الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وعلى الرجل أن ينفق على أبويه وأجداده وجداته، إذا كانوا فقراء وإن خالفوه في دينه. أما الأبوان فلقوله تعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15](لقمان: 15) ، فأنزلت في الأبوين الكافرين.
ــ
[البناية]
[فصل نفقة الآباء والأجداد والخادم]
م: (فصل) ش: أي هذا فصل، ولما فرغ من بيان نفقة الأولاد شرع في بيان نفقة الآباء والأجداد والخادم. م:(وعلى الرجل أن ينفق على أبويه وأجداده وجداته إذا كانوا فقراء) ش: وفي " المبسوط ": على الرجل الموسر نفقة أبيه وأمه، وأب الأب وإن علا، وأم الأب وإن علت، وأم الأم وإن علت. وشرط الشافعي في ذلك أن يكون الأب زمنًا ولم يوافقه أحد. وفي " التنبيه ": ويجب على الأولاد ذكورهم وإناثهم نفقة الوالدين، وإن علوا بشرط الفقر والزمانة، والجنون مع الصحة قولان، أظهرهما: لا يجب.
م: (وإن خالفوه في دينه) ش: واصل بما قبله؛ أي وإن خالف هؤلاء الرجل في دينه، وهو إذا كانوا من أهل الذمة، أما إذا كانوا من أهل الحرب، فلا يجب، لأنا نهينا عن المبرة في ذمتهم. م:(أما الأبوان؛ فلقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] (لقمان: الآية 15) فأنزلت في الأبوين الكافرين) .
ش: قال المفسرون: أنزلت في سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وذلك أنه لما أسلم، قالت له أمه جميلة: يا سعد، بلغني أنك مبهوت، فوالله لا أظلني سقف بيت عن الثلج والريح ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد، وترجع إلى ما كنت عليه، وكان أحب ولدها إليها، فأبى سعد وصبرت هي ثلاثة أيام، فلم تأكل ولم تشرب، ولم تستظل بظل حتى غشي عليها، فأتي سعد النبي صلى الله عليه وسلم وشكا ذلك إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15](لقمان: الآية 15) .
وليس من المعروف أن يعيش الرجل في نعم الله تعالى، ويتركهما يموتان جوعا. وأما الأجداد والجدات، فلأنهم من الآباء والأمهات، ولهذا يقوم الجد مقام الأب عند عدمه، ولأنهم سبب لإحيائه فاستوجبوا عليه الإحياء، لأنهما بمنزلة الأبوين، وشرط الفقر لأنه لو كان ذا مال، فإيجاب نفقته في ماله أولى من إيجابها في مال غيره، ولا يمنع ذلك باختلاف الدين لما تلونا.
ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة والأبوين، والأجداد والجدات، والولد، وولد الولد. أما الزوجة فلما ذكرنا أنها واجبة لها بالعقد لاحتباسها لحق له مقصود،
ــ
[البناية]
م: (وليس من المعروف أن يعيش الرجل في نعم الله تعالى، ويتركهما) ش: أي الأبوين. م: (يموتان جوعًا) ش: والمعروف هو المحاسنة بالخلق الجميل والحلم والاحتمال والبر والصلة، وبما يقتضيه الكرم والمروءة، واستدل شمس الأئمة السرخسي في " شرح الكافي " بقوله تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23](الإسراء: الآية 23)، وقال: نهى عن التأفيف يعني الأذى، ومنع الأذى في منع النفقة عند حاجتهما أكثر، ولهذا يلزمه نفقتهما وإن كانا قادرين على الكسب، لأن معنى الأذى في الكد والتعب أكثر منه في التأفيف، وقال عليه السلام:«إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه، فكلوا من كسب أولادكم» .
م: (وأما الأجداد والجدات؛ فلأنهم من الآباء والأمهات، ولهذا يقوم الجد مقام الأب عند عدمه ولأنهم سبب لإحيائه) ش: أي عدم الأب. م: (فاستوجبوا) ش: أي فاستحقوا. م: (عليه الإحياء) ش: أي على الولد. م: (لأنهما بمنزلة الأبوين) ش: في حياة الولد، فاستحقوا على النافلة كالأبوين. م:(وشرط الفقر) ش: أي وشرط القدوري الفقر في قوله إذا كانوا فقراء. م: (لأنه) ش: أي لأن الأب. م: (لو كان ذا مال، فإيجاب نفقته في ماله أولى من إيجابها في مال غيره) ش: قال عليه السلام: «كل من كد يمينك وعرق جبينك» . م: (ولا يمنع ذلك) ش: أي وجوب النفقة على الأبوين. م: (باختلاف الدين لما تلونا) ش: من النص، وهو قَوْله تَعَالَى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15](الإسراء: الآية 23) ، وبه قال مالك والشافعي.
م: (ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة) ش: وفي عموم النسب روايتان، ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة. وفي بعض النسخ. م:(قال: لا تجب النفقة) ش: أي قال القدوري. م: (ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة والأبوين، والأجداد والجدات، والولد، وولد الولد، أما الزوجة فلما ذكرنا أنها) ش: أي النفقة. م: (واجبة لها بالعقد لاحتباسها لحق له) ش: أي للرجل، وقوله. م:(مقصود) ش: بالحر صفة لقوله: بحق، وهو الاستمتاع بها بالوطء وغيره.
