الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وتفرض على الزوج النفقة إذا كان موسرا، ونفقة خادمها، والمراد بهذا بيان
نفقة الخادم
. ولهذا ذكر في بعض النسخ وتفرض على الزوج إذا كان موسرا نفقة خادمها، ووجهه: أن كفايتها واجبة عليه، وهذا من تمامها، إذ لا بد لها منه، ولا تفرض لأكثر من نفقة خادم واحد.
ــ
[البناية]
لأنها سلمت نفسها إلى الزوج في منزله ثم مرضت فيه.
[نفقة الخادم]
م: (وقال: وتفرض على الزوج النفقة إذا كان موسرًا ونفقة خادمها) ش: هذه من مسائل القدوري، ولما كان ظاهر هذا تكرارا؛ لأنه قال في أول الباب: النفقة واجبة للزوجة على زوجها، عذره المصنف بقوله. م:(والمراد بهذا) ش: أي بقوله: ويفرض للزوجة على الزوج النفقة إن كان موسرًا ونفقة خادمها. م: (بيان نفقة الخادم) ش: وهناك لم يذكر نفقة الخادم، وتجب نفقته بإجماع الأئمة الأربعة.
وقالت الظاهرية: لا تجب نفقة الخادم، لأنه ما جاء فيه خبر يعتمد عليه، وإنما قيد بقوله: إن كان موسرًا، وزاد فيه هذا القيد، لأنه إذا كان معسرًا لا تجب عليه نفقة الخادم. وإن كان لها خادم على ما روى الحسن عن أبي حنيفة، كذا في " مختصر الكرخي " وفي " الأسبيجابي " و " اليانبيع ": وإن كان لها خادم متفرغ لخدمتها ليس له شغل غير خدمتها، يفرض له النفقة بالمعروف. وفي " الذخيرة ": إن لم يكن لها خادم لا يفرض له في ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة، وبه قال أحمد وأكثر أصحاب الشافعي. وفي " المبسوط " عن زفر: يفرض نفقة خادم واحد، لأن على الزوج أن يقوم بمصالح طعامها وحوائجها، وإذا لم يفعل ذلك أعطاها نفقة خادم، ثم هي تقوم بنفسها، أو تتخذ خادمًا. ثم اختلف المشايخ في الخادم، قيل: المملوك لها حتى لو كانت حرة، أو غير مملوكة لها لا تستحق، وقيل: كل من يخدمها حرة كانت أو مملوكة لها أو لغيرها. وينبغي أن ينقص نفقة لخادمها عن نفقة نفسها في حق الإدام لا الخبز.
م: (ولهذا) ش: أي ولصحة ما قلت والمراد بهذا بيان الخادم. م: (ذكر في بعض النسخ) ش: أي في بعض نسخ القدوري. م: (ولا تفرض على الزوج إذا كان موسرًا نفقة خادمها) ش: وقال الأترازي: وتلك النسخة هي الأصح، لأن الشيخ أبا نصر اعتبرها في نسخته، أعني الشرح المعروف بالأقطع. م:(ووجهه) ش: أي وجه وجوب نفقة الخادم. م: (أن كفايتها) ش: أي كفاية المرأة. م: (واجبة عليه) ش: أي على الزوج. م: (وهذا من تمامها) ش: أي فرض نفقة الخادم من تمام كفاية المرأة. م: (إذا لا بد لها منه) ش: أي لأنه لا بد للمرأة من الخادم.
وهو واحد الخادم، غلامًا كان أو جارية، ثم المرأة إذا لم يكن لها خادم، فهل يجب عليها أن تجبر وتعالج بنفسها؟ فإن قالت: لا أفعل، لا تجبر على ذلك، لأن الواجب عليها تمكين النفس من الزوج لا هذه الأعمال، بخلاف الخادم إذا امتنع من الخدمة لا يستحق النفقة.
م: (ولا تفرض) ش: أي النفقة. م: (لأكثر من نفقة خادم واحد) ش: هذا لفظ القدوري في
وهذا عند أبي حنيفة، ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف رحمه الله: تفرض لخادمين، لأنها تحتاج إلى أحدهما لمصالح الداخل، وإلى الآخر لمصالح الخارج. ولهما أن الواحد يقوم بالأمرين، فلا ضرورة إلى اثنين، ولأنه لو تولى كفايتها بنفسه، كان كافيا. فكذا إذا أقام الواحد مقام نفسه، وقالوا: إن الزوج الموسر يلزمه من نفقة الخادم ما يلزم المعسر من نفقة امرأته وهو أدنى الكفاية.
ــ
[البناية]
" مختصره " ولم يذكر الخلاف. وكذا لم يذكر الحاكم الشهيد في "مختصره " ولا الكرخي في "مختصره " وذكر الخلاف شمس الأئمة البيهقي والأسبيجابي، وصاحب " المختلف "، ولذلك ذكر المصنف أيضًا مثلهم، قال. م:(وهذا عند أبي حنيفة ومحمد) ش: أي عدم فرض النفقة لأكثر من خادم عند أبي حنيفة ومحمد، وهو قول الجمهور وقول الأئمة الأربعة.
