الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنا أن كل وطء وجد في العقد الفاسد يجري مجرى الوطأة الواحدة لاستناد الكل إلى حكم عقد واحد، ولهذا يكتفى في كل بمهر واحد فقبل المتاركة أو العزم لا تثبت العدة مع جواز وجود غيره، ولأن التمكن على وجه الشبهة أقيم مقام حقيقة الوطء لخفائه ومساس الحاجة إلى معرفة الحكم في حق غيره. وإذا قالت المعتدة: انقضت عدتي وكذبها الزوج كان القول قولها مع اليمين، لأنها أمينة في ذلك، وقد اتهمت بالكذب فتحلف كالمودع.
وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا، ثم تزوجها في عدتها، وطلقها قبل الدخول بها فعليه مهر كامل، وعليها عدة مستقبلة، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله-.
ــ
[البناية]
م: (ولنا أن كل وطء وجد في العقد الفاسد يجري مجرى الوطأة الواحدة) ش: تقديره القول بالموجب هو أن يقال: سلمنا أن الوطء هو السبب الموجب هو تمكن جميع الوطآت التي وجد العقد الفاسد بمنزلة وطأة واحدة م: (لاستناد الكل) ش: أي كل الوطآت م: (إلى حكم عقد واحد) ش: وهو بشبهة العقد، وتلك الشبهة إنما ترتفع بالمشاركة، كما في النكاح ترتفع بالطلاق.
م: (ولهذا) ش: إيضاح لقوله: استناد الكل إلى حكم عقد واحد م: (يكتفى في الكل بمهر واحد، فقبل المتاركة أو العزم لا تثبت العدة مع جواز وجود غيره، ش: فلا يكون الذي قبله أخيرا، وتقديره أن العدة لا تثبت إلا بآخر وطأة، لا يؤخذ إلا بالتفريق والعزم، والوطء الأخير لا يتوقف عليه لما قلنا: أنه يجوز أن يوجد غيره م: (ولأن التمكن) ش: دليل آخر، أي لأن التمكن من الوطء م:(على وجه الشبهة أقيم مقام حقيقة الوطء لخفائه) ش: أي لخفاء الوطء م: (ومساس الحاجة) ش: جواب عما يقال: لا نسلم أن حقيقة الوطء أمر خفي بالنسبة إلى الزوجين والحاجة إلى معرفة الزوجين، والحاجة إلى معرفة أيهما، فأجاب بقوله ومساس الحاجة م:(إلى معرفة الحكم في حق غيره) ش: أي غير الواطئ وغيره هو الزوج الذي يريد أن يتزوجها وأخت الموطوءة وأربع سواها.
م: (وإذا قالت المعتدة: انقضت عدتي وكذبها الزوج كان القول قولها مع اليمين، لأنها أمينة في ذلك) ش: أي في إخبارها بانقضاء عدتها لأن هذا لا يعلم إلا من جهتها م: (وقد اتهمت بالكذب فتحلف كالمودع) ش: بفتح الدال إذا ادعى الرد أو الهلاك وكذبه المودع بكسر الدال. وقال فخر الإسلام: إذا حلفت صدقت، معناه إن حلفت بطلت الرجعة، وإن نكلت لم تبطل، بل بقيت كما كانت. وقال الأترازي: وهذا ليس باستحلاف على الرجعة، بل على بقاء العدة، فلا يرد نقضا على أبي حنيفة يعني لا استحقاق عنده في الرجعة.
[طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا ثم تزوجها في عدتها فطلقها قبل الدخول]
م: (وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا، ثم تزوجها في عدتها فطلقها قبل الدخول بها فعليه مهر كامل، وعليها عدة مستقبلة، وهذا) ش: أي هذا الحكم المذكور م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف) ش: وإنما زاد هذا اللفظ أعني قوله: هذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، لأن هذه المسألة من مسائل
وقال محمد رحمه الله: لها نصف المهر، وعليها إتمام العدة الأولى؛ لأن هذا طلاق قبل المسيس فلا يوجب كمال المهر، ولا استئناف العدة وإكمال العدة الأولى إنما يجب بالطلاق الأول، إلا أنه لم يظهر حال التزوج الثاني، فإذا ارتفع بالطلاق الثاني ظهر حكمه، كما لو اشترى أم ولد ثم أعتقها،
ــ
[البناية]
القدوري، ولم يذكر فيها أبا حنيفة وأبا يوسف. وإنما قال: إذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا إلى قوله: وعليها عدة مستقبلة ثم قال مثل ما قال المصنف.
م: (وقال محمد: لها نصف المهر وعليها إتمام العدة الأولى) ش: وعند زفر يجب نصف المهر الثاني ولا عدة عليها، وعلى هذا الخلاف إذا تزوجت المرأة غير كفء ودخل بها وفرق القاضي بينهما بخصومة الولي وألزمه المهر وألزمها العدة، ثم تزوجها في عدتها بغير ولي ففرق القاضي بينهما قبل أن يدخل بها كان لها عليه المهر الثاني كاملا وعليها عدة مستقبلة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ولو كان تزوجها بعد انقضاء العدة كان لها نصف المهر في قولهم جميعا.
كذا ذكر الحاكم الشهيد في " الكافي " في باب الأكفاء. وفي " شرح الكافي " قوله: طلاقا بائنا، وكذا لو وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق ثم تزوجها في العدة، ثم قال: وصورتها أنها تزوجت بغير كفء، وقد ذكرناها الآن.
وفي " الذخيرة " هذه المسائل مبنية على أصل واحد وهو أن الدخول في النكاح الأول هل يكون دخولا في النكاح الثاني أم لا، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يكون، وهو رواية عن أحمد. م (لأن هذا طلاق قبل المسيس) ش: أي قبل الدخول والخلوة الصحيحة م: (فلا يوجب كمال المهر) ش: وكل طلاق هكذا لا يوجب كمال المهر بل هو منصف المهر بالنص م: (ولا استئناف) ش: أي ولا يوجب إليها استئناف م: (العدة) ش: لأن العدة لا تجب في الطلاق في الطلاق قبل المسيس بالنص أيضا.
م: (وإكمال العدة الأولى إنما يجب بالطلاق الأول، إلا أنه لم يظهر) ش: يعني إكمال العدة الأولى م: (حال التزوج الثاني) ش: لعدم اختلاط المياه م: (فإذا ارتفع) ش: أي التزوج الثاني م: (بالطلاق الثاني ظهر حكمه) ش: أي حكم الطلاق الأول، لأنه لما طلقها ثانيا بلا دخول فصار النكاح الثاني كالمعدوم، فيجب عليه إكمال العدة الأولى م:(كما لو اشترى أم ولده ثم أعتقها) ش: صورته رجل اشترى امرأته وهي أمة فولدت منه فسد النكاح وكانت حلالا له بالملك، فلا بأس بأن تتزين ولا تبقي الطيب لأنها غير معتدة في حقه، لأن العدة أثر النكاح، فلما كان الملك ينافي أثر النكاح، لكنها معتدة في حق غيره، حتى إذا أراد أن يزوجها من غيره ليس له ذلك، حتى تحيض حيضتين، فإن التفرقة بعد الدخول، فكانت معتدة في حق غيره. ثم إذا اعتقها بعد الشراء فعليها ثلاث حيض، لأنها صارت أم ولد حين اشتراها بعدما ولدت بالنكاح، وعلى أم
ولهما أنها مقبوضة في يده حقيقة بالوطأة الأولى، وقد بقي أثره، وهو العدة، فإذا جدد النكاح وهي مقبوضة ناب ذلك القبض عن القبض المستحق في هذا النكاح، كالغاصب يشتري المغصوب الذي في يده يصير قابضا بمجرد العقد، فوضح بهذا أنه طلاق بعد الدخول. وقال زفر رحمه الله: لا عدة عليها أصلا؛ لأن الأولى قد سقطت بالتزوج، فلا تعود، والثانية لم تجب، وجوابه ما قلنا.
ــ
[البناية]
الولد ثلاث حيض، لكنها تتقي الطيب والزينة في الحيضتين الأوليين استحسانا. وفي القياس ليس لها ذلك، لأن الحداد لم يلزمها عند وقوع الفرقة، فلا يلزمها بعد ذلك. وجه الاستحسان أن العدة وجبت عليها بالفرقة لكنها لم تظهر ذلك في حق المولى لكونها حلالا له بالملك، فظهرت بتلك العدة وحق المولى والعدة بعد الفرقة من نكاح صحيح يجب فيها الحداد، فأما في الحيضة الثالثة فلا حداد عليها، لأنها لم تجب بسبب النكاح بل بالعتق، ولا حداد على أم الولد.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أنها مقبوضة في يده) ش: أي أن أم الولد مقبوضة في يد مولاها م: (حقيقة بالوطأة الأولى) ش: إذ الوطء في هذا الباب بمنزلة القبض م: (وقد بقي أثره) ش: أي والحال أنه بقي أثر الوطء، والأول م:(وهو العدة، فإذا جدد النكاح وهي مقبوضة) ش: بالدخول في النكاح الأول م: (ناب ذلك القبض) ش: أي في الدخول الأول م: (عن القبض المستحق في هذا النكاح) ش: فإذا طلقها صار كأنه طلقها بعد الدخول في النكاح الثاني، فيجب عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة.
فإن قيل: لو كان الطلاق بعد النكاح الثاني كالنكاح بعد الدخول لكان صريحا معقبا للرجعة، كالطلاق الصريح بعد الدخول، وليس كذلك. فإن الواقع بائن.
أجيب: بأنه ليس بطلاق بعد الدخول، وإنما هو كالطلاق بعد الدخول، والمساواة للشيء لا يلزم أن يساويه في جميع الوجوه، ألا ترى أن الخلوة كالدخول في حق تكميل المهر ووجوب العدة لا فيما سواهما، حتى لو طلقها بعد الخلوة كان الواقع بائنا. م:(كالغاصب يشتري المغصوب الذي في يده يصير قابضا بمجرد العقد) ش: شبه الحكم المذكور بحكم الغاصب الذي اشترى المغصوب الذي في يده من المالك يصير قابضا بقبض الذي يتم به العقد م: (فوضح بهذا) ش: أي فظهر بما قررناه من الدليل م: (أنه) ش: أي هذا الطلاق م: (طلاق بعد الدخول) ش: تشبيها لا تحقيقا، بدليل قوله قبله ناب ذلك القبض عن القبض المستحق.
م: (وقال زفر: لا عدة عليها أصلا، لأن الأولى) ش: أي العدة الأولى م: (قد سقطت بالتزوج فلا تعود) ش: لأن الساقط لا يعود م: (الثانية) ش: أي العدة الثانية م: (لم تجب) ش: لأنه طلاق قبل الدخول م: (وجوابه ما قلنا) ش: أي جواب زفر ما قلنا من الدليل، وهو أنها مقبوضة في يده ببقاء أثر القبض، وهو العدة.