الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال وإن بطل العوض في الخلع مثل أن يخالع المسلم على خمر أو خنزير أو ميتة، فلا شيء للزوج، والفرقة بائنة، وإن بطل العوض في الطلاق كان رجعيا فوقوع الطلاق في الوجهين للتعليق بالقبول، وافتراقهما في الحكم لأنه لما بطل العوض كان العمل في الأول لفظ الخلع، وهو كناية،
ــ
[البناية]
[يخالع المسلمة على خمر أو خنزير أو ميتة]
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: م: (وإن بطل العوض في الخلع مثل أن يخالع المسلمة على خمر أو خنزير أو ميتة، فلا شيء للزوج والفرقة بائنة) ش: أي يقع الطلاق البائن، والحكم فيما إذا خالعها على خمر أو دم كذلك، وبه صرح في التحفة والمغني، ولو خالعها على خمر أو خنزير أو ميتة أو دم أو خمر فهو كالخلع بغير عوض لا يلزمها عند الأئمة الثلاثة وأصحابهم، ويقع عند مالك وأحمد رجعيا، وعند زفر ترد مهرها، وعند الشافعي يجب مهر المثل ويقع طلاقا بائنا كقولنا، انتهى.
واعلم أن الخلع والطلاق على ما لا يحل كالخمر وأخواتها جائز، ويقع الطلاق لوجود الشرط، ولا يجب له عليها شيء، لأنها لم تغرره، والخمر إن كانت مالا لكنها ليست بمتقومة، لأن الشرع أهانه، والأمر في الميتة أظهر، لأنها ليست بمال أصلا، بخلاف ما إذا أغرته وقالت أختلع منك بهذا الخل فإذا هو خمر عليها أن ترد المهر المأخوذ في قول أبي حنيفة.
وفي قولهما عليها مثل كل ذلك من خل وسط، كذا ذكر الخلاف في مبسوط شمس الأئمة السرخسي، وإنما لم يبطل الخلع ببطلان العوض، لأن الخلع لا يبطل بالشروط الفاسدة.
م: (وإن بطل العوض في الطلاق كان) ش: أي الطلاق م: (رجعيا) ش: أي في الموطوءة دون الثلاث، وبه قالت الأئمة الثلاثة م:(فوقوع الطلاق في الوجهين) ش: يعني بطلان العوض في الخلع، وبطلان العوض في الطلاق، وأشار به إلى وجه الافتراق بينهما فقال: ووقوع الطلاق في الوجهين م: (للتعليق بالقبول) ش: أي لأجل تعليق الطلاق بقبول المرأة م: (وافتراقهما) ش: أي الوجهين م: (في الحكم لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (لما بطل العوض كان العامل في الأول لفظ الخلع) ش: قال تاج الشريعة لفظ الخلع ينصب العامل ويرفع لفظ الخلع بخط المصنف، انتهى.
وأراد بالأول بطلان العوض في الخلع م: (وهو) ش: أي لفظ الخلع م: (كناية) ش: من ألفاظ الكنايات، والواقع بالكناية يأتي سوى الألفاظ الثلاثة التي مر بيانها فيما تقدم، وقال الكاكي هو كناية لا ينتفي به، بل يجب أو يقال وهو كناية، ولها دلالة على قطع الوصلة، لأنه مشتق من خلع الخف أو القميص، وإنما احتيج إلى هذا التأويل لأن من الكنايات ما هو رجعي، انتهى.
قلت: هذا زيادة تعسف في التصرف على ما لا يخفى.
