الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وعلى المولى أن ينفق على أمته وعبده، لقوله عليه السلام في المماليك:«إنهم إخوانكم، جعلهم الله تعالى تحت أيديكم، أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون، ولا تعذبوا عباد الله» فإن امتنع، وكان لهما كسب، اكتسبا وأنفقا على أنفسهما، لأن فيه نظرا للجانبين حتى يبقى المملوك حيا، ويبقى فيه ملك المالك. وإن لم يكن لهما كسب بأن كان عبدا زمنا أو جارية لا يؤاجر مثلها، أجبر المولى على بيعهما، لأنهما من أهل الاستحقاق، وفي البيع إيفاء حقهما وإبقاء حق المولى بالخلف،
ــ
[البناية]
[فصل نفقة الرقيق وغيره من الحيوانات]
م: (فصل) ش: جميع هذا الفصل بين نفقة الرقيق وغيره من الحيوانات، وأخَّره عن الجميع وهو نفسه ظاهر. م:(وعلى المولى أن ينفق على أمته وعبده) ش: هذا بإجماع العلماء إلا عامرا الشعبي. م: (لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم. م: (في المماليك: «إنهم إخوانكم جعلهم الله تعالى تحت أيديكم، أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تعذبوا عباد الله» .
ش: هذا الحديث أخرجه البخاري عن أبي ذر الغفاري، في حديث، هذا الذي ذكره المصنف بعضه، ولفظه:«هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم شيئًا، فأعينوهم» . ولفظ: «لا تعذبوا عباد الله» في رواية أبي داود، ولكن لفظه:«ومن لا يلائمكم منه فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله» ، ثم المستحب أن يطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس، وحديث أبي ذر محمول على الاستحباب. وقال ابن شهاب: قوله عليه السلام: «فليطعمه مما يأكل» خرج مخرج الغالب طعمتهم متساوية وكذا كسوتهم.
م: (فإن امتنع) ش: أي المولى عن الإنفاق على أمته وعبده. م: (وكان لهما) ش: أي للأمة والعبد. م: (كسب، اكتسبا وأنفقا على أنفسهما؛ لأن فيه نظرًا للجانبين) ش: جانب المولى وجانب الأمة والعبد. م: (حتى يبقى المملوك حيًا، ويبقى فيه ملك المالك، وإن لم يكن لهما كسب بأن كان عبدًا زمنًا أو جارية لا يؤاجر مثلها. أجبر المولى على بيعهما لأنهما من أهل الاستحقاق، وفي البيع إيفاء حقهما) ش: الإيفاء مصدر من أوفى يوفي من الوفاء. م: (وإبقاء حق المولى) ش: من أبقى يبقي إبقاء من البقاء. م: (بالخلف) ش: وهو الثمن.
وفي " الذخيرة ": في ظاهر مذهب أصحابنا، لا يجبر الإنسان على نفقة غير الرقيق، كالحيوانات وغيرها، كالدور والعقار والزروع والثمار، إلا أن يكره، لأن فيه يضيع المال، وفيه رجل له عبد ومدبر أو أمة أو مدبرة أو أم ولد يجبر على نفقتهم، فإن أبى فكل من يصح للإجارة يؤجر، وينفق عليه من أجرته، ومن لا منفعة به لعذر، صغر أو كبر أو زمانة، وما أشبه ذلك، ففي العبد والأمة يجبر على بيعهما، وفي المدبرة وأم الولد يجبر على الإنفاق عليهما وفي المكاتب
بخلاف نفقة الزوجة، لأنها تصير دينا، فكان تأخيرا على ما ذكرنا، ونفقة المملوك لا تصير دينا، فكان إبطالا. وبخلاف سائر الحيوانات، لأنها ليست من أهل الاستحقاق، فلا يجبر على نفقتها، إلا أنه يؤمر به فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه عليه السلام نهى عن تعذيب الحيوان، وفيه ذلك. ونهى عن إضاعة المال، وفيه إضاعته. وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يجبر، والأصح ما قلنا. والله أعلم.