وهذا لا يتعلق باتحاد الملة. وأما غيرها فلأن الجزئية ثابتة، وجزء المرء في معنى نفسه، فكما لا يمنع نفقة نفسه بكفره لا يمنع نفقة جزئه، إلا أنهم كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم. وإن كانوا مستأمنين لأنا نهينا عن البر في حق من يقاتلنا في الدين. ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم، وكذا لا تجب على المسلم نفقة أخيه النصراني، لأن النفقة متعلقة بالإرث بالنص، بخلاف العتق عند الملك، لأنه
ــ
[البناية]
م: (وهذا) ش: أي المعنى المذكور. م: (لا يتعلق باتحاد الملة) ش: بين الزوجين. م: (وأما غيرها) ش: أي غير الزوجة من المذكورين. م: (فلأن الجزئية ثابتة) ش: أما في حق الولد فظاهر، وفي حق غيره لشمول الولاد إياهم. م:(وجزء المرء في معنى نفسه، فكما لا يمنع نفقة نفسه بكفره، لا يمنع نفقة جزئه) ش: الذي هو الولد بكفره. وكذا حكم أولاد البنين والبنات، والأجداد والجدات، من قبل الأب والأم، بمنزلة الأبوين لأن الولاد يشملهم جميعًا.
م: (إلا أنهم) ش: أي غير أن هؤلاء. م: (إذا كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم، وإن كانوا مستأمنين) ش: أي وإن كانوا خرجوا إلى دار الإسلام بأمان. م: (لأنا نهينا) ش: على صيغة المجهول. م: (عن البر) ش: أي عن الإحسان والصلة. م: (في حق من يقاتلنا في الدين) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 9](الممتحنة: الآية 8، 9) .
م: (ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم، وكذا لا تجب على المسلم نفقة أخيه النصراني) ش: هذا تفريع لقوله: ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين؛ بيانه: أن النفقة في غير الزوجة، وغير صورة الولادة ورثة على الإرث، وهو معني قوله. م:(لأن النفقة متعلقة بالإرث بالنص) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233](البقرة: الآية 233) ، ولا إرث بين المسلم والذمي، فلا تجب نفقة أحدهما على الآخر. م:(بخلاف العتق عند الملك) ش: أي بخلاف ما إذا ملك أحدهما الآخر حيث يعتق عليه؛ لأن العتق مرتب على ملك القريب المحرم، وقد وجد فيعتق. قال عليه السلام:«من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه» . م: (لأنه) ش: أي لأن وجوب النفقة
متعلق بالقرابة والمحرمية بالحديث، ولأن القرابة موجبة للصلة، ومع الاتفاق في الدين آكد، ودوام ملك اليمين أعلى في القطيعة من حرمان النفقة، فاعتبرنا في الأعلى أصل العلة، وفي الأدنى العلة المؤكدة، فلهذا افترقا.
ــ
[البناية]
م: (متعلق بالقرابة والمحرمية بالحديث) ش: وهو الذي ذكرناه.
وقد رواه النسائي من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه» ، وفيه كلام كثير نذكره في كتاب العتق إن شاء الله تعالى. وروى أصحاب السنن الأربعة من حديث الحسن عن سمرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر» .
م: (ولأن القرابة موجبة للصلة) ش: لذوي رحم. م: (ومع الاتفاق في الدين) ش: يعني إذا كانا مسلمين. م: (آكد) ش: من إيجاب الصلة مع الاختلاف في الدين. م: (ودوام ملك اليمين أعلى في القطيعة من حرمان النفقة) ش: حاصل معناه أن قطع ذات الرحم في بقاء ملك اليمين أعلى وأكثر من قطع الرحم الحاصل من حرمان النفقة. م: (فاعتبرنا في الأعلى) ش: وهو ملك اليمين. م: (أصل العلة) ش: وهو نفس ملك القريب لقوة معنى قطع الرحم، حتى عتق القريب المملوك، سواء وجد الاتحاد في الملة أو لم يوجد.
م: (وفي الأدنى) ش: أي اعتبرنا في الأدنى، وهو النفقة. م:(العلة المؤكدة) ش: وهي القرابة مع الاتحاد في الملة. م: (فلهذا) ش: أي فلأجل كون حرمان النفقة أضعف من قطع الرحم. م: (افترقا) ش: أي العتق ووجوب النفقة. فإن قلت: حرمان النفقة قد يفضي إلى الهلاك، ودوام ملك اليمين ليس كذلك، فكيف يكون أعلى؟ ولأن الإنفاق صلة إحياء حقيقة، وصلة العتق صلة إحياء حكمًا، ولا شك أن الإحياء الحقيقي أولى. قلت: الحاجة إلى النفقة معذورة الدفع عن غيره، بأن يسأل الناس أو يبره أحد من غير سؤال، فإن الهلاك جوعًا في العمران مع
ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد، لأن لهما تأويلا في مال الولد بالنص، ولا تأويل لهما في مال غيره. ولأنه أقرب الناس إليهما. فكان أولى باستحقاق نفقتهما عليه، وهي على الذكور والإناث بالسوية، في ظاهر الرواية، وهو الصحيح،
ــ
[البناية]
توافر أصحاب الزكاة والصدقات، والمعروف نادر. وأما الحاجة إلى الآفاق، فإنها لا تندفع إلا من حاجة.