وفي الثاني الصريح وهو يعقب الرجعة، وإنما لم يجب للزوج شيء عليها؛ لأنها ما سمت مالا متقوما حتى تصير غارة له، ولأنه لا وجه إلى إيجاب المسمى للإسلام، ولا إلى إيجاب غيره لعدم الالتزام، بخلاف ما إذا خالع على خل بعينه فظهر أنه خمر لأنها سمت مالا فصار مغرورا وبخلاف ما إذا كاتب عبده أو أعتق على خمر حيث تجب قيمة العبد؛ لأن ملك المولى فيه متقوم، وما رضي بزواله مجانا. أما ملك البضع في حالة الخروج فغير متقوم على ما نذكره، وبخلاف النكاح، لأن البضع في حالة الدخول متقوم، والفقه فيه
ــ
[البناية]
م: (وفي الثاني) ش: وهو بطلان العوض في الطلاق م: (الصريح) ش: أي صريح الطلاق م: (وهو) ش: أي الصريح م: (يعقب الرجعة) ش: لبقاء المحل م: (وإنما لم يجب للزوج شيء عليها) ش: أي على المرأة م: (لأنها ما سمت مالا متقوما حتى تصير غارة له) ش: أي للزوج، فإذا لم تصر غارة فلا يجب عليها شيء م:(ولأنه) ش: أي ولأن الشأن، هذا دليل آخر م:(لا وجه إلى إيجاب المسمى للإسلام) ش: أي لأجل الإسلام، لأن المسلم ممنوع من تسليمه وتسلمه م:(ولا إلى إيجاب غيره) ش: أي لا وجه أيضا لإلزام غيره، م:(لعدم الإلزام) ش: من جهة الغير بذلك م: (بخلاف ما إذا خالع على خل بعينه فظهر أنه خمر؛ لأنها سمت مالا فصار) ش: أي الزوج م: (مغرورا) ش: لأنها غرته حيث قالت هذا الخل بعينه، فإذا هو خمر، فلزم عليها رد المهر الذي أخذته عند أبي حنيفة، وعندهما يجب كيل مثل ذلك من خل وسط كما في الصداق، ولو علم الزوج بكونه خمرا فلا شيء عليه، وعند الشافعي يجب مهر المثل، وعند أحمد وأبي ثور يجب قيمته.
م: (وبخلاف ما إذا كاتب عبده أو أعتق على خمر حيث تجب قيمة العبد، لأن ملك المولى فيه) ش: أي في العبد م: (متقوم) ش: حتى لو غصب وجبت القيمة على الغاصب م: (وما رضي) ش: أي المولى م: (بزواله) ش: أي بزوال ملكه م: (مجانا) ش: أي بلا شيء، قال الجوهري قولهم أخذه مجانا، أي بلا بدل، وهو فعال، لأنه ينصرف، انتهى.
قلت: ذكره في باب مجن، وقال المجون أن لا يبالي الإنسان بما صنع، وانتصابه على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره، ما رضي زوالا مجانا.
م: (أما ملك البضع) ش: يعني في الخلع م: (في حالة الخروج غير متقوم) ش: فلا يلزم من بطلان البدل فساد الخلع م: (على ما نذكره) ش: أراد به ما نذكره بعيد هذا بقوله - والفقه
…
إلى آخره - م: (وبخلاف النكاح) ش: أشار به إلى الفرق بينه وبين الخلع، حيث يصح النكاح ويجب مهر المثل ويصح الخلع ولا يجب شيء م:(لأن البضع في حالة الدخول متقوم) ش: ولهذا إذا تزوج المريض امرأة بمهر مثلها جاز من جميع المال م: (والفقه فيه) ش: أي في كون البضع غير متقوم في حالة الخروج دون الدخول، والفقه في اللغة الفهم، ولكن العرف خصه بعلم الشريعة
أنه شريف، فلم يشرع تملكه إلا بعوض إظهارا لشرفه، فأما الإسقاط فنفسه شرف فلا حاجة إلى إيجاب المال.
قال: وما جاز أن يكون مهرا جاز أن يكون بدلا في الخلع لأن ما يصلح عوضا للمتقوم أولى أن يصلح عوضا لغير المتقوم.
ــ
[البناية]
وخصصه بعلم الفروع م: (أنه) ش: أي أن البضع م: (شريف) ش: يعني له مقدار في نفسه م: (فلم يشرع تملكه إلا بعوض إظهارا لشرفه) ش: أي لأجل الإظهار أنه شريف فلم يشرع تملكه بلا بدل إظهارا لخطر المحل.
م: (فأما الإسقاط) ش: أي إسقاط ملك الزوج عن البضع م: (فنفسه شرف فلا حاجة إلى إيجاب المال) ش: لعدم لزوم إهانة المحل المحترم، وقال السغناقي: فنفسه شرف أي يتشرف المرأة حيث تعود مالكة على نفسها من كل وجه كما كانت، فلذلك لم يجب على الزوج شيء، بخلاف النكاح، فإنه يجب عليه المهر، لأن في النكاح استيلاء على كل محترم، فيجب المال على مقابلة الاستيلاء.
وقال الكاكي: فلا حاجة إلى إيجاب المال إلا إذا تراضيا على مال. وفي الجواهر للمالكية خالعها على حرام وحلال صح مثل خمر ومال، ولا يجب للزوج إلا المال، وهو قياس قول أصحابنا وأحمد وقياس قول الشافعي يجب مهر المثل.
