر الولادة. وفي " المبسوط " مدة النفاس كحالة الولادة، بدليل أنها لا تصوم ولا تصلي فيها.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أنه لا معنى للتقدير، لأن الزمان للتأمل وأحوال الناس فيه) ش: أي في التأمل م: (مختلفة، فاعتبرنا ما يدل عليه) ش: أي على عدم النفي م: (وهو قبوله أو
سكوته عند التهنئة، أو ابتياعه متاع الولادة، ومضي ذلك الوقت فهو ممتنع عن النفي، ولو كان غائبا ولم يعلم بالولادة، ثم قدم تعتبر المدة التي ذكرناها على الأصلين. قال: وإذا ولدت ولدين في بطن واحد فنفى الأول واعترف بالثاني يثبت نسبهما، لأنهما توأمان خلقا من ماء واحد، وحد الزوج لأنه أكذب نفسه بدعوى الثاني، وإن اعترف بالأول ونفى الثاني يثبت نسبهما لما ذكرنا، ولاعن لأنه قاذف بنفي الثاني، ولم يرجع عنه، والإقرار بالعفة سابق على القذف فصار كما إذا قال: هي عفيفة، ثم قال: هي زانية وفي ذلك التلاعن، فكذا هذا.
ــ
[البناية]
سكوته عند التهنئة) ش: لأنه دليل الرضا م: (أو ابتياعه متاع الولادة، أو مضى ذلك الوقت فهو ممتنع، ش: أي والحال أن الزوج ممتنع م: (عن النفي) ش: بأن كان ساكتا. وفي " الشامل " أبو حنيفة لم يوقت، بل فوض إلى الإمام، قال وحكي عنه أنه اعتبر ثلاثة أيام، وروي عن سبعة أيام، لأن في هذه المدة يستعد للحقيقة، وإنما تكون الحقيقة بعد سبعة أيام. وفي " المبسوط " هذا ضعيف، لأن نصب المقدار بالرأي لا يكون. وروي عن محمد إذا هنئ بولد الأمة فسكت لم يكن قبولا، بخلاف ولد المنكوحة.
م: (ولو كان) ش: أي الزوج م: (غائبا ولم يعلم بالولادة، ثم قدم، تعتبر المدة التي ذكرناها على الأصلين) ش: أي أصل أبي حنيفة. وأصل أبي يوسف ومحمد فعلى أصل أبي حنيفة يجعل كأنها ولدته الآن، فله النفي في مقدار ما يقبل النسبية، وعلى أصلهما في مقدار مدة النفاس بعد القدوم، لأن النسب لا يلزم إلا بعد العلم به، فصارت حالة القدوم كحالة الولادة.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا ولدت ولدين في بطن واحد فنفى الأول واعترف بالثاني يثبت نسبهما) ش: هذا إذا ولدت لأقل من ستة أشهر م: (لأنهما) ش: أي لأن الولدين م: (توأمان خلقا من ماء واحد) ش: التوأم يقال لكل واحد، وهو اسم لا يستحقه كل واحد وحده، وجمعه توائم، وهو اسم جمع وليس يجمع حقيقة م:(وحد الزوج لأنه أكذب نفسه بدعوى الثاني. وإن اعترف بالأول ونفى الثاني يثبت نسبهما لما ذكرنا) ش: أي كذب نفسه م: (ولاعن لأنه قاذف بنفي الثاني ولم يرجع عن) ش: أي عن النفي م: (والإقرار بالعفة سابق) ش: هذا جواب عما يقال: ينبغي أن يحد لأنه أكذب نفسه بعد القذف، لأن الإقرار الأول بثبوت النسب باق بعد نفي الثاني، فيعتبر قيام الإقرار بعد القذف بابتداء الإقرار، ولو وجد الإقرار بعد النفي يثبت الإكذاب، فيجب الحد فكذا هذا.
فأجاب بقوله: والإقرار بالعفة سابق م: (على القذف) ش: حقيقة، والاعتبار بالحقيقة م:(فصار كما إذا قال هي عفيفة، ثم قال: هي زانية وفي ذلك التلاعن) ش: أي واجب م: (فكذا هذا) ش: أي فكذا حكم هذا حكم ذلك. وفي " المحيط " و " المبسوط ": فلو نفاهما ثم مات أحدهما أو قتل لزماه. وفي " مختصر الكرخي ": لا يجب اللعان عند أبي يوسف ويجب عند
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
محمد. ولو ولدت أحدهما ميتا فنفاهما لاعن بالاتفاق، ولزمه الولدان. ولو ولدت ولدا فنفاه ولاعن ثم ولدت آخر بيوم لزماه. وفي " النوادر " عن أبي حنيفة رواه الحسن عنه أن امرأة جاءت بثلاثة أولاد في بطن فنفى الثاني وأقر بالأول والثالث يلاعن وهم بنوه. ولو نفى الأول والثالث وأقر بالثاني يحد وهم بنوه.
"وفي " المغني " التوأمان يكون بينهما أقل من شهر، ومثله عن مالك. وإذا ولدت فسكت لم يكن له نفيه بعد ذلك، وهو قول الشافعي، وقال ابن قدامة: وما ذكره أبو حنيفة يبطل بخيار الرؤيا لعيب، يعني أنه يبطل بالسكوت، ونقله عنه غلط، وذلك مذهب الناقل ويبطل مذهبه بالحمل، فإنه لا يبطل بالسكوت.