م: (ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد) ش: بالرفع؛ لأنه فاعل لا يشارك، والولد بالنصب مفعوله، يعني: إن كان الأبوان معسرين والولد موسر تجب نفقتهما عليه خاصة. م: (لأن لهما) ش: أي الأبوين. م: (تأويلًا في مال الولد بالنص) ش: وهو قوله صلى الله عليه وسلم «أنت ومالك لأبيك» . رواه جماعة من الصحابة، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الباب الذي يوجب الحد. م:(ولا تأويل لهما) ش: أي للأبوين. م: (في مال غيره) ش: أي في غير مال الولد. فإن قلت: التأويل يثبت بخبر الواحد، فلا يعارض قوله عز وجل:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233](البقرة: الآية 233)، قلت: الحديث مشهور، فيجوز به الزيادة. ولئن سلمنا أنه من الآحاد لكن ترك إطلاق قَوْله تَعَالَى:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233](البقرة: الآية 233)، بالدلائل الدالة على تفسيرها بغير قرابة الولادة المستندة إلى قَوْله تَعَالَى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233](البقرة: الآية 233)، كما تقدم. فإن قلت: لا منافاة بين الآيتين؛ لأن قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233](البقرة: الآية 233) يقتضي أن يشارك الجد الابن، كما أن قَوْله تَعَالَى:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233](البقرة: الآية 233) يقتضه، قلت: لما ثبت للوالد بتأويل في مال الولد بالإجماع صار غنيًا، والغني لا تجب نفقته على والده، فلا يشارك الجد الابن.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الولد. م: (أقرب الناس إليهما) ش: أي إلى الأبوين. م: (فكان أولى باستحقاق نفقتهما عليه) ش: أي على الولد. م: (وهي) ش: أي نفقة الأبوين. م: (على الذكور والإناث بالسوية) ش: حتى إذا كان الأب فقيرًا أو له ابن وبنت موسران، تجب نفقة الأب عليهما اتصافًا، وقيد بقوله. م:(في ظاهر الرواية وهو الصحيح) ش: احترازًا عما ذكر شمس الأئمة السرخسي في " شرح الكافي " عن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أن النفقة بين الذكور
لأن المعنى يشملهما. والنفقة لكل ذي رحم محرم إذا كان صغيرا فقيرا، أو كانت امرأة بالغة فقيرة، أو كان ذكرا بالغا فقيرا زمنا، أو أعمى، لأن الصلة في القرابة القريبة واجبة دون البعيدة، والفاصل أن يكون ذا رحم محرم. وقد قال الله تعالى:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233](البقرة: 233)، وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:(وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك) .
ــ
[البناية]
والإناث {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11](النساء: الآية11)، على قياس الميراث وعلى قياس نفقة ذوي الأرحام. م:(لأن المعنى يشملهما) ش: المعنى هو الولادة، وهو سبب الوجوب، وقد استوى الذكر والأنثى، بخلاف ما إذا كان للمعسر أخ وأخت، حيث يجب نفقته عليهما أثلاثًا؛ لأن سبب الوجوب الإرث، فيجب أثلاثًا كالإرث.
م: (والنفقة) ش: أي النفقة واجبة. م: (لكل ذي رحم محرم) ش: وقال أحمد: تجب لكل وارث. وبه قال ابن أبي ليلى، وقال الشافعي: لا تجب نفقة غير الوالدين والمولودين من الأقارب، كالإخوة والأعمام وذوي الرحم المحرم، وهو الذي لا يجوز نكاحه على التأبيد، وإنما قيد بذي الرحم المحرم، لأنه إذا وجد الرحم ولم يوجد المحرم، أوجد المحرم ولم يوجد الرحم، أو وجد لكن لا من قرابة، لا تجب النفقة. ألا ترى إلى ما ذكر الإمام الأسبيجاني في " شرح الطحاوي " بقوله: ولو كان رحمًا غير محرم نحو ابن العم أو محرمًا غير رحم نحو الأخ من الرضاع أو الأخت من الرضاع، أو رحما محرما لا من قرابة نحو ابن عم، هو الأخ من الرضاع لا تجب النفقة.
م: (إذا كان) ش: أي ذو رحم محرم. م: (صغير فقيرًا) ش: قيد بالصغر والفقر لأن الصغير الفقير عاجز عن الكسب، والغني تجب نفقته في ماله. م:(أو كانت امرأة بالغة فقيرة أو كان) ش: أي ذو رحم محرم. م: (ذكرًا بالغًا فقيرًا أو زمنًا أو أعمى) ش: فقيرًا تجب النفقة لهم لعجزهم عن الكسب، وكذلك مفقود العينين، وأشل اليدين، ومقطوع الرجلين، والمعتوه، والمفلوج. م:(لأن الصلة في القرابة القريبة واجبة دون البعيدة) ش: أي لا يجب في القرابة البعيدة.