ــ
[البناية]
والمكاتبة لا يجبر لالتحاقهم بالأحرار. عبد بين رجلين تنازعا فيه يجبران على نفقته وفي الدابة يجبران ولو طالب أحدهما من القاضي أن يأمره بالنفقة حتى لا يكون متطوعًا فالقاضي بقول الآخر الآتي، إما أن تبيع نصيبك من الدابة أو تنفق عليها رعاية لجانب الشريك، هكذا ذكره الخصاف، وذكر السرخسي أنه لا يجبر.
م: (بخلاف نفقة الزوجة؛ لأنها تصير دينًا، فكان تأخيرًا على ما ذكرنا) ش: أشار به إلى قوله: بخلاف نفقة الأزواج إذا قضى لها القاضي، لأنها تجب مع يسارها، فلا تسقط. م:(ونفقة المملوك لا تصير دينًا فكان إبطالًا) ش: فيجبر على البيع. م: (وبخلاف سائر الحيوانات) ش: حيث لا يجبر على الإنفاق عليها. م: (لأنها ليست من أهل الاستحقاق) ش: إذ لا بد من القضاء والإحياء ومن المقضي عليه، والعبد يصلح والحيوانات لا تصلح. م:(فلا يجبر على نفقتها إلا أنه يؤمر به) ش: أي بالإنفاق. م: (فيما بينه وبين الله تعالى لأنه عليه السلام) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم. م: «نهى عن تعذيب الحيوان» ش: وقد تقدم عن قريب ما رواه أبو داود: «لا تعذبوا خلق الله» ، وسنده: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن عمر عن معروف بن سويد به. م:(وفيه ذلك) ش: أي وفي الامتناع عن إنفاق الحيوانات تعذيب الحيوان.
م: «ونهى عن إضاعة المال» ش: وهو ما رواه البخاري بإسناده إلى المغيرة، قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ووأد البنات وهن أحياء» . م: (وفيه إضاعته) ش: وفي ترك الإنفاق على الحيوانات إضاعة.
م: (وعن أبي يوسف: أنه يجبر) ش: مالك الحيوانات على النفقة عليها، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد، لأن فيه إضاعة المال وتعذيب الحيوان وهما منهيان. م:(والأصح ما قلنا) ش: أي لا يجبر على إنفاق سائر الحيوانات، لأنها ليست من أهل الاستحقاق.
فروع: عبد صغير في يد رجل، فقال لغيره: هذا عبدك أو وديعة عندي، فأنكر، يستحلف بالله ما أودعه، ويقضي بنفقته على ذي اليد، لأنه أقر برقه، ولم يثبت لغيره، فيبقى على حكم ملكه، ولو كان كبيرًا لا يستحلف، لأنه في يد نفسه، والقول قوله في الرق والحرية، والنفقة تجب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
على من له المتعة مالكًا كان أو غير مالك.
مسألة: أُوصي بجارية لإنسان وبما في بطنها لآخر، فالنفقة على الموصى له بالجارية. ولو أَوصى الإنسان بدار وبسكناها لآخر وهي تخرج من الثلث، فالنفقة على صاحب السكنى؛ لأن المنفعة له. فإن قال صاحب السكنى: قد انهدمت الدار، أنا أبنيها وأسكنها، كان له ذلك، ولا يصير متبرعًا، لأنه يصير مضطرًا فيه، لأنه لا يصل إلى حقه إلا به، كصاحب العلو مع صاحب السفل، وامتنع صاحبه مع بنائه.
وكذا لو أُوصي بنخل ولآخر بثمره، فالنفقة على صاحب الثمرة. وفي التبن والحنطة وإن بقي شيء من ثلث ماله، فالتخليص في ذلك على صاحب المال، وإن لم يبق، فالتخليص عليهما، لأن المنفعة لهما. وفي السمسم أُوصي بدهنه لواحد وبشجره لآخر، فالنفقة على صاحب الدهن.
عن محمد: ذَبح شاة وأوصى بلحمها لواحد وبجلدها لآخر، فالتخليص عليهما كالحنطة والتبن. وقيل: أجرة الذبح على صاحب اللحم دون الجلد. وفي " التنبيه ": ينبغي أن تجب نفقة المبيع قبل القبض على المشتري. والصحيح أن نفقته على البائع ما دام في يده. وفي " المغني ": لا يجبر العبد على الضريبة. وكان كثير من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يضربون الضراب على رقيقهم. روي أنه كان ألف مملوك للزبير، على كل واحد منهم كل يوم درهم، والله أعلم بالصواب.