الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهما أن الإباحة لعلة الحاجة والشهر دليلها، كما في حق الآيسة والصغيرة، وهذا لأنه زمان تجدد الرغبة على ما عليه الجبلة السليمة، فصلح علما ودليلا، بخلاف الممتد طهرها لأن العلم في حقها إنما هو الطهر، وهو مرجو فيها في كل زمان، ولا يرجى مع الحبل.
وإذا
طلق الرجل امرأته في حالة الحيض
وقع الطلاق، لأن النهي عنه لمعنى في غيره، وهو ما ذكرناه فلا تنعدم مشروعيته، ويستحب له أن يراجعها لقوله صلى الله عليه وسلم
ــ
[البناية]
م: (ولهما ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أن الإباحة) ش: أي إباحة الطلاق م: (لعلة الحاجة) ش: أي باعتبار الحاجة م: (والشهر دليلها) ش: أي دليل الحاجة في حق الحامل م: (كما في حق الآيسة والصغيرة) ش: أي كما أنها دليل الحاجة في حقهما، لأن مدة الحمل مدة كاملة، ولهذا يلزمها الحد وأحكام العدة، فكانت كالشهور في حقهما م:(وهذا) ش: أي كون الشهر دليلًا في حق الآيسة والصغيرة م: (لأنه) ش: أي لأن الشهر م: (زمان تجدد الرغبة على ما عليه الجبلة السليمة) ش: إنما قال هذا لأن الشخص ربما لا يرغب في المرأة في أكثر من شهرين أو ثلاث بآفة عارضة في ذاته. أما الشخص السليم عن الآفة فلا بد أن يجدد الرغبة في المرأة في شهر فصلح للشهر دليلًا على الحاجة.
م: (فصلح) ش: أي الشهر م: (أن يكون علمًا ودليلًا) ش: على وجود الحاجة والحكم يدار على دليلها، فإذا وجد وجه على ما أبيح لأجله الطلاق، فيكون نكاحًا مباحًا م:(بخلاف الممتد طهرها) ش: هذا جواب عن قياس قول محمد، بيانه هو قوله م:(لأن العلم في حقها) ش: أي لأن العلم على الحاجة في حقها م: (هو الطهر) ش: بعد الحيض، يعني تجدد طهر يعقبه الحيض م:(وهو) ش: أي تجدد الطهر م: (مرجو فيها في كل زمان) ش: لأنه يمكن أن تحيض فتطهر، لأنها ليست يائسة ولا صغيرة م:(ولا يرجى) ش: أي تجدد الطهر م: (مع الحمل) ش: لأن الحامل لا تحيض، فإذا رأت دمًا لا يعتبر حيضها.
[طلق الرجل امرأته في حالة الحيض]
م: (وإذا طلق الرجل امرأته في حالة الحيض وقع الطلاق) ش: ويأثم بإجماع الفقهاء، وعند الشيعة وابن علية وهشام بن الحكم والظاهرية لا يقع م:(لأن النهي عنه) ش: أي عن الطلاق في حالة الحيض م: (المعنى في غيره، وهو ما ذكرناه) ش: وهو تطويل العدة ولاشتباه أمر العدة أوصله بالتدارك م: (فلا تنعدم مشروعيته) ش: لأن النهي إذًا لمعنى في غيره لا يعدم المشروعية كما عرف في الأصول، قيل: المراد بالنهي هاهنا المستفاد من ضد الأمر المذكور من قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1](الطلاق: الآية 1)، أي لإظهار عدتهن. وقيل: المراد بالنهي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231](البقرة: الآية 231) .
م: (ويستحب) ش: أي للرجل الذي طلق امرأته في حالة الحيض م: (أن يراجعها) ش: هذا لفظ القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وقال محمد في " الأصل ": وينبغي أن يراجعها م: (لقوله صلى الله عليه وسلم)
لعمر: «مر ابنك فليراجعها» ، وقد طلقها في حالة الحيض، وهذا يفيد الوقوع والحث على الرجعة، ثم الاستحباب. وقول بعض المشايخ. والأصح أنه واجب عملا بحقيقة الأمر رفعا للمعصية بالقدر الممكن برفع أثره
ــ
[البناية]
ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: (لعمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مر ابنك فليراجعها) ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة «عن عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: " مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر ". م: (فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرًا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله تعالى.»
وفي لفظ البخاري ومسلم «أنه طلق امرأته تطليقة واحدة وهي حائض» . قوله: مره أي مر من أمر يأمر أمرًا، بهمزتين، فحذفت الهمزة التي هي فاء الفعل للاستثقال، واستغنى عن همزة الوصل فحذفت أيضًا، فصار مر على وزن عل والكاف في قوله: ابنك خطابًا لعمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وابنه عبد الله.
م: (وقد طلقها) ش: الواو للحال، أي والحال أن ابن عمر قد كان طلق امرأته م:(في حالة الحيض) ش: وكان طلقها واحدة كما في الذي ذكرناه م: (وهذا) ش: إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم " فليراجعها " م: (يفيد الوقوع) ش: أي وقوع الطلاق إذ لا يتصور الرجعة بدون الوقوع م: (والحث) ش: أي ويفيد الحث م: (على المراجعة) ش: أي على أن يراجعها.
م: (ثم الاستحباب) ش: أي استحباب الرجعة م: (وقول بعض المشايخ) ش: وبه قال الشافعي وأحمد م: (والأصح أنه) ش: أي أن المراجعة أو الرجعة ذكر الضمير على تأويل الرجوع م: (واجب عملًا بحقيقة الأمر) ش: لأن مطلق الأمر للوجوب حقيقة. قال الأترازي: قال " صاحب الهداية " والأصح أنه واجب، ولأن فيه نظر محمدًا لم يذكر في الأصل لفظ الوجوب، بل قال: ينبغي له أن يراجعها.
قال في " الأصل ": وإذا طلق الرجل امرأته وهي حائض فقد أخطأ السنة، والطلاق واقع عليها، فينبغي أن يراجعها، وشمس الأئمة نقل في " المبسوط " لفظ محمد كذلك، ولم يذكر الوجوب، ثم قال الأترازي: نعم يحتمل أن تكون الرجعة واجبة، لأن الأمر بالمراجعة مطلق، ومطلق الأمر يدل على الوجوب انتهى، قلت: أراد الأترازي بقوله: التصرف فقط، إذ لا حاجة للتنظير فيه ولا للاعتذار بعد ذلك.
م: (ورفعًا للمعصية) ش: أي ولأجل رفع المعصية لأن إيقاع الطلاق في الحيض معصية والسبيل في رفع المعاصي برفعها م: (بالقدر الممكن) ش: أي بقدر ما أمكن كالبيع الفاسد، والنكاح الفاسد م:(برفع أثره) ش: أي يرفع أثر المعصية، وذكر الضمير على تأويل العصيان والمعصية
وهو العدة، ودفعا لضرر تطويل العدة. قال: فإذا طهرت وحاضت ثم طهرت فإن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها، قال رضي الله عنه: وهكذا ذكر في " الأصل "، وذكر الطحاوي رحمه الله أنه يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة الأولى. قال أبو الحسن الكرخي ما ذكر الطحاوي قول أبي حنيفة، وما ذكر في " الأصل " قولهما ووجه المذكور في " الأصل " أن السنة أن يفصل بين كل طلاقين بحيضة، والفاصل هاهنا بعض الحيضة، فتكمل بالثانية ولا تتجزأ، فتتكامل. وجه القول الآخر أن أثر الطلاق قد انعدم بالمراجعة، فصار كأنه لم يطلقها في الحيض، فيسن تطليقها في الطهر الذي يليه.
ــ
[البناية]
الطلاق في حالة الحيض م: (وهو) ش: أي أثره هو م: (العدة) ش: أي أثر الطلاق الذي هو سببه هو العدة م: (ودفعًا لضرر تطويل العدة) ش: أي ولأجل رفع الضرر بطول العدة عليها يرفعها بالمراجعة.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: م: (فإذا طهرت) ش: أي بعد المراجعة م: (وحاضت ثم طهرت، فإن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها قال) ش: أي المصنف رحمه الله: م: (هكذا ذكر في الأصل) ش: أي هكذا ذكر محمد في " المبسوط "، لأنه قال فيه: فإذا طهرت من حيضة أخرى طلقها واحدة قبل الجماع. وهذا يدل على أن الطهر الذي يقع في الطلاق هو الطهر الذي بعد حيضة أخرى، لا الطهر بعد حيضة أوقع فيها الطلاق. قال المصنف: م: (وذكر الطحاوي أنه يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة الأولى. قال أبو الحسن الكرخي ما ذكره الطحاوي قول أبي حنيفة، وما ذكره في الأصل قولهما) ش: أي قول أبي يوسف ومحمد. وفي " الكافي ": هو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة، وبه قال الشافعي في المشهور عنه ومالك وأحمد، وما ذكره الطحاوي برواية عن أبي حنيفة. وبه قال الشافعي في وجه.
م: (ووجه المذكور في الأصل أن السنة أن يفصل بين كل طلاقين بحيضة، والفاصل هاهنا بعض الحيضة فتكمل بالثانية ولا تتجزأ) ش: أي الحيضة الثانية م: (فتتكامل. وجه القول الآخر) ش: أراد به ما ذكره الطحاوي م: (أن أثر الطلاق قد انعدم بالمراجعة، فصار كأنه لم يطلقها في الحيض، فيسن تطليقها في الطهر الذي يليه) ش: أي يلي الحيض.
واعلم أن المصنف بين وجه القولين المذكورين بالمعاني الفقهية، ولم يرجع إلى الحديث المروى في الباب، لأن كل واحدة من الروايتين مروية في الحديث. فروى البخاري بإسناده إلى نافع «عن عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مر ابنك فليراجعها
…
» الحديث، وقد ذكرناه عن قريب، وهذا يدل على رواية الأصل. وروى الترمذي في " جامعه " بإسناده إلى سالم «عن ابن عمر أنه عليه السلام قال: مره فليراجعها»
الحديث.