في " جوامع الفقه " خالعها على عبد نفسه لا يلزمها شيء، لأنه مال لا يستحقه بحال، ولا بد من القبول لوقوع الطلاق، كخلع المبانة والصغيرة، ولو خالعها على براءتها من دين لها عليه غير المهر، أو على براءتها من كفالة نفس، أو على تأخير دين لها عليه صحت البراءة والتأخير إلى أجل معلوم، ويكون الطلاق رجعيا، ويصح التأجيل في بدل الخلع إلى أجل مجهول وجهالة مستدركة نحو الحصاد والدياس وإلي القطاف وهبوب الرياح لا يجوز، وكذا إلى الميسرة لا يصح التأجيل.
وفي " المحيط " ويجب المال حالا، وفي جهالة البدل تفسد التسمية وهو قول أحمد.
وقال أبو ثور: تفسد بالجهالة، وهو قول أبي بكر من الحنابلة، وقال الشافعي يجب مهر المثل كالنكاح.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: م: (وما جاز أن يكون مهرا جاز أن يكون بدلا في الخلع) ش: وهذا بإجماع العلماء، وإنما لم يذكر عكسه حيث لم يقل وما لا يجوز أن يكون مهرا لا يجوز أن يكون بدلا في الخلع، لأن من الأشياء ما لا يصح للمهر ويصح لبدل الخلع كدرهم إلى تسع دراهم م:(لأن ما يصلح عوضا للمتقوم أولى أن يصلح عوضا لغير المتقوم) ش: هو البضع أيضا، لأنه غير متقوم حالة الخروج، ولهذا إذا اختلعت على ثوب موصوف جاز كما في المهر، وإن اختلعت على ثوب فالتسمية فاسدة للجهالة كما في المهر، وله المهر، لأنها غرته ولا
فإن قالت له: خالعني على ما في يدي فخالعها ولم يكن في يدها شيء فلا شيء عليها، لأنها لم تغره بتسمية المال.
ــ
[البناية]
يجوز هنا ما لا يجوز ثمة، كما إذا اختلعت على ما لا يحل كالخمر والميتة، لكن هنا لا شيء للزوج على المرأة إذا وقع الخلع بقبول الزوج، بخلاف النكاح على الخمر ونحوها حيث يجب مهر المثل.
م: (فإن قالت له) ش: أي المرأة لزوجها م: (خالعني على ما في يدي فخالعها فلم يكن في يدها شيء فلا شيء له عليها) ش: أي فلا شيء للزوج على المرأة، لأن كلمة ما عامة تتناول المال وغيره م:(لأنها لم تغره بتسمية المال) ش: أي لأن المرأة لم تغرر زوجها بذكر ما له قيمة، والمراد من اليد الجسة، وكذا إذا اختلعت على ما في هذا البيت، أو على ما في شجري أو نخلي، أو بطون غنمي، فلم يكن شيء في تلك الساعة لا يرجع عليها كما ذكرنا أما إذا كان في تلك الساعة شيء فله ذلك، لأن المسارعة الناشئة من الجهالة ترتفع بالإشارة إلى المحل، وفي النكاح يجب مهر المثل في هذه الصور، لأن البضع متقوم عند الدخول، وفي الصورة المذكورة يقع الطلاق، وبه قال مالك وأحمد.
وفي " البسيط " لو وقع الخلع بدون ذكر المال قيل يجب المال، بخلاف النكاح، فإذا قلت لا يجب هل يفتقر إلى القبول، قيل يفتقر، لأن المخالعة مفاعلة كالمقاتلة والمضاربة، فلا بد منه، والخلع قد يقف على القبول كخلع السفيه والصغيرة على مال.
وفي " الوسيط " لو قال خلعتك على ما في كفك صح الخلع إن صححنا بيع الغائب وترك على ما في كفها، وإن لم يصح فسد العوض ويجب الرجوع إلى مهر المثل.
قال الغزالي: وقال أبو حنيفة: إن لم يكن في كفها شيء نزل على ثلاث دراهم وعلل وقال السروجي: مذهب أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يلزم شيء البتة من غير خلاف، ونقله عنه غلط قبيح، وتقليد وهم، وخيال باطل مبني على الخطأ أو المجازفة فيه.
وقال: وكان قد اتفق ثلاثمائة مفت على إباحة دمه في أيام السلطان محمود - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وأفتوا بقتله من أجل اعتقاده مذهب الحكماء، فقال السلطان محمود أنا رجل عامي لا أعرف هذا الأمر إن وجب قتله فاقتلوه، فخلصه منهم الأرصابندي من الحنفية، ثم صنف إحياء علوم الدين، وذكر فيه مناقب أبي حنيفة وأطنب في مدحه بالعلم والزهد والورع.