ولو هنئ به فأمن على دعائه لزمه، وكذا إن قال: أحسن جزاءك أو بارك الله فيك، أو رزقك الله مثله لزمه الولد، وكذا عندنا وعند الشافعي لا يلزمه. وكل موضع لزمه الولد لا يكون له نفيه بعد ذلك عند الأئمة الأربعة وأصحابهم.
ولو قال: ليس هذا الولد مني أو ليس ولدي، ولم يذكر زناها فلا حد ولا لعان. وكذا لو قال: أكرهت على الزنا لا حد ولا لعان.
وفي " المحيط " أو نفى ولد زوجته وهما في اللعان لا ينتفي، وإن كانت كتابية أو أم ولد ثم أعتقت أو أسلمت ثم وضعت لا يصح نفيه. ولو ولدت بعد اللعان إلى سنتين لزمه الولد، وإن لم يكن عليها عدة يلزمه ما بينه وبين ستة أشهر، لأنه مطلق حكما ولو لاعنها بولد ثم ولدت إلى سنتين لزمه، لأنها معتدة ويقبل شهادته عليها بالزنا مع ثلاثة، وفيه خلاف الأئمة الثلاثة. ولو قذفها ثم شهد مع الثلاثة بالزنا لا تقبل، لأنه سقط عنه اللعان الواجب عليه. ولو شهد ثلاثة غير عدول فلا حد ولا لعان على المشهور. ولو قذف امرأة رجل بالزنا فقال الزوج: صدقت لم يكن على الزوج المصدق حد ولا لعان إلا أن يقول: صدقت هي كما قلت: فيكون قاذفا، ولو عين الذي رماها به وطلب الرجل حد القذف يحد له عندنا به. وقال الشافعي ومالك: لا يحد. وفي " الروضة ": زنت قبل تفريق القاضي بعد التلاعن يسقط اللعان عند أبي حنيفة، وحل له وطؤها.
ولو أقام الرجل البينة على صدقه سقط عنه اللعان وحدت، وهو قول الظاهرية وقال مالك: يلاعن. وقال الشافعي: يلاعن إن كان معها ولد وإلا لا، ولا لعان في البائن لا في العدة ولا في غيرها عندنا ويحد، وبه قال الشافعي وأحمد ومالك والثوري وأهل الحجاز وأهل العراق، وبعد اللعان يجب لها نصف الصداق عندنا، وبه قال مالك وسعيد بن جبير وقتادة والحسن، وقال حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة يجب لها المهر الكامل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وقال الزهري: لا صداق لها. وقلنا: التفريق بينهما طلاق قبل الدخول، فيجب نصف المهر.
فروع أخرى: "في المبسوط " لو مات ولد الملاعنة عن مال فادعى الملاعن لا يثبت نسبه ويضرب الحد. وإن ترك ابنا وبنتا يثبت نسبه من الأب وورثه الأب. ولو كان الولد الميت فشاركها ولد فأكذب نفسه يثبت عند أبي حنيفة، خلافا لهما. وقيل: الخلاف على العكس.
وفي " جوامع الفقه " مات الشاهدان أو غابا بعدما شهدا لا يقضى باللعان. وفي المال يقضى بخلاف ما لو عميا أو فسقا أو ارتدا حيث يلاعن بينهما، والوطء الحرام بشبهة أو نكاح فاسد يسقط إحصانها، خلافا لأبي يوسف، ثم رجع وقال: هو ملحق بالوطء الحلال في ثبوت النسب ووجوب العدة، ولا لعان في النكاح الفاسد ولا في الوطء الحلال في ثبوت النسب ووجوب العدة، ولا لعان في النكاح الفاسد ولا في الوطء بشبهة عندنا. وقال الشافعي وأحمد: يجب اللعان فيهما إذا كان ينفي الولد. وعند أبي يوسف فيه الحد واللعان لإلحاقهما بالنكاح الصحيح. ولو قذفها ثم طلقها ثلاثا سقط اللعان ولا يجب الحد، وكذا لو تزوجها بعد ذلك لأن الساقط لا يعود، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد لو أقر به بعد الاستبراء يلزمه. وأجمعوا أنه لا لعان في النكاح الفاسد بغير ولد. ولو تلاعنا لا يثبت التحريم المؤبد في وجه عند الحنابلة وقذف المبانة وأضافها إلى حال قيام النكاح، وبينهما ولد يريد نفيه يلاعن ولا حد ولا لعان عند الشافعي ومالك. وعندنا يحد ولا لعان، وهو قول عطاء، ويروى عن الحسن وعثمان البتي، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه ولو قذف مطلقته الرجعية يلاعن، وبه قال النخعي والزهري وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد والظاهرية، وهو قول ابن عمر وجابر بن زيد. وقال ابن عباس: ولا لعان. وفي " جوامع الفقه " قال: قذفتك بعد أن أتزوجك أو زنيت قبل أن أتزوجك فهو قاذف في الحال يلاعن.
وقال الشافعي ومالك: يحد. ولو قذفها ثم زنت أو وطئت حراما لا حد ولا لعان عندنا، وبه قال الشافعي. ولو فرق القاضي بعد التعانهما ثلاثا خطأ نفذ تفريقه عندنا، وعند زفر، وبقية الأئمة لا ينفذ، ولو بدأ بلعان المرأة فقط أخطأ ولا يجب إعادته، وبه قال مالك.
وقال الشافعي وأحمد: يجب إعادته ويسقط اللعان بردتها، ولو أسلمت بعدها لا يعود.
وفي " الذخيرة " قذفها بنفي ولدها فلم يتلاعنا حتى قذفها أجنبي بالولد، فحد الأجنبي يثبت نسب الولد ولا ينتفي بعد ذلك، لأن حد قاذفها حكم بكذبه.