الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان
ولو
قال أنت طالق غدا
، وقع عليها الطلاق بطلوع الفجر، لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد، وذلك بوقوعه في أول جزء منه، ولو نوى به آخر النهار يصدق ديانة لا قضاء لأنه نوى التخصيص في العموم وهو يحتمله لكنه يخالف الظاهر ولو قال أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم فإنه يؤخذ بأول الوقتين الذي تفوه به، فيقع في الأول في اليوم، وفي الثاني في الغد لأنه لما قال اليوم كان منجزا، والمنجز لا يحتمل الإضافة،
ــ
[البناية]
[فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان][قال أنت طالق غدا]
م: (فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان) ش: أي هذا فصل في بيان حكم إضافة الطلاق إلى الزمان، ذكر هنا فصولًا مترادفة بحسب إضافة الطلاق وتنويعه وتشبيهه، وإضافة الطلاق تأخير حكمه عن وقت الحكم إلى زمان يذكر بعده بغير كلمة الشرط.
م: (ولو قال: أنت طالق غدًا وقع عليها الطلاق بطلوع الفجر، لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد، وذلك بوقوعه في أول جزء منه) ش: أي من الغد وهو طلوع الفجر، لأن الغد يتحقق في ذلك الوقت م:(ولو نوى به) ش: أي بقوله غدًا م: (آخر النهار يصدق ديانة) ش: أي لاحتمال كلامه ذلك م: (لا قضاء) ش: أي لا يصدق قضاء في الحكم.
م: (لأنه نوى التخصيص في العموم، وهو يحتمله) ش: أي يحتمل الخصوص فيصدق ديانة، كما لو قال لا أكل طعامًا ونوى طعامًا دون طعام م:(لكنه يخالف الظاهر) ش: لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد، وذلك بوقوعه في أوله، وفيه تخفيف عليه فلا يصدقه القاضي.
ولقائل أن يقول العام ما يتناول أفراد متفقة الحدود ولفظ الغد ليس كذلك، وما يتوهم فيه من الطول والوسط، والآخر فهو من أجزائه لا من أفراده، وحينئذ لا تكون النية آخر النهار، فلا عموم ولا تخصيص. والجواب أن المراد الحقيقة والمجاز، فإن إطلاق لفظ الكل وإرادة الجزء مجاز لا محالة.
م: (ولو قال: أنت طالق اليوم غدًا، أو غدًا اليوم يؤخذ بأول الوقتين الذي تفوه به) ش: أي تكلم به م: (فيقع في الأول) ش: أي في الوجه الأول، وهو قوله أنت طالق اليوم غدًا م:(في اليوم وفي الثاني) ش: وهو قوله أنت طالق غدًا اليوم.
م: (في الغد، لأنه لما قال اليوم كان منجزًا، والمنجز لا يحتمل الإضافة) ش: فكان قوله غدًا لغوًا، وبقولنا قال الشافعي، وحكي عنه في قوله أنت طالق غدًا اليوم وجهان، أصحهما، أنه لا يقع في الحال شيء ويقع واحدة غدًا، كقولنا. والثاني أن الحكم فيه كما لو قال أنت طالق اليوم غدًا.
ولو قال غدا كان إضافة، والمضاف لا ينجز لما فيه من إبطال الإضافة فلغا اللفظ الثاني في الفصلين. ولو قال أنت طالق في غد، وقال نويت آخر النهار دين في القضاء عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: لا يدين في القضاء خاصة، لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد، فصار بمنزلة قوله غدا؛ على ما بيناه، ولهذا يقع في أول جزء منه عند عدم النية، وهذا لأن حذف (في) وإثباته سواء، لأنه ظرف في الحالين. ولأبي حنيفة رحمه الله أنه نوى حقيقة كلامه، لأن كلمة (في) للظرف، والظرفية لا تقتضي الاستيعاب وتعيين الجزء الأول ضرورة عدم المزاحم فإذا عين آخر النهار كان التعيين القصدي أولى بالاعتبار من الضروري، بخلاف قوله غدا،
ــ
[البناية]
م: (ولو قال: غدًا كان إضافة، والمضاف لا ينجز لما فيه من إبطال الإضافة، فلغا اللفظ الثاني في الفصلين) ش: في قوله أنت طالق اليوم غدًا، وقوله غدًا اليوم، فإن قيل لم لم يجعل غدًا ظرفًا لطلاق آخر.
وأجيب: بأنه يحتاج إلى تقدير أنت طالق، والأصل خلافه فلا يصار إليه في غير موضع الضرورة، وفيه نظر، لأن صون كلام العاقل عن الإلغاء نوع ضرورة، والأولى أن يقال وصفها بالطلاق اليوم وغدًا، وبالطلقة الواحدة يحصل هذا المقصود، فلا حاجة إلى غيرها، فعلى هذا كان كلامه مصونًا عن الإلغاء.
فإن قيل هذا لا يتم في الصورة الثانية وهو قوله أنت طالق غدًا اليوم، لأنه وصفها بالطلاق غدًا، والموصوف به غدًا لا يكون موصفًا به اليوم. أجيب: بأن إيقاع الثانية فيها مفض إلى المكروه، وهو إيقاع الطلقتين دفعة واحدة، لا ينتفي لإثباتها، فيكون الثاني لغوًا.
م: (ولو قال: أنت طالق في غد، وقال: نويت آخر النهار دين في القضاء عند أبي حنيفة، وقالا يدين في القضاء خاصة، لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد، فصار بمنزلة قوله غدًا على ما بيناه) ش: هو أنه تخصيص العموم، وهو خلاف الظاهر فلا يصدق قضاء ويصدق ديانة، م:(ولهذا) ش: أي ولأجل كونه وضعها بالطلاق في جميع الغد م: (يقع) ش: أي الطلاق م: (في أول جزء منه) ش: أي من الغد م: (عند عدم النية وهذا) ش: أي وقوع الطلاق في أول جزء منه عند عدم النية م: (لأن حذف م: (في) ش: وإثباته سواء لأنه ظرف في الحالين) ش: أي: الحذف والإثبات. م: (ولأبي حنيفة أنه نوى حقيقة كلامه) ش: لأنه لما قال في الغد جعل الغد ظرفا م: (لأن كلمة م: (في) ش: للظرف، والظرفية لا تقتضي الاستيعاب) ش: أي استيعاب المظروف، كقولنا: زيد في الدار يقتضي وجوده في جزء من أجزاء الظرف، وقد يشغل جميع المظروف، فكان كلامه محتملًا للوجهين م:(وتعيين الجزء الأول ضرورة عدم المزاحم، فإذا عين آخر النهار كان التعيين القصدي) ش: من المعين م: (أولى بالاعتبار من الضروري، بخلاف قوله غدًا) ش: يعني إذا قال غدًا بدون ذكر كلمة (في)