م: (والفاصل) ش: أي بين القريبة والبعيدة. م: (أن يكون ذا رحم محرم) ش: والدليل عليه هو ما أشار إليه بقوله. م: (وقد قال الله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] (البقرة: الآية233)) ش: فإن ذلك إشارة إلى البعيدة، فيكون إشارة إلى أول الآية، وهو قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] (البقرة: الآية 233) ، قيد على أن على الوارث النفقة، وبعيدة ذي الرحم المحرم بقراءة عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أشار إليه بقوله. م:(وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك) ش: ولا شك أن قراءته كانت مسموعة من النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءته مشهورة، فصارت بمنزلة خبر مشهور على ما عرف، فجاز
ثم لا بد من وجود الحاجة، والصغر، والأنوثة والزمانة، والعمى أمارة الحاجة لتحقق العجز. فإن القادر على الكسب غني بكسبه، بخلاف الأبوين، لأنه يلحقهما تعب الكسب. والولد مأمور بدفع الضرر عنهما، فتجب نفقتهما مع قدرتهما على الكسب: قال: ويجب ذلك على مقدار الميراث، ويجبر عليه، لأن التنصيص على الوارث، تنبيه على اعتبار المقدار، ولأن الغرم بالغنم، والجبر لإيفاء حق مستحق. قال: وتجب نفقة الابنة البالغة، والابن الزمن البالغ، على أبويهما أثلاثا، على الأب الثلثان، وعلى الأم الثلث، لأن الميراث لهما على هذا المقدار.
ــ
[البناية]
تقييد إطلاق الكتاب بها.
م: (ثم لا بد من وجود الحاجة) ش: أي ثم لا بد من وجوب النفقة، وبين ذلك بقوله. م:(والصغر والأنوثة، والزمانة والعمى أمارة الحاجة لتحقق العجز) ش: أي علامة العجز من أصحاب هذه الأشياء المذكورة. م: (فإن القادر على الكسب غني بكسبه) ش: فلا يعد عاجزًا. م: (بخلاف الأبوين) ش: هذا جواب عما يقال ما بال الأبوين لم يعدا غنيين بقدرتهما على الكسب، وأجاب بقوله بخلاف الأبوين، (لأنه يلحقهما تعب الكسب والولد مأمور بدفع الضرر عنهما، فتجب نفقتهما مع قدرتهما على الكسب) ش: وذكر السرخسي في " شرح أدب القاضي " للخصاف، أن الأب إذا كان كسوبًا، والابن أيضًا كسوبًا، يجبر الابن على الكسب والنفقة عليه. وقال الحلواني في شرحه له أيضًا: لا يجبر الابن على الكسب، واعتبره بذي الرحم المحرم، فإنه لا يستحق النفقة في كسب قريبه، وفي ظاهر الرواية في نفقة الوالدين، فإنهما لا يكافآن بالكسب عندنا خلافًا للشافعي.
م: (قال) ش: أي القدوري. م: (ويجب ذلك) ش: أي النفقة. م: (على مقدار الميراث ويجبر عليه) ش: أي على الإنفاق. م: (لأن التنصيص على الوارث تنبيه على اعتبار المقدار) ش: أي لأن التنصيص عليه بقوله تعالى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233](البقرة: الآية 233) ، تنبيه على أن الشارع نبه على مقدار ذلك، لأنه رتب الحكم على المشتق، فيكون المشتق منه هو العلة، فيثبت الحكم بقدر (المنصوص) عليه. وعلى هذا لو أوصى لورثة فلان، وله بنون وبنات، فكانت الوصية لهم على قدر الميراث.
م: (ولأن الغرم بالغنم) ش: بضم الغين المعجمة فيهما، أي الغرم الذي هو الإنفاق في مقابلة الغنم الذي هو الميراث. م:(والجبر) ش: أي الجبر على الإنفاق. م: (لإيفاء حق مستحق) ش: أي لأجل إيفاء حق مستحق عليه، فيستحقه من ينفق عليه.
م: (قال) ش: أي القدوري. م: (وتجب نفقة الابنة البالغة، والابن الزمن البالغ، على أبويهما أثلاثًا، على الأب الثلثان، على الأم الثلث؛ لأن الميراث لهما على هذا المقدار) ش: إذا ورثا ولدهما.
قال: هذا الذي ذكره رواية الخصاف والحسن - رحمهما الله -، وفي ظاهر الرواية كل النفقة على الأب، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] (البقرة: الآية 233) ، وصار كالولد الصغير. ووجه الفرق على الرواية الأولى، أنه اجتمعت للأب في الصغير ولاية ومؤنة عليه حتى وجبت عليه صدقة فطره، فاختص بنفقته، ولا كذلك الكبير لانعدام الولاية فيه، فتشاركه الأم. وفي غير الوالد يعتبر قدر الميراث حتى تكون نفقة الصغير على الأم، والجد، أثلاثا.
ونفقة الأخ المعسر على الأخوات المتفرقات الموسرات أخماسا على قدر الميراث.
ــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي المصنف. م: (هذا الذي ذكره) ش: أي القدوري. م: (رواية الخصاف والحسن) ش: أي عن أبي يوسف عن أبي حنيفة وبه قال الشافعي. م: (وفي ظاهر الرواية، كل النفقة على الأب لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233] (البقرة: الآية 233) وصار كالولد الصغير) ش: أضاف إليه بحرف اللام، فدل على اختصاصه بهذه النسبة والنفقة تبنى على هذه النسبة.
م: (ووجه الفرق) ش: أي وجه الفرق بين الولد الصغير والكبير. م: (على الراوية الأولى، أنه اجتمعت للأب في الصغير ولاية ومؤنة عليه حتى وجبت عليه صدقة فطره، فاختص بنفقته ولا كذلك الكبير) ش: أي الولد الكبير. م: (لانعدام الولاية فيه) ش: أي لا ولاية له عليه، ولهذا لم يشارك الأب في نفقة ولده الصغير. م:(فتشاركه الأم) ش: في نفقة الكبير، فوجب الثلثان على الأب، والثلث على الأم.
