الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وإذا تزوج النصراني نصرانية على ميتة، أو على غير مهر، وذلك في دينهم جائز، ودخل بها، أو طلقها قبل الدخول بها، أو مات عنها؛ فليس لها مهر، وكذا الحربيان في دار الحرب، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وهو قولهما في الحربيين، وأما في الذمية فلها مهر مثلها إن مات عنها، أو دخل بها، والمتعة إن طلقها قبل الدخول بها. وقال زفر رحمه الله: لها مهر المثل في الحربيين أيضا. له أن الشرع ما شرع ابتغاء النكاح إلا بالمال، وهذا الشرع وقع عاما،
ــ
[البناية]
[فصل تزوج النصراني نصرانية على ميتة أو على غير مهر]
م: (فصل) ش: لفظ فصل مهما يكتب هكذا لا يكون معربا؛ لأن الإعراب يقتضي التركيب، ومهما وصل بشيء مما بعد يكون معربا. ولما فرغ من بيان أنكحة المسلمين شرع في بيان أنكحة أهل الذمة.
م: (وإذا تزوج النصراني نصرانية) ش: هذا القيد اتفاقي، لأن الحكم في كل أهل الذمة هكذا، ولهذا ذكر في " المبسوط " بلفظ الذمي م:(على ميتة، أو على غير مهر) ش: أي وتزوجها على غير مهر، وكذا لو تزوج على دم.
م: (وذلك) ش: أي وتزوجها على هذا الوجه والواو للحال م: (في دينهم جائز، ودخل بها، أو طلقها قبل الدخول بها، أو مات عنها؛ فليس لها مهر) ش: أي مهر المثل، حتى لو ترافعا إلى القاضي لا يقضي بشيء.
م: (وكذلك) ش: أي الحكم إذا زوج م: (الحربيان في دار الحرب، وهذا) ش: أي عدم وجوب المهر م: (عند أبي حنيفة وهو) ش: أي عدم وجوب المهر م: (قولهما) ش: أي قول أبي يوسف، ومحمد، أي قولهما.
م: (في الحربيين) ش: كقول أبي حنيفة م: (وأما في الذمية) ش: أي وأما الحكم في الذمية إذا تزوجت ذميا م: (فلها مهر مثلها) ش: أي عندهما م: (إن مات) ش: أي الذي م: (عنها، أو دخل بها. والمتعة) ش: أي ولها المتعة.
م: (إن طلقها قبل الدخول بها) ش: يعني إذا ترافعا إلينا، أو أسلما، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد م:(وقال زفر: لها مهر المثل في الحربيين أيضا. له) ش: أي لزفر م: (أن الشرع ما شرع ابتغاء النكاح إلا بالمال) ش: قال الله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24](النساء: الآية 24)، م:(وهذا الشرع) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا} [النساء: 24] م: (وقع عاما) ش: لأنه صلى الله عليه وسلم بعث إلى الكل.
فيثبت الحكم على العموم. ولهما أن أهل الحرب غير ملتزمين أحكام الإسلام، وولاية الإلزام منقطعة لتباين الدارين، بخلاف أهل الذمة؛ لأنهم التزموا أحكامنا فيما يرجع إلى المعاملات كالربا والزنا، وولاية الإلزام متحققة لاتحاد الدار. ولأبي حنيفة رحمه الله أن أهل الذمة لا يلتزمون أحكامنا في الديانات، وفيما يعتقدون خلافه في المعاملات، وولاية الإلزام متحققة بالسيف وبالمحاجة، وكل ذلك منقطع عنهم باعتبار عقد الذمة، فإنا أمرنا بأن نتركهم وما يدينون فصاروا كأهل الحرب،
ــ
[البناية]
قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158](الأعراف: الآية 158) . وقال صلى الله عليه وسلم: «بعثت إلى الأسود والأحمر» ، أي العرب والعجم، ولأن هذا الدين ناسخ الأديان كلها م:(فيثبت الحكم على العموم) ش: لأن النكاح من باب المعاملات، والكفار مخاطبون بالمعاملات.
م: (ولهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد م: (أن أهل الحرب غير ملتزمين أحكام الإسلام) ش: لأن الالتزام بعقد الذمة قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قبلوا عقد الذمة فلهم ما للمسلمين» م: (وولاية الإلزام منقطعة لتباين الدارين) ش: أي دار الإسلام، ودار الكفر ولا إلزام إلا بالولاية م:(بخلاف أهل الذمة؛ لأنهم التزموا أحكامنا فيما يرجع إلى المعاملات كالزنا والربا) ش: فإنهم ينهون عن ذلك، ويقام عليهم الحد.
م: (وولاية الإلزام متحققة لاتحاد الدار، ولأبي حنيفة أن أهل الذمة لا يلتزمون أحكامنا في الديانات) ش: أي لا يلزم أهل الذمة المعاملات، أي وكذا لا يلزمون أحكامنا.
م: (وفيما يعتقدون خلافه في المعاملات) ش: كالنكاح بغير شهود وبيع الخمر والخنزير، والضمير في خلافه يرجع إلى ما يعتقدون، أي لا يلزمون أحكامنا في الشيء الذي يعتقدون خلاف ذلك الشيء لما أنا نفتقد حرمة النكاح بغير شهود، وهم يعتقدون خلاف ذلك.
م: (وولاية الإلزام) ش: هذا جواب في قولهما وولاية الإلزام م: (متحققة) ش: بيانه: أن ولاية الإلزام إنما تتحقق م: (بالسيف بالمحاجة) ش: ليست بموجودة م: (وكل ذلك ينقطع عنهم باعتبار عقد الذمة، فإنا أمرنا أن نتركهم وما يدينون فصاروا كأهل الحرب) ش: وفي عدم الالتزام
بخلاف الزنا لأنه حرام في الأديان كلها، والربا مستثنى من عقودهم لقوله عليه السلام:«إلا من أربى فليس بيننا وبينه عهد» . وقوله في الكتاب: أو على غير مهر يحتمل نفي المهر ويحتمل السكوت
ــ
[البناية]
وانقطاع الولاية.
م: (بخلاف الزنا؛ لأنه حرام في الأديان) ش: جواب عن قولهما كالزنا، بيانه أن القياس عليه غير صحيح، لأنه حرام في الأديان م:(كلها) ش: فلم يكن دينهم خاصة حتى يتركون عليه، م:(والربا) ش: كذلك جواب عن قولهما: والربا بيانه أن الربا م: (مستثنى من عقودهم لقوله عليه السلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: م: «إلا من أربى فليس بيننا وبينه عهد» ش: هذا حديث غريب، وذكره الأكمل، وسكت عنه غير أنه قال:" إلا " حرف تنبيه، لا حرف الاستثناء، كذا في السماع والنسخ.
قلت: هذا عجيب منه؛ لأن من ذكر أنه حرف استثناء حتى يرده مؤكدا بقوله: وكذا السماع والنسخ؟! وأعجب منه أيضا قول الأترازي: هو حرف تنبيه لا حرف استثناء، كذا وقع السماع مراراً بفرغانة وبخارى، وكذا سكت عنه بقية الشراح، وهما أيضاً لو سكتا لكان أوجه.
وروى ابن أبي شيبة في "مصنفه " - في باب ذكر أهل نجران - حدثنا غيلان، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا خالد بن سعيد، عن الشعبي قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران وهم نصارى: «من باء منكم بالربا فلا ذمة له» ، وهو مرسل، وروى أبو عبيد في كتاب " الأموال " بإسناده، عن أبي المليح الهذلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل نجران
…
الحديث وفيه: " لا يأكل الربا، فمن أكل منهم الربا فمتى يلزم يريد ".
م: (وقوله:) ش: أي قول محمد م: (في الكتاب) ش: أي في " الجامع الصغير "، أي على غير مهر هذا قد مضى في أول الفصل، وإنما ذكره لبيان أن المسألة من مسائل " الجامع الصغير "، ولبيان التفصيل في قوله: م: (أو على غير مهر؛ لأنه يحتمل نفي المهر ويحتمل السكوت) ش: بأن يعقد أن يسكتا عن ذكر المهر.
وقال صدر الشهيد: في " شرح الجامع الصغير ": فالنفي على الاختلاف لا محالة، فأما السكوت فإنه يرجع فيه إلى دينهم، فإن دانوا أنه لا يجب إلا بالنص عليه كان على الاختلاف، وإن دانوا أنه يجب إلا أن ينفي فإنه يجب عند السكوت بالإجماع.