الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فيما تحل به المطلقة
وإذا كان الطلاق بائنا دون الثلاث، فله أن يتزوجها في العدة وبعد انقضائها؛ لأن حل المحلية باق؛ لأن زواله متعلق بالطلقة الثالثة، فينعدم قبلها، ومنع الغير في العدة لاشتباه النسب ولا اشتباه في إطلاقه.
وإن
كان الطلاق ثلاثا في الحرة وثنتين في الأمة
لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويدخل بها، ثم يطلقها، أو يموت عنها،
ــ
[البناية]
[فصل فيما تحل به المطلقة]
م: (فصل فيما تحل به المطلقة)
ش: أي هذا فصل في بيان ما تحل به المرأة المطلقة. ولما فرغ من بيان ما يتدارك به الطلاق الرجعي، شرع في بيان ما يتدارك به غيره من الطلقات، ففي الحرة فيما دون الثلاث التدارك نكاح جديد. وفي الثلاث بإصابة الزوج الآخر بعد نكاحه، وكذا التدارك في الأمة في الشين بإصابة الزوج الآخر.
م: (وإذا كان الطلاق بائناً دون الثلاث) ش: بأن كانت واحدة بائنة أو ثنتين م: (فله) ش: أي للزوج م: (أن يتزوجها في العدة وبعد انقضائها، لأن حل المحلية باق) ش: أي لأن حل المحل باق، لأن محل النكاح أنثى من بنات آدم مع انعدام المحرمية والشرك والعدة عن الغير م:(لأن زواله) ش: أي زوال المحل م: (متعلق بالطلقة الثالثة) ش: وإذا وجدت الطلقة الثالثة م: (فينعدم قبلها) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230](البقرة: الآية 230)، أي فإن طلق الثالثة م:(ومنع الغيرة في العدة) ش: أي غير الزوج عن النكاح في العدة م: (لاشتباه النسب) ش: لأجل اشتباه النسب صيانة م: (ولا اشتباه في إطلاقه) ش: أي لا اشتباه في إطلاق الشارع الزوج في نكاح معتدته.
هكذا فسره الأترازي والأحسن أن يقال: ولا اشتباه في إطلاقه، أي في تجويز نكاح معتدته إذ الاشتباه إنما يكون عند اختلاف المياه، وذلك إنما يكون في معتدة الغير.
قال الأكمل: واعترض عليه بالصغيرة والآيسة وعدة المياه قبل الدخول ومعتدة الصبي والحيضة الثانية والثالثة فإنه لا اشتباه في هذه المواضع، ولا يجوز التزوج في هذه المواضع في العدة.
وأجيب: بأن ذلك بيان الحكمة، والحكم يرى في الجنس لا في كل فرد، لبيان العدة لوجود التخلف فيما ذكر من المواضع، انتهى.
قلت: أخذ هذا من كلام السغناقي ملخصاً.
[كان الطلاق ثلاثا في الحرة وثنتين في الأمة]
م: (وإن كان الطلاق ثلاثاً في الحرة وثنتين في الأمة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً، ويدخل بها ثم يطلقها أو يموت عنها) ش: أي الطلقة الثالثة لا بنكاح ولا بملك يمين حتى
والأصل فيه قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230](البقرة: الآية 230) والمراد الطلقة الثالثة، أو الثنتان في حق الأمة كالثلاث في حق الحرة؛ لأن الرق منصف لحل المحلية على ما عرف، ثم الغاية نكاح الزوج مطلقا، والزوجية المطلقة إنما تثبت بنكاح صحيح، وشرط الدخول ثبت بإشارة النص، وهو أن يحمل النكاح على الوطء حملا للكلام على الإفادة دون الإعادة، إذ العقد استفيد بإطلاق اسم الزوج،
ــ
[البناية]
تنكح زوجاً غيره، وأطلق الزوج ليشمل البالغ وغيره والمجنون وغيره، إذا كان يجامع مثله. وبذلك صرح في شرح الطحاوي ويذكر عن قريب ما فيه من المذهب والأقوال، وإنما قيد بالنكاح الصحيح، لأن الزوج الثاني إذا تزوجها نكاحاً فاسداً لا تحل للأول، سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل، لأنه عز وجل قال:{زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] والزوج المطلق هو الذي صح نكاحه.
م: (والأصل فيه) ش: أي الأصل في هذه المسألة م: (قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] (البقرة: الآية 230) ش: أي وإن طلقها الطلقة الثالثة بعد التطليقتين المذكورتين في قَوْله تَعَالَى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أي مرة بعد أخرى م: (والمراد الطلقة الثالثة) ش: كما ذكرنا هذا في حق الحرة. م: (والثنتان) ش: أي الطلقتان م: (في حق الأمة كالثلاث) ش: أي كالطلقات الثلاث م: (في حق الحرة، لأن الرق منصف لحل المحلية) ش: إضافة التنصيف إلى الرق مجاز لمعنى أن الرقية سبب لتنصيف حل المحلية، لكونه نعمة، والطلقة الواحدة لا تتجزأ فكملت، وقد مر بيانه قبيل باب الطلاق في فصل المحرمات أيضاً م:(على ما عرف) ش: أي في الأصول م: (ثم الغاية) ش: أي الغاية بكلمة حتى في قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] م: (نكاح الزوج مطلقاً) ش: يعني ذكر من غير قيد نصفه م: (والزوجية المطلقة) ش: أي الكاملة م: (إنما تثبت بنكاح صحيح) ش: لأن الوطء يحرم في الفاسد، ويجب التفريق.
م: (وشرط الدخول) ش: هذا جواب عما يقال المشروط في قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ، مطلق النكاح، فمن أين شرط الدخول؟ فأجاب بقوله: وشرط الدخول م: (ثبت بإشارة النص، وهو أن يحمل النكاح) ش: في قوله: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] م: (على الوطء حملاً للكلام على الإفادة دون الإعادة) ش: يعني لو حملنا النكاح على العقد في الآية يلزم ذكر العقد مرتين م: (إذ العقد استفيد بإطلاق اسم الزوج) ش: في قَوْله تَعَالَى: {زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وأيضاً في حمل النكاح على العقد يكون ذلك تأكيداً، والتأسيس أولى من التأكيد.
فإن قيل: يلزم أن تكون المرأة واطئة على هذا التقدير، والمرأة موطوءة وليست بواطئة. أجيب: بجواز إضافة الوطء إليها، ولهذا تسمى زانية، والزنا هو الوطء الحرام، إلا أنه لا يشتهر استعماله. والحاصل أن المصنف استدل هاهنا في شرط الدخول بوجهين:
أحدهما: بإشارة نص الكتاب على ما قررناه.
أو يزاد على النص بالحديث المشهور، وهو قوله عليه السلام:«لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر» ، روي بروايات
ــ
[البناية]
والآخر: بقوله م: (أو يزاد على النص) ش: أي على قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] م: (بالحديث المشهور) ش: وقد عرف جواز الزيادة على النص بالحديث المشهور كما عرف في الأصل م: (وهو) ش: أي الحديث المشهور هو م: (قوله) ش: أي قوله صلى الله عليه وسلم: م: (لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر) .
ش: هذا الحديث رواه الأئمة الستة في كتبهم من حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، قالت:«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق زوجته فتزوجت زوجاً غيره فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الأول؟ قال: "لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول» .
م: (روي بروايات) ش: أي روي هذا بروايات مختلفة، فروى الجماعة إلا أبا داود عن الزهري عن عروة عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت:«جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فتزوجت بعده بعبد الرحمن بن الزبير، وإن ما معه مثل هدبة الثوب، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ فقالت: نعم، قال: لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» .
وفي لفظ الصحيحين: أنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات...... الحديث، وفي لفظ البخاري: «كذبت يا رسول الله إني لأنفضها نفض الأديم، ولكنها ناشزة تريد أن ترجع إلى رفاعة، فقال عليه السلام: فإن كان كذلك فلن تحلين له حتى يذوق من عسيلتك
» الحديث.
وروى مالك في موطئه عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير: «فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لا يحل له حتى يذوق العسيلة» .
وروى الطبراني في "معجمه الأوسط " من حديث هشام بن عروة عن أبيه قالت: «كانت امرأة من قريظة يقال لها تميمة تحت عبد الرحمن بن الزبير فطلقها وتزوجها رفاعة رجل من قريظة ثم فارقها فأرادت أن ترجع إلى عبد الرحمن بن الزبير فقالت: والله يا رسول الله ما هو منه إلا هدبة ثوبي، قال: والله يا تميمة لا ترجعين إلى عبد الرحمن حتى يذوق عسيلتك رجل غيره» ، وهذا المتن عكس متن الصحيح.
ولا خلاف لأحد فيه سوى سعيد بن المسيب رضي الله عنه وقوله غير معتبر
ــ
[البناية]
واختلف في رفاعة، قيل إنه رفاعة بن شموال، وقيل: رفاعة بن وهب، وفرق بينهما أبو جعفر بن أحمد بن عثمان بن أحمد المروزي المعروف بابن شاهين، والظاهر أنها واحدة. وكذا اختلف في اسم المرأة، فقيل اسمها سهيمة وتميمة والرميصاء والغميصاء.
م: (ولا خلاف لأحد فيه) ش: أي في شرط الدخول م: (سوى سعيد بن المسيب) ش: بن حزن ابن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أبي محمد المديني سيد التابعين ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مات سنة أربع وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك وهو ابن خمس وسبعين سنة.
روى عن جماعة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبو سعيد الخدري وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وكان زوج ابنته وأعلم الناس بحديثه وعائشة وأم سلمة وخولة بنت حكيم وفاطمة بنت قيس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أجمعين - وروى عن أبيه المسيب بن حزن وله صحبة. وقال أبو حاتم: ليس في التابعين أمثل من سعيد بن المسيب وهو أثبتهم في أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وقول صاحب الهداية، ولا خلاف فيه سوى سعيد بن المسيب ليس على إطلاقه، لأنه تبعه في هذا بشر المريسي وداود الظاهري والشيعة والخوارج، ولكن لا يلتفت إلى هذا. قال المصنف: م: (وقوله غير معتبر) ش: لأنه خلاف الإجماع، وقال ابن المنذر: لا نعلم أحداً قال من أهل العلم بقوله إلا الخوارج ولا أسوغ لأحد المصير إليه. وقال أبو بكر الرازي: لا أعلم أحداً قال بقوله، وقوله غير