الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتسوية المستحقة في البيتوتة لا في المجامعة، لأنها تبتنى على النشاط، وإن كانت إحداهما حرة، والأخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم، وللأمة الثلث بذلك ورد الأثر، ولأن حل الأمة أنقص من حل الحرة فلا بد من إظهار النقصان في الحقوق، والمكاتبة، والمدبرة، وأم الولد بمنزلة الأمة؛ لأن الرق فيهن قائم. قال: ولا حق لهن في القسم حالة السفر فيسافر الزوج بمن شاء منهن، والأولى أن يقرع بينهن، فيسافر بمن خرجت قرعتها. وقال الشافعي رحمه الله: القرعة مستحبة
ــ
[البناية]
عند إحدى المرأتين مثل ما يبيت عند الأخرى، فإن بات عند هذه ليلة يبيت عند الأخرى كذلك، وليس لها أن تقول بت عندي ليلة وبت عند صاحبتي مثل ذلك؛ لأن المستحق عليه العدل، لا طريقه؛ لأن طريقه مفوض إلى الزوج. ثم قال الأترازي: وتذكير الضمير في طريقه، وإن كان راجعاً إلى التسوية لإرادة العدل، ومثل ذلك جائز، كما في قوله: والأرض أثقل أثقالها.
[التسوية في البيتوتة عند الزوجات]
م: (والتسوية المستحقة في البيتوتة، لا في المجامعة) ش: قال في شرح " الكافي ": وهذه التسوية في البيتوتة عندها للصحبة، والمؤانسة، لا في المجامعة، لأن ذلك شيء يبتنى على النشاط، ولا يقدر على اعتبار المساواة فيه، وهو نظير المحبة بالقلب م:(لأنها) ش: أي لأن المجامعة م: (تبتنى على النشاط) ش: كما ذكرنا.
م: (وإن كانت إحداهما حرة، والأخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم، وللأمة الثلث، بذلك ورد الأثر) ش: وهو ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الرزاق في "مصنفيهما"، والدارقطني، ثم البيهقي في "سننهما"، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قال: إذا نكحت الحرة على الأمة فلهذه الثلثان؛ ولهذه الثلث، لأن الأمة لا ينبغي لها أن تتزوج على الحرة، والمنهال بن عمرو فيه مقال، وعبادة ضعيف، قال في " التنقيح ": قال البخاري: فيه نظر.
وروى البيهقي عن ابن المسيب، وعن سليمان بن يسار، أن الحرة إذا أقامت على ضرات فلها يومان، ولأمته يوم، وبه قال الشافعي، وأحمد، ومالك في رواية. وقال مالك في رواية أخرى: إنهما سواء في استحقاق القسم.
م: (ولأن حل الأمة أنقص من حل الحرة) ش: لأنها على النصف من الحرة في غالب الحقوق م: (فلا بد من إظهار النقصان في الحقوق) ش: لئلا يلزم التسوية م: (والمكاتبة، والمدبرة، وأم الولد بمنزلة الأمة؛ لأن الرق فيهن قائم) ش: فيكون لهن الثلث من القسم.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: م: (ولا حق لهن في القسم حالة السفر، ويسافر الزوج بمن شاء منهن، والأولى أن يقرع بينهن، فيسافر بمن خرجت قرعتها. وقال الشافعي: القرعة مستحبة) ش: حتى لو سافر بدون القرعة بواحدة يقضي ما مضى، يعني يقيم عند من لم يسافر معها مثل تلك الأيام، وبالقرعة لا يقضي، وبه قال أحمد: يقضي بكل حال.
لما روي «أن النبي عليه السلام كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه» إلا أنا نقول: إن القرعة لتطييب قلوبهن، فكانت من باب الاستحباب، وهذا لأنه لا حق للمرأة عند مسافرة الزوج، ألا ترى أن له أن لا يستصحب واحدة منهن، فكذا له أن يسافر بواحدة منهن، ولا تحتسب عليه تلك المدة، وإن رضيت إحدى الزوجات بترك قسمها لصاحبتها جاز؛ لأن سودة بنت زمعة رضي الله عنها سألت رسول الله عليه السلام أن يراجعها، وتجعل يوم نوبتها لعائشة رضي الله عنها.
