الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا غاب الرجل وله مال في يد رجل يعترف به وبالزوجية فرض القاضي في ذلك المال
نفقة زوجة الغائب وولده الصغار ووالديه
. وكذا إذا علم القاضي بذلك، ولم يعترف به، لأنه لما أقر بالزوجية وبالوديعة، فقد أقر أن حق الأخذ لها، لأن لها أن تأخذ من مال الزوج حقها من غير رضاه، وإقرار صاحب اليد مقبول في حق نفسه لا سيما هاهنا،
ــ
[البناية]
الشهر مرة أو مرتين وعلى هذا الخلاف، خروجها لعمها وخالها، وعن الحسن: لا يمنعها من زيارة الأقارب في كل شهرين أو ثلاث، ولا يمنع محارمها من الدخول عليها في كل جمعة، ويمنعهم من الكينونة.
[نفقة زوجة الغائب وولده الصغار ووالديه]
م: (وإذا غاب الرجل وله مال في يد رجل يعترف به) ش: أي بالمال أنه للغائب. م: (وبالزوجية) ش: أي ويعترف أيضًا بأن هذه المرأة للرجل الغائب. م: (فرض القاضي في ذلك المال نفقة زوجة الغائب وولده الصغار ووالديه) ش: وكذا يفرض نفقة أولاده الكبار والزمنى والإناث، وقال زفر: لا يفرض عنه شيء، كذا في " شرح الأقطع " وإنما اعتبر إقراره بالمال وبالزوجية، لأن المديون أو المودع، إذا جحد الزوجية أو المال لم تقبل بنيتها على شيء من ذلك. أما على الزوجية فلأن المودع أو المديون ليس بخصم عن الغائب في إثبات النكاح عليه، والاشتغال من القاضي بالنظر إنما يكون بعد العلم بالزوجية، ولم يوجد العلم فلا يؤمر بالنظر، وكان أبو حنيفة أولًا يقبل بنيتها على الزوجية، ثم رجع وقال: لا تقبل.
م: (وكذا) ش: أي وكذا يفرض القاضي النفقة لهؤلاء المذكورين. م: (إذا علم القاضي بذلك) ش: أي ما ذكر من الزوجية والمال للغائب. م: (ولم يعترف) ش: أي والحال أن صاحب اليد لم يعترف. م: (به) ش: أي بما ذكر من الزوجية والمال. م: (لأنه) ش: أي لأن صاحب اليد. م: (لما أقر بالزوجية وبالوديعة فقد أقر أن حق الأخذ لها) ش: أي للمرأة. م: (لأن لها أن تأخذ من مال الزوج حقها من غير رضاه) ش: أي من غير رضا الزوج لحديث «هند امرأة أبي سفيان: خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف» . وقد مر عن قريب.
فإن قيل: يشكل على هذا ما لو حضر صاحب الدين غريما أو مودعًا للغائب، وهما مقران بالدين على الغائب، لا يأمره القاضي بقضاء دينه من الوديعة والدين.
قلنا: إن القاضي يأمر في حق الغائب بما هو أنظر له، وفي الأمر بالإنفاق لهؤلاء نظر له بإبقاء ملكه لنا في قضاء دينه ليس فيه بقاء ملكه، بل هو قضاء عليه بقول الغير.
م: (وإقرار صاحب اليد مقبول في حق نفسه) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر، تقديره أن يقال: ينبغي أن لا يصح إقراره، لأنه إقرار على الغائب، فأجاب بقوله: وإقرار صاحب اليد، وهو الذي عنده الوديعة، مقبول في حق نفسه لأنه أقر بإزالة يده، وهي حق على الغائب. م:(لا سيما هاهنا) ش: أي في هذه المسألة، وسيما معناه خصوصًا هاهنا، وهو مركب من السي وكلمة ما،
فإنه لو أنكر أحد الأمرين لا تقبل بينه المرأة فيه، لأن المودع ليس بخصم في إثبات الزوجية عليه، ولا المرأة خصم في إثبات حقوق الغائب. فإذا ثبت في حقه تعدى إلى الغائب. وكذا إذا كان المال في يده مضاربة، وكذا الجواب في الدين، وهذا كله إذا كان المال من جنس حقها، دراهم أو دنانير، أو طعاما، أو كسوة من جنس حقها. أما إذا كان من خلاف جنسه، لا تفرض النفقة فيه، لأنه يحتاج إلى البيع، ولا يباع مال الغائب بالاتفاق. أما عند أبي حنيفة رحمه الله فإنه لا يباع على الحاضر. وكذا على الغائب. وأما عندهما
ــ
[البناية]
والسي الميل، أصله سوي، قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، والاسم بعده يجري مجراه إذا كانت ما زائدة، ويجيء مرفوعًا خبرًا لمبتدأ محذوف إذا كانت ما موصولة، ويجيء منصوبًا بالاستثناء بمعنى الآن إلا للإخراج، ولا سيما أيضًا للإخراج، ولكن بإثبات ما هو أفضل له، تقول: أكرمني القوم لا سيما زيدا، يعني أن إكرام زيد أكثر وأبلغ من إكرامهم، فهذا كذلك، بيانه أن إقرار صاحب اليد في سائر المواضع مقبول في حق نفسه، وقيل: عليه البينة إذا أنكر الحق. م: (فإنه) ش: أي فإن صاحب اليد.