م: (وفي غير الوالد يعتبر قدر الميراث) ش: يعني رواية واحدة. م: (حتى تكون نفقة الصغير على الأم والجد أثلاثًا) ش: على الأم الثلث وعلى الجد الثلثان. قال في " شرح الطحاوي ": وكذلك إذا كان له أم، وأخ لأب، وأم أو ابن أخ لأب، وأم أو عم لأب، وأم أو أحد من الفصيلة، فإن النفقة عليهم أثلاثًا. وكذا إذا كان له أخ وأخت لأب وأم، فالنفقة عليهما أثلاثًا على قدر ميراثهما. ولو كان له أخ لأب وأم وأخ لأب فالنفقة بينهما أسداسًا، ولو كان له عمة لأب وأم، فالنفقة على الأم دون العمة، وكذلك، ولو كان له عمة لأب، وأم وخال لأب وأم، فالنفقة على العم. ولو كان له عمة لأب وأم وخال لأب وأم، فالنفقة عليهما أثلاثًا، ثلثاها على العمة وثلثها على الخال. وكذلك لو كان له خال وخالة من قبل الأب والأم، فالنفقة عليهما أثلاثًا، ولو كان له خال من قبل الأب والأم وابن عم لأب وأم، فالنفقة على الخال، والميراث لابن العم، لأن شرط وجوب النفقة أن يكون ذو الرحم المحرم من أهل الميراث، وابن العم ليس بمحرم.
م: (ونفقة الأخ المعسر على الأخوات المتفرقات الموسرات أخماسا على قدر الميراث) ش: يعني يجب ثلاثة الأخماس على الأخت لأب وأم، والخمس على الأخت لأب، والخمس على الأخت لأم، وذلك لأن النفقة معتبرة بالإرث، فإنهن يرثنه كذلك أخماسًا بالفرض والرد، فوجب النفقة أيضًا أخماسًا.
غير أن المعتبر أهلية الإرث في الجملة لا إحرازه، فإن المعسر إذا كان له خال وابن عم، تكون نفقته على خاله، وميراثه يحرزه ابن عمه. ولا تجب نفقتهم مع اختلاف الدين بالنص لبطلان أهلية الإرث، فلا بد من اعتباره ولا تجب على الفقير، لأنها تجب صلة، وهو يستحقها على غيره، فكيف تستحق عليه؟ بخلاف نفقة الزوجة وولده الصغير، لأن التزامها بالإقدام على العقد، إذ المصالح لا تنتظم دونها، ولا يعمل في مثلها الإعسار.
ــ
[البناية]
م: (غير أن المعتبر) ش: استثناء من قوله، وفي غير الولد يعتبر على قدر الميراث في ذلك. م:(أهلية الإرث في الجملة) .
ش: قال الأكمل: والمراد بأهلية الإرث أن لا يكون محرومًا، وقال الكاكي: وقيد الإرث بقوله: إن المعتبر أهلية الإرث، لأنه لو لم يكن أهلًا للإرث بأن كان مخالفًا لدينه، لا تجب النفقة. م:(لا إحرازه) ش: أي لا يعتبر إحراز الإرث كما في الخال مع ابن العم، فإن الخال لا يحرز الميراث مع ابن العم، ومع ذلك كانت النفقة على الخال، والميراث لابن العم. وقال أحمد والظاهرية: والمعتبر إحراز الميراث.
وأوضح ذلك المصنف بالفاء التفسيرية، حيث قال. م:(فإن المعسر إذا كان له خال وابن عم، تكون نفقته على خاله، وميراثه يحرزه ابن عمه) ش: لأن الخال ذو رحم محرم، دون ابن العم. م:(ولا تجب نفقتهم مع اختلاف الدين) ش: هذا لفظ القدوري، أي لا تجب نفقة ذو الرحم المحرم مع اختلاف الدين، لأن الاختلاف لا يجري الإرث، فلا تجب النفقة أيضًا؛ لأنها متعلقة بالإرث. م:(بالنص لبطلان أهلية الإرث) ش: يعني عند اختلاف الدين. م: (فلا بد من اعتباره) ش: أي من اعتبار الإرث لوجوب النفقة.
