الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه ليس بحكاية عن حالة قائمة، ولا كذلك قولها أنا أختار نفسي، لأنه حكاية عن حالة قائمة، وهو اختيار نفسها،
ولو قال لها اختاري اختاري اختاري فقالت اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة طلقت ثلاثا في قول أبي حنيفة رحمه الله ولا يحتاج إلى نية الزوج. وقالا تطلق واحدة، وإنما لا يحتاج إلى نية الزوج لدلالة التكرار عليه، إذ الاختيار في حق الطلاق هو الذي يتكرر لهما أن ذكر الأولى وما يجري مجراه وإن كان لا يفيد من حيث الترتيب، ولكن يفيد من حيث الإفراد فيعتبر فيما يفيد
ــ
[البناية]
القلب، بل إيجاب وإيقاع بنفس هذه الصيغة لأنه إخبار عن معنى ثابت، وهو قوله م:(لأنه ليس حكاية عن حالة قائمة) ش: أي ثابتة، لأن الطلاق يتعلق بالصيغة لا بالقلب، كما ذكرنا، ولهذا لو أراد الطلاق في قلبه لا تطلق. م:(ولا كذلك) ش: أطلق نفسي مثل م: (قولها أنا أختار نفسي) ش: أي ليس مثل قولها أطلق نفسي مثل قولها أنا أختار نفسي، م:(لأنه حكاية عن حالة قائمة وهو اختيار نفسها) ش: لأن الاختيار من عمل القلب، فيكون الذكر باللسان حكاية عن أمر قائم.
[قال لها اختاري اختاري اختاري فقالت قد اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة]
م: (ولو قال لها اختاري اختاري اختاري، فقالت قد اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة طلقت ثلاثًا في قول أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ولا يحتاج إلى نية الزوج) ش: ولا إلى ذكر النفس م: (وقالا) ش: أي أبي يوسف ومحمد وبه قال الشافعي م: (تطلق واحدة) ش: أي طلقة واحدة م: (وإنما لا يحتاج إلى نية الزوج لدلالة التكرار عليه) ش: أي على الطلاق م: (إذ الاختيار في حق الطلاق، هو الذي يتكرر) ش: دون اختيار الزواج.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أن ذكر الأولى وما يجري مجراه) ش: أراد به الوسطى والأخيرة والضمير في مجراه رجع إلى ذكر الأولى م: (وإن كان لا يفيد من حيث الترتيب ولكن يفيد من حيث الإفراد فيعتبر فيما يفيد) ش: أي في الإفراد فيبقى الإفراد، فكأنها قالت اخترت التطليقة الأولى، لأن معنى قولها اخترت اخترت ما صار إلي بالكلمة الأولى، والذي صار إليها بالكلمة الأولى تطليقة، فكأنها صرحت بذلك، وفي ذلك يقع واحدة، فكذا هنا، وهذا لأن الأولى تأنيث الأول، وهو اسم لفرد سابق، والوسطى تأنيث الأوسط، وهو اسم لفرد تقدم عليه مثلما تأخر، والأخيرة اسم لفرد لاحق، فكان لقولها معنيان الفردية والسبق، فلو بطل معنى السبق الذي يقتضي الترتيب بالاتفاق، فبقي الفرد، فصار كقوله اخترت تطليقة الأولى، فوقعت واحدة.
فإن قلت: ينبغي أن يقع هنا شيء، لأنه لا يقع شيء بلفظ اخترت بدون ذكر النفس أو ما يقوم مقامها.
قلت هذا إذا لم يكن في لفظ الزوج ما يدل على تخصيص الطلاق، وهنا ما يدل عليه، وهو تكرار لفظ الاختيار.
وله أن هذا الوصف لغو؛ لأن المجتمع في الملك لا ترتيب فيه، كالمجتمع في المكان، والكلام في الترتيب، والإفراد من ضروراته، فإذا لغا في حق الأصل، لغا في حق البناء. ولو قالت: اخترت اختيارة فهي ثلاث في قولهم جميعا؛ لأنها للمرة، فصار كما إذا صرحت بها. ولأن الاختيارة للتأكيد، وبدون التأكيد تقع الثلاث فمع التأكيد أولى. ولو قالت: قد طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة تملك الرجعة، لأن هذا اللفظ يوجب الانطلاق بعد انقضاء العدة،
ــ
[البناية]
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م: (أن هذا) ش: إشارة إلى ذكر الأولى والوسطى والأخيرة م: (الوصف لغو) ش: أي وصف لغو م: (لأن المجتمع في الملك لا ترتيب فيه كالمجتمع في المكان) ش: فإن القوم إذا اجتمعوا في مكان لا يقال هذا أول وهذا آخر، وإنما الترتيب في فعل الأعيان، يقال هذا جاء أولًا وهذا جاء آخرًا م:(والكلام في الترتيب) ش: وهو الأول (
…
) م: (والإفراد من ضروراته) ش: أي من ضرورات الكلام.