م: (لو أنكر أحد الأمرين) ش: أي الوديعة أو الزوجية. م: (لا تقبل بينة المرأة فيه) ش: أي في أحد الأمرين، لأن إقامتها إذا كانت للزوجية فلا تسمع. م:(لأن المودع ليس بخصم في إثبات الزوجية عليه) ش: أي على الغائب، وإن كانت إقامتها لإثبات الوديعة فلا تسمع أيضا؛ لأن المرأة ليست بخصم، وهو معنى قوله. م:(ولا المرأة خصم في إثبات حقوق الغائب، فإذا ثبت في حقه) ش: أي فإذا ثبت بإقراره على نفسه في حقه. م: (تعدى إلى الغائب) ش: لكونه ما أقر بملكه. قال تاج الشريعة: كالمنفرد بهلال رمضان، تثبت الرمضانية في حقه، ثم تتعدى إلى غيره.
م: (وكذا) ش: أي وكذا يفرض القاضي النفقة للمذكورين. م: (إذا كان المال في يده) ش: أي في يد صاحب اليد. م: (مضاربة) ش: بأن كان صاحب المال ضاربه ليعمل فيه. م: (وكذا الجواب في الدين) ش: يعني إذا حضرت المرأة غريم زوجها الغائب عند القاضي، فاعترف بالدين والزوجية، فرض القاضي النفقة وإن جحد أحدهما فلا. (وهذا كله) ش: أي هذا الذي قلنا من فرض القاضي النفقة عند اعتراف صاحب اليد بالزوجية والمال كله. م: (إذا كان المال من جنس حقها) ش: أي حق المرأة. م: (دراهم أو دنانير أو طعاما أو كسوة) ش: أي أو كان كسوة. م: (من جنس حقها) ش: أي جنس ما يكسي مثلها المرأة، يعني فيها الكسوة، لأنها جنس حقها المستحق.
م: (أما إذا كان من خلاف جنسه) ش: أي من خلاف جنس حقها كالدار والعبد والعروض. م: (لا تفرض النفقة فيه، لأنه يحتاج إلى البيع، ولا يباع مال الغائب بالاتفاق) ش: عند أصحابنا. م: (أما عند أبي حنيفة، فإنه لا يباع على الحاضر) ش: يعني لو كان حاضرًا ما كان للقاضي أن يبيع ماله، لأن بيع القاضي على وجه الحجر، والحجر على العاقل البالغ باطل عنده. فإذا كان غائبًا بطريق الأولى، وهو معنى قوله. م:(وكذا على الغائب وأما عندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد. م:
فلأنه إن كان يقضي على الحاضر، لأنه يعرف امتناعه، لا يقضي على الغائب، لأنه لا يعرف امتناعه.
قال: ويأخذ منها كفيلا بها نظرا للغائب، لأنها ربما استوفت النفقة أو طلقها الزوج، وانقضت عدتها، فرق بين هذا وبين الميراث إذا قسم بين ورثة حضور بالبينة، ولم يقولوا لا نعلم له وارثا آخر، حيث لا يؤخذ منهم الكفيل عند أبي حنيفة رحمه الله لأن هناك المكفول به مجهول فلا يصح. وهاهنا معلوم، وهو الزوج، فيحلفها بالله عز وجل ما أعطاها النفقة نظرا للغائب.
ــ
[البناية]
(فلأنه إن كان يقضي على الحاضر) ش: إذا ثبت امتناعه من الحق الذي عليه، وهو معنى قوله. م:(لأنه يعرف امتناعه) ش: فيقضي لأجل امتناعه.