ــ
[البناية]
م: (لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه» ش: هذا الحديث أخرجه الجماعة من حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه» أخرجوه مختصراً، ومطولاً، بحديث الإفك.
م: (إلا أنا نقول) ش: يعني نعمل بالحديث، كما يعمل الشافعي، غير أنا نقول: م: (إن القرعة لتطييب قلوبهن، فكانت) ش: أي القرعة م: (من باب الاستحباب) ش: والشافعي يعمل بظاهره، ونحن نقول: إن التسوية بينهن لم تكن واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر، ففي السفر أولى، وإنما كان يقرع في السفر لما ذكرنا م:(وهذا) ش: يعني كون القرعة من باب الاستحباب م: (لأنه لا حق للمرأة عند مسافرة الزوج، ألا ترى) ش: توضيح لما قبله م: (أن له) ش: أي للزوج م: (أن لا يستصحب واحدة منهن، فكذا له أن يسافر بواحدة منهن) ش:.
هذا دليل على جواز أنه لا حق لهن حالة السفر م: (ولا تحتسب عليه تلك المدة) ش: أي لا تحتسب على الزوج السفر، يعني إذا سافر بإحدى المرأتين شهراً مثلاً، ولا يؤمر أن يكون عند الأخرى شهراً آخر، بل يسوي بينهما في الحضر ابتداء، وفي " الغاية ": ثم لا يقضي مدة السفر بواحدة منهن، وكذا لبقية نسائه، وقال داود: يقضي، واشترط صاحب " الوجيز " بسقوط القضاء على مذهب الشافعي أربعة شرائط: أحدها: أن يقرع.
والثاني: على أن لا يعزم على النقلة؛ لأن سفر النقلة لا يجوز أن يستصحب ببعضهن دون بعض، وفي سفر التجارة يجوز.
والثالث: أن يكون السفر طويلاً؛ لأن في السفر القصير لغرض التفرج طريقان: أحدهما: يستحب القرعة، ويقضي والثاني: كالسفر الطويل، ولا يقضي، وهو الصحيح عند صاحب " التهذيب "" والتتمة ".
والرابع: أن لا يعزم على الإقامة، ومقصده أربعة أيام، أو أكثر.
م: (وإن رضيت إحدى الزوجات بترك قسمها لصاحبتها جاز؛ لأن سودة بنت زمعة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها وتجعل يوم نوبتها لعائشة رضي الله عنها) ش: مفهوم هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم طلق
ولها أن ترجع في ذلك؛ لأنها أسقطت حقا لم يجب بعد، فلا يسقط.
ــ
[البناية]
سودة، وقال مخرجو الأحاديث: ولم نجد ذلك.
قلت: روى البيهقي في "سننه " بإسناده إلى عروة «أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق سودة، فلما خرج إلى الصلاة أمسكت بثوبه فقالت: والله ما لي في الرجال من حاجة، ولكني أريد أن أحشر في أزواجك، قال: فراجعها، وجعل يومها لعائشة،» وهذا مرسل.
وفي " مستدرك" الحاكم عن هشام بن عروة، عن أبيه، «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت: يا رسول الله يومي هذا لعائشة فقبل ذلك منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: وفيها وفي أشباهها أنزل الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128] » (النساء: الآية 127) ، وقال صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وروى البخاري أيضاً: «كان صلى الله عليه وسلم يقسم لكل امرأة منهن يومها، غير أن سودة بنت زمعة جعلت يومها وليلتها لعائشة، تبغي بذلك رضا النبي صلى الله عليه وسلم» انتهى. وزمعة بفتحتين اسم رجل.
م: (ولها أن ترجع في ذلك) ش: أي للمرأة أن ترجع في قسمها بعد أن وهبت لصاحبتها م: (لأنها أسقطت حقاً لم يجب بعد، فلا يسقط) ش: فلم يكن إسقاطها يلزمها، فلها المطالبة بعد ذلك عن وجوب الحق، وبه قال الشافعي، ومالك، وأحمد، إلا أن الشافعي قال: يشترط قبول الزوج في هبة يومها، والله أعلم.