م: (وقال أبو يوسف: تفرض لخادمين لأنها) ش: أي لأن المرأة. م: (تحتاج إلى أحدهما لمصالح الداخل) ش: أي داخل البيت. م: (وإلى الآخر) ش: أي وتحتاج إلى خادم آخر. م: (لمصالح الخارج) ش: أي خارج البيت. وفي " التحفة ": وهذا الذي ذكره عن أبي يوسف غير المشهور عنه، لأن المشهور من قوله كقولهما. وبه صرح الطحاوي في "مختصره " وفي " فتاوى أهل سمرقند " إذا كانت المرأة من بنات الأشراف وذوي الأقدار لها خدم كثير، يجبر على نفقة خادمين أحدهما للخدمة والآخر للرسالة. وعن أبي يوسف في رواية أخرى، إذا كانت فائقة الغنى لها خدم كثير زفت إليه كذلك استحقت نفقة الخدم كلهم، وهو رواية هشام عن محمد واختاره الطحاوي. م:(ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد.
م: (أن الواحد) ش: أي الخادم الواحد. م: (يقوم بالأمرين) ش: بمصالح الخارج ومصالح الداخل. م: (فلا ضرورة إلى اثنين) ش: لأن ما زاد على ذلك فللزينة والتجمل. م: (ولأنه) ش: أي ولأن الزوج. م: (لو تولى كفايتها بنفسه كان كافيًا، فكذا إذا أقام الواحد) ش: أي الخادم الواحد. م: (مقام نفسه) ش: ولو كانت الزوجة أمة، فلا نفقة لخادمها ولو كان له أولاد لا يكفيها خادم واحد، فرض عليه خادمين أو أكثر. م:(وقالوا) ش: أي المشايخ. م: (إن الزوج الموسر يلزمه من نفقة الخادم ما يلزم المعسر من نفقة امرأته) ش: اليسار هنا مقدر بنصاب حرمان الصدقة لا بنصاب وجوب الزكاة، وهو النصاب من المال النامي الفاضل عن حاجته، والغنى الذي تحرم به الصدقة، وتجب به الفطرة والأضحية هو أن يملك ما يساوي مائتي درهم فاضلًا عن ثيابه ومآربه وخادمه ومسكنه وفرسه وسلاحه، وكتب العلم إن كان من أهله، إذا لم يكن له فضل عن ذلك. م:(وهو أدنى الكفاية) ش: والضمير يرجع إلى قوله ما يلزم. والحاصل أن نفقة الخادم أدنى الكفاية، وهو ما يلزم المعسر من نفقة امرأته.
وفي " النوادر " روى قتادة عن خلاس عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه
وقوله في الكتاب: "إذا كان موسرا" إشارة إلى أنه لا تجب نفقة الخادم عند إعساره. وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله وهو الأصح، خلافا لمحمد رحمه الله لأن الواجب على المعسر أدنى الكفاية، وهي قد تكتفي بخدمة نفسها. ومن أعسر بنفقة امرأته لم يفرق بينهما، ويقال لها: استديني عليه، وقال الشافعي رحمه الله: يفرق،
ــ
[البناية]
فرض لامرأة وخادمها في الشهر اثني عشر درهمًا، أربعة للخادم، وثمانية للمرأة، منها درهمان للقطن والكتاب. وروي عن شريك أنه قال: شهدت ابن أبي ليلى أنه فرض للمرأة ستة دراهم وللخادم ثلاثًا.
م: (وقوله في الكتاب) ش: أي القدوري. م: (إذا كان موسرًا، إشارة إلى أنه لا تجب نفقة الخادم عند إعساره، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة) ش: ابن أبي زياد اللؤلؤي، قال الأترازي: قال شيخنا برهان الدين الخوارزمي: معنى الحسن إذا ذكر في نسخ الفقه لأصحابنا، المراد به الحسن بن زياد، وإذا ذكر مطلقًا في كتب التفسير أن المراد الحسن البصري. م:(وهو الأصح) ش: أي الذي رواه الحسن عن أبي حنيفة، هو الأصح. م:(خلافًا لمحمد) ش: فإنه قال: إلا إذا كان الزوج معسرًا، فإن كان له خادم فرض نفقة الخادم، وإن لم يكن فلا يفرض. م:(لأن الواجب على المعسر أدنى الكفاية، وهي قد تكتفي بخدمة نفسها) ش: هذا تعليل لما رواه الحسن.
م: (ومن أعسر بنفقة امرأته لم يفرق بينهما) ش: أي بينه وبين امرأته، وهو قال الزهري وعطاء بن يسار، والحسن البصري، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وحماد بن أبي سليمان، والظاهرية. م:(ويقال لها) ش: أي للمرأة. م: (استديني عليه) ش: أي على الزوج. ومعنى الاستدانة أن تشتري الطعام على أن يؤدي الزوج ثمنه. وقال الخصاف: معنى الاستدانة الشراء بالنسيئة ليقضي الثمن من مال الزوج.
م: (وقال الشافعي: يفرق) ش: وبه قال مالك وأحمد. وعلى هذا الخلاف العجز عن الكسوة والعجز عن المسكن. وفي " المهذب " في العجز عن الكسوة والمسكن وجهان. وقال أبو نصر من أصحابه: في العجز عن الكسوة والمسكن يفسخ قولًا واحدًا، وهذا التفريق فسخ عند الشافعي وأحمد.