وذكر ابن عطية في تفسيره في سورة التكوير: ذهب قوم من الملحدين كالغزالي إلى أن الشمس نفس ابن آدم، والنجوم عيناه وحواسه، والعشاء ساقاه، وذلك عند موته، وكفروه بأمور منها ليس في الممكن أبدع من هذا العالم.
وإن قالت له خالعني على ما في يدي من مال، فخالعها فلم يكن في يدها شيء ردت عليه مهرها؛ لأنها لما سمت مالا لم يكن الزوج راضيا بالزوال إلا بعوض، ولا وجه إلى إيجاب المسمى وقيمته للجهالة ولا وجه، ولا إلى قيمة البضع، أعني مهر المثل لأنه غير متقوم حالة الخروج، فتعين إيجاب ما قام به على الزوج دفعا للضرر عنه.
ــ
[البناية]
م: (وإن قالت له خالعني على ما في يدي من مال فخالعها فلم يكن في يدها شيء ردت عليه مهرها؛ لأنها سمت مالا لم يكن الزوج راضيا بالزوال إلا بعوض، ولا وجه إلى إيجاب المسمى وقيمته للجهالة، ولا وجه) ش: أي ولا وجه أيضا بالرجوع م: (إلي قيمة البضع، أعني مهر المثل؛ لأنه غير متقوم حالة الخروج) ش: لأن الزوج لم يملك شيئا، بل أسقط حقه عنها م:(فتعين إيجاب ما قام به على الزوج) ش: أي إيجاب ما قام البضع بالمال على الزوج، وهو المهر، وبه قال القاضي من الحنابلة. وفي المغني عليها ما يقع عليه اسم المشاع، وعند أحمد وعند الشافعي عليها مهر المثل قولا واحدا م:(دفعا للضرر عنه) ش: أي عن الزوج، لأن فيه دفعا للغرور بقدر الإمكان، ولا يقال البضع صار مستهلكا ولا إمكان بفسخ الخلع، فيجب قيمة البضع عليها، لأنا نقول يبطل ذلك بارتداد المرأة، فإن استهلاك البضع حاصل مع هذا لا رجوع بقيمة البضع عليها.
وفي " قاضي خان " لو قال لها اخلعي نفسك بالمال أو بما شئت، وقالت اختلعت لا يقع الطلاق، لأنه يصير مستزيدا ومستنقصا وهو محال، وكذا لو قال بألف فقالت اختلعت ذكر في الوكالة أنه يقع، وفي الطلاق أنه لا يتم، ولو قال اخلعي نفسك ولم يذكر مالا ذكر خواهر زاده أنه تقع طلقة واحدة بائنة، وفي المنتقى لا يصح ولا يكون دخولها إلا بالمال، إلا أن ينوي الزوج الطلاق بغير مال، وكذا لو قال لغيره: اخلع امرأتي فليس له أن يخلعها إلا بمال.
وذكر ابن سماعة عن محمد أنه يكون طلاقا بائنا بغير مال، وبه أخذ المشايخ، وفي " جوامع الفقه ": لو قال بعتك نفسك بكذا كان خلعا، ولم يذكر البدل في رواية هشام وابن سماعة عن محمد، وعن الكرخي وأبي القاسم أنه ليس بخلع، وفي موضع آخر أنه يقع به طلاق بائن ولا يبرأ الزوج عن المهر، وعن ابن سلام يبرأ، وهو اختيار الشهيد حسام الدين في " الفتاوى ".
وفي " الفتاوى " إن نوى الطلاق يقع ولا يبرأ من المهر وقال اخلعي نفسك كذا، فقالت فعلت لم يذكر البدل كان سؤالا وطلبا للخلع، حتى لو قال خلعتك بكذا يتوقف على قبولها، هكذا في الأصل، وعن محمد يقع بغير شيء، وكذا لو قالت اخلعني بمال.
وفي " الفتاوى " لو قال اشتري نفسك مني ولم يذكر مالا فقالت اشتريت لا يصح، بخلاف قوله: اخلعي نفسك مني فقالت اختلعت، ولو قالت اخلعني بكذا فقال طلقتك فهو جواب، وقيل ابتداء ولو قال طلقتك للسنة هو ابتداء بلا خلاف، ولو قال خلعتك بكذا فقالت نعم فليس بشيء كأنها قالت نعم خلعتني، ولو قالت رضيت أو أجزت صح.