وقوله. م: (لا يقضي على الغائب) ش: خبر كان، وإنما لا يقضي عليه. م:(لأنه لا يعرف امتناعه) ش: ولكن لا يجوز للأبوين بيع عروض الولد الغائب عند أبي حنيفة استحسانًا، ولا يتعرض له القاضي، ويصرفان في أنفسهما بالمعروف، كذا في " التحفة ".
م: (قال) ش: أي القدوري. م: (ويأخذ منها) ش: أي من المرأة. م: (كفيلًا بها) ش: أي بالنفقة. م: (نظرا للغائب) ش: وقال السرخسي: وهذا أحسن، وإن لم يأخذه، جاز له ذكره في أدب القاضي للخصاف. وقال الصدر الشهيد: والصحيح الكفيل نظرًا للغائب. ولكن القاضي يحلفها أولًا على أن زوجها لم يعطها النفقة أن يجوز أن يعطيها نفقتها، قبل أن يغيب. ومع تلبس الأمر على القاضي، فيأخذ النفقة ثانيًا، ثم إذا حلفت أعطاها النفقة وأخذ منها كفيلًا. م:(لأنها) ش: أي لأن المرأة. م: (ربما استوفت النفقة أو طلقها الزوج وانقضت عدتها) ش: فلا تستحق شيئًا، ثم الكفالة بالنفقة تصح، ولا يجبر عند محمد. وعند أبي يوسف يجبر استحسانًا، ذكره في جوامع الفقه. وفي " الخزانة " تصح الكفالة. ولم يذكر خلافًا، فإن أطلق الضمان فهو على شهر عند محمد على الأبد ما دام النكاح باقيًا، فإن ضمن كل شهر، فهو على شهر واحد، وكذا عند كل شهر، فإن رجع بعد مضي الشهر، لم يلزمه في الشهر الثاني. وقال أبو يوسف: يلزمه أبدًا، والأصح رجوعه، ولو طلقها يلزم الكفيل نفقة العدة، لأنها نفقة النكاح إن كان لها نفقة كل شهر فأبرأته صحت عن نفقة شهر واحد، فإن كفل بنفقة سنته لزمه ذلك، وكذا لو قال أبدًا وما أشبه به. م:(فرق) ش: أي أبو حنيفة فرق. م: (بين هذا) ش: أي بين أخذ الكفيل هنا. م: (وبين الميراث) ش: في ترك أخذه من الميراث وهو. م: (إذا قسم) ش: أي الميراث. م: (بين ورثة حضور) ش: أي حاضرين. م: (بالبينة، ولم يقولوا لا نعلم له وارثًا آخر، حيث لا يؤخذ منهم الكفيل، عند أبي حنيفة، لأن هناك) ش: أي في مسألة الميراث. م: (المكفول به مجهول، فلا يصح، وهاهنا) ش: أي في مسألة الكتاب. م: (معلوم) ش: أي المكفول له معلوم. م: (وهو الزوج) ش: فيصح. م: (فيحلفها) ش: أي فيحلف القاضي المرأة. م: (بالله عز وجل ما أعطاها) ش: أي الزوج. م: (النفقة نظرًا للغائب) ش: وقد ذكرناه الآن.
