الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الكفارة قال: و
كفارة الظهار
عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا؛ للنص الوارد فيه، فإنه يفيد الكفارة على هذا الترتيب. قال: وكل ذلك قبل المسيس، وهذا في الإعتاق والصوم ظاهر للتنصيص عليه، وكذا في الإطعام، لأن الكفارة فيه منهية للحرمة فلا بد من تقديمها على الوطء ليكون الوطء حلالا.
قال: وتجزئ في العتق الرقبة الكافرة، والمسلمة، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير؛ لأن اسم الرقبة يطلق على هؤلاء،
ــ
[البناية]
[فصل في بيان أحكام الكفارة] [
كفارة الظهار]
م: (فصل في الكفارة) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام الكفارة، ولما ذكر حكم الظهار وهو حرمة الوطء ودواعيه إلى نهايته ذكر في هذا الفصل ما تنتهي تلك الحرمة، وهو الكفارة، والكفارة عبارة عن الفعلة إذ الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة أي تسترها وتمحوها على وزن فعالة للمبالغة كقتالة وقرابة، وهي من الصفات الغالبة في باب الاسمية. وأصل اشتقاقه من الكفر وهو الستر، ومنه الكافر لأنه يستر الإيمان ويظهر الكفر والزارع أيضا، لأنه يستر الحب في الأرض.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في "مختصره" م: (وكفارة الظهار عتق رقبة) ش: أي إعتاق رقبة، إذ العتق لا ينوب عن الكفارة حتى لو [
…
] إياه ونوى الكفارة لا يخرج عن العهدة م: (فمن لم يجد) ش: أي رقبة م: (فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع) ش: أي الصيام م: (فإطعام ستين مسكينا للنص الوارد فيه) ش: وهو قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] إلى قَوْله تَعَالَى {سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4](المجادلة: الآية 3) م: (فإنه) ش: أي فإن النص م: (يفيد الكفارة) ش: أي كفارة الظهار م: (على هذا الترتيب) ش: دون التخيير، لأن الله تعالى ذكرها بحرف الفاء، وهي للترتيب.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م: (وكل ذلك قبل المسيس) ش: أي كل ما ذكر من الإعتاق والصيام والإطعام قبل الوطء م: (وهذا) ش: أي الترتيب م: (في الإعتاق والصوم ظاهر للتنصيص عليه) ش: لأن الله تعالى قال {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] م: (المجادلة: الآية 3) ش: م: (وكذا في الإطعام؛ لأن الكفارة فيه) ش: أي في الإطعام م: (منهية للحرمة) ش: الثابتة بالظهار والقرب جميعا م: (فلا بد من تقديمها) ش: أي تقديم الكفارة م: (على الوطء ليكون الوطء حلالا) ش: لأنه لو حل الوطء قبل الكفارة بالإطعام لم يكن المنهي منهيا، وهو فاسد. وفي "شرح مختصر الكرخي " وقال مالك: يجوز الإطعام قبل المسيس، وبه قال داود.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - م: (وتجزئ في العتق الرقبة الكافرة والمسلمة، والذكر والأنثى، والصغير والكبير؛ لأن اسم الرقبة يطلق على هؤلاء) ش: لأنه ليس فيه تقييد بصفة
إذ هي عبارة عن الذات المملوك المرقوق من كل وجه والشافعي رحمه الله يخالفنا في الكافرة، وهو يقول: الكفارة حق الله تعالى، فلا يجوز صرفها إلى عدو الله كالزكاة، ونحن نقول المنصوص عليه إعتاق الرقبة وقد تحقق، وقصده من الإعتاق التمكن من الطاعة ثم مقارفته المعصية يحال به إلى سوء اختياره.
ــ
[البناية]
دون صفة، فيجوز الكل م:(إذ هي) ش: أي الرقبة م: (عبارة عن الذات المملوك المرقوق من كل وجه) ش: اعترض على المصنف هنا من وجهين، أحدهما: في قوله المملوك بالتذكير، لأن الذات مؤنثة، ولا يجوز تذكيرها، والصواب عن الذات المرقوقة. والجواب أن الذات تستعمل استعمال النفس والشيء. وعن أبي سعيد كل شيء ذات، وكل ذات شيء، تذكيره باعتبار المعنى الثاني.
الوجه الآخر: أن المحفوظ عن أئمة اللغة استرق العبد اتخذه رقيقا ولم يسمع رقه حتى يشتق منه المرقوق، وإنما يقال رق فلان أي صار رقيقا، أي عبدا. والجواب عنه أن الأزهري حكى عن ابن السكيت أنه جاء عبد مرقوق، وكلاهما ثقة. وقال تاج الشريعة: ووجهه أن يكون من رق له إذا رحمه فهو مرقوق له، ثم حذفت الصلة كما في المندوب.
واعلم أن قوله من كل وجه يتعلق بالمرقوق دون المملوك، لأن الكمال في الرق شرط دون الملك، ولهذا لو أعتق المكاتب الذي يرد شيئا صح عن الكفارة، ولو أعتق المدبر لم يصح، لأن الرق فيه ناقص.
م: (والشافعي يخالفنا في الكافرة) ش: فإنها لا تجزئ في كفارة الظهار عنده، وبه قال مالك وأحمد، إلا أن مالكا يقول بجواز إعتاق المجوسي عنها لما أنه يجبر على الإسلام عنده فيحصل الإسلام بعده بالإكراه عليه م:(وهو) ش: أي الشافعي م: (يقول الكفارة حق الله فلا يجوز صرفها إلى عدو الله كالزكاة) ش: أي كما لا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر لأنه عدو الله، وفي بعض النسخ م:(فلا يجوز صرفه) ش:، أي صرف حق الله تعالى.
م: (ونحن نقول المنصوص عليه إعتاق الرقبة، وقد تحقق) ش: لأن المطلق عبارة عن المنصوص للذات دون الصفات وقد تحقق، لأنه ليس فيه بأس على الإيمان والكفر م:(وقصده من الإعتاق التمكن من الطاعة) ش: هذا جواب عن قول الشافعي الكفارة حق الله تعالى، تقديره أن قصد المكفر بالإسلام هو أن يتمكن المعتق من الطاعة بخلوصه عن خدمة المولى م:(ثم مقارفته) ش: بالقاف بعد الميم، أي ثم ارتكابه م:(المعصية يحال به إلى سوء اختياره) ش: الضمير في به يرجع إلى المقارفة على تأويل الاقتراف والكسب، لأن المقارفة تمنع الاقتراف، وهو كسب السيئة.
ثم توضيح معنى هذا الكلام أن يقال تحرير الكافر ليس بسيئة من وجه، بل هو حسنة من كل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وجه، لأنه تخليصه من الرق وتمكينه من الطاعة والنظر في محاسن الإسلام، لأنه أحسن إليه، فإن لم يفعل ذلك فهو من سوء اختياره، فلا يضاف ذلك إلى المولى.
ولقائل أن يقول مقارفة المعصية يحال به سوء اختياره، لكن لم لا يكون قصور ذلك منه مانعا عن الصرف إليه كما في الزكاة. والجواب أن القياس جواز صرف الزكاة إليه أيضا، لأن فيه مواساة عباد الله، لكن قوله عليه السلام «خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم» أخرجهم عن المصرف، وقد أطال الشراح هنا بذكر دلائل من جهة الخصم وردها من جهتنا فنذكرها ملخصة:
فقالوا الكفارة مطهرة، والكافر غير أهل لذلك، قال الله تعالى {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] (البقرة: الآية 267) ، ولا خبث أشد من الكفر، ولهذا لا يجوز كفارة المرتد، لأن الإيمان شرط في كفارة القتل بالنص والإجماع، فكذا في سائر الكفارات، لأنها جنس واحد، ولأن المطلق يحمل على المقيد في جنس واحد ولأنا أمرنا بعتق رقبة حي قائم من كل وجه، ولهذا الذمي والكافر ميت، قال الله تعالى {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122] (الأنعام: الآية 122) ولأن الكفارة حسنة، وإعتاق الكافر سيئة لما فيه من تفريغ باله لعبادة الأوثان، ولأنه «عليه السلام قال لمعاوية بن الحكم حين أتي بجارية مجوسية وقال يا رسول الله علي رقبة فأعتقها عنه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أين الله" فأشارت إلى السماء، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة» ، رواه مسلم والنسائي، وما سأل عن سبب وجوب الكفارة، فدل أن الإيمان شرط في الجميع، ولأنه لا يجوز التقرب إلى الله بعتق أعدائه، ولأن العمل بالقيد عمل بالدليلين، لأن المطلق جزء المقيد.
قلنا: جواز المؤمنة باعتبار أنها رقبة لا لأنها مؤمنة، وكذا الكافرة كما في الكبيرة والصغيرة وبينهما تضاد، والمرتد ممنوع يجوز عند بعض مشايخنا، وعند البعض لا يجوز، لأنه مستحق القتل، حتى يجوز بالمرتد بلا خلاف، وتقييده بالإيمان زيادة على النص، وهي نسخ ولا يجوز تقييده بالقياس على كفارة القتل أيضا، لأنه قياس المنصوص على المنصوص، فلا يجوز ذلك للزوم اعتقاد النقض فيما تولى الله بيانه، ولا يحمل المطلق على المقيد إذا أمكن العمل بها، وإطلاق الميت على الكافر مجاز، فإنه لو قال كل مملوك لي حي حر عتق جميع عبيده الكفار بالإجماع.
والقول بأن إعتاق الكافر سيئة غير مستقيم لصحة النذر به. ولأنه تعاون على البر والتقوى كما ذكر عن قريب. وحديث معاوية بن الحكم مؤول عند الثقات، فإن فيه السؤال عن مكان الله وهو محال على الله عز وجل، أو نقول الحديث محمول على كفارة القتل بدليل قوله إن على رقبة مؤمنة في رواية أخرى، وقولهم لا يجوز التقرب إلى الله تعالى بعتق أعدائه مخالف
ولا تجزئ العمياء، ولا المقطوعة اليدين أو الرجلين من خلاف؛ لأن الفائت جنس المنفعة وهي البصر أو البطش أو المشي، وهو المانع، أما إذا اختلت المنفعة فهو غير مانع، حتى يجوز العوراء أو مقطوعة إحدى اليدين وإحدى الرجلين من خلاف؛ لأنه ما فات جنس المنفعة بل اختلت، بخلاف ما إذا كانتا مقطوعتين من جانب واحد حيث لا يجوز لفوات جنس منفعة المشي، إذ هو عليه متعذر، ويجوز الأصم، والقياس أن لا يجوز، وهو رواية " النوادر "، لأن الفائت جنس المنفعة إلا أنا استحسنا الجواز، لأن أصل المنفعة باق، فإنه إذا صيح عليه سمع، حتى لو
ــ
[البناية]
للنص، قال الله تعالى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} [الممتحنة: 8] إلى قوله {أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8](الممتحنة: الآية 8) فإنه تعالى ما نهانا عن الإحسان إليهم، ولهذا يصح النذر بإعتاق العبد الكافر، وقد جوزت المالكية إعتاق المجوسي والصابئين، ولم يجوز أهل الكتاب.
وقولهم العمل بالمقيد عمل بالدليلين وهو باطل، لأن الإطلاق ضد التقييد فلا يكون العمل بالمقيد عملا بالمطلق، إذ في الإطلاق توسعه بعتق أي رقبة شاء وفي التقييد تضييق.
فإن قلت: المقيد بمنزلة البيان للمطلق قلت: هذا فاسد لأن المطلق لا يحتاج إلى البيان، إذ العمل بإطلاقه ممكن.
م: (ولا تجزئ العمياء، ولا مقطوعة اليدين أو الرجلين من خلاف) ش: المراد من العمياء الرقبة العمياء، وهي تشمل الذكر والأنثى جميعا، لا الأمة العمياء، لأن عدم الجواز لا باعتبار الأنوثة، بل باعتبار فوات جنس المنفعة م:(لأن الفائت جنس المنفعة) ش: وهو ما ثبت في هذه الصور م: (وهو البصر) ش: من العمياء م: (أو البطش أو المشي) ش: في مقطوعة الرجلين م: (أو البطش) ش: في مقطوعة اليدين م: (وهو المانع) ش: أي فائت جنس المنفعة هو المانع.
م: (أما إذا اختلت المنفعة) ش: أي جنس المنفعة م: (فهو غير مانع حتى يجوز العوراء أو مقطوعة إحدى اليدين وإحدى الرجلين من خلاف؛ لأنه ما فات جنس المنفعة بل اختلت) ش: أي المنفعة وجنسها باق، ولا خلاف للأئمة الأربعة وأصحابهم أنه لا يجزئ عن الكفارة في عيب يفوت به جنس المنفعة. وعن إبراهيم النخعي والشعبي أن عتق الأعمى جائز. وعن ابن جريج يجزئ الأشل. وعند داود وأصحابه لا يمنع شيء من العيوب.
م: (بخلاف ما إذا كانتا) ش: أي اليدان والرجلان م: (مقطوعتين من جانب واحد، حيث لا يجوز لفوات جنس منفعة المشي) ش: وكذا منفعة البطش م: (إذ هو) ش: أي المشي م: (عليه متعذر) ش:، وكذا البطش. وكذا لا يجوز إذا كان من كل يد ثلاثة أصابع مقطوعة م:(ويجوز الأصم) ش: في الاستحسان م: (والقياس أن لا يجوز، وهو رواية النوادر؛ لأن الفائت جنس المنفعة. إلا أنا استحسنا الجواز) ش: أي جواز الأصم م: (لأن أصل المنفعة باق، فإنه إذا صيح عليه سمع، حتى لو