وقال مالك: طلاق، وفي مدة حكم القاضي بالتفريق قولان في القديم يوم إعساره وفي الجديد يمهل ثلاثة أيام، ولو غاب عنها ولم يعرف موضعه لم يثبت لها الفسخ.
كذا في " الحلية " وللشافعي في الفسخ من الإعسار عن الصداق الواجب ثلاثة أقوال:
أحدها: له الفسخ قبل الدخول وبعده، والثاني: لا خيار لا قبل الوطء ولا بعده، وهو اختيار المزني، والثالث: لها الفسخ قبل الدخول لا بعده، واختاره المروزي وأكثرهم. لو امتنع من الإنفاق عليها مع اليسر، لم يفرق، ويبيع الحاكم عليه ماله ويصرفه في نفقتها. فإذا لم يجد ماله
لأنه عجز عن الإمساك بالمعروف، فينوب القاضي منابه في التفريق كما في الجب والعنة، بل أولى لأن الحاجة إلى النفقة أقوى ولنا أن حقه يبطل وحقها يتأخر. والأول أقوى في الضرر، وهذا لأن النفقة تصير دينا بفرض القاضي، فتستوفى في الزمان الثاني، وفوت المال وهو تابع في النكاح لا يلحق بما هو المقصود وهو التناسل والتوالد. وفائدة الأمر بالاستدانة مع الفرض أن يمكنها إحالة الغريم على الزوج. فأما إذا كانت الاستدانة بغير أمر القاضي، كانت المطالبة عليها دون الزوج.
ــ
[البناية]
يحبسه حتى ينفق عليها، ولا يفرق.
م: (لأنه عجز عن الإمساك بالمعروف، فينوب القاضي منابه في التفريق كما في الجب والعنة) ش: أي كما يفرق إذا وجد الرجل مجبوبًا أو عنينًا. م: (بل أولى) ش: أي وبل التفريق أولى. م: (لأن الحاجة إلى النفقة أقوى) ش: من الجماع لأن انقطاع الأولى مدة مهلكة دون الثاني. م: (ولنا أن حقه) ش: أي أن حق الزوج. م: (يبطل) ش: أي التفريق. م: (وحقها يتأخر) ش: لأن النفقة تصير دينًا بفرض القاضي، فيستوي في الزمان الثاني. م:(والأول) ش: أي بطلان حق الزوج. م: (أقوى في الضرر) ش: فتحتمل أدنى الضررين فدفع الإعلام. م: (وهذا) ش: إشارة إلى أن تأخير حقها أقل ضررًا من بطلان حقه. م: (لأن النفقة تصير دينًا، بفرض القاضي، فتستوفي في الزمان الثاني) ش: أي في الزمن الثاني.
م: (وفوت المال) ش: مبتدأ وخبره قوله: يلحق على صيغة المجهول، وهو جواب عن قياس الشافعي على الجب والعنة، وتقريره أن فوت المال. م:(وهو تابع) ش: أي والحال أنه تابع. م: (في النكاح لا يلحق بما هو المقصود وهو التناسل والتوالد) ش: توضيحه أن هذا القياس باطل؛ لأنه قياس بالفارق، وذلك لأن العجز عن النفقة إنما يكون عن المال، وهو تابع في باب النكاح، والعجز عن الوصول إلى المرأة بسبب الجب والعنة إنما يكون عن المقصود بالنكاح وهو التوالد والتناسل، ولا يلزم من جواز الفرق بالعجز عن المقصود جواز حله عن التابع.
م: (وفائدة الأمر بالاستدانة) ش: جواب عما يقال لا فائدة في الإذن لها بالاستدانة بعد فرض القاضي بالاستدانة لها، لأنها صارت دينًا بفرضه، فأجاب بأن فائدة الأمر بالاستدانة. م:(مع الفرض أن يمكنها إحالة الغريم على الزوج) ش: يعني من غير رضاه. م: (فأما إذا كانت الاستدانة بغير أمر القاضي، كانت المطالبة عليها دون الزوج) ش: وفي " التحفة ": فائدة الأمر بالاستدانة أن لصاحب الدين أن يأخذ دينه من الزوج أو المرأة، وبدون الأمر بالاستدانة ليس لرب الدين أن يرجع على الزوج، بل يرجع عليها، ثم هي ترجع على الزوج بما فرض لها القاضي، وهذا لأن الاستدانة على الزوج إيجاب الدين عليه، فإذا جعل بأمر القاضي جعل إيجاب الدين عليه منها، وليس لها على الزوج هذه الولاية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
فإن قلت: استدل الشافعي ومن تابعه بما روي عن ابن المسيب أنه سئل عن ذلك، فقال: يفرق بينهما سنة. قال الشافعي: قوله سنة، أي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما روي عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أنه عليه السلام قال في الرجل، لا يجد ما ينفق على امرأته: " يفرق بينهما» رواه الدارقطني، وبما روي في حديث أبي هريرة «أنه عليه السلام قال: " تقول أطعمني وإلا فارقني» رواه البخاري وغيره.
قلت: الجواب عن قول سعيد بن المسيب من وجوه:
الأول: أنه لما روي ذلك عن عبد الرحمن بن أبي زياد، قال ابن حزم: هو لا شيء، فسقط الاحتجاج به.
والثاني: أن قول ابن المسيب أنه سنة لا نسلم أنه سنة الرسول عليه السلام، لأن السنة كما تطلق على سنة الرسول تطلق على سنة غيره أيضًا. ألا ترى إلى قوله عليه السلام:«سن بكم معاذ سنة حسنة» وسنة العمرين فاشتبه بين العلماء.
والثالث: أنه مرسل، والشافعي لا يجعل المرسل حجة. فإن قيل: الشافعي استثنى مراسيل سعيد بن المسيب كلها، ولا غيره، والشرط عنه في العمل بالمرسل أن يُروى من طريق آخر مرفوعًا أو عمل به بعض الصحابة.
وقال ابن حزم: وروي عن ابن المسيب قولان مختلفان، فأيهما كان السنة والآخر خلاف السنة، فبطل قوله السنة لاضطرابه ومخالفة بعضه بعضًا. وقال أيضًا: خالف ابن المسيب عمر وعليا وغيرهما. والجواب عن حديثه الآخر أنه قيل لأبي هريرة: سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا، هذا من كيس أبي هريرة. رواه عنه كذلك البخاري. ولأن ذلك من قول المرأة، وليس فيه أن الرجل يلزم به.
فإن قلت: الشافعي استدل أيضًا بقوله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229](البقرة الآية 229) ، فإن الرجل لما عجز عن الإمساك بالمعروف، تعين التسريح بالإحسان، فلما أبى ذلك ناب القاضي منابه دفعًا للظلم كما ذكرنا.
قلنا: نحن أيضًا استدللنا بقوله تعالى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280](البقرة: الآية 280) نص الله تعالى وعز وجل على أن المعسر يستحق الإنظار والإمهال، فلو أجلته المرأة في النفقة ما كان لها أن تطالب بالفرقة، فكذا إذا ثبت الأجل شرعًا، وقد ذكرنا بقية دليلنا عن
وإذا قضى القاضي لها بنفقة الإعسار، ثم أيسر فخاصمته، تمم لها نفقة الموسر، لأن النفقة تختلف بحسب اليسار والإعسار، وما قضي به تقدير لنفقة لم تجب.
ــ
[البناية]
قريب، ثم اعلم أن العجز عن الإنفاق لا يوجب التفريق عندنا، ولكن مع هذا إذا فرق القاضي بينهما، هل ينفذ قضاؤه أم لا؟
قال الإمام أبو حفص محمد بن محمود الإستروشني في الفصل الثاني في القضاء في المجتهدات من كتاب الفصول: إذا ثبت العجز بشهادة الشهود فإن كان القاضي شافعي المذهب، وفرق بينهما، نفَّذ قضاءَه بالتفريق، وإذا كان حنفيًا لا ينبغي له أن يقضي بخلاف مذهبه إلا أن يكون مجتهدًا، أو وقع اجتهاده على ذلك قضى مخالفًا لرأيه من غير اجتهاد.
فعن أبي حنيفة روايتان في جواز قضائه، ولم يقض، ولكن أمر شافعي المذهب ليقضي بينهما في هذه الحادثة بمقتضى التفريق إذا لم يرتش، الآمر والمأمور بأن كان الزوج غائبًا، فرفعت المرأة الأمر إلى القاضي، وأقامت البينة أن زوجها الغائب عاجز عن النفقة، وطلبت من القاضي أن يفرق بينهما. قال مشايخ سمرقند: جاز تفريقه لأنه قضاء في فصلين مختلف فيهما التفريق بسبب العجز عن النفقة والقضاء على الغائب. وكل واحد منهما مجتهد فيه.
وقال القاضي ظهير الدين المرغيناني: لا يصح هذا التفريق؛ لأن القضاء إنما يجوز عند الشافعي، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة إذا ثبت المشهور به عند القاضي، وهو العجز؛ لأن المال غاد ورائح، ومن الجائز أن الغالب هنا صار غنيًا، ولم يعلم به الشاهد لما بينهما من المسافة.
وقال صاحب " الذخيرة ": الصحيح أنه لا ينفذ قضاؤه، لأن العجز لا يعرف حالة الغيبة لجواز أن يكون قادرًا، إن كان هذا ترك الإنفاق لا بالعجز عن الإنفاق، فإن رفع هذا القضاء إلى قاض آخر، فإن جاز قضاؤه فالصحيح أنه لا ينفذ، لأن هذا القضاء ليس في مجتهد فيه لما ذكرنا أن العجز لم يثبت.
م: (وإذا قضى القاضي لها بنفقة الإعسار، ثم أيسر فخاصمته تمم لها نفقة الموسر) ش: أي تمم القاضي لها نفقة الرجل الموسر. م: (لأن النفقة تختلف بحسب اليسار والإعسار) ش: لأنها تجب شيئًا فشيئًا فيعتبر حالها في كل وقت. م: (وما قضي به) ش: كلمة ما مبتدأ وقضي مجهول ويجوز أن يكون معلومًا، أي ما قضى به القاضي، والضمير في به يرجع إلى المبتدأ وهو قوله. م:(تقدير) ش: بالرفع خبر المبتدأ، وهو قوله ما وهي موصولة بمعنى الذي فافهم. وهذا جواب عما يقال ينبغي أن لا يتمم لها نفقة اليسار لأن فيه نقض القضاء الأول، فأجاب بأن ما قضى به تقدير. م:(لنفقة لم تجب) ش: لأن النفقة تجب شيئًا فشيئًا، وتقدير ما ليس بواجب لا يكون لازمًا لجواز متبدل السبب الموجب قبل وجوبه، فإذا لم يكن لازمًا فنحكم فيه حكم الحاكم.
فإذا تبدل حاله، لها المطالبة بتمام حقها.
وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها وطالبته بذلك، فلا شيء لها إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة، أو صالحت الزوج على مقدار منها، فيقضي لها بنفقة ما مضى، لأن النفقة صلة وليست بعوض عندنا على ما مر من قبل، فلا يستحكم الوجوب فيها إلا بالقضاء، كالهبة لا توجب الملك إلا بمؤكد، وهو القبض والصلح
ــ
[البناية]
م: (فإذا تبدل حاله) ش: أي حال الزوج بأن صار موسرًا. م: (لها المطالبة بتمام حقها) ش: والفرض السابق لا يمنع الإتمام، لأنه فرض قبل الوجوب، فلا يتقرر حكمه، وذلك مثل المعسر إذا حنث في يمينه، فشرع في صوم الكفارة، ثم أيسر يجب عليه التكفير بالمال لزوال الإعسار.
م: (وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها) ش: أي على المرأة في هذه المدة م: (وطالبته بذلك) ش: أي وطالبت الزوج بما كان لها من النفقة. م: (فلا شيء لها) ش: يعني عندنا، لأن النفقة لا تصير دينا بمضي المدة، كنفقة الأقارب.
م: (إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة) ش: هذا استثناء من قوله فلا شيء لها، حاصله أن النفقة لا تصير دينا في الذمة إلا بأحد شيئين، أحدهما: بفرض القاضي النفقة لها، والآخر هو قوله. م:(أو صالحت الزوج على مقدار منها) ش: أي من النفقة، وبه قال أحمد في رواية.
وقال الشافعي ومالك وأحمد - في رواية -: تصير دينا بلا قضاء ولا تراض إلا عند مالك لو أقامت عنده سنين، وهو مليء، وادعت عليه أنه لم ينفق عليها، والزوج يدعي الإنفاق، فالقول له مع يمينه، وكذا في غيبته. أما لو أكلت معه، سقطت نفقتها عند مالك والشافعي، في الأصح ذكره في " المنهاج ".
م: (فيقضي لها بنفقة ما مضى) ش: هذه نتيجة قوله إلا أن يكون القاضي فرض لها إلى آخره. م: (لأن النفقة صلة) ش: هذا تعليل لقوله: فلا شيء لها، بيان ذلك أن النفقة صلة. م:(وليست بعوض عندنا) ش: خلافًا للشافعي ومن معه. م: (على ما مر من قبل) ش: أشار به إلى ما ذكره من الدليل في قوله، وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها، فلا نفقة لها، كذا قاله الأترازي.
وقال الأكمل: يريد به قوله: أن المهر عوض عن الملك، ولا يجتمع العوضان عن عوض واحد، فإن قيل ما تقدم يدل على أنها ليس بعوض عن البضع، لكن لا ينافي أن يكون عوضًا عن الاستمتاع بها والقيام عليها تصرفًا في ملكه، وذلك لا يوجب على المالك الملك عوضًا. فإن قيل: لو كانت صلة، لما وجبت على المكاتب، أجيب بأنها صلة من وجهين، وما هذا شأنه يجب على المكاتب كالخراج، وإذا ثبت أنها صلة. م:(فلا يستحكم الوجوب فيها) ش: أي في النفقة. م: (إلا بالقضاء) ش: أي بقضاء القاضي.
م: (كالهبة لا توجب الملك إلا بمؤكد وهو القبض، والصلح) ش: أي صلح المرأة معه على شيء
بمنزلة القضاء، لأن ولايته على نفسه أقوى من ولاية القاضي، بخلاف المهر، لأنه عوض. وإن مات الزوج بعدما قضي عليه بالنفقة، ومضى شهر، سقطت النفقة. وكذا إذا ماتت زوجته، لأن النفقة صلة، والصلات تسقط بالموت، كالهبة تبطل بالموت قبل القبض. وقال الشافعي رحمه الله: تصير دينا قبل القضاء، ولا تسقط بالموت؛ لأنه عوض عنده، فصار كسائر الديون، وجوابه قد بيناه. وإن أسلفها نفقة السنة
ــ
[البناية]
م: (بمنزلة القضاء، لأن ولايته على نفسه أقوى من ولاية القاضي) ش: لأن له أن يلتزم بالنفقة فوق ما يلتزمه القاضي بالمعروف، فكان مصلحة بمنزلة القضاء بل أولى. م:(بخلاف المهر) ش: بقوله وليست بعوض حيث يجب بلا قضاء ولا تراض. م: (لأنه) ش: أي لأن وجوبه
…
م: (عوض) ش: ألا ترى أنه إذا تزوجها ولم يسم لها مهرًا فدخل بها أو مات عنها يلزمه مهر المثل.
م: (وإن مات الزوج بعدما قضي عليه بالنفقة ومضى شهر سقطت النفقة) ش: خلافًا للأئمة الثلاثة. قال الكاكي: هذا إذا فرض لها النفقة، ولم يؤمر بالاستدانة أنه على الزوج، فاستدانت، ثم مات أحدهما، لا يبطل. ذكره الحاكم الشهيد في " المختصر ". وذكر الخصاف أنه يبطل. والصحيح ما ذكره في " المختصر " لأن استدانتها بأمر القاضي، وللقاضي ولاية عليها، فكانت بمنزلة استدانة الزوج بنفسه. وفيه: لا يسقط بموت أحدهما. كذا هاهنا وكذلك في الطلاق، يعني أن الديون المستدانة هل تسقط بالطلاق. فعلى روايتين. في رواية: لا تسقط وهو الصحيح، كذا في " الذخيرة ".
م: (وكذا إذا ماتت زوجته، لأن النفقة صلة، والصلات تسقط بالموت كالهبة تبطل بالموت) ش: أي بموت الواهب أو بموت الموهوب له. م: (قبل القبض) ش: فإن قيل الهبة متأكدة بالقبض والنفقة متأكدة بعد القضاء، فينبغي أن لا تسقط كالهبة المتأكدة بالقبض. قلنا: قال في " الإيضاح ": وإن صارت النفقة دينا عليه بالقضاء، ولكن معنى الصلة لا تبطل، والصلات تبطل بالموت، انتهى.
قلت: قال الكاكي: الدليل على أن معنى الصلة لا يبطل فيها أنه لم ينقل أحد من السلف والخلف الوصية بنفقة فيما إذا مضت مدة، ولا بإخراجها عن تركته كسائر الديون، وقد حكمت الشافعية بنفقة ستين سنة أو أكثر إذا أنكرت إنفاقه عليها، وجعلوها كسائر الديون، وبعد هذا لا يخفى ما فيه، وجماعة من أصحاب الشافعي لا يرضون بهذا الحكم.
م: (وقال الشافعي: تصير دينا قبل القضاء، ولا تسقط بالموت، لأنه عوض عنده، فصار كسائر الديون) ش: قال في " شرح الأقطع ": قال الشافعي: إنها تؤخذ من تركة الزوج، وقال " الشامل ": وعن محمد أن يؤدي من ماله. م: (وجوابه قد بيناه) ش: أي جواب الشافعي على قوله إن النفقة عوض قد بيناه في مسألة، وإن كانت صغيرة لا يستمتع بها لا نفقة لها. وهو ما ذكره بقوله: ولنا في المهر عوض عن الملك، لا يجتمع العوضان عن عوض واحد. م:(وإن أسلفها نفقة السنة)
أي عجلها ثم مات، لم يسترجع منها بشيء. وهذا عند أبي حنيفة، وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد رحمه الله: يحتسب لها نفقة ما مضى وما بقي للزوج. وهو قول الشافعي رحمه الله وعلى هذا الخلاف الكسوة، لأنها استعجلت عوضا عما تستحقه عليه بالاحتباس، وقد بطل الاستحقاق بالموت، فيبطل العوض بقدره، كرزق القاضي، وعطاء المقاتلة. ولهما أنه صلة، وقد اتصل به القبض، ولا رجوع في الصلات بعد الموت لانتهاء حكمها كما في الهبة. ولهذا لو هلكت من غير استهلاك لا يسترد شيء منها بالإجماع. وعن محمد رحمه الله أنها إذا قبضت نفقة الشهر أو ما
ــ
[البناية]
ش: هذا لفظ القدوري، وفسره المصنف بقوله. م:(أي عجلها ثم مات) ش: أي الزوج. م: (لم يسترجع منها بشيء) ش: أي لم يرجع على المرأة بشيء.
م: (وهذا) ش: أي عدم الاسترجاع. م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله-) ش: ولم يذكر هذا القدوري، فلذلك قال المصنف وهذا باسم الإشارة، وذكر الخصاف في كتاب النفقات الخلاف بين أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -، ولم يذكر خلاف أبي حنيفة، وكذلك ذكر الولوالجي في " فتاواه "، وكذا الخلاف لو ماتت المرأة، فالكسوة كالنفقة، وسواء كانت قائمة أو هالكة.. م:(وقال محمد: يحتسب لها نفقة ما مضى وما بقي للزوج وهو قول الشافعي) ش: وبه قال أحمد. وفي " البدائع " وترد الباقي والمستهلك، وفي الهالك لا يرد بالاتفاق، وكذا في " الينابيع "، و " أدب القاضي "، و " الذخيرة "، وفيه الموت والطلاق قبل الدخول سواء. وفي نفقة المطلقة إذا مات الزوج، فالجواب كذلك، وفي شرح الأقضية اختلفوا، فقيل: لا يسترد بالاتفاق، لأن العدة قائمة في موته.
م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور بين أبي حنيفة وصاحبيه. م: (الكسوة) ش: إذا أعجلها سنة ثم مات. م: (لأنها استعجلت عوضًا عما تستحقه عليه بالاحتباس) ش: أي لسبب الاحتباس. م: (وقد بطل الاستحقاق بالموت، فيبطل العوض) ش: وهو الذي كانت تستحقه عليه بالاحتباس. م: (بقدره) ش: أي بقدر كما إذا أعطي النفقة ليتزوجها، فمات قبل التزوج. م:(كرزق القاضي) ش: أي أخذ القاضي رزق مدة، ثم مات قبل تمام المدة ويرد فيما بقي بحساب ذلك. م:(وعطاء المقاتلة) ش: إذا أخروا أرزاقهم مدة ثم ماتوا، قبل تمام المدة يسترد منهم فيما بقي من المدة.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد. م: (أنه صلة، وقد اتصل به القبض، ولا رجوع في الصلات بعد الموت لانتهاء حكمها، كما في الهبة، ولهذا لو هلكت) ش: أي النفقة. م: (من غير استهلاك لا يسترد شيء منها) ش: أي من النفقة. م: (بالإجماع) ش: بين أئمتنا وغيرهم.
م: (وعن محمد) ش: أي وعن محمد رواها ابن رستم عنه. م: (أنها إذا قبضت نفقة الشهر أو ما
دونه، لا يسترجع منها بشيء، لأنه يسير، فصار في حكم الحال.
وإذا تزوج العبد حرة، فنفقتها دين عليه يباع فيها، ومعناه إذا تزوج بإذن مولاه، لأنه دين وجب في ذمته لوجود سببه، وقد ظهر وجوبه في حق المولى فيتعلق برقبته، كدين التجارة في العبد التاجر. وله أن يفدي، لأن حقها في النفقة لا في عين الرقبة،
ــ
[البناية]
دونه، لا يسترجع منها بشيء؛ لأنه) ش: أي لأن الشهر أو ما دونه. م: (يسير، فصار في حكم الحال) ش: أي صار الشهر وما دونه في حكم القاضي، يعني أن نفقة الحال لا تسترد، فكذلك نفقة الشهر، وفي بعض النسخ: في حكم الحال. وإن كان أكثر من شهر ترك منها مقدار نفقة شهر استحسانًا ويسترد من تركتها ما زاد على ذلك.
م: (وإذا تزوج العبد حرة، فنفقتها دين عليه يباع فيها) ش: أي يباع العبد في نفقة الحرة، وهذه من مسائل القدوري، وقال المصنف. م:(ومعناه) ش: أي معنى هذا الكلام. م: (إذا تزوج) ش: أي العبد. م: (بإذن مولاه) ش: وإنما فسره بهذا التفسير، لأنه إذا تزوج بغير إذن مولاه، لا يصح العقد، وإنما قيد بالحرة، لأن المرأة إذا كانت أمة لا تستحق النفقة قبل البينونة على ما يجيء إن شاء الله تعالى. م:(لأنه) ش: أي لأن النفقة، ذكره باعتبار الاتفاق. م:(دين وجب في ذمته) ش: لأن النفقة من أحكام العقد، فيستوي فيها الحر والمملوك كالدين. م:(لوجود سببه) ش: وهو العقد. م: (وقد ظهر وجوبه في حق المولى) ش: لأن السبب كان بإذنه، وكان راضيًا بوجوب النفقة عليه. م:(فيتعلق برقبته) ش: أي برقبة العبد. م: (كدين التجارة في العبد التاجر) ش: المأذون، تتعلق الديون برقبته.
م: (وله) ش: أي للمولى. م: (أن يفدي) ش: أي أن يفديه المولى. م: (لأن حقها) ش: أي حق المرأة. م: (في النفقة لا في عين الرقبة) ش: أي رقبة العبد. فإذا أوفاها المولى نفقتها لا يبقى حقها في النفقة بعد ذلك، فلا يباع العبد، وكذا الحاكم في المدبر والمكاتب، إذا تزوجها بإذن المولى بحرة أو أمة بعد البينونة، حيث تجب النفقة عليهما، ولكنهما لا يباعان في النفقة والمهر، لأنهما لا يجتمعان النقل من ملك إلى ملك، بل يؤمران بالسعاية. ثم إذا بيع العبد في النفقة، واجتمع عليه النفقة مرة أخرى يباع أيضًا.
قال شمس الأئمة السرخسي: وليس في شيء من ديون العبد ما يباع فيه مرة بعد مرة، إلا النفقة يتجدد وجوبها بمضي الزمان، فذلك في حكم دين حادث، وقال الولوالجي في فتاواه: إذا بيع في المهر مرة أو بقي شيء من المهر، فإن لم يف الثمن بكل المهر، لا يباع مرة أخرى، بل يتأخر إلى ما بعد العتق.
وفي " الكافي" للحاكم الشهيد وشرحه للسرخسي: إذا كان للعبد أو المدبر ولد من أمة، إنه لم يكن عليه نفقة الولد؛ لأنها إن كانت أمة، فالولد ملك لمولاها، وإن كانت حرة، فولدها يكون حرًا، ولا تجب نفقة مملوكة على حر ولا على مولاه، لأن ولده أجنبي منه، وكذلك المكاتب لا
ولو مات العبد سقطت، وكذا إذا قتل في الصحيح لأنها صلة.
وإن تزوج الحر أمة فبوأها مولاها معه منزلا، فعليه النفقة، لأنه تحقق الاحتباس، وإن لم يبوئها فلا نفقة لها لعدم الاحتباس، والتبوئة أن يخلي بينها وبينه في منزله، ولا يستخدمها.
ــ
[البناية]
تجب عليه نفقة ولده، سواء كانت المرأة حرة أو أمة، لهذا المعنى.
واتفقت الأئمة الأربعة في وجوب النفقة على العبد، لكن لا يباع العبد في النفقة عند الشافعي وأحمد، وثبت لها الخيار في الفرقة عند الشافعي وعند أحمد على سيده، وفي رواية: في كسبه.
وفي " التنبيه ": وفي تميز المكتسب على سيده في قول، وفي قول على العبد، يتبع بعد العتق، وفي المكتسب في كسبه، وفي المأذون له في التجارة فيما في يده، ولها أن تفسخ إن شاءت.
م: (ولو مات العبد سقطت) ش: أي لو مات العبد سقطت، أي لو مات الذي تزوج بإذن المولى سقطت النفقة، ولا يؤاخذ المولى بشيء من ذلك لفوات محل الاستيفاء. م:(وكذا) ش: أي وكذا تسقط النفقة. م: (إذا قتل) ش: أي العبد لأن المقتول ميت بأجله ولا أجل أو سوى هذا وقد عرف في موضعه.
م: (في الصحيح) ش: قيد به احترازًا عن قول الكرخي، لأنه قال: ينتقل إلى قيمته. قال القدوري: هذا ليس بصحيح، والصحيح السقوط بالموت. م:(لأنها) ش: أي لأن النفقة. م: (صلة) ش: فتبطل بالموت.
م: (وإن تزوج الحر أمة فبوأها مولاها معه منزلًا، فعليه النفقة) ش: وفي بعض النسخ: وإن تزوج الرجل أمة. وهذا أولى لعمومه، لأن الحكم لا يختلف بين أن تكون الأمة تحت حر، أو عبد، نص عليه الحاكم الشهيد في مختصر "الكافي ". م:(لأنه تحقق الاحتباس) ش: فتجب النفقة. م: (وإن لم يبوئها فلا نفقة لها لعدم الاحتباس) ش: أي من قبل الزوج.
فإن قيل: احتباس المولى يحق له شرعًا، فكان كاحتباس الحرة نفسها لصداقها، فينبغي أن لا يسقط.
قلنا: ليس كذلك، لأن في احتباس الحرة لصداقها فوت الاحتباس عن الزوج حين امتنع عن أداء صداقها، وهنا التفويت ليس من قبل الزوج.
م: (والتبوئة أن يخلي بينها وبينه في منزله ولا يستخدمها) ش: هذا تفسير لقوله: فبوأها، وهي أن يخلي المولى بين أمته وبين العبد في منزله، ولا يستخدمها، أي الأمة، وهو بالنصب عطفًا على
ولو استخدمها بعد التبوئة سقطت النفقة، لأنه فات الاحتباس، والتبوئة غير لازمة على ما مر في النكاح، ولو خدمته الجارية أحيانا من غير أن يستخدمها، لا تسقط النفقة، لأنه لم يستخدمها ليكون استردادا، والمدبرة وأم الولد في هذا كالأمة، والله تعالى أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
قوله أن يخلي. م: (ولو استخدمها) ش: أي ولو استخدم المولى أمة. م: (بعد التبوئة سقطت النفقة، لأنه فات الاحتباس) ش: فلا يجب بشيء. م: (والتبوئة غير لازمة على ما مر في النكاح) ش: أي في باب نكاح الرقيق، حيث قال: أبوئها، ثم بدا له أن يستخدمها، كان له ذلك؛ لأن حق المولى لم يزل بالتبوئة كما لم يزل بالنكاح.
م: (ولو خدمته الجارية أحيانًا من غير أن يستخدمها، لا تسقط النفقة، لأنه لم يستخدمها ليكون استردادا) ش: أي للتبوئة، وكانت الخدمة من الجارية من غير استخدام المولى. م:(والمدبرة وأم الولد في هذا) ش: أي في عدم وجوب النفقة. م: (كالأمة) ش: يعني كما أن الأمة لا نفقة لها، قبل التبوئة، فكذلك المدبرة وأم الولد لا نفقة لهما قبل التبوئة، بخلاف المكاتبة، حيث تجب لها النفقة، إذا لم تحبس نفسها منه ظالمة، ولا تشترط التبوئة، لأن السيد ليس له أن يستخدمها، ولا يملك منعها من الزوج، لأنها صارت أخص بنفسها ومنافعها بالكتابة، فلو ضاعت الكسوة أو النفقة أو سرقت، لم يجدد حتى يمضي الوقت بخلاف المحارم.
والفرق: أن نفقة المحارم مقدرة بالحاجة، بخلاف الزوجة، فإنها غير مقدرة بالحاجة في حقها، حتى تأخذها مع الغنى بخلاف المحارم، لأنه لا يفرض لهم مع غنائهم إذا كان الزوج صاحب مائدة، وطلبت المرأة الفرض، لا يفعل.
وفي " خزانة الأكمل ": قول القاضي: استديني عليه كذا فرض عليه. ولو قال الزوج: استديني، لا يصير فرضًا ما لم تقل علي، وينبغي أن يكون لها فراش على حدة، ولم يكتف بفراش واحد لهما، لأنه قد تغير لهما في الحيض والمرض، وقد جاء فراش لك وفراش لأهلك وفراش لطفلك، والرابع: للشيطان. ولو اختلفا في اليسرة والعسرة، فالقول له مع يمينه والبينة لها، وبه قال الشافعي وأبو ثور، وذكر محمد في الزيادات أن القول لها مع يمينها.