الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن الملك قائم في الحال، والظاهر بقاؤه إلى وقت وجود الشرط فيصح يمينا أو إيقاعا.
ولا تصح إضافة الطلاق إلا أن يكون الحالف مالكا، أو يضيفه إلى ملكه، لأن الجزاء لا بد أن يكون ظاهرا ليكون مخيفا،
ــ
[البناية]
تطلق.
م: (لأن الملك قائم في الحال) ش: هذا جواب عما يقال: سلمنا أن الطلاق يقع عقيب الشرط إذا كان الملك حينئذ قائماً، أما إذا زال فلا ينبغي أن يصح يمينه أصلاً لاحتمال زوال الملك، فأجاب بقوله: لأن الملك قائم في الحال لكونه تحققاً في الحال م: (والظاهر بقاؤه إلى وقت وجود الشرط) ش: لأن الأصل في كل ثابت استمراره، خصوصاً النكاح الذي هو عقد العمر، ومجرد احتمال الزوال لا يلتفت إليه، لأنه ليس بناشئ عن الدليل، فلما صح تعليقه بالنظر إلى بقاء الملك ظاهراً وقع كلامه المعلق يميناً على أصلنا، لأن التعليقات ليست بإثبات في الحال عندنا، وإنما تنقلب أسباباً عند الشرط، وعلى أصل الشافعي إيقاعاً لأن للتعليقات أسباباً عنده في الحال والملك في الحال موجود.
م: (فيصح) ش: أن تعليقه على الأصلين م: (يميناً) ش: أي من حيث أنه يمين عندنا م: (أو إيقاعاً) ش: أي أو صح من حيث الإيقاع عنده. وقال الكاكي: مستدلاً لأصحابنا في هذه المسألة، ولنا قوله صلى الله عليه وسلم:«كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمجنون» وقد صح سنده، فلا يخرج ذلك من العموم بما لا يثبت، فإن أحاديثهم ضعيفة، وقد ضعفها ابن حنبل والقاضي أبو بكر بن العربي الأشبيلي، فقال أبو بكر: أحاديثهم ليس لها أصل في الصحة فلا يشتغل بها، ولهذا ما عمل بها مالك وربيعة والأوزاعي من أهل الحديث انتهى.
قلت: هذا الحديث ذكره المصنف في فصل بعد طلاق السنة، وهذا حديث غريب، وكيف يقول الكاكي وقد صح سنده، وأعاده المصنف أيضاً في باب الحجر بلفظ المعتوه عوض المجنون.
وأخرج الترمذي عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزومي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله» . وقال هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن عجلان، وعطاء بن عجلان ضعيف ذاهب الحديث.
[قال لأجنبية إن تزوجتك فأنت طالق]
م: (ولا تصح إضافة الطلاق إلا أن يكون الحالف مالكاً) ش: يعني إلا إذا حلف في الملك م: (أو يضيفه) ش: أي أو يضيف الطلاق م: (إلى ملكه؛ لأن الجزاء لا بد أن يكون ظاهراً) ش: أي ظاهر الوجود أو غالب الوجود م: (ليكون) ش: أي الجزاء م: (مخيفاً) ش: أي بوقوع الجزاء فيما إذا كان
فيتحقق معنى اليمين وهو القوة والظهور بأحد هذين، والإضافة إلى سبب الملك بمنزلة الإضافة إليه؛ لأنه ظاهر عند سببه. فإن قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم تزوجها فدخلت الدار لم تطلق؛ لأن الحالف ليس بمالك، وما أضافه إلى الملك أو سببه ولا بد من واحد منهما
ــ
[البناية]
المقصود منه المنع بأن قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، فعلى تقدير الإقدام على دخول الدار يقع الطلاق، لأنه دار نفقتها وكفايتها، فكان وقوعه مطلقاً لها، فأما إذا كان للحمل بحرف الشرطية يدخل على المنهي، كما في قوله: إن لم تدخلي الدار فأنت طالق.
فإن قيل: لو قال لها إن حضت فأنت طالق يصح مع أنه لا يكون فيها فائدة اليمين، وهو المنع لما أنها غير قادرة على منع حيضها. قيل: الاعتبار للغالب لا للنادر، لأن الكلام في الكليات لا في الأفراد والتخلف في الأفراد لا يضرنا، قيل فيه نظر، لأن الكلي ينبغي أن يكون شاملاً للأفراد، فإذا لم يشملها لا يكون كلياً، انتهى.
قلت: السؤال والجواب للكاكي، والنظر للأترازي، ولكن فيه نظر لا يخفى على المتأمل.
م: (فيتحقق معنى اليمين) ش: بالنصب عطفاً على قوله ليكون م: (وهو القوة) ش: أي قوة خوف نزول الجزاء والخوف إنما يحصل بكون الجزاء غالب الوجود عند الشرط م: (الظهور) ش: أي ظهور الجزاء م: (بأحد هذين) ش: وهو كون الحالف مالكاً أو مضيفاً إلى الملك م: (والإضافة إلى سبب الملك) ش: أي إضافة الطالق إلى سبب الملك وهو التزوج م: (بمنزلة الإضافة إليه) ش: أي إلى الملك، وذلك فيما إذا قال لأجنبية إن تزوجتك فأنت طالق.
وهو بمنزلة إضافة الطلاق إلى الملك، لأن الجزاء جزء من الوجود عند وجود الشرط فيصير قوله: إن تزوجتك بمنزلة قوله: إن ملكتك بالتزويج م: (لأنه) ش: أي لأن الجزاء م: (ظاهر عند سببه) ش: أي عند سبب الملك.
م: (فإن قال لأجنبية) ش: هذا تفريع على ما مهد من الأصل، يعني إذا قال الرجل لامرأة أجنبية: م: (إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم تزوجها فدخلت الدار لم تطلق؛ لأن الحالف ليس بمالك، وما أضافه إلى الملك أو سببه ولا بد من واحد منهما) ش: يعني الحالف في هذه المسألة لم يكن مالكاً ولا مضيفاً إلى الملك وسببه، ولا بد منهما.
وقال ابن أبي ليلى: يقع التزوج إذا دخلت بعد التزوج، قيل كان ينبغي أن يقع الطلاق في هذه الصورة، لأن المعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده.
أجيب: بأن المعلق إنما يكون كالمنجز إذا صح التعليق، ولم يصح في هذه الصورة، ولا يقدر في تصحيح كلامه إن تزوجتك ودخلت الدار فأنت طالق؛ لأن كلامه صحيح بدون تقدير التزوج، ولا يخفى ذلك.