م: (فإذا لغا) ش: أي الكلام م: (في حق الأصل) ش: وهو الترتيب م: (لغا في حق البناء) ش: وهو الإفراد، لأن الترتيب فيه أصل، بدلالة الاشتقاق. وإذا لغا في حقها بقي قولها: اخترت، وهو يصلح جوابًا للكل، فيقع الثلاث، قيل: فيه نظر من وجهين، أحدهما: أنه أطلق الكلام على الأولى والوسطى والأخيرة، وكل مفرد فلا يكون كلامًا، والثاني أن الأولى اسم لفرد سابق، فكان الإفراد أصلًا والترتيب بناء لكونه يفهم من وصفه. والجواب عن الأول أن أهل اللغة ربما يطلقون الكلام على المركب من الحروف المسموعة المتميزة، وإن لم يكن مفيدًا، وهذا على ذلك الاصطلاح، ويجوز أن يكون مجازًا من باب ذكر الكل وإرادة الجزء.
وعن الثاني بأن كلًا من ذلك صفة، وما ذكر عن ذات باعتبار معنى، فيكون الأولى دالة على الفرد السابق، ومعنى السبق هو المقصود.
م: (ولو قالت اخترت اختيارة، فهي ثلاث في قولهم جميعًا) ش: يعني لو قالت المرأة: اخترت اختيارة في جواب قول الرجل اختاري اختاري اختاري فهي ثلاث طلقات في قول أبي حنيفة وصاحبيه م: (لأنها) ش: أي لأن لفظ اختيارة م: (للمرأة، فصار كما إذا صرحت بها) ش: أي بالمرة بأن قالت اخترت نفسي مرة في جواب قوله اختاري ثلاث مرات، فكذا إذا ذكرت اللفظ الذي يدل على المرة.
م: (ولأن الاختيارة للتأكيد) ش: لكونه مصدرًا م: (وبدون التأكيد تقع ثلاثًا، فمع التأكيد أولى) ش: بأن يقع الثلاث م: (وكما لو قالت قد طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة فهي واحدة) ش: أي فهي طلقة واحدة م: (تملك الرجعة، لأن هذا اللفظ يوجب الانطلاق) ش: أي البينونة م: (بعد انقضاء العدة) ش: لكونه من ألفاظ الصريح، وما يوجب البينونة بعد انقضاء العدة كان عند الوقوع رجعيًا.
فكأنها اختارت نفسها بعد العدة. وإن قال لها أمرك بيدك في تطليقة، أو اختاري تطليقة، فاختارت نفسها فهي واحدة تملك الرجعة؛ لأنه جعل لها الاختيار لكن بتطليقة وهي معقبة للرجعة.
ــ
[البناية]
فإن قيل: إذا لا يكون الجواب مطابقًا للتفويض، لأن المفوض إليها الاختيار، وهو يفيد البينونة.
أشار إلى الجواب بقوله م: (فكأنها اختارت نفسها بعد العدة) ش: فكان مطابقًا من حيث إن الاختيار وجد منها، قيل قوله يملك الرجعة غلط وقع من الكاتب، لأن المرأة إنما تتصرف حكمًا للتفويض، والتفويض بتطليقة بائنة لكونه من الكنايات، فتملك الإبانة لا غير، والأصح أن الرواية فهي واحدة لا يملك الرجعة، لأن روايات " المبسوط " و" الجامع الكبير "، و" الزيادات " وعامة نسخ " الجامع الصغير "، هكذا سوى " الجامع الصغير " لصدر الإسلام، فإنه ذكر فيه مثل ما ذكر في الكتاب. قلت فعلى هذا ينبغي أن يكون المذكور في " الجامع الصغير " لصدر الإسلام سهوًا أيضًا من الكاتب، ويمكن أن يحمل على تعدد الرواية، فيتفق الكل.
م: (وإن قال لها أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري تطليقة، فاختارت نفسها فهي واحدة تملك الرجعة؛ لأنه جعل لها الاختيار لكن بتطليقة وهي معقبة للرجعة) ش: قيل: لو كان كذلك كان قوله هذا بمنزلة قوله طلقي نفسك، وقد مر أن قولها: اخترت لا يصلح جوابًا، لقوله طلقي نفسك وأجيب: بأن آخر كلامه لما صار تفسيرًا للأول كان العامل هو المفسر والمفسر هو الأمر باليد والتخيير، وقولها اخترت يصلح جوابًا له كذا في " جامع " قاضي خان.