م: (ولا تجب) ش: أي النفقة. م: (على الفقير لأنها) ش: أي لأن النفقة. م: (تجب صلة وهو) ش: أي الفقير. م: (يستحقها) ش: أي يستحق الصلة. م: (على غيره فكيف تستحق) ش: على صيغة المجهول، أي فكيف تستحق النفقة. م:(عليه) ش: لأن إيجابها عليه ليس بأولى من إيجابها له، فلهذا لم يجب عليه. م:(بخلاف نفقة الزوجة) ش: حيث تجب على زوجها الفقير. م: (وولده الصغير) ش: أي وبخلاف ولده الصغير، حيث تجب نفقته على أبيه الفقير. م:(لأن) ش: أي لأن الفقير. م: (التزامها) ش: أي التزام النفقة. م: (بالإقدام على العقد) ش: أي على عقد النكاح. م: (إذ المصالح) ش: يعني من النكاح وهي التوالد والتناسل والعشرة وغير ذلك. م: (لا تنتظم دونها) ش: أي دون النفقة. م: (ولا يعمل في مثلها الإعسار) ش: أي من قبل نفقة الزوجة وولده الصغير، يعني لا يلتفت إلى الإعسار في نفقتها. وأصل الكلام أن نفقة الزوجة وولده الصغير، يعني لا يلتفت إلى الإعسار في نفقتها، وأصل الكلام أن نفقة الزوجة تجري مجرى الديون بدلالة وجوبها مع يسار المرأة، كسائر الديون. وأما نفقة ولده الصغير، فلأنها جارية مجرى نفقة الزوجة، بدلالة
ثم اليسار مقدر بالنصاب، فيما روي عن أبي يوسف وعن محمد رحمه الله أنه قدره بما يفضل عن نفقة نفسه وعياله شهرا، أو بما يفضل على ذلك من كسبه الدائم كل يوم، لأن المعتبر في حقوق العباد، إنما هو القدرة دون النصاب، فإنه للتيسير، والفتوى على الأول، لكن النصاب نصاب حرمان الصدقة. وإذا كان للابن الغائب مال قضي فيه بنفقة أبويه، وقد بينا الوجه فيه.
ــ
[البناية]
قوله عليه السلام: «خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف» . وقال في " شرح الكافي ": فإن كان الولد معسرًا، فليس عليه نفقتهما، لأنهما لما استويا في الحال، لم يكن أحدهما بإيجاب نفقته على صاحبه بأولى من الآخر إلا أنه روي عن أبي يوسف أنه قال: إذا كان الأب زمنًا، وكسب الأب لا يفضل عن نفقته، فعليه أن يضم الأب إلى نفسه، لأنه لو لم يفعل، ضاع الأب، ولو فعل لا يخشى الهلاك على الولد فالإنسان لا يهلك على نصف بطنه.
م: (ثم اليسار) ش: أي المراد باليسار في هذا الباب. م: (مقدر بالنصاب فيما روي عن أبي يوسف) ش: رواها ابن سماعة عن أبي يوسف أنه اعتبر اليسار بنصاب الزكاة. م: (وعن محمد) ش: رواها عنه هشام. م: (أنه قدره) ش: أي قدر اليسار. م: (بما يفضل عن نفقة نفسه وعياله شهرًا) ش: يعني إذا كان له فضل على نفقة شهر له أو لعياله، فإنه يجب عليه نفقة ذوي الرحم المحرم، وإلا فلا، أو يفضل عن ذلك، هذه رواية أخرى عن محمد أو قدره محمد. م:(بما يفضل على ذلك) ش: عن نفقته ونفقة عياله. م: (من كسبه الدائم كل يوم) ش: يعني إذا كان معتملًا.
وقال صاحب " التحفة ": وروي عن محمد أن من لا شيء في يده من المال وهو يكسب كل يوم درهمًا، فإنه يكفيه أربعة دوانق، ثمانية ترفع لنفسه ولعياله ما يتسع فيه وينفق فضل على ما يجبر على نفقته.
م: (لأن المعتبر في حقوق العباد إنما هو القدرة) ش: على شيء. م: (دون النصاب) ش: أي دون القدرة على النصاب. م: (فإنه) ش: أي فإن اعتبار القدرة. م: (للتيسير) ش: أي بحسب ما تيسر له بخلاف النصاب فإنه في حق الله تعالى، لا يعتبر فيه إلا القدرة على النصاب الكامل. م:(والفتوى على الأول) ش: وهو اليسار مقدار النصاب.
م: (لكن النصاب) ش: أي المراد من النصاب هنا. م: (نصاب حرمان الصدقة) ش: من أي مال كان، وهو أن يملك ما فضل عن حاجته الأصلية ما يبلغ مائتي درهم من أي مال كان، وهو الصحيح، ونقل في " خلاصة الفتاوى " عن " الأجناس " قال في " نوادر" أبي يوسف: يشترط نصاب الزكاة، ثم قال في " الخلاصة ": هكذا قال الصدر الشهيد في " الفتاوى الصغرى ": أن لو انقضى منه درهم، لا يجب، ثم قال في " الخلاصة ": قال: وبه يُفتى. وقدر صاحب " الهداية " أيضًا اليسار بالنصاب، لكن فسره بنصاب الزكاة وحرمان الصدقة كما ذكرنا.
م: (وإذا كان للابن الغائب مال، قضي فيه بنفقة أبويه، وقد بينا الوجه فيه) ش: أي بينا وجه المسألة
وإذا باع أبوه متاعه في نفقته جاز، عند أبي حنيفة رحمه الله، وهذا استحسان. وإن باع العقار، لم يجز. وفي قولهما لا يجوز في ذلك كله، وهو القياس، لأنه لا ولاية له لانقطاعها بالبلوغ. ولهذا لا يملك حال حضرته، ولا يملك البيع في دين له سوى النفقة، وكذا لا تملك الأم في النفقة، ولأبي حنيفة رحمه الله أن للأب ولاية الحفظ في مال ابنه الغائب،
ــ
[البناية]
في القضاء في نفقة الغائب عند قوله، ولا يقضي بنفقته في مال الغائب إلا لهؤلاء، وللزوجة أن نفقة هؤلاء واجبة قبل القضاء، لكونها متفقًا عليها، فكان قضاء القاضي إعانة لهم، وقد مر الكلام فيه.