قال: ولا يقضي بنفقة في مال غائب إلا لهؤلاء. ووجه الفرق: هو أن نفقة هؤلاء المذكورين واجبة قبل قضاء القاضي، ولهذا كان لهم أن يأخذوا قبل القضاء فكأن قضاء القاضي إعانة لهم، أما غيرهم من المحارم فنفقتهم إنما تجب بالقضاء، لأنه مجتهد فيه، والقضاء على الغائب لا يجوز، ولو لم يعلم القاضي بذلك، ولم يكن مقرا به، فأقامت البينة على الزوجية، أو لم يخلف مالا، فأقامت البينة على الزوجية ليفرض القاضي نفقتها على الغائب، ويأمرها بالاستدانة، لا يقضي القاضي بذلك؛ لأن في ذلك قضاء على الغائب. وقال زفر رحمه الله: يقضي فيه، لأن فيه نظرا لها، ولا ضرر فيه على الغائب، فإنه لو حضر وصدقها، فقد أخذت حقها، وإن جحد يحلف، فإن نكل فقد صدق. وإن أقامت بينة فقد ثبت حقها، وإن عجزت، يضمن الكفيل أو المرأة، وعمل القضاة اليوم على هذا
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي القدوري. م: (ولا يقضي بنفقة في مال غائب إلا لهؤلاء) ش: أي لهؤلاء المذكورين من الزوجة والأولاد الصغار والوالدين والأولاد الكبار الزمنى والإناث. م: (ووجه الفرق) ش: يعني بين قضاء القاضي لهؤلاء المذكورين بالنفقة في مال الغائب وبين عدم جواز قضائه لغيره من الآباء، كالأخ والعم وسائر ذوي الأقارب. م:(هو) ش: أي وجه الفرق. م: (أن نفقة هؤلاء المذكورين واجبة قبل قضاء القاضي، ولهذا) ش: أي لوجوب نفقة هؤلاء قبل قضاء القاضي. م: (كان لهم أن يأخذوا قبل القضاء، فكأن قضاء القاضي إعانة لهم) ش: أي لهؤلاء. م: (أما غيرهم) ش: أي غير هؤلاء. م: (من المحارم فنفقتهم إنما تجب بالقضاء) ش: أي بقضاء القاضي. م: (لأنه مجتهد فيه) ش: لأن الشافعي لا يقول بوجوب النفقة في غير الأولاد، فلما كان وجوبها بالقضاء. م:(والقضاء على الغائب لا يجوز) ش: فلا يُقضى لهم بالنفقة في مال الغائب. م: (ولو لم يعلم القاضي بذلك) ش: متصل بقوله: وكذا إذا علم القاضي بذلك، قوله بذلك أي بالزوجة. م:(ولم يكن) ش: أي الرجل المودع. م: (مقرًا به) ش: هو متصل بقوله: ولو لم يعترف به. م: (فأقامت) ش: أي المرأة. م: (البينة على الزوجية) ش: أي على أنها زوجة له. م: (أو لم يخلف) ش: أي الزوج. م: (مالًا فأقامت البينة على الزوجية) ش: أي على أنها زوجة له. م: (ليفرض القاضي نفقتها على الغائب ويأمرها بالاستدانة لا يقضي القاضي بذلك، لأن في ذلك قضاء على الغائب) ش: فلا يجوز.
م: (وقال زفر: يقضي فيه) ش: يعني يسمع البينة ويعطيها النفقة من مال الزوج، وإن لم يكن له مال، يأمرها بالاستدانة. م:(لأن فيه نظرًا لها، ولا ضرر فيه على الغائب، فإنه) ش: أي فإن الزوج. م: (لو حضر وصدقها فقد أخذت حقها وإن جحد) ش: أي وإن أنكر الزوج ذلك. م: (يحلف) ش: فإن نكل أي عن اليمين. م: (فإن نكل فقد صدق) ش: المرأة.
م: (وإن أقامت بينة فقد ثبت حقها، وإن عجزت) ش: أي عن البينة. م: (يضمن الكفيل أو المرأة) ش: فإن ضمن الكفيل يرجع على المرأة. م: (وعمل القضاة اليوم على هذا) ش: أي على قول زفر. م:
أنه يقضي بالنفقة على الغائب، لحاجة الناس إليه، وهو مجتهد فيه، وفي هذه المسألة أقاويل مرجوع عنها، لم يذكرها.
ــ
[البناية]
(أنه يقضي بالنفقة على الغائب، لحاجة الناس إليه، وهو مجتهد فيه) ش: أي بين علمائنا، إما لأن فيه خلاف زفر، أو لأن فيه خلاف أبي يوسف على ما ذكر الخصاف مطلقًا، أو على قوله الأول، أو على ما ذكره في مختصر "الكافي " ثم على قول من يفرض، لا تحتاج المرأة إلى إقامة البينة، أن الزوج لم يخلف مالًا للنفقة.
م: (وفي هذه المسألة أقاويل مرجوع عنها لم يذكرها) ش: منها أن القاضي إذا لم يكن عالمًا بالنكاح، فأقامت البينة على النكاح، يقبل في قول أبي حنيفة وحده الأول، ومنها لو أقامت البينة على المودع أو المديون الجاحد للنكاح والنفقة على قول أبي حنيفة أولًا، ثم رجع، قال: لا يقبل، ومنها أن البينة على قول أبي يوسف أولًا تقبل، ولكن لا تقضي بالنكاح. كذا في " التتمة " و " الفتاوى الصغرى ".