الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ومن زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها. وقال الشافعي _ رحمه الله _: الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة لأنها نعمة فلا تنال بالمحظور. ولنا أن الوطء سبب الجزئية بواسطة الولد حتى يضاف
ــ
[البناية]
وقد صح أن عبد الله بن جعفر جمع بن امرأة علي وابنته، قال السروجي: ذكر البخاري أن عبد الله بن جعفر جمع بين ابنة علي، وامرأة علي _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - _ عن ابن عباس أنه جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها، رواه الدارقطني.
وكذلك رواه الدارقطني عن رجل من أهل مصر كانت له صحبة يقال له: جيلة أنه جمع امرأة رجل وابنته من غيرها. وفي " المغني ": لو كان لرجل ابن من غير زوجته، ولها بنت من غيره أو كان له بنت ولها ابن جاز تزوج أحدهما من الآخر في قول عامة العلماء.
وحكي عن طاوس كراهيته إذا كان ممن ولدته المرأة بعد وطء الزوج لها، والأول أولى لعموم الآية، ومتى ولدت المرأة من ذلك الزوج ولدا صار عما لولدها وخالا، وإذا تزوج امرأة وزوج ابنه أمها جاز، وإذا ولد لكل واحد منهما ولد كان ولد الأب عم ولد الابن خال ولد الأب.
[هل الزنا يوجب حرمة المصاهرة]
م: (ومن زنى بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها) ش: وهو قول عمر وعمران بن الحصين، وابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأبي بن كعب، وعائشة، وابن عباس في الأصح، وبه قال الحسن البصري، وعامر الشعبي، وإبراهيم النخعي، وعبد الرحمن الأوزاعي، وطاوس، ومجاهد، وعطاء.
وقال أبو بكر ابن أبي شيبة في " مصنفه ": وهو قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، وسالم، وحماد، والثوري، وإسحاق بن راهوية، وأحمد بن حنبل، ومالك في " المدونة "، عن ابن القاسم.
م: (وقال الشافعي: الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة) ش: هو قول ابن عباس في رواية عروة، والزهري، وأبي ثور، وابن المنذر، ورواه مالك في " الموطأ ". وقال شهاب الدين القرافي: وهو رواية غير مشهورة عنه، ذكر ذلك في " الذخيرة "، وإن لاط برجل لا يحرم عليه أمه، ولا بنته عندنا، وبه قال عامة العلماء.
وقال عبد الله بن الحسن والأوزاعي والثوري وابن حنبل _ في رواية _: تحريم أمه وبنته عليه، وقال الحسن بن صالح: يكره، ولو مسه بشهوة أو قبله لا يحرم عليه أمه ولا بنته بالإجماع م:(لأنها نعمة فلا تنال بالمحظور) ش: أي لأن المصاهرة نعمة فلا تنال بالمحظور الحرام.
م: (ولنا أن الوطء سبب الجزئية) ش: أي بين الواطئ والموطوءة، يعني يصيران كشخص واحد م:(بواسطة الولد) ش: حتى لا يحل للزانية أن تتزوج أب الزاني ولا ابنه م: (حتى يضاف)
إلى كل واحد منهما كملا فتصير أصولها وفروعها كأصوله وفروعه،
وكذلك على العكس. والاستمتاع بالجزء حرام إلا في موضع الضرورة وهي الموطوءة، والوطء محرم من حيث إنه زنا
ــ
[البناية]
ش: أي الولد.
م: (إلى كل واحد منهما) ش: أي من الزاني والزانية، حتى يقال: ابن فلان، وابن فلانة، م:(كملا) ش: على وجه الكمال إضافة حقيقية وعرفا وهذه علة ثبوت الجزئية بين الواطئ والموطوءة.
فإن قيل: ما ذكرتم أن الولد يضاف إلى كل واحد كملا ممنوع، لأنه ليس بولد.
قلت: يضاف إليه إلا ترى أنه عليه السلام أثبت للزاني الحجر.
وجعل كمل الولد منسوبا إلى صاحب الفراش بقوله: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» وإضافة الولد إلى كل واحد منهما ليست بطريق الحقيقة، بل بعضها يضاف إليه حقيقة وبعضه مجازا، والولد مخلوق من مائهما، فكان البعض متولدا من أحدهما، والبعض متولد من الآخر ضرورة، لأن المائين لما اختلطا حصلت المجاورة بينهما، والمجاورة من طريق المجاز.
يقال: جرى النهر وسال الميزاب، فكذا هذا، أجيب: بأن الولد يضاف إلى كل منهما والأصل أن الاستعمال بطريق الحقيقة لا بطريق المجاز، ولأن هذا إضافة واحدة إلى شخص واحد وقد حملت الحقيقة في البعض فلا يجوز حملها على المجاز في البعض الآخر؛ لأن اللفظ الواحد لا يطلق على الحقيقة والمجاز في الحالة الواحدة.
م: (فتصير أصولها) ش: هذه نتيجة قوله: حتى يضاف إلى كل واحد منهما فتصير أصول الموطوءة م: (وفروعها كأصوله وفروعه) ش: أي كأصول الواطئ وفروعه، وأراد بالأصول آباءهما وبالفروع أولادهما في الحل والحرمة.
م: (وكذلك على العكس) ش: أي وكذلك تصير أصوله وفروعه كأصولها وفروعها والاستمتاع بالجزء حرام، هذا جواب عما يقال: لو كان الأمر كذلك لكانت الحرمة ثابتة في نفس المرأة الموطوءة؛ لأنها حينئذ جزء الواطئ.
فأجاب بقوله: م: (الاستمتاع بالجزء حرام إلا في موضع الضرورة وهي الموطوءة) ش: لأنها لو قيد بحرمتها لما حلت امرأة فيؤدي إلى إبطال المقصود من شرع النكاح وهو التوالد والتناسل، فمعنى الضرورة لم يعتبر ذلك هنا كما حلت حواء لآدم عليهما السلام.
وقد خلقت منه حقيقة فحلت له ضرورة وحرمت ابنتها م: (والوطء محرم) ش: بكسر الراء جواب عن قوله: فلا ينال بالمحظور، وتقديره أن يقال: إن الوطء حرام م: (من حيث إنه زنا
لا من حيث إنه سبب الولد.
ــ
[البناية]
لا من حيث إنه سبب الولد) ش: وفي بعض النسخ والوطء محرم من حيث إنه سبب الولد، لا من حيث إنه زنا، والذي يظهر من كلام الشراح هنا أن هذه النسخة هي الصحيحة.
فإن الأكمل قال: بيانه أن الوطء ليس سبب الحرمة من حيث ذاته، ولا من حيث إنه زنا، وإنما سبب لها من حيث إنه سبب للولد أقيم مقامه كالسفر مع المشقة ولا عدوان ولا معصية للسبب الذي هو الوطء، لعدم اتصافه بذلك، لا يقال: ولد عصيان ولا عدوان، والشيء إذا قام مقام غيره يعتبر فيه صفة أصله لا صفة نفسه كالتراب في التيمم.
وقال الشبلي لا عدوان ولا عصيان في المسبب الذي هو الولد، فكذا لا عصيان في المسبب الذي قام مقامه في ذلك الوجه وهو الزنا، لأن وصف النائب إنما يوجب في وصف المنوب كما في التيمم مع الوضوء.
وقال الكاكي: معنى ابتناء الحرمة بالوطء بواسطة أنه سبب للماء، والماء سبب للولد، ووجود الولد هو الأصل في الإعتاق باعتبار أنه جزء لوالدين ولا عصيان فيه، فكان الوطء قائما مقام الماء نظرا لكون الماء مطهرا وسقط وصف التراب، انتهى.
فإن قلت: قال الشافعي: النكاح أمر حمدت عليه، والزنا فعل رجمت عليه، فأنى يكون سببا للنعمة، ألا ترى أنه لا يثبت به النسب ولا العدة، فكذا جهة المصاهرة، لأنه لو كان سببا للنعمة يفضي إلى تكثير الزنا.
واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم: «الحرام لا يحرم الحلال» هكذا رواه ابن عباس _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - _ وروى أبو هريرة _ رضي الله عنه _ أنه صلى الله عليه وسلم سئل عمن زنى بامرأة ثم تزوج بأمها، فقال صلى الله عليه وسلم:«لا يحرم الحرام الحلال» «وقالت عائشة _ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - _: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل أتى امرأة فجورا ثم تزوج بنتها، فقال صلى الله عليه وسلم: " لا يحرم الحرام الحلال» .