م: (وإذا باع أبوه متاعه) ش: أي متاع ابنه الغائب. م: (في نفقته جاز، عند أبي حنيفة، وهذا استحسان) ش: وعندهما لا يجوز، وفي " الكافي ": هذا الخلاف في بيع الأب. أما بيع غير الأب، لا يجوز إجماعًا، وفي حال حضرة من يستحق عليه النفقة، ليس لأحد ممن يستحق النفقة بيع العروض والعقار إجماعًا.
م: (وإن باع) ش: أي الأب. م: (العقار، لم يجز) ش: إلا إذا كان الولد صغيرًا، فيبيع ذلك.
وأجمعوا أن الأم لا تبيع مال ولدها الصغير والكبير. كذا في " شرح الطحاوي ". م: (وفي قولهما) ش: أي وفي قول أبي يوسف ومحمد. م: (لا يجوز في ذلك كله وهو القياس؛ لأنه) ش: أي لأن الأب. م: (لا ولاية له لانقطاعها) ش: أي لانقطاع الولاية.
م: (بالبلوغ) ش: أي إذا بلغ الصغير. م: (ولهذا) ش: أي ولأجل انقطاع ولايته بعد البلوغ. م: (لا يملك) ش: الأب بيع مال ابنه البالغ. م: (حال حضرته، ولا يملك البيع في دين له) ش: أي الأب. م: (سوى النفقة) ش: ولو قضى القاضي بذلك، لا يجوز لأنه قضاء على الغائب.
م: (وكذا لا تملك الأم) ش: بيع متاعه. م: (في النفقة) ش: وهذا مخالف لما ذكر في الأقضية، ولما ذكره القدوري من جواز بيع الأبوين. فإما أن يكون في المسألة روايتان، في رواية الأقضية والقدوري تملك الأم البيع كالأب، لأن معنى الولادة يجمعهما وهما في استحقاق النفقة على السواء، وأما ما في الأقضية والقدوري هؤلاء، بأن الأب هو الذي يبيع، لكن لنفقتها، فأضاف البيع إليهما من حيث إن منفعة البيع تعود إليهما. قال الأكمل: وهو الظاهر، قلت: الظاهر هو الأول على ما لا يخفى.
م: (ولأبي حنيفة أن للأب ولاية الحفظ في مال ابنه الغائب) ش: اعترض عليه بأنه كذلك، لكن الغرض أن يتبعه لنفقته، وإنما يصح بيعه أن لو كان قصده في البيع الحفظ، أجيب بأنه لما جاز بيعه للحفظ حقيقة، فبقصده الإنفاق لا يتغير ملك الحقيقة، إذ لا تأثير للعزيمة في تغيير الحقيقة، لا يقال عارض جهة الحفظ جهة الإتلاف بالاتفاق، لأنا نقول الإتلاف بعد وجوب النفقة في
ألا ترى أن للوصي ذلك، فالأب أولى لوفور شفقته، وبيع المنقول من باب الحفظ، ولا كذلك العقار لأنها محصنة بنفسها. وبخلاف غير الأب من الأقارب، لأنه لا ولاية لهم أصلا في التصرف حالة الصغر، ولا في الحفظ بعد الكبر. وإذا جاز بيع الأب والثمن من جنس حقه، وهو النفقة، فله الاستيفاء منه. كما لو باع العقار والمنقول على الصغير، جاز لكمال الولاية، ثم له أن يأخذ منه بنفقته؛ لأنه من جنس حقه. وإن كان للابن الغائب مال في يد أبويه، وأنفقا منه لم يضمنا، لأنهما استوفيا حقهما؛ لأن نفقتهما واجبة قبل القضاء على ما مر، وقد أخذا جنس الحق، وإن كان له مال في يد أجنبي فأنفق عليهما بغير إذن القاضي ضمن، لأنه تصرف في مال الغير بغير ولاية، لأنه نائب في الحفظ لا غير،
ــ
[البناية]
الحال لا يجب فلا تعارض. م: (ألا ترى أن للوصي ذلك) ش: أي بيع العروض على الوارث الكبير الغائب للحفظ. م: (فالأب أولى لوفور شفقته، وبيع المنقول من باب الحفظ) ش: لأن العين يخشى عليه الهلاك. م: (ولا كذلك العقار لأنها محصنة بنفسها) ش: فلا يحتاج إلى بيعها للحفظ.
م: (وبخلاف غير الأب من الأقارب، لأنه لا ولاية لهم أصلًا في التصرف حالة الصغر ولا في الحفظ بعد الكبر، وإذا جاز بيع الأب، والثمن من جنس حقه، وهو النفقة، فله الاستيفاء منه) ش: مقدار النفقة. م: (كما لو باع العقار، والمنقول على الصغير جاز لكمال الولاية، ثم له أن يأخذ منه بنفقته لأنه من جنس حقه) ش: لا يقال إذا قدرت الدين على جنس حقه من مال الغائب ينبغي أن يأخذه؛ لأنا نقول: إنما يأخذ رب الدين إذا امتنع المديون عن الإيفاء وهاهنا لم يعلم امتناعه لغيبته فلا يأخذ. م: (وإن كان للابن الغائب مال في يد أبويه، وأنفقا منه، لم يضمنا؛ لأنهما استوفيا حقهما؛ لأن نفقتهما واجبة قبل القضاء على ما مر) ش: أشار به إلى ما قال عند قوله، ولا يُقضى بالنفقة في مال الغائب إلا لهؤلاء. م:(وقد أخذا) ش: أي الأبوان. م: (جنس الحق) ش: فلا يضمنا شيئًا.
م: (وإن كان له) ش: أي الابن. م: (مال في يد أجنبي، فأنفق) ش: أي الأجنبي. م: (عليهما) ش: أي على أبويه. م: (بغير إذن القاضي ضمن) ش: أي الأجنبي. م: (لأنه تصرف في مال الغير بغير ولاية؛ لأنه نائب في الحفظ لا غير) ش: لأنه لا ولاية له عليه، ولا نيابة، حيث لم يكن وكيلًا عنه في الدفع. وقال الكاكي: بغير إذن القاضي ضمن أي في القضاء، أما ديانة فلا ضمان عليه حتى كان له أن يحلف بعد موت المودع أنه لا حق لورثته قبله، لأنه لم يدر بذلك غير الإصلاح.
وفي " النوادر ": إذا لم يكن في مكان يمكن استطلاع رأي القاضي لا يضمن استحسانًا. وقد قالوا في رجلين كانا في سفر فعمي أحدهما، فأنفق رفيقه عليه من ماله، أو مات فجهزه صاحبه من ماله لا يضمن استحسانًا، وكذا العبد المأذون في التجارة إذا كان في بلاد بعيدة، فمات مولاه، فأنفق على نفسه وما معه من الأمتعة والدواب لا يضمن استحسانًا.
وكذا روي عن مشايخ أنهم قالوا: إذا كان للمسجد أوقاف، ولم يكن له متول، وقام
بخلاف ما إذا أمره القاضي، لأن أمره ملزم لعموم ولايته، وإذا ضمن لا يرجع على القابض، لأنه ملكه بالضمان فظهر أنه كان متبرعا به. وإذا قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة فمضت مدة سقطت، لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة، حتى لا تجب مع اليسار، وقد حصلت بمضي المدة، بخلاف نفقة الزوجة، إذا قضى بها القاضي لأنها تجب مع يسارها، فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى. قال: إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة عليه، لأن القاضي له ولاية عامة، فصار إذنه كأمر الغائب، فيصير دينا في ذمته، فلا تسقط بمضي المدة، والله تعالى أعلم بالصواب.
ــ
[البناية]
رجل من أهل المحلة في جمع ريع الأوقاف لينفق على مصالح المسجد بما يحتاج إليه من شراء الزيت والحصير لا يضمن.
م: (بخلاف ما إذا أمره القاضي؛ لأن أمره ملزم لعموم ولايته. وإذا ضمن) ش: أي الأجنبي. م: (لا يرجع على القابض) ش: وهو الأب والأم. م: (لأنه ملكه بالضمان) ش: أي لأن الأجنبي ملك المدفوع بالضمان. م: (فظهر أنه كان متبرعًا به) ش: أي بملك نفسه. م: (وإذا قضى القاضي للولد والوالدين وذوي الأرحام بالنفقة، فمضت مدة، سقطت) ش: أي النفقة، وبه قال الشافعي وأحمد.
م: (لأن نفقة هؤلاء تجب كفاية للحاجة حتى لا تجب مع اليسار، وقد حصلت بمضي المدة) ش: أي كفاية الحاجة. م: (بخلاف نفقة الزوجة إذا قضى بها القاضي) ش: حيث لا تسقط، لأن نفقة المرأة جارية مجرى الديون. م:(لأنها تجب مع يسارها) ش: أي مع يسار المرأة. م: (فلا تسقط بحصول الاستغناء فيما مضى) ش: لما قلنا أنها كالدين، فلا تسقط بمضي المدة.
م: (قال) ش: أي القدوري. م: (إلا أن يأذن القاضي بالاستدانة عليه) ش: هذا استثناء من قوله سقط، أراد أن القاضي إذا أذن لهم في الاستدانة عليه، فحينئذ لا تسقط نفقتهم بمضي المدة لأن ما أخذوه بإذن القاضي صار دينًا على الغائب، فلم يسقط بعد ذلك كسائر الديون. م:(لأن القاضي له ولاية عامة، فصار إذنه كأمر الغائب، فيصير دينًا في ذمته، فلا تسقط بمضي المدة) ش: وقال الكاكي: قوله: لأن إذن القاضي بالاستدانة، وإن كانت الاستدانة من نفقة ذوي الأرحام.
وذكر في زكاة الجامع: أن نفقة المحارم تصير دينًا بالقضاء، ويسقط، واختلف المشايخ فيه، قيل ما ذكر في " الجامع " إذا استدان المقضي له بالنفقة، وأنفق كانت الحاجة قائمة مقام الدين. وما ذكر على غيره إذا أنفق من غيره إذا أنفق من استدانة، بل أكل من الصدقة أو المسألة، فلم تبق الحاجة بعد مضي المدة، وإليه مال السرخسي في كتاب "النكاح"، وقيل: ما ذكر في سائر الكتب ما إذا طالت المدة، وما ذكره في الجامع الصغير ما قصرت المدة، فإنه يصير دينًا بالقضاء، وكيف لا يصير دينًا والقاضي مأمور بالقضاء، ولو لم يصر دينًا لم يكن الأمر بالقضاء بالنفقة، والفصل بين القليل والكثير بالشهر.