الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن تزوج امرأة على هذا الدن من الخل، فإذا هو خمر فلها مهر مثلها عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لها مثل وزنه خلا، وإن تزوجها على هذا العبد فإذا هو حر يجب مهر المثل عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: تجب القيمة:
لأبي يوسف أنه أطمعها مالا وعجز عن تسليمه فتجب عليه قيمته أو مثله إن كان من ذوات الأمثال، كما إذا هلك العبد المسمى قبل التسليم وأبو حنيفة رحمه الله يقول: اجتمعت الإشارة والتسمية، فتعتبر الإشارة لكونها أبلغ في المقصود وهو التعريف،
ــ
[البناية]
في حق المسلم؛ لأن المال يقع فيه شح القسمة، والخمر بهذه المثابة. فإن تزوج المرأة على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر فلها مهر مثلها عند أبي حنيفة وقالا: لها مثل وزنه خلاً، وبه قال أحمد والشافعي في قول وفي قول آخر كقول أبي حنيفة م:(وإن تزوجها على هذا العبد فإذا هو حر) ش: أي ظهر أنه حر م: (يجب مهر المثل عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: تجب القيمة) ش: وقول أبي يوسف أولاً في مسألة الحر مثل قولهما، كذا ذكر الحاكم الشهيد في " الكافي " وشمس الأئمة السرخسي في "شرحه "، وكذلك لو تزوجها على شاة ذكية فظهرت ميتة فالخلاف فيها كالخلاف في الحر.
[تزوجها على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر]
وفي " جوامع الفقه ": م: (إذا تزوجها على هذا الدن من الخل) ش: أو على هذه الذكية، م:(فإذا هو خمر) ش: أو ميتة يجب مهر المثل فيهما عند أبي حنيفة، وعندهما يجب فيه خلاً أو ذكية أو قيمتها، ولم يذكر القيمة غيره.
وفي العبد إذا ظهر حراً يجب مهر المثل عندهما، وعند أبي يوسف قيمته إذا لم يعلمها بكونه حراً، وإن علما يجب مهر المثل اتفاقاً. وإن قال: على هذا الثوب الهروي فإذا هو مروي فعند أبي حنيفة يجب ثوب هروي مجردة، ولم يذكر قول أبي يوسف.
ولو قال على هذا القفيز من الحنطة فإذا هي شعير، أو على هذا الخل، فإذا هو زيت يجب المسمى بقدره عند أبي حنيفة، وعن محمد يجب الشعير، قال: والظاهر أنه يجب عنده مهر المثل، ولو قال: على هذا الفرق من السمن، وليس فيه شيء يجب لها مثل ذلك من السمن. ولو قال: على هذا الزق من السمن يجب مهر المثل.
م: (لأبي يوسف أنه) ش: أي أن الزوج م: (أطمعها) ش: يقال: أطمعه الشيء فطمع حيث سمى لها م: (مالا وعجز عن تسليمه فتجب عليه قيمته أو مثله، إن كان من ذوات الأمثال) ش: فالخل من ذوات الأمثال م: (كما إذا هلك العبد المسمى) ش: في العقد بأن تزوجها عليه فهلك م: (قبل التسليم) ش: أي قبل تسليمه إليها فإنه يجب قيمة العبد الهالك اتفاقاً.
م: (وأبو حنيفة يقول: اجتمعت الإشارة) ش: وهو قول هذا م: (والتسمية) ش: في قول: العبد م: (فتعتبر الإشارة لكونها أبلغ في المقصود وهو التعريف) ش: لكونها قاطعة للشركة؛ لأن الإشارة
فكأنه تزوج على خمر أو حر. ومحمد رحمه الله يقول: الأصل أن المسمى إذا كان من جنس المشار إليه يتعلق العقد بالمشار إليه؛ لأن المسمى موجود في المشار إليه ذاتا والوصف يتبعه، وإن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى؛ لأن المسمى مثل المشار إليه وليس بتابع له، والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية، والإشارة تعرف الذات، ألا ترى أن من اشترى فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج لا ينعقد العقد لاختلاف الجنس. ولو اشترى على أنه ياقوت أحمر، فإذا هو أخضر ينعقد العقد؛ لاتحاد الجنس،
ــ
[البناية]
بمنزلة وضع اليد على الشيء، ويحصل بها كمال التمييز؛ لأن الإشارة إلى شيء وإرادة غيره ممتنعة، وأما التسمية فمن باب استعمال اللفظ، وإرادة غير ما وضع له م:(فكأنه تزوج على خمر، أو حر) ش: أي فكأن الرجل تزوجها على خمر في تزوجها على هذا الدن من الخل، أو تزوجها على حر في تزوجه على هذا العبد، فالواجب فيهما مهر المثل بلا خلاف.
م: (ومحمد يقول: الأصل أن المسمى إذا كان من جنس المشار إليه يتعلق العقد بالمشار إليه؛ لأن المسمى موجود في المشار إليه ذاتاً) ش: أي من حيث الذات م: (والوصف يتبعه) ش: أي يتبع الذات؛ لأنه قائم بالذات، وعدمه لا يستلزم انعدام الذات.
م: (وإن كان) ش: أي المسمى م: (من خلاف جنسه) ش: أي جنس المشار إليه م: (يتعلق بالمسمى لأن المسمى مثل المشار إليه) ش: من حيث التعريف م: (وليس بتابع له) ش: أي للمشار إليه.
م: (والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية) ش: وهي الحقيقة من حيث هي م: (والإشارة تعرف الذات) ش: من غير دلالة، على الحقيقة، ثم أوضح ذلك م:(ألا ترى أن من اشترى فصاً على أنه ياقوت، فإذا هو زجاج لا ينعقد العقد لاختلاف الجنس) ش: فيتعلق العقد بالمسمى وهو معدوم، وبيع المعدوم باطل.
م: (ولو اشترى على أنه ياقوت أحمر، فإذا هو أخضر ينعقد العقد لاتحاد الجنس) ش: لأن المشار إليه من جنس المسمى في تعلق العقد، وهو موجود فيصح إذا عرفنا هذا، قال محمد: الحر مع العبد جنس واحد؛ لاشتراكهما في الصورة والمعنى والمنافع، إلا أنهما مختلفان في المالية، فبعد الاختلاف، ويغلب الاتحاد والاتفاق فيتحد الجنس، وكان المشار إليه من جنس المسمى يتعلق العقد المشار إليه، وأنه لا يصلح مهراً لعدم كونه مالاً، فتفسد التسمية فيصار إلى مهر المثل.
أما الخمر من الخل فجنسان مختلفان؛ لأنهما لا يختلفان في الصورة ويختلفان في الاسم والمعاني فيقل الاتحاد ويغلب الاختلاف، فكانا جنسين مختلفين في تعلق العقد بالمسمى، وهو في الاسم والمعاني، وهو الدن من الخل، وأبو حنيفة يقول: إن الخمرية والخلية والرقية والحرية صفات تعاقب على الذات الواحدة، فلا يختلف به الجنس كالصبي والشاب والشيخوخة والصغر
وفي مسألتنا العبد مع الحر جنس واحد؛ لقلة التفاوت في المنافع، والخمر مع الخل جنسان لفحش التفاوت في المقاصد فإن تزوجها على هذين العبدين، فإذا أحدهما حر فليس لها إلا الباقي، إذا ساوى عشرة دراهم عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأنه مسمى، ووجوب المسمى وإن قل يمنع وجوب مهر المثل.
ــ
[البناية]
والكبر، فكان المشار من جنس المسمى في الصلات جميعاً.
م: (وفي مسألتنا) ش: أراد به قوله: - وإذا تزوجها على هذا العبد فإذا هو حر - م: (العبد مع الحر جنس واحد) ش: وقيل: إن الحر الصغير يصير عبداً حراً، ومنافعهما متقاربة، أشار إليه بقوله: م: (لقلة التفاوت في المنافع) ش: يظهر ذلك في جواز البيع وعدمه م: (والخمر مع الخل) ش: في المسألة المذكورة، وهي ما إذا تزوجها على هذا الدن من الخل، فإذا هو خمر.
م: (جنسان لفحش التفاوت في المقاصد) ش: فإذا أحدهما لا يسد مسد الآخر، وما يصلح له الخل لا يصلح له الخمر، والخل بعد استحكامه لا ينقلب خمراً، وبخلاف هذا، قال في " المبسوط ": أبو حنيفة يقول: الخمر مع الخل جنس واحد، فإن الأصل واحد وهو العصير، والهيئة واحدة أوصاف تعرض على العين، فلا توجب تبدل الجنس كالصغر والكبر في الآدمي.
فإن قلت: يرد عليه مسألة " الجامع "، وهو إذا حلف لا يذوق هذه الخمرة فصارت خلاً فذاقه لا يحنث، فلو لم يتبدل الجنس لحنث، إذ الوصف في الحاضر لغو، وإلحاقه بالآدمي في الصغر والكبر بعد.
قلت: يمكن أن يجاب بأن الخل والخمر جنسان في العرف، ومبنى الإيمان عليه، وإن كانا جنساً واحداً في الحقيقة.
وفي " المحيط ": العبد والحر عند أبي حنيفة. ولو تزوجها على هذا العصير فتخمر قبل قبضه، عن أبي يوسف لها مثله، ولم يذكر قولهما، فإن تزوجها على هذين العبدين، هذه المسألة مبنية على الأصل المذكور، والخلاف فيها كالخلاف فيما ذكر هناك، فكذلك ذكرها بالفاء فقال:
م: (فإن تزوجها) ش: أي فإن تزوج رجل امرأة م: (على هذين العبدين، فإذا أحدهما حر فليس لها إلا الباقي) ش: أي ليس لها إلا العبد الباقي م: (إذا ساوى عشرة دراهم عند أبي حنيفة؛ لأنه) ش: أي لأن الباقي.
م: (مسمى، ووجوب المسمى وإن قل يمنع وجوب مهر المثل) ش: لأن المسمى ومهر المثل لا يجتمعان، بيان هذه أن أبا حنيفة يعتبر الإشارة، والإشارة إلى الحر تخرجه عن العقد، فكانت تسمية العبد الباقي لغواً، فكأنه تزوجها على عبد، وليس لها إلا ذلك، ولا يجب إلا